إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ما بين الهولوكوست ومحارق فلسطين والعراق

نواف الزرو

نسخة للطباعة 2007-02-01

إقرأ ايضاً


ما بين الهولوكوست ومحارق فلسطين والعراق * نواف الزرو اقدمت الجمعية العامة للامم المتحدة يوم الجمعة الماضي على اقتراف خطيئة اضافية بتبنيها قرارا جديدا يدعو "كل الدول الأعضاء إلى رفض أي إنكار للمحرقة كحدث تاريخي من دون تحفظ ، سواء كان هذا الإنكار شاملا أو جزئيا ، وأي نشاط في هذا الاتجاه" ، وقد شاركت 103 دول في رعاية القرار الذي قدمته الولايات المتحدة بدعم من 75 دولة ، واعلن أنه تم اعتماد القرار بالتوافق من دون تصويت. وجاء تبني قرار إدانة منكري المحرقة بعد عامين على إعلان اليوم العالمي للمحرقة الذي يحتفل به للعام الثاني على التوالي والذي يصادف 27 كانون الثاني من كل عام. ونقول في هذا الصدد: غريب عجيب ان ينشغل العالم وان تنشغل الامم المتحدة في هذه الايام بقصة "المحرقة اليهودية" بعد اكثر من ستين عاما على اقترافها - ان صح ذلك - في الوقت الذي تقوم فيه الدولة المقدمة للمشروع وهي الولايات المتحدة مثلا بقتراف المحارق بالجملة في العراق ، وفي الوقت الذي تواصل فيه الدولة اليهودية المعنية بالمحرقة ـ الهولوكوست ، اقتراف المحرقة ـ الكارثة المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني بملايينه وضد الوطن الفلسطيني المحتل والمهود بكامله.


فقد كانت قصة "الكارثة ـ المحرقة اليهودية" على مدى اكثرمن ستين عاما مضت ، قصة صهيونية ـ اسرائيلية بامتياز.. وكانت ذريعة ووسيلة لابتزاز العالم بعامة ، والمانيا بخاصة ، ابتزازا ماليا ومعنويا حيث نجحت الحركة الصهيونية والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة خلال العقود الستة الماضية باستثمار "الكارثة ـ المحرقة" استثمارا شيلوكيا وعنصريا واستعماريا تجاوز كل حدود العقل والمنطق والعدل والانصاف. وكانت قصة "الكارثة ـ المحرقة" ايضا الفزاعة الارهابية الكاسحة للدول الاوروبية على نحو خاص ، فتعاطفت معها الكثير من الدول والحكومات الاوروبية ، ورفضتها وتحفظت عليها ومنها الكثير من الدول والحكومات الاخرى ، وأيدها العديد من الساسة والعلماء والباحثين ، بينما عارضها ودحضها الكثير الكثير من الساسة والعلماء والباحثين الآخرين على المستوى الاوروبي والدولي. والجدل حول مدى دقة وصحة او زيف معطيات "الكارثة ـ المحرقة" لم يتوقف ابدا ، وكانت نتائج جملة كبيرة من الابحاث والتحقيقات اما تشير الى المبالغة والتزييف في قصة الكارثة ، او تؤكد عدم حدوثها اصلا، وتؤكد ان الحركة الصهيونية ودولتها "اسرائيل" انما فبركتها وغذتها وكرستها كذريعة لابتزاز العالم ماليا واخلاقيا ، وكفزاعة لارهاب وترويح منتقدي "الكارثة" والمشككين فيها ، ولارهاب وترويع وردع منتقدي السياسة والجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. لم يحدث ابدا ان كانت "الكارثة ـ المحرقة" قضية دولية واممية تتبناها وتحيي ذكراها الامم المتحدة؟، ولكن ذلك حدث يوم الاثنين 24 ـ 1 ـ 2005 حيث عقدت الهيئة العامة جلسة خاصة جدا لاحياء ذكرى "الكارثة ـ المحرقة" اليهودية بمناسبة مرور "60"عاما على وقوعها.. وقد أيدت عقد الجلسة نحو "160" دولة منها عدة دول عربية.


