إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قـافلة الـمـجد

للرفيق علي احمد سعيد ( ادونيس )

نسخة للطباعة 2010-07-05

إقرأ ايضاً


هذه احـدى القصـائد المجهولـة للشـاعر ادونيـس، نشـرها في 15 تموز 1948، نوردها بالنص مع المقدمـة كما جاءت في احدى النشرات الحزبية.

الى زعيمي، الذي منذ عرفته عرفت قيم الحياة: الحق والخير والجمال !

ادونيس

الرفيق علي احمد سعيد ( محافظة اللاذقية ) شاعر مفطور موهوب تشهد بموهبته القصيدة العالية الروح التي ننشرها له في هذا العدد. واذا كانت " قافلة المجد " تدل على شاعرية الرفيق علي سعيد فهي تدل على ما ينتظر منه في المستقبل، اذ هي تدل على قوة الشاعرية المبتدئة لا على حدودها المنتهية، فالرفيق علي احمد سعيد لا يزال في نحو الثامنة عشرة من عمره وفي دور طلب العلم والادب. فالامل بنمو شاعريته القوية كبير.

تحمل " قافلة المجد " امانة متينة للوطن والعقيدة السورية القومية الاجتماعية وايماناً عظيماً بالزعيم والنهضة العظيمة التي بعثتها تعاليمه وجمالاً متسامياً في المرامي الروحية.

*

ها هـي الكـأس، فانـهلي يا بـلادي من دمي . . من مشـاعري . . وفؤادي

كلمـا مـرّ فـي الـورود صـبـاح سـفحتـه يـداك . . فـي اعـوادي

فتلـفّـت لفتـة . . . مـن عـبيـر وقـتـلـت الجمـود فـي آمـادي

ونـثـرت النـبـوغ دنـيـا عطـور وكسـوت الحـيـاة مـن انشـادي

هـذه الـدار مـن تـلـفــت " طـوروس " " لسـيـناء " كعـبـة الارشـاد

ومـن البحـر . . مـن رفيـف الاسـاطير . . الـى شـاطـئ الخلـيـج الـهـادي

هـذه الـدار، دارنـا فـي مـداهـا كـبـريـاء الآبــاء والاجــداد

مورد للجمال . .كم شـربت منه . . . هـداهــا قـوافــل الــوراد

مـن هـنـا، تـنـبـض الحيـاة، ينـابـيـع نبـوغ . . . مـديـدة الابـعـاد

مـن هنـا . . . تشـرق الحضارة دنيا كحـبـيب الاعـراس والاعـيـاد

مـن هنـا . . . يـا قوافـل الجـوع . . . لبتـك الاماني . . . فاسـتطلعـي وارتـادي

" قـبـرص " والشـمـوخ في شـط " صـور " يـتـهـادى عـلـى رؤى " ارواد "

وظـلال الجمـال في " بعلبـكّ . . . " وجـلال الابـداع فـي " بـغـداد "

فـتــن، روت الحـيـاة وهـزت بـأغـاريـدها صـارع الجـمـاد !

*

وغـزاة. . لم يبسـطوا، سـاعد الحـب ولـم يضـربـوا قـبـاب الـوداد

رشــفوا مـنـهـل الـبـلاد وروّوا جـانحيـهـا نـوائـبـاً وعـوادي

مـا اتـوهـا مـواكبـاً مـن رجـالٍ واتـوهـا مـواكـبـاً مـن جـراد

كـم غـزونا، فـكـان يسـبـقنـا الفجـر، بشـيـراً، بالـيـمـن والاسـعـاد

يـورق الصبـح، مـن سـرانا ويلهـو فتـنـاً فـي الجـفـون والاكـبـاد

وتـريـق الصـلاح، رفـرفـة فـي السـيـف تـزهـو، وحـمـرة فـي الـجواد

كـل غـازٍ، لا ينـهـل الحـق مـنـه هـو اقصـوصـة الرؤى والسـواد !

