إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأزمــة الســورية بين طموح الشرق لحلها ورغبة الغرب في استمرارها ..!

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2013-07-29

إقرأ ايضاً


قصف عشوائي بمدافع الهاون ، وصواريخ مرسلة من الخارج ، أو مصنعة محلياً ورصاص قنص ، قطع للطرقات ، وقطع للرؤوس وتمثيل بالجثامين ، آلاف القتلة المرتزقة من خمسين دولة في العالم يخرجون من كهوف القرون الوسطى ، غزاة للنهب والسلب والسطو والتملك بثلاث تكبيرات ، تخريب لبنية دولة اقتربت كثيراً من حدود الاكتفاء الذاتي ، وتجاوزت "خطوطاً حمراء وضعها الغرب في شتى الميادين " ، يصنفها أهل الغرب كما كل من يعتبرونه سوقاً لهم ، أو منطقة نفوذ ، دولة إرهابية أو داعمة للإرهاب ، ... سوريا هدف لكل هؤلاء ، لكنها ، من وجهة أخرى موقعاً استراتيجياً ونقطة توازن ما بين هذا الغرب المتغول ، وشرق يبحث عن حل يحفظ كينونتها ، وسيادتها ، بل ويحفظ حرية شعبها ، لكنه لن يسمح بسقوط هذه الدولة بين براثن الغرباء ..! الأكثر أهمية أن شعبها لن يستسلم ولن يقعد عن الصراع حتى دحر الغزاة الدخلاء مهما بلغت التضحيات .

تفجير في بلدة جرمانا ، ربما العاشر أو أكثر – تفجيرات في كل مكان ، عدد من الشهداء ، وعشرات من الجرحى ، وخراب للممتلكات الخاصة ، ومجزرة في خان العسل ، عشرات سقطوا برصاص القادمين من مجاهل التخلف والوحشية ، يحررون خان العسل من أهلها ...!! يجهدون في نصرة الشيطان ويدعون الجهاد في سبيل " الله " بعد أن اجتزءوا كل ما نهى عنه الإله من تحريم لقتل النفس البشرية دون وجه حق .. ومنعوا تداوله أو ذكره ، تدعمهم ممالك وأمارات ومشيخات تسير على نهجهم وتشاركهم تخلفهم وتمدهم بكل مستلزمات الغزو للقتل والنهب والتخريب ، ويرددون " وأعدوا لهم ......... ، ترهبون به عدو الله وعدوكم " ..! ولكن ليس العدو الحقيقي .. اليهود الصهاينة لأنهم فرع من هذا الأصل .

حزب الله " إرهابي " هزم الصهاينة ، وضع حدوداً لعربدتهم في المنطقة وأذلهم ...لهذا تصنفه أوروبا بعد أمريكا ، وبناء على رغبة الصهاينة .. " إرهابي " ولم يبحث العالم في تصنيف الذي قتلوا أكثر من مليون عراقي ، ولن يبحثوا في تصنيف من يستمرون في استهداف الشعبين السوري والعراقي بكل أنواع المتفجرات والقتل والتخريب ، لأنها أعمال تصب في خدمة الكيان الصهيوني ، بل ويفاخر الصهاينة بها ، تقول جريدة ها آرتس : سقط الخطر عن الحدود الشرقية ، الجيش السوري يحتاج لعشر سنوات على الأقل إن لم يكن أكثر ليسترد موقعه ويعود لتشكيل خطر علينا .. على الجيش أن يعيد انتشاره ويتجه جنوباً ...!

- لماذا لا يكون لنا قائمة تصنيف للإرهابيين ، أفراد وتنظيمات ،... ودول .؟.

