إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

آن الأوان للثورة الفلسـطينية أن تخرج من كيانيتها لكي تنتصر

فؤاد شريدي - سيدني استراليا

نسخة للطباعة 2010-05-15

إقرأ ايضاً


قدرنا نحن ابناء فلسطين ان نكتب بحبر الوجع النازف من مآقينا ومن نزف جراحٍ مشتعلة ظلت عصيَّةً على الانطفاء

تمخضنا الريح وتبصقنا في المنافي والشتات . . وجذورنا صارت فوق الارض أوتاراً صفراء . . يمد الليل اصابعه السوداء . . ليغني نشيداً للمقهورين والغرباء . .

قدرنا أن نبحر في سفينة تتقاذفها الامواج العاتية والانواء في رحلة طال امدها للوصول الى شاطىء واحد ووحيد هو شاطىء فلسطين . . رحلة تجاوز عمرها أكثر من ستين من الاعوام تكسّرت النصال على النصال . . ولم يبق في اجسادنا مساحة لرأس حرية أو لطعنة خنجر . . كل الحراب وكل الخناجر كان لها نصيب من اجسادنا، حراب الاعداء وخناجر الاشقاء.

لقد طالت رحلة هذا النورس الفلسطيني المتنقل من حصارٍ الى حصار ومن منفى الى منفى . . لكل شعبٍ على هذه الارض جغرافية وتاريخ . . الجغرافية هي الارض التي عليها يضع الانسان تاريخه فلا تاريخ بلا جغرافية ولا جغرافية بلا تاريخ .. وعدم وجود الجغرافية هو عدم وجود الحياة . . لأن الحياة حنين يولد من رحم الأرض.. وعندما فقد شعبنا الفلسطيني أرضه صار قدره أن يصنع تاريخه على غير أرضه.

تحل ذكرى النكبة باعوامها العجاف. وصورة المخيم وطوابير اللاجئين التي تنتظر امام مقرات الانروا الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة وحشود المرضى من الفلسطينيين الذين يحملون أوجاعهم امام المراكز الصحية علّهم يحصلون على جرعة دواء تخفف من آلامهم . . هذه الصورة ظلت ولمدة من الزمن معلقة على جدار الذاكرة الفلسطينية. هذه الكلمات ليست صلاة او ثرثرة أتلوها بمناسبة ذكرى النكبة على قبر شهيد فلسطيني، وما أكثرهم شهداء فلسطين غادروا هذه الدنيا، وهم يحملون في قلوبهم حلماً لم يسعفهم القدر ليشاهدوا ولادته . . حلم العودة إلى الجذور . . الى تراب الوطن السليب، فلسطين الحبيبة.

واهمٌ من يظن أن الكيان الصهيوني هو وحده الذي يحاصر الوجود الفلسطيني . . وليس النظام المصري وحده الذي يشارك في هذا الحصار الجائر . . قبل النكبة كان الانتداب البريطاني يحاصر الفلسطينيين. الانتداب البريطاني انحاز للحركة الصهيونية ومكنها من اغتصاب فلسطين واصبحت اوراق المسألة الفلسطينية في أدراج الانظمة العربية التي انهزمت ولم تتمكن جيوشها من انقاذ فلسطين عام 1948.

لقد رفض الفلسطينيون ان يظلوا طوابير لاجئين فثاروا وكانت الرصاصة الاولى عام 1965 . ثار الفلسطينيون على النكبة بكل تداعياتها ولكن وبكل اسف، هذه الثورة ولدت وهي لا تملك مقومات الحياة، لأنها تتحرك على أرضٍ ات لا تملكها. والانظمة التي تملك هذه الارض هي انظمة مهزومة ومأزومة وعاجزة، انظمة غارقة في أزماتها الكيانية والطائفية وهي تدرك انها اذا بقيت على هذه الحالة ستكون ضعيفة كالخراف والذئب الصهيوني لن يحتاج الى ذريعة لافتراسها.

الثورة الفلسطينية وبكل أسف تعيش حالة مأساوية. تعيش أزمة هوية وأزمة انتماء. إنها تبحث عن جغرافية لكي تضع تاريخها . . لأن تاريخ الشعوب لا يمكن ان يصنع إلا على جغرافية واضحة وهوية واضحة لقد آن الاوان للثورة الفلسطينية أن تخرج من كيانيتها وتكف عن اللهاث خلف سراب المفاوضات على الثورة الفلسطينية أن تدرك أن فلسطين ليست وطناً قائماً بذاته بل هي جزء من وطن وجغرافية هذا الوطن هي لبنان والشام والعراق والاردن أي الهلال السوري الخصيب وجرحه النازف فلسطين. على الثورة الفلسطينية أن تدرك أن الشعب الفلسطيني هو جزء من أمة وليس امة قائمة بذاتها.

لبنان بشعبه ومقاومته وجيشه تبنى خيار المقاومة ودمشق الشام حضنتها ودعمتها بلا حدود.

الثورة الفلسطينية لكي تنتصر وتستعيد فلسطين عليها ان تخرج من كيانيتها وتتبنى خيار المقاومة وتخرج من مقولة القرار الفلسطيني المستقل لأن استقلال فلسطين عن بيئتها الطبيعية سيؤدي بها الى الانتحار.

إن سياسة الاستيطان التي ينتهجها العدو الصهيوني ليست فقط لاسكان اليهود المتواجدين داخل فلسطين المحتلة بل ان الارض الجغرافية التي تشمل لبنان والشام والاردن والعراق والكويت تشكل جغرافية الامبراطورية العبرية التي تسعى الحركة الصهيونية لاقامتها والتي تمتد من النيل الى الفرات.

القائد التاريخي والزعيم الشهيد انطون سعاده مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي تفرد بالاستشراف المبكر لخطورة هذه الحركة الصهيونية التي تسعى الى اقتلاعنا من ارضنا حتى نصبح أمة بلا جغرافية وبلا تاريخ . . أنطون سعاده دق ناقوس الخطر محذراً " إن ارض فلسطين لا تكفي لإسكان جميع اليهود في العالم ".

إن تجارب الشعوب أكدت أن الاحتلال لا يزول فقط بالمفاوضات بل بالمقاومة . . وكل أمة تتخلى عن المقاومة يذهب ريحها .

إن الشرط الوحيد لإنتصار الثورة الفلسطينية هو خروجها من كيانيتها.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024