إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مرجع أمني: هذا ما تبلغناه من دمشق حول الحدود

عماد مرمل - السفير

نسخة للطباعة 2011-10-19

إقرأ ايضاً


يستمر المشهد السائد على الحدود بين لبنان وسوريا مادة للتجاذب الداخلي، بعدما تمّ استخدامه في الاشتباك السياسي المفتوح ولعبة تسجيل النقاط، حتى اختلط الحابل بالنابل، وكادت تضيع الحقائق في مهب «الرياح الشمالية - الشرقية».

وبعيداً عن «أزيز» الضجيج، يؤكد مرجع أمني بارز ان لا قرار سياسياً لدى القيادة السورية بخرق الحدود اللبنانية والمس بسيادتنا الوطنية، مشددا على ان هناك فارقا جوهريا بين العدو والشقيق، ولا يجوز الخلط او الجمع بينهما. ويضيف: قد نختلف مع الشقيق حول أمر من هنا او هناك، ولكن أي خلاف يعالج بالحوار تحت سقف المؤسسات والاتفاقيات، وفي إطار الأخوة المتبادلة، وبالتأكيد فإن سوريا ليست كإسرائيل، وليس مقبولاً ان يجر البعض لبنان الى مواجهة معها.

ويشير المرجع الى ان البعض يحاول ان يستخدم الحوادث الملتبسة على الحدود مع سوريا للتوظيف السياسي، ليس فقط ضد سوريا وإنما في اللعبة الداخلية أيضاً، معتبرا ان تضخيماً متعمداً قد حصل لما جرى على الحدود، والدولة اللبنانية تعمل بمسؤولية من أجل ان تضع الامور في نصابها الصحيح وتأخذ حجمها الطبيعي.

ويؤكد المرجع الامني ان كبار المسؤولين السوريين أبلغوا الجهات المعنية في بيروت ان دمشق ليست بوارد انتهاك السيادة اللبنانية، موضحا ان الجهات السورية المختصة أكدت لأحد رؤساء الاجهزة الامنية اللبنانية ان الحدود البحرية مع لبنان مصونة، وان هناك تعليمات صارمة أعطيت الى القوات البحرية السورية بوجوب ليس فقط عدم تجاوز الخط البحري، بل عدم الاقتراب منه، منعاً لأي سوء تفاهم، أما في ما خص الحدود البرية، فإن الجهات السورية نفسها ربطت أي التباس ميداني بواقع عدم تحديد الحدود المشتركة وتداخل الاراضي بين البلدين.

وانطلاقاً من هذا الواقع الجغرافي، يلفت المرجع الامني اللبناني الانتباه الى ان الجهات الرسمية السورية، أوضحت للبنان أن الجنود السوريين الذي يكونون أحياناً في مهمة لملاحقة المهربين لا يدركون خلال اندفاعهم ما إذا كانوا قد تجاوزوا الحدود أم لا، بسبب عدم وجود أي إشارات ترسم الخط الفاصل بين لبنان وسوريا.

ويوضح المرجع ان المسؤولين المعنيين في دمشق أبلغوا من راجعهم ان علي الخطيب الذي قيل ان قوة سورية قتلته خلف الحدود اللبنانية (في خراج بلدة عرسال كما قيل)، إنما أصيب خلال مطاردته داخل الاراضي السورية، ثم توفي في الاراضي اللبنانية.

ويشير المرجع الى ان الحدود اللبنانية «فالتة» تاريخياً، وهي كانت تستخدم لكل أنواع التهريب التجاري، وما جرى بعد اندلاع شرارة الاحداث في سوريا ان معابر التهريب أصبحت تستخدم لنقل الاسلحة الى الداخل السوري، كاشفاً ان دمشق بصدد اتخاذ إجراءات صارمة لإقفال كل منافذ التهريب، متوقعا ان يعلو الصراخ في لبنان بعد ذلك، لأن هذه التدابير ستلحق الضرر بالفئات التي كانت تستفيد من أعمال التهريب المزمنة.

ويشدّد المرجع على انه اصبح لدى القيادة السورية تصور واضح بل «تابلو» دقيق، يحدد نوعين من تهريب السلاح الى سوريا: النوع الاول تجاري ـ فردي، والآخر منظم ـ سياسي، موضحا ان دمشق سترسل قريباً الى بيروت ملفات موثقة حول كل عمليات تهريب السلاح.

ولا يخفي المرجع الامني قلقه من تأثيرات الاحداث في سوريا على الوضع اللبناني، مشيرا الى ان منسوب التوتر في لبنان يرتفع او ينخفض على وقع التطورات من حولنا، ولكنه يلفت الانتباه الى ان الوضع الامني ممسوك الى حد كبير على الرغم من تأثره بـ«المطبات الهوائية» السورية، معتبرا انه لا يوجد قرار سياسي كبير لدى أي من الأطراف الداخلية بدفع البلد الى الهاوية الامنية في الوقت الحاضر.

ومع ذلك، يأخذ المرجع بعين الاعتبار احتمال ان تفلت الامور من السيطرة في أي «لحظة تخل»، بفعل التعبئة المذهبية والسياسية المتواصلة في بيئات باتت تختزن ما يكفي من السلاح لإشعال حريق في البلد، وهذا ما يتطلب مراقبة مستمرة ودقيقة للارض، منعاً لتجاوز «الخطوط الحمر».

ويروي المرجع ان مدينة طرابلس تشكل، في هذا المناخ، ما يشبه «القطوع» الاسبوعي الذي يواجه الاجهزة الامنية كل يوم جمعة، بفعل المظاهرات التي تنظم على وقع أحداث سوريا. ويلفت الانتباه الى ان الخطورة تكمن في الإصرار على تسيير هذه المظاهرات في شوارع وأحياء قريبة من خط التماس بين باب التبانة وجبل محسن، ما ييقي كل الاحتمالات مفتوحة الى حين الانتهاء من التحرك في الشارع، معتبراً ان المخاوف نابعة من كون الجميع يملك سلاحاً والتعبئة قائمة على قدم وساق، بحيث لا ينقص سوى الشرارة الاولى لإشعال النار وتفجير برميل البارود.

ويكشف المرجع ان بعض الاجهزة الامنية اللبنانية تضع يدها على قلبها كل جمعة، مشيراً الى انها اعتادت على ان تجري في هذا اليوم من الاسبوع اتصالات مكثفة مع الأطراف المعنية في طرابلس، لاحتواء الموقف ومنع تفاقمه، كما ان ممثلين عن القوى المعنية يزورون مقرات هذه الاجهزة، للبحث في سبل تحصين الساحة الداخلية.

ويخلص المرجع الى القول إن أبرز نقاط الضعف في الجسم اللبناني حالياً تكمن أولاً في أزمة الثقة القائمة بين الاطراف السياسية، وثانيا في تغليب هذه الأطراف مصالحها على المصلحة الوطنية العليا.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024