ارتقى الإخوان في مصر إلى سدة السلطة بعد تونس وليبيا ، ودبت الفوضى في الكيانات الثلاثة ، انبعثت الثورة من جديد بعد أن اكتشف الشعب المصري أنها سُرقت ، وأنها تحولت لصالح الغرب أكثر فأكثر ، ركع قادة الإخوان أكثر ، وضمنوا للصهاينة أمنهم أكثر وسقطوا ، فأطلق الغرب سعارهم ، امتشقوا أدواتهم وعتادهم وفتاوى شيوخهم ، وباشروا الهجوم على الجيش والشعب المصريين ، تماماً كما في الشام والعراق ، إخوان ، وسلفية مغرقة في الجهالة ، وتنظيمات تكفيرية لم تخرج من عصر الظلمات ، وملوك وأمراء يخشون من إشراقة ضوء الحضارة والتطور والخروج من زمن الخصيان والعبيد ، يبذلون المال والسلاح ليس حباً في تحقيق عدالة أو نصرة مظلوم وإنما حفاظاً على ما هم فيه وإلا انقلب الأمر عليهم ، ومراكز الدراسات في الغرب تقدم لهم النصيحة والإرشاد في توجيه لا يخدم إلا مصالح هذا الغرب ، وقد تطور سلوكه ( الغرب) من تدخل مباشر وخوض الحرب وتحمل ما يترتب عليها من خسائر إلى إشعال حروب بالوكالة مستغلة ضعف الشعور الوطني وعدم إدراك المصالح القومية العامة والجنوح نحو شعور التعصب الديني ، المذهبي – العشائري – القبلي ، وكل ما يمت إلى التخلف بصلة قربى ، وهو ما دفع الغرب لتبني أفكارهم ، والسماح لشباب ينتمي إلى الإسلام السياسي بين ظهرانيه بالتوجه إلى ميادين " الجهاد " حسب توصيفهم للتخلص من خطر هؤلاء وتحقيق هدفين معاً ، استهلاكهم على ساحة سوريا ، واستنزاف قدرات سوريا دون أن يخسر الغرب شيئاً ، وأمريكا الصهيونية على رأس هذا الغرب .

الشرق ، متمثلاً بالعملاقين الروسي والصيني يدرك أبعاد اللعبة الغربية – العربية ، ولكل منهما مصالحه الحيوية على ساحة المشرق العربي وبوابته سوريا ، الموقع الاستراتيجي بالنسبة للروس ، والاقتصادي للصين على ساحة الشام وامتداده عبر بوابتها مهدد تماماً في حال سقوط الشام بأيدي السلفية التكفيرية – الرجعية التي هي أداة صهيو – ماسونية طبقاً للنشأة والتربية والأهداف ، ثم أن هذه التنظيمات مكروهة تماماً ومرفوضة على الساحة العربية بأكملها .. تقريباً ، وعلى وجه الخصوص في سوريا الطبيعية ، وإذا كانت الممارسة الديمقراطية تقضي بمشاركة هؤلاء في السلطة وقد تصل نسبتهم إلى 5% كحد أقصى فإن المزاج الشعبي العام يرفض هذه المشاركة ، فكيف يسمح باستيلائهم على السلطة كاملة مع كل ما قدموه من أدلة وبراهين على عسفهم وإجرامهم ، ورفضهم الآخر الذي هو أساس هذه الأمة قبل أن تعرفهم ، من هنا نجد أن الكتلة الشرقية – إذا جاز التعبير – المسماة دول بريسك ، تتقدم بخطة طريق روسية بدءاً من جنيف واحد إلى جنيف 2 ، وتحاول الدبلوماسية الروسية إقناع قيادة الغرب – أمريكا – بهذه الخطة ، وتهدف إلى وقف " للصراع " العدوان وترتيب قاعدة لتفاهم دولي - داخلي لا ترفضه أطياف المعارضة الحقيقية – الداخلية ، وليس المتمثلة بالخارج ، المعبرة عن مصالح أبعد ما تكون عن مصالح الشعب السوري .

