إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تمتين الجبهة الداخلية السورية أولوية...

جمال رابعة - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-14

إقرأ ايضاً


المتابع لخطاب السيد الرئيس بشار الأسد خلال لقائه رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الزراعة والصناعة والتجارة يستطيع القول إنّ الدولة الوطنية السورية استطاعت إثبات صوابية رؤيتها منذ البداية لجهة توصيف ما تتعرّض له المنطقة من مخططات ممنهجة كان العنف والإرهاب جوهر عملها، إضافة إلى التحذيرات السورية المستمرة من امتداد المنظومة الإرهابية لتشمل جغرافيا مموّليها ومشغليها.

ولعلّ التفصيل الأبرز الذي جاء في الخطاب كلبنة أساسية في مشروع مكافحة الإرهاب، والذي يجب أن يشكل استراتيجية عمل للمرحلة المقبلة، هو حديث الرئيس الأسد عن السبب الرئيس في تجاوز إيران المخططات الأميركية التي كانت مستهدفة فيها الجمهورية الإسلامية منذ العام 2009، بذات الهجمة التي استهدفت فيها المنطقة، وسُمّيت زوراً «الربيع العربي»، ومع كلّ ذلك وعلى رغم التجييش ضدّ إيران إلا أنها استطاعت أن تتجاوز الخطر، وأن تنال من مخططات الأعداء، وتمّ توقيع الاتفاق معها بفضل وحدة الشعب الإيراني واجتماعه في خندق واحد، فكلّ الاختلافات السياسية التي كانت موجودة في الداخل الإيراني تمّ وضعها جانباً عندما كان المستهدف هو الوطن، مع ضرورة الإشارة إلى تفصيل مهمّ في هذا الإطار هو أنّ هذا الإنجاز لم يكن حكراً فقط على الإيرانيين، بل هو الحصاد الفعلي لثبات وصمود محور المقاومة، لا سيما سورية التي كان لتضحيات أبنائها وبطولات جيشها العربي السوري الدور الأساس والمولد الرئيس لإجبار الغرب وفي مقدّمه الولايات المتحدة للتوقيع مع إيران، لا سيما بعد فشل كلّ ما تمّ التعويل عليه لجهة انهيار المؤسسة العسكرية في سورية، فكانت النتائج الميدانية وبالاً على الأميركي ومقبرة لأدواته، ما حدا به لتلقف الخيار الأوحد وهو توقيع الاتفاق النووي مع إيران.

هذا الخيار الذي جاء في اعتقادنا بعد أن أدركت الولايات المتحدة صلابة الجمهورية الإسلامية من الداخل وصعوبة اختراقها، كما حدث في باقي البلدان التي لفحتها نار ما سُمّي بـ»الربيع العربي».

من هنا فإنّ تمتين الجبهة الداخلية السورية بصورة علمية ممنهجة تقوم على أساس التدواي بجملة من الجرعات العاجلة، يعتبر الأساس في عودة الزهاء والألق لنسيجنا الاجتماعي وجوهر النهوض بقوة من جراء التداعيات والكوارث التي ألمّت بالوطن السوري.

أولى هذه الخطوات إعادة هيكلة النظام الإداري للمؤسسات والمفاصل الحكومية بما يعزز الحضور الفعلي للكفاءات، لا سيما الشباب الذين همّشت أدوارهم وأبعد من يريد العمل الحقيقي لمصلحة الوطن، هذه الكفاءات التي أصبح جزء منها اليوم خارجاً، بفعل ممارسات الفساد، فوضع استراتيجية فاعلة للقضاء على هذا الفساد يعتبر جوهر وأحد أهمّ الأركان لتمتين الجبهة الداخلية التي نحن أحوج ما نكون إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى، وبكافة مكوناتها وأطيافها، لا سيما في ظلّ الهجمة الكبيرة التي استهدفت ما كنا نتغنى به على مدى سنوات مضت، وذلك لأنّ الحدّ الكبير من الفساد سيراكم بالضرورة قيماً إضافية كانت مهدورة عبثاً في ظلّ وجود هذا الفساد، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على القيمة الكلية للدخل القومي ما يمكّن من النهوض اقتصادياً من جهة، وتمتين الجبهة الداخلية من جهة أخرى، عندما تنعكس الآثار الإيجابية لتلك النهضة على المواطن الذي سيق قسم منه إلى حيثيات هذه الحرب الكونية الظالمة بفعل أموال البترودولار، وهذا ما يمكن أن ينسحب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لم تستطع في اعتقادنا الوصول إلى مستويات متقدّمة جداً في تطوير القدرات وتمتين جبهتها الداخلية لو لم تكن معدلات الفساد في حدودها الدنيا إنْ لم نقل معدومة.

وعليه، فإنّ الشروع بحملة وطنية شاملة في موازاة الحرب التي يخوضها الجيش العربي السوري على الإرهاب، تستهدف مكامن الخلل ومواطن الفساد، ووضع تصوّر عام وسياسة وطنية تلبّي حاجات الشعب السوري من خلال صياغة الحلول الجذرية والابتعاد عن الحلول الإسعافية يصل فيها المناسب إلى مكانه المناسب، ويحاسب فيها المخطئ والمسيء والمستغلّ وتاجر الأزمة والمتكسب والمتنفع على حساب قوت الشعب والمتنفذ باسم الوطن والوطن منه براء، يعتبر الخطوة الأولى على طريق اكتمال الصورة لناحية الانتصار من جهة وإعادة الحياة والصورة التي يجب أن تكون عليها جبهتنا الداخلية من جهة أخرى…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024