*

كـم على السـفح، من سـرايا بغـاثٍ هــي لــون مـن كـل واد ووادٍ

كمـنـت للنسـور، تيـهاً وجـهـلاً واقـامت لـها شـبـاك اصـطـياد

مـن الغـبـن، أن يـهـيـأ مـن فـرخٍ ونـسـرٍ . . قـرنــا وغـىً وجــلاد

حبـذا زحـمـة الصـراع، اذا كـان صــراع الانــداد لــلانــداد

وسـرايـا البغـاتِ، لـم تـرو يـوماً جـنـح قصـدٍ، ولا حنـايـا مـراد

*

اي فلسـطـين . . . والنـداء حبـيب مـن دمـي – ذلـك الفـتي – انادي

جرحتـك الـظـنـون، والجـرح دامٍ بطـر الاثـم، راعـف الاحـقـاد

ان فـي " دولة الطيـوف " بطـاحـاً نـاهـلات مـن عـدة واعـتـداد

نـهـدت للـحـيـاة . . . وانسـدل الشـوق عليـها مطـارف . . . اسـتـعداد

بدعـة للخيـال، زوقهـا الوهـم . . بـأنـدى يـد . . وازهـى مــداد

مـا اراهـا حـمى تثـور ولـكـن هـي حـمّى ظمـيـئـة لابـتـراد

ويـقـولـون: انـنـا مـا زحـفنـا لجـهـاد، ونـعـمـة اسـتـشـهاد

ويـرون الجهـاد . . صيحـة حـزنٍ تـتـعـالـى فـي كـل دار ونـاد

نـحن لا نسـكـب الدموع ونغـفـو خلـف نفـح الدمـى، وعطر الوسـاد

نـحن . . لا نلـطم الجبـاه . . لنحيـا بسـراب الـمنـى . . ووهـم الجهاد

قوتـلـتِ نـزعـة الحـداد . . . ففي النـفـس شـعـورٌ، فـوق الاسـى والحـداد

اي فلسـطيـن . . . والنـداء حبيـب مـن دمـي – ذلـك الفتـيّ – أنادي

كـم لـها، حلـمـك الغرير . . . علـى الشـاطئ . . نـهبـاً لكـل بـاغٍ وعـاد

وأخـوك . . " اللـواء " لـون مـن الطيـف الـمسـجّى علـى اكـفِ الـعـوادي

امسـكتـه يـد الخـداع . . . وألقت فـوق جفنـيه غفـوة اسـتـعـبـاد

انـت حـرى، مشـوقـة لـلـقـاه وهـو حـران متـعب القـلب صـاد

هـوذا، مـقـبـل اليـك حـنـانـاً يتـهـادى، فاقبـلـي . . وتـهـادي

ان في الغـاب . . في البطاح . . زئيـراً عـارمـاً . . مـن تلـفـت الآسـاد

أطفـأت جمـرة الجمـود . . والـوت برنيـن الـقـيـود . . والاصـفـاد

وغداً . . موعـد اللقـاء . . فيا عطر . . تـجمد . . علـى الـذرى والـوهاد !

