تعرّفت على الرفيق علي ديراني في اوائل ستينات القرن الماضي.
تميّز في تلك السنوات الصعبة بإيمانه الفذ، بنشاطه الحزبي، وبمناقبه القومية الاجتماعية.
وتعرّفت لاحقاً على ابن اخته، الرفيق حسين سيد احمد، وتابعته في اوائل السبعينات طالباً جامعياً في اوروبا .
منذ ذلك الحين استقر الرفيقان علي الديراني وحسين سيد احمد في ذاكرتي.
كم رغبت ان التقي بهما، ان اعرف اي جديد عنهما. ان ازور قصرنبا لالتقي الرفيق علي، المناضل القومي الاجتماعي في اعماق اعماقه، وقد عرفت انه انتقل للاقامة فيها بعد ان غادر عمله في "النقل المشترك" وبات في عمر متقدم. ورغبت ان يُسجل للرفيق ديراني معلوماته عن الحزب في قصرنبا التي كان لها حضورها في تاريخ الحزب، وشهدت على نضال العديد من ابنائها في صفوفه.
نحن نخسر برحيل الرفقاء من رعيل الاوائل، ليس فقط حضورهم الحزبي المشعّ في محيط كل منهم، انما معلوماتهم التي تفيد تاريخ الحزب. فكل رفيق يرحل، يرحل معه جزء من تاريخنا، فلا يُعوّض، ان لم يدوّن.
الرفيق علي الديراني الذي لم يتوقف عن النضال القومي الاجتماعي على مدى سنوات التزامه منذ ان رفع يمينه بالقسم عام 1946، باق في ضمير رفقائه وفي ذاكرة الحزب، ما دامت الامة واستمر الحزب.
*
روى لي الامين كمال نادر ان مديرية تمنين الفوقا – قصرنبا اقامت منذ سنتين احتفالاً بمناسبة الاول من آذار.
لم يحضر الرفيق علي بسبب وضعه الصحي وتقدمه بالعمر. الا انه رغب الى مدير المديرية الرفيق جميل سنوح ان يبلغ الامين كمال تمنياته ان يزوره بعد انتهاء الاحتفال .
تمّ ذلك. تحدّث الرفيق علي مطولاً في الحزب. اوصاه، واوصى جميع من كان حاضراً، ان يبقوا اوفياء للحزب، فهو خميرة الامة، هو العين التي لا يصح ان تنطفىء.
"هذه العقيدة، يا رفقائي، هي الخلاص للامة. اوصيكم ان تتابعوا النضال من اجلها، مهما طال الزمن، وان لا تتعبوا او تيأسوا " .
وتمنى على رفقائه ان يقيموا له مأتماً حزبياً عند وفاته وان يلفوه بعلم الزوبعة.
*
من مدير مديرية تمنين الفوقا- قصرنبا الرفيق جميل سنوح هذه النبذة عن الرفيق الراحل:
ولد الرفيق علي ضاهر الديراني في بلدة قصرنبا عام 1927 وترعرع فيها. في السابعة عشر من عمره انتقل الى العاصمة بيروت وسكن في رأس النبع، وفي عام 1946 تعرّف على الامين علي غندور والرفيق وائل دجاني وبدأ يتعلم القراءة، وتعرّف الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وانتمى إليه. شارك في 2 آذار 1947 مع عشرات الالوف من السوريين القوميين الاجتماعيين من كيانات الأمة في استقبال حضرة الزعيم الذي عاد الى ارض الوطن من مغتربه القسري. وفي العام 1951 شارك مع مجموعة من القوميين الاجتماعيين في الماكينة الانتخابية للأمين عصام المحايري.
تعرّف في العام 1956 على الشهيد غسان جديد الذي كان يتردد ويقيم مراراً في منطقة رأس النبع، وفي العام 1958 على الامين اسد الاشقر وشارك في الدفاع عن الحزب بمواجهة "المقاومة الشعبية" في حوادث صيف 1958.
وفي العام 1962 سجن ثلاث وثلاثين يوماً في ثكنة المير بشير، وتعرّض للكثير من التعذيب على يد المكتب الثاني الشهابي. وفي العام 1970 تعرّف على الامام موسى الصدر ودار بينهما نقاش عميق حول القومية الإجتماعية. عمل في مؤسسة النقل المشترك حوالي اربعين عاماً. اقعده المرض عن ممارسة حركته النضالية ولكن صوته وعقله بقيا إذاعة للحزب السوري القومي الاجتماعي حتى الرمق الاخير هاتفاً لتحي سورية وليحي سعاده.
نال وسام الثبات في العام 2011.
(*) شُيّع الى مثواه الاخير في قصرنبا يوم الاحد 19/01 والقى الامين كمال نادر كلمة مركز الحزب.
|