إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الكاتب والاديب والشاعر الرفيق الراحل جواد نادر

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 2012-02-24

في عددها الثاني عشر، نشرت مجلة "السنونو"، الصادرة في حمص عن رابطة اصدقاء المغتربين بحمص، قصيدة للرفيق الشاعر المهجري الراحل جواد نادر، يخاطب فيها الصديق الراحل رامز شقرا، احد وجوه الجالية الحمصية والسورية، في بيونس ايرس، بعد عودة الاخير من زيارة الى وطنه.

الرفيق جواد من مواليد قرية برشين (حمص) وهو رئيس تحرير الجريدة السورية اللبنانية، وكان من اركان ندوة الادب العربي في بيونس ايرس.

من مؤلفاته:

 المطبوعة:

- ميت يتكلم

- تاريخ الجهاد

- معركة فلسطين في المهجر

- مرتين فيرّو (ترجمة) طبعة ثانية

 الغير مطبوعة:

- قديس السيفن تاريخ سان مرتين (مترجم)

- كهال – ذهب (مترجم)

- الكذب الصادق والصدق الكاذب

- ديوان شعر

جدير بالذكر ان الرفيق الكاتب والصحافي والشاعر جواد نادر هو خال الرفقاء: الراحل الدكتور حسني حداد، الراحل سامي، وكلاهما هاجرا الى الولايات المتحدة، وفيها وافتهما المنية، ومنير الذي انتقل للاقامة في بيروت وما زال فيها.

*

الـى عـائـد مـن بـلادي


لا تـزد قلـبـي ضرامـا واهـدني منها سلامـا

انـا لا احسـبهـا تنـسى ابنهـا ايـن اقـامـا

جئـت من ارض لها فـي مهجتـي اغلى محبة

كيف اسلو وهي في قلبـي او يسلو المرء قلبـه؟

اننـي المـح في عينيـك اطـيـاف الاحـبـة

فيـجـن الشـوق اذ يـش عـر بالاطياف قربـه

هذه الانـداء بـالاهـداب مـن دمـع التـلاقي

خبّـأتهـا أعيـن الغيّاب مـن عـهـد الفـراق

ذابـت القطـرة بالقطرة مـن طـول العـنـاق

فوعـي الكـون حكايات المــآسي والتـلاقـي

كيفهـا كيـف المجـالي واهـاليـهـا الغوالـي؟

وطـلوع الفجـر فيهـا وقـناديـل الليـالـي؟

وميـاه الاعـين الزرق وافـيـاء الـدوالـي؟

تلـك حالي فـي هواها اتـرى تدري بحالـي؟

ام تـرى تحسبـنا في البعد لم نخفر ذمامـا؟

نـحـن يا امـاه مـا زلنا على العهد قيامـا؟

*

كان الرفيق جواد نادر قد حقق في اواسط خمسينات القرن الماضي تعريب، فطباعة ملحمة الشاعر الارجنتيني خوسه ارناندس (1) " مرتين فيرّو "، ثم صدرت في طبعة ثانية عام 1984.


المقدمة للدكتور اوسفالدو متشادو (2) وفيها يعرض للكاتب الرفيق جواد نادر بالقول:

" ان الكاتب النابغ الاستاذ جواد نادر قد اهتم بنقل قصة مرتين فيارّو للمرة الاولى الى اللغة العربية.

لقد ترجمت الى الآن هذه القصة الوطنية الارجنتينية، الى كثير من اللغات الاجنبية ما عدا اللغة العربية فقام الصديق الاديب بهذا العمل الشاق متكبداً عناءً فادحاً لما في هذه القصة من الفاظ خاصة بسكان الارياف الداخلية الارجنتينية، بعضها موضعية (اي انها تدل على اشياء وعوائد غير مألوفة عند العرب) وبعضها بدون معادل في اللغة العربية مطلقاً، الامر الذي يقتضي الكثير من الامعان في بحث الاحوال والعوارض الطبيعية والاجتماعية والتاريخية من عيشة الغاوتشو ومحيطه.

وتمشياً مع هذا النهج الموافق، قد اتمّ جواد نادر درساً دقيقاً في تقاليد اهل الارياف الارجنتينية، ووقف على مزاياهم واخلاقهم وطرق معيشتهم، الى آخر ما هنالك من الامور المتعلقة بحياتهم، ثم انتقى الاليَق من التراكيب والتعابير لاطلاقها على المعاني المقصودة بدون ان تختلّ، مع ذلك، قوام العربية الفصحى.

ومن هذه الجهة، لقد تعثّر المترجم في جمّ المصاعب والمشاكل حيث اراد ان يسبك القصة في نظم عربي رشيق يقرب كثيراً من اوزان الشعر الاصلي الاسباني كما جاء في الديوان، فنجح وهذا التوفيق في مطابقة القلب والقالب عند الترجمة لا يمكن نواله الا لمن يجمع بين التضلع في الاسبانية والعربية والنظم بهما.

ان هذا المجهود يبرز ذكاء جواد نادر وبُعد اطلاعه وتفننه ومقدرته الادبية، وهي الفضائل التي جعلته معدوداً في طليعة كتاب العربية في المهجر.

فعلينا ان نشكر الصديق الفاضل والاديب البارع على اجتهاده الباهر والخدمة القيّمة للادبين الارجنتيني والعربي التي ادّاها بترجمة القصة المسرودة حول سيرة بطل ارجنتيني يشبه كثيراً عنترة بن شداد العبسي لما في "مرتين فيارّو" من فخر وفروسية ومعان شعرية تعبّر عن شخصية متألمة نبيلة الاميال والشعور.

حقاً لقد وفّر جواد نادر الحاجة الماسة بنشر قصة مرتين فيارّو لدى مثقفي اللغة العربية الذين طالما لبثوا محرومين من معرفة هذه التحفة الثمينة في الآداب الارجنتينية.

بوانس ايرس 1956 ".


من جهته يوضح المترجم الرفيق جواد في التوطئة التي ظهرت في بداية الملحمة المعرّبة التالي:


" ربما تساءل البعض عن الاسباب التي حدت بي الى ترجمة ديوان "مرتين فيارّو" مع ما في ذلك من ضنك وبذل جهد، وهناك من يتساءل عن الفائدة المرتقبة من هذه الترجمة، مع ان حوادثها وقعت في بلدان وازمنة بعيدة ومختلفة كل البعد والاختلاف عن الاقطار العربية.

اما الاسباب التي حدت بي لترجمته، فقد تكون ذات الاسباب التي حملت ثمانية عشر مترجماً على نقله الى ثماني عشر لغة، هو هذا الجمال الشعري في التعبير عن الغاية، وهذه الدقة في الوصف والانسجام بين المعاني، وهي بالتالي، هذه الحقائق النيّرة التي يجهر بها ارناندس على لسان بطل قصته (مرتين فيارّو)، اما النتائج فهي لا شك حاصلة وخاصة في الاقطار العربية، فخوسه ارناندس يعالج في قصته الشعرية هذه مشاكل اجتماعية ونفسية هامة جداً في حياة الشعوب، وهذه المشاكل كانت موجودة ولا يزال بعضها سارياً في اوطاننا، كالاقطاعية والطائفية والتعسف بالاحكام والارتجال والمحسوبية في القضاء ومغايرة الشرائع وامتهان الكرامات وتحقير الانسان، الى ما هنالك من الاوبئة التي تتعهدها النهضة السورية القومية الاجتماعية وغيرها من النهضات المماثلة وترعاها بالعناية وبناء النفوس وايقاظ وعي الامة لتعرف حقيقتها والى اين تسير وكيف يجب ان تسير لتحتل مركزها اللائق بها في مجموعة الامم المتحضرة، وتواصل النهضة طريقها التي عبّدها الزعيم وسواه من شهداء الامة العربية بدمائهم، حتى تبلغ امتهم قمة المجد والسؤدد والكرامة فتعود لتكون كما كانت منذ فجر الوجود معلمة الامم وهادية الشعوب".


وفي مكان آخر من الشرح القيم الذي اورده تحت عنوان " ايضاحات "، يقول الرفيق نادر:


سنة 1942، وكنت محرراً للقسم العربي في " الجريدة السورية اللبنانية " الصادرة في عاصمة الارجنتين، وكان العاشر من شهر تشرين الثاني، " يوم التقاليد الارجنتينية " الاصيلة، وهو يوم ميلاد خوسه ارناندس مؤلف هذه الملحمة باعتباره اول من شهّر بأصالة العنصر الارجنتيني، وفي ذلك اليوم صدرت الصحف والمجلات ناقلة الشيء الكثير من حياة خوسه ارناندس، وبعض الفصول من ديوانه هذا، واسترعى انتباهي من نظرة خوسه ارناندس الى مشاكل قومه وقضايا امته، وشاقني اسلوبه الجذاب في نظم الشعر القومي، فطالعت كل ما نشر منه يوم ذاك، ولم اكتف بذلك، بل اقتنيت الديوان ورحت اطالعه المرة تلو الاخرى واستعيد القراءة والدراسة واقف عند كل حادث ومغامرة، وعند كل هلهلة شعرية وكل امثولة ونصيحة، وعرفت ان هذا الكتاب الملقب بـ (انجيل الكريوجو) – الكريوجو، لقب الانسان الارجنتيني الاصيل -، قد ترجم الى اكثر من ثماني عشرة لغة، منها اليابانية والرومانية والانكليزية والروسية واليوغوسلافية وحتى العبرية، بالاضافة الى كافة اللغات اللاتينية – الايطالية، الفرنسية، البرتغالية. ونقل ايضاً الى لغة العميان، ولغة الاسبارتو الدولية – ففكّرت في احتمال نقله الى اللغة العربية، واجريت بعض التمارين بأسهل فصول الديوان (نصائح العجوز بيسكاتشا) فأعجبتني صورتها منقولة الى العربية، وعدت لاجراء تجربة اخرى بقصة الفتي (بيكرديا)، احد ابطال الرواية وكنت عرفت اشياء كثيرة عن (الغاوتشو) من مطالعة دراسات كثيرة في الموضوع حتى عام 1946، صممت نهائياً على الترجمة الكاملة، وكنت لا اجهل الصعوبات والمشقات التي سأتكبدها، ففي الكتاب اصطلاحات وتعابير غريبة جداً عن اللغة العربية وفيه ذكر اشياء غير مألوفة في الاقطار العربية، مع كل هذا، صممت على الاقدام، وان يكون ذلك عقيب دراسة جدية لكافة نواحي حياة اهل الارياف الارجنتينية وكيفية حياتهم، فقمت ببعض الرحلات الى اطراف الولايات واحتككت بكثير من سكان الارياف وكنت أسأل عن كل شيء غير مألوف لدي، خاصة مما ورد ذكره في الكتاب، ولم اكتف بذلك بل جعلت المكتبة الوطنية في بيونس ايرس محجة لي، اقصدها كل يوم تقريباً لمدة شهرين، اقلّب المجلدات وانقل الترجمات وارسم الاشكال واطبع في ذاكرتي الالفاظ وتفسيرها، وعمدت ايضاً الى اقتناء ثلاثة معاجم تدور كلها حول لغة اهل الارياف القديمة، واقتنيت اربع طبعات مختلفة من الديوان، وكل طبعة فيها مقدمات وتعابير وشروح اضافية لمعظم الالوان والتعابير الواردة في الكتاب.

فكرت اولاً في امكانية اصدار الترجمة بالشعر العربي الفصيح ظناً مني ان بهذه الطريقة يمكن الاحتفاظ برونق وجمال الاصل، فأجريت تجربة على البحر الطويل المجزوء، ونظمت مترجماً، لا اقل من مئتي بيت، وبالرغم من اضطراري لتعديل البحر في معظم المقاطع وتبديل القوافي، فقد رأيت ان هذا يستحيل جداً، ليس لطول القصة، بل ولأنها تفقد حيويتها بضياع الالفاظ الرقيقة التي تعبّر عن المعاني، اذ ان البحور والقوافي في اللغة العربية مهما بلغ التصرف بها، تجيء دائماً بطابع خاص باللغة ولا تعبّر في حال الترجمة عن الواقع المحسوس الوارد في الاصل، فأقلعت عن هذه الطريقة، وفكرت في النظم بالشعر القومي، في الزجل والمعنى والموشح، مستخدماً شتى الطرائق والحالات المعروفة في هذا النوع من الشعر، وبدأت الترجمة بهذه الطريقة، فبلغت اكثرمن مائة وخمسين شطراً قسمتها الى مقاطع بحسب فصول الكتاب، ولكني كلما عدت الى مراجعتها كنت ارى نفسي مبتعداً شيئاً فشيئاً عن صاحب الديوان خوسه ارناندس، وكلما تعمّقت في الترجمة، كلما ابتعدت الشقة بيننا، وخشية من ان اضيع الوقت اكثر مما اضعت اقلعت ايضاً عن الطريقة الثانية، وبعد تفكير رأيت ان افضل طريقة هي الشعر المنثور المطلق، وهذه الطريقة تسهل لي المحافظة على المقاطع نفسها بحسب ورودها في الاصل، عدداً وقياساً شعرياً غريباً قدر المستطاع، فاسترسلت في الترجمة على هذه الطريقة، فرأيت انني كنت موفقاً، وواصلت فانتهيت من الترجمة كاملة في عام 1955.

وفي هذا المجال اذكر فضل رفقائي اعضاء الجمعية السورية الثقافية وغيرهم الذين كانوا دائماً يشجعونني ويلحون عليّ بضرورة مواصلة العمل اذ لا انكر انني بلغت بعض الاحيان درجة اليأس والقنوط لكثرة الصعوبات التي وجدتها، فكنت اجد في الرفقاء المذكورين مشجعاً لمواصلة العمل حتى النهاية.


ايضاحات

سمّي هذا الكتاب في الاصل " الغاوتشو مرتين فيرّو " ومرتين فيرّو اسم لرجل، اما لفظة " غاوتشو " فهي على نحو تفسير بعض الدارسين، وربما كانت الاصح، تحريف كلمة " غواتشو " اللقيط مجهول الوالدين، وكان هذا النوع من الناس كثيراً في فجر عهد تكوين الامة الارجنتينية، لأنها خليط من مهاجرين اخذوا رويداً رويداً يتفاعلون مع الارض ويؤلفون المجتمعات التي تكوّنت منها الامة مع تكرار الازمنة، واشتهر (الغواتشو) باقتحام المصاعب والمغامرات والتنقل من جهة الى جهة، وبالكرم والعطاء والشجاعة والاقدام، وعندما برزت العائلة