*

مـلء اكبـادنـا . . جـراح . . وافـيـاء جـراح . . . معـسـولـة الـمـيـلاد

هـي خضـراء . . من تنهـدة الحـق . . ومـن روعـة الجـمـال الـهـادي

والجـراح الخـضـراء . . . آيـة فـنٍ عـزفـتـهـا قـيـثــارتا عـوّاد

كـم جـراح . . . تكشـف الصبح عنها هـي عـزف الدجى ولـحن السـواد

سـربت في النفـوس، فيـض انكـمـاشٍ وسـرت فـي الجفـون وهـج رقـاد

ما خمـدنا . . تلك الجـراح . . انتصـاراً رب جـرحٍ لم ينتـفـع بالضـمـاد

*

من جفـون التـاريخ . . ايقظت وهـمي وسـكبت الـشـراب فـي آمـادي

عميـت عـن رؤى الجمـال وخـالـت حـبـب الشـمس بركـةً من رمـاد

ما عهـدت التاريخ . . اسـطورةً للهو . . تـروى بـالـنـقـل والاســنـاد

فاخجلـي يـا جفـون، فالفـجـر زاه وصبـاح الـنـبـوغ بـالـمرصـاد

عبقـريـات أمـتـي، مـا طـوتـهـا يـد طـاو . . . ولا مـحتها عـوادي

وخـلايـا الابـداع فـجـر جـمـالِ رائـح . . . في تنـهّـد الـموج غـاد

سـافـح . . كالعـطـور . . والـورد . . افيـاء هـداه . . علـى رؤى الاحـفـاد

روِ . . يا مـوج . . يا تـراث، ضلوعـاً انـكـرت فـيـك كـل مـاء وزاد

وافـتـح الـدرب للـجـفـون فـيـا رب دروبٍ . . . مـفـروشــةٍ بالقـتـاد !

*

يـا زعيمـي . . وأنـت اطروحة الدنيـا وأغـرودة الـسـيـوف الـحـداد

مـا اطـل الـجـهـاد . . للـحـق إلا كـنت في صبحـه . . حبيب الجهـاد

فخلـت الايـمان، فـجـر انـطـلاق مـرحّ الـزهــر، عـاطـر الاوراد

يرفـل الحـق . . فـيـه رفـة عـطـر وهـدى نعـمـة . . ونـجوى فـؤاد

ويـموت الجحود . . في وهجـه الاخضر أشـــلاء رجـفــة وارتـعـاد

جئـت والحـق . . منهلـيـن مـن الخـيـر . . فـهـل انتـما . . علـى ميعـاد ! ؟

حـضـن النـور قلبـك الرحب كونـاً عـبـقــريّ الاجـواء والآمــاد

ويـد النـور، مـا طـوت غيـر صـدر انـهـل الحـق مـاءه وهـو صـاد

انـت، مـن انـت . . ؟ ان مـن نـعمـة التفـكـيـر الا ينسـاب فـي اجهـاد ؟

زعمـوا انـك انكمـاش . . وفـي نفـسـك للفيـض . . الـف هـادٍ . . وهـاد

فارتـدوا – هاربـيـن من افـقـك الـغـض – مسـوح النســاك والـزهـاد

لا تـرعـهـم . . . فـرب قمـة نـورٍ عبـدتـهـا جـوانـح الالـحـاد !

*

يـا بـلادي . . يا دفقـة مـن ربيـع فيـه ظلـي . . وفيـه مـائي وزادي

كلمـا . . مـر مـن شـبابـك ركـب رف يـحدوه مـن شـبـابـي حـاد

وتـمثلـت شـاطـئ الكـبـر دنـيـا حـفـلـت بـالـغـزاة والـقـواد

وهـانـي بـعـل مـوجـة مـن ابـاء حضنـتـهـا مـواكب الاجـنـاد

تغـزل الكبـر والشـمـوخ خيـوطـاً زاهـيـات الاثــواب والابــراد

وأمـانـي " ديـدون " تـنـسـاب أجـواء عـبـيـر – علـى مـدى الابـعـاد

ناهـدات . . فيها من القدر الطـاغي . . وفيـهـا مـن الصخـور الـصـلاد

وصحـاب الحيـاة . . .فجـر من الاضـواء . . . في عـتـمة الخـطوب الـشـداد

قبـس مـن هـدى الـزعيـم وفيـض من تعـاليمـه . . . ونـور الـمبادي

غمرتـهـم رؤى الجمـال . . فكـلّ يتـمـلـى منـه . . . وكلّ ينـادي :

سـوريا . . امتـي . . زعيمـي: تـراث خلـقـتـه الآبـاد . . . لـلآبـاد !



في: 01/07/2010 عمدة شؤون عبر الحدود


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024