الولايات المتحدة ، كزعيمة لعالم الغرب ، الراعية لمصالحه ، لا تجد في الخطة الروسية أية نقاط ضعف ، وأنها تتماشى مع خطط السلام التي ينتهجها العالم في مثل هذه النزاعات ، تعلن موافقتها من حيث الشكل ، بينما تبحث دبلوماسيتها سراً عن وسائل ودوافع لضمان استمرار الحرب على سوريا مستعملة أنظمة أخرى ، فمرة تقول بضرورة التوازن على الأرض وهذا يقتضي تزويد المقاتلين بأسلحة حديثة – وهو أمر لم يتوقف بالفعل ، عشرات الطائرات تنقل مخازين السلاح الليبي إلى تركيا والأردن ليتم تهريبها عبر الحدود ، وهي أسلحة حديثة ومتنوعة - ومرة تعلن ومعها بعض دول الغرب – فرنسا وبريطانيا ، أنهم لن يسمحوا بوصول أسلحة فتاكة إلى أيدي بعض التنظيمات التي قد تستخدمها ضد مصالحهم ( ضد الصهاينة ) في المستقبل ..! تخبط ومماطلة ومراوغة بلا حدود ، وجوهر العملية استهلاك للوقت يتم عبره المزيد من عمليات التخريب والقتل وهدم البلدات والمدن عبر سياسة المجموعات المقاتلة في دخول بلدات ومدن لا وجود عسكري فيها وطرد أهلها أو قتل بعضهم ، ودفع هؤلاء إلى الاستنجاد بالجيش .. والنتيجة معركة تسقط فيها البلدة ضحية المعركة ... دمار وخراب .

قادة المعارضات الخارجية يدعون أن ما حصل ويحصل هو مسئولية " النظام " وأنهم براء من كل النتائج ..! وهم المتورطون أصلاً ... والحقيقة أن الدولة السورية كانت بشكل أو آخر في صورة المخطط ، ولكن ليس بهذا الحجم ، لم تكن تعلم أن مخطط الغرب يتضمن تدمير بنية الدولة ، وتجريدها من قاعدتها الصناعية عبر سرقة منشآتها من قبل الدولة الجارة تركيا ... الأتراك يريدون لنا أن نستورد حتى البسكويت من دولتهم ... منهاج غربي بامتياز تطبقه حكومة العدالة والتنمية ، وهي إن بقيت في السلطة فبسبب الدعم الغربي لهذا الوجود كوظيفة مرحلية ، ولا يغيب عن مخططات الغرب أن النهاية الحتمية لمثل هذه الأنظمة هو السقوط ، لكن خططهم تتضمن الاستفادة من أدائها حتى اللحظة الأخيرة ، واحتواء ما بعدها لوضعه في موقع وظيفي متقدم كما حصل في مصر بعد مبارك ... الإخوان أغلقوا بوابات غزة بإحكام ، ودمروا الأنفاق والمعابر ، وطوعوا حماس التي كان لها وظيفة مرحلية تكشفت إثر بدء المؤامرة على الشام ، وجاء سقوطهم بعد إعلان قطع كل صلة لهم بالشام وجواز الجهاد فيها ..!

قادة المعارضات الخارجية ، وقد اكتشفوا قبل حين أنهم كانوا مجرد أدوات إشعال ، وأن مخطط الحريق لا يستثني أحداً منهم ، صاروا مؤمنين تماماً بأن لا مكان لهم على مساحة الوطن ، حتى ولو عفا عنهم النظام ، مرفوضين شعبياً ، غالبية الشعب يؤمن أنهم سبب مباشر لهذا الخراب الذي لحق بالمدن والأحياء وأن العمالة والخضوع لإملاءات الخارج أودى بهم إلى هذا الطريق المسدود ، وهذا سبب كاف لإعلانهم رفض المشاركة في أية مفاوضات مع الدولة السورية القائمة ، بعضهم فقط نأى بنفسه وأعلن أنه ليس مع ما يحصل وهؤلاء قلة ، تأثيرهم محدود في الخارج ، وليسوا مرغوبين في الداخل لأسباب عديدة ، المزاج الشعبي بعد مضي سنتين وأكثر يعبر عن حالة رفض تام لكل القيادات الخارجية بعد الذي لمسه ورآه وعايشه من توظيفهم مرتزقة لا يستثنون أحداً من إجرامهم ، هدفهم الوحيد دب الفوضى وإلحاق أكبر قدر من الخراب والدمار بالوطن السوري وممتلكاته ، الاتجاه العام اليوم هو لحشد الصف الداخلي وتوفير مزيد من الدعم لقوى الجيش والأمن ومحاربة الدخلاء وطردهم ، وبعدها سيكون الحساب مع كل الذين تسببوا لسوريا بهذه الويلات من أفراد أو دول ، ولن يكون للدول التي ساهمت في التخريب أي دور في إعادة الإعمار أو شراكة من أي نوع .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024