إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سبعون عاماً على ولادة «مادة سورية» في ميثاق الأمم المتحدة

د. جورج جبور - البناء

نسخة للطباعة 2015-05-29

إقرأ ايضاً


1 ـ عام 1964: حين تشرّبت في واشنطن جرعة من الافتخار الوطني:

في ذلك العام كتبت، ضمن مقرّر دراسي في الجامعة الأميركية بواشنطن، دراسة عن نظام الوصاية في الأمم المتحدة. أعجب المدرّس، وهو الدكتور سانديفر، بالبحث، لكنه انتقده لأنه لم يذكر شيئاً عن «مادة سورية» في الميثاق. بيّن الأستاذ أنه كان عضواً في وفد أميركا الى مؤتمر سان فرنسيسكو، وانّ شيخاً أشيَب دافع بحرارة عن فكرة هامة هي أنّ الدول التي شاركت في مؤتمر سان فرنسيسكو، المؤسّس للأمم المتحدة، لا يجوز ان توضع تحت نظام الوصاية. اشتراكها في المؤتمر دليل على أنها متساوية في السيادة مع الدول كافة. هكذا كان للمادة 78 ان تعلن توطد الاستقلال السوري. ونحن نعلم بالطبع انّ سورية، رغم استقلالها المعلن منذ عام 1941 إنما كانت تتوجّع من نقص في هذا الاستقلال المعلن، لأنّ جيوشاً فرنسية وانجليزية كانت مقيمة في أرضها رغم إرادتها.

أتت المادة 78 لتشدّ أزرها في تأكيد استقلالها، وفي تأييد مطالبتها بجلاء الجيوش الأجنبية عنها. ملاحظة سانديفر في قاعة حلقة النقاش كانت بمثابة جرعة من الافتخار الوطني تشرّبتها أمام الزملاء الدارسين الذين ازداد احترامهم لي من خلال ما بيّنه الاستاذ من دور دولي قام به وفد سورية الى المؤتمر المؤسّس للأمم المتحدة.

2 ـ في السبعينات والثمانينات: كلام نصيحة لا طائل وراءه:

لم تنشأ ظروف تستحثني على التدقيق في أمر علمته صدفة أثناء الدراسة. وفي جدول أعمالنا الوطني ما يكفي من الهموم والمشاغل. أهملت الحديث، إلا عرضاً، عن تلك المادة. ربما انني أثرتها مع اثنين من قدامى ديبلوماسيينا. لكن أياً منهما لم يكن في عداد وفدنا الى مؤتمر سان فرنسيسكو. كان أول ما طلبه مني الرئيس حافظ الأسد في صيف 1971 وكنت آنذاك مستشاراً في الرئاسة – كتابة دراسة له عن الأمم المتحدة. لم اذكر في دراستي المادة 78 لأنني لم أشأ أن أضع فيها أمراً غير موثق، وقد لا ينظر إليه على انه موثوق.

3 ـ محاضرة يوم الأمم المتحدة لعام 1994، ومقال في جريدة «تشرين» في 25 تشرين الأول 1994: إيضاح دور سورية في المادة 78، وإيضاح ولادتها من رحم عدوان فرنسا على حامية مجلس النواب:

سألني اتحاد شبيبة الثورة أن أتحدث أمامه في موضوع دولي. اخترت أن أتابع مع الجيل الجديد أمراً يزداد رسوخه في الحياة السياسية العربية، مؤدّاه انّ العرب أصبحوا «مفعولاً به» في الساحة السياسية للمنظمات الدولية.

النهوض العربي في تلك الساحة، وقد امتدّ لأربع سنوات منذ حرب تشرين، أخذ يتلاشى. القومية العربية ذاتها أصبحت موضع تساؤل جادّ منذ زيارة الرئيس السادات الى «إسرائيل».

في التهيئة لتلك المحاضرة عدت الى محاضر المجلس النيابي السوري لأتبيّن التوقعات التي كانت تجول في أذهان النواب السوريين حين صادقوا على قانون الانضمام الى الأمم المتحدة. لن اقف هنا عند ما جال في أذهانهم. قد تقوم الرابطة السورية للأمم المتحدة بنشر ما يختصّ من المحاضر بذلك الأمر. في جلستي 14 و20 آب 1945 وجدت شرحاً مفصلاً قدّمه رئيس الوزراء عن الأثر الذي كان لعدوان فرنسا على حامية المجلس في أروقة مؤتمر سان فرنسيسكو وأعماله. ومما ورد في الشرح أنّ المادة 78 وُضعت خصيصاً لسورية ولبنان. ولنلاحظ: كان العدوان في 29 أيار، أتى العدوان بعد شهر وخمسة أيام من بدء مؤتمر سان فرنسيسكو وقبل أقلّ من شهر على اختتامه. كان لحماقة فرنسا في توقيت العدوان ان تقع في وقت مناسب لكي تستطيع سورية إحداث ضجة عالمية شاجبة للعدوان. منذئذ أخذت على عاتقي نشر تلك الحقيقة التي ينبغي أن تكون موضع افتخار وطني.

4 ـ بعد عقدين ونيّف لم أستطع نقل ما قيل عن المادة 78 في مجلس النواب الى كتبنا التدريسية عن الأمم المتحدة، فكان هذا المقال:

ولن اشرح لماذا لم نتمكن من حمل بضعة كلمات مسافة بضع مئات من الأمتار من مجلس النواب الى كلية الحقوق. أكتفي بالقول إنني سلمت عميد الحقوق رسالة خطية في هذا الشأن يوم 5 نيسان 2012، ولم تردني إجابة عنها بعد، وانني بحثت الأمر مع رئيس جامعة دمشق ومع عميد الحقوق فيها يوم 5 ايار 2015 ولم تردني إجابة بعد على اقتراح بالدعوة الى محاضرة عامة في هذا الشأن، بمناسبة يوم قوى الأمن الداخلي في 29 أيار.

هذا المقال إنجاز بديل عن المحاضرة المقترحة. سبعون عاماً من تاريخ تأسيس الأمم المتحدة مناسبة مشروعة للحديث عن مادة سورية. وأسجل انّ الأكثر تفهّما من المسؤولين لما أدعو إليه إنما كان اللواء محمد الشعار وزير الداخلية. في يوم قوى الأمن الداخلي – وهو يوم وزارة الداخلية – العام الماضي 2014، تحدّث الوزير في كلمته التقليدية بالمناسبة حديثاً غير تقليدي شارحاً ما كان ينبغي ان يكون حاضراً جداً في مجمل ثقافتنا الوطنية.

رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة، وسابقاً: استاذ ورئيس قسم السياسة في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024