إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الثقافة المطلوبة في مواجهة الموت

عبد الكريم عبد الرحيم

نسخة للطباعة 2006-01-23

إقرأ ايضاً


أقصد تماماً الإبادة المطلوبة ، إبادة معلنة مبرمجة ، يشارك بها ذئاب حقيقيون ، يحملون في جنوبهم الشيطان و اللعنة ، مهووسون تفتعِل في مخيلاتهم أفكار يخجل القرن الحادي و العشرون من أن تكون قائمة فيه ، أجل . . الرئيس الأمريكي الذي أصابه مَسٌّ فاعتقد أن في خلوته ما يوحي له باحتلال بلد ، و تحطيم بناه الروحية و المادية ، تسيّره حركة أصولية و محافظون بلا أخلاقيات سياسية أو فكرية .

المطلوب إبادة العرب و المسلمين ، انتزاع أوطانهم و ثرواتهم ، و تبديد ثقافتهم و تدمير ماضيهم ، و ذلك بمحو حتى . . آثارهم على الأرض و مكتباتهم و تصفية علمائهم و مفكريهم جسدياً بدعاوى شتى .

و لا بد من أجل تحقيق ذلك ، من رفع شعارات و طرح أيدلوجيات ، فالعرب شأنهم شأن الهنود الحمر ، ليسوا جديرين بالحياة ، فهم لم يتذوقوا جنة الديمقراطية ، و لم يقطفوا ثمار حقوق الإنسان ، و لم يعرفوا معجزات الفكر صانع الموت الأصفر و الأبيض ، إنهم مازالوا على هوامش القتل و الموت و الإرهاب ، يحملون صحائف القرون الماضية التي لا بد من تمزيقها في غوانتامو و السجون السرية بالإضافة إلى الاغتيالات و نسف البيوت و حرق الأشجار و تدمير الحياة .

و من أجل تحقيق النصر النهائي للحضارة لا بد من اجتثاث الثقافة العربية و الإسلامية كونهما تعيقان التقدم البشري و تهددان المجتمع المدني المتحضر الذي تمثله أمريكا و " الكيان الصهيوني " !

مؤسسات كبيرة ممولة من أجهزة المخابرات ، تنشئ دور نشر و منتديات و محطات فضائية ، توزع الجوائز و المكافآت المجزية ، و " سوبرمانات من الصحفيين و الكتاب " ، تعمل على تدمير الفكر و الإبداع ، و حضن و نشر كل ما له علاقة بإسقاط القيم الإنسانية و الأخلاقيات و صولاً إلى إشاعة مناخ ثقافة الموت و الإبادة ، و تجييش الإعلام لخدمة ذلك بكل ما يملك من وكالات أنباء و وسائل اتصالات ؛ و استخدام وسائط التمويه و التنكر حتى بات بعضها يتزيا باسم الإسلام و العروبة و ينطق بالضاد .

إن هذه الرياح السموم تريد أن تقتلع الجذور ، فحتى العبقري الفراهيدي أصبح مجرماً بحق الإبداع ، و ابن خلدون صاحب علم الاجتماع أصبح بدوياً جاهلاً ، و ربما يصبح المتنبي شيئاً لا يستحق الذكر ، و حدائق بابل المعلقة ليست ذات بال ، و كذلك الأهرامات و القلاع و الحصون و الأبجدية الأولى و الموسيقا و القصور و الأديان السماوية التي عرفتها المنطقة لا قيمة لها ؛ و حين نسأل لماذا ؟ نجد الإجابة أن المسيح عليه السلام فلسطيني و أن محمداً عليه السلام عربي .

منظومة قوى الشر في العالم ، تتربع على عرش الكون بآلتها الحربية المدمرة ، فَمَنْ يقرع الأجراس و يؤذّن بالناس لمواجهة هذا الطاغوت الأرعن غير المفكرين و الشعراء و الكتاب و المبدعون في كل جنس إبداعي .

في المواجهة لا بد من مشروع ثقافي نهضوي ، يحمل أسباب البقاء ، و يواجه الغزو الثقافي و الاحتلال العسكري ، و البرامج التي أعدّها الأصوليون الصهاينة و حلفاؤهم المحافظون من قوى الظلام و الحقد ، الذين يحملون انموذج القرون الوسطى ، عبر عملية إحياء للموروث الذي حلّ معضلة الحداثة ، برؤية علمية ، تنهض بضرورات الإحياء ، و تتمكن من تكنلوجيا العصر ، و تمسك بذمام الوجود .

إن المشروع النهضوي يلغي الفناء ، بقدرته على بناء المؤسسات الفكرية و الصناعية و الزراعية ، فليس الكلمة وحدها ، تنبت البقاء في مواجهة حرب الإبادة ، إن الفكر و العلم و الشعر و الفلسفة بحاجة إلى وسائل الاتصالات الحديثة ، و الدولة العصرية و المقاوم الشهيد ،

و الاقتصاد المتين ، و المعرفة ، و لا بد في طليعة هذا كله من المحافظة على اللغة العربية و آدابها و علومها و فقهها ، حتى تشرق شمس القدس عاصمة العرب و محطة النهضة التي لا تحطمها رياح السموم .





 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024