وكان كوفي انان الأمين العام للامم المتحدة السابق قد وصف الجلسة بأنها "جلسة خاصة لاحياء ذكرى الكارثة" ، بل وأكثر من ذلك سمح انان لنفسه بانتهاك نظام المنظمة الدولية الذي يمنع اجراء الصلوات في مبنى الامم المتحدة ، اذ اصدر تعليمات خاصة بالسماح بالصلاة في ذكرى "الكارثة" قائلا: "ان هذا الموضوع الخاص في هذه الجلسة يبرر انتهاك القانون والنظام" ، وذكرت المصادر في أروقة الامم المتحدة ان الامين العام للمنظمة الدولية السابق بذل جهودا كبيرة وتدخل تدخلا مباشرا ونشطا من اجل ضمان نجاح جلسة "الكارثة". وعلقت المصادر الاسرائيلية على الحدث قائلة: "ان هذه الجلسة الخاصة في الامم المتحدة سوف تسجل في تاريخ المنظمة الدولية بسبب الخطوة الاستثنائية التي لم يسبق لها مثيل اقدم عليها السكرتير العام للامم المتحدة".


وكان انان قد اعلن في مؤتمر صحفي عقد قبيل تلك الجلسة بأيام: "ان الشر الذي قتل ستة ملايين يهودي في معسكرات الموت النازية ما زال يهدد العالم ، وعلى المجتمع الدولي ان يضمن عدم تكرار مثل هذه المأساة" ، وعاد انان ليؤكد في كلمته امام الجلسة: "ان التراجيديا اليهودية كانت خاصة" ودعا الى "تعقب تجدد اللاسامية والعمل ضدها.. ويجب عدم السماح بتكرار الكارثة".


وها هي الامم المتحدة تعود اليوم لتتبنى قرارا جديدا "يدعو دول العالم الى الاعتراف بالمحرقة ورفض انكارها من اي جهة كانت" بينما كانت معظم دول الاتحاد الاوروبي مثلا قد شرعت قوانين تحاكم وتعاقب من يشكك بالمحرقة اليهودية.. والامثلة عل ذلك كثيرة، ونتساءل هنا: أين الكارثة ـ النكبة الفلسطينية المستمرة في خطاب انان سابقا او خطاب الامم المتحدة حاليا؟، فـ"الكارثة ـ المحرقة" اليهودية المزعومة قادت آنذاك الى اغتصاب وتهويد فلسطين وتطويبها لصالح "الدولة اليهودية" ، فانتجت بالتالي الكارثة ـ النكبة الفلسطينية.. فأين العدالة والانصاف والمواثيق الدولية كلها؟، ولماذا يحيي انان والمنظمة الدولية ذكرى "الكارثة ـ المحرقة" المزعومة التي يشكك العلماء والباحثون الاوروبيون بشكل خاص في امرها ، في الوقت الذي يتجاهل فيه تماما الكارثة والنكبة الفلسطينية الحية ـ الماثلة امام العالم كله.؟، ولماذا يتجاهل انان والامم المتحدة المحارق الامريكية اليومية في العراق وكذلك المحارق الصهيونية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني منذ نحو ثمانية وخمسين عاما متصلة..؟، ونقول ايضا: ان الكارثة الحقيقية ان تتبنى الامم المتحدة ذكرى "الكارثة ـ المحرقة" اليهودية التي انتجت الكارثة ـ النكبة الفلسطينية المستمرة؟، والكارثة الحقيقية ان تجتاح "الكارثة ـ المحرقة" اليهودية المزعومة الامم المتحدة لتتحول الى قصة وقضية اممية ودولية؟، والكارثة الاكبر ان تشارك دول عربية في احياء "الكارثة ـ المحرقة" اليهودية؟، فاجتياح "الكارثة ـ المحرقة" اليهودية للامم المتحدة هو بلا شك نذير شؤم وخراب للامة العربية وقضاياها القومية في فلسطين والعراق.


بلدية مدينة ثيينبوثويلوس الاسبانية قررت الاحتفال بذكرى التطهير العرقي الذي يستهدف الشعب الفلسطيني بدلا من الاحتفال بما يسمى بالهولوكوست ، عن الجزيرة - نت 27 ـ 1 ـ 2007". ويتزامن هذه القرار كما هو واضح مع إحياء "إسرائيل" لذكرى ما تسميه بالمحرقة النازية أو الهولوكوست ، وقد أثار هذا القرار غضب السفارة الإسرائيلية في مدريد فوصفته بالمتهور والعنصري. لكن رئيسة بلدية المدينة سوسانا ليون أكدت "أن مدينتها تبدي كل سنة تضامنها مع الشعوب المضطهدة ، وقالت إن الإحساس بالظلم ليس حكرا على اليهود".


فكل الاحترام والتقدير لهذه الاسبانية "ليون" التي ارتقت قامتها بجرأتها ونزاهتها على قامة الامم المتحدة التي بلغت بدورها ذروة النفاق المتصهين للادارة الامريكية ولـ"اسرائيل" الخارجة على كل القوانين والمواثيق الدولية.


NawafZaru@yahoo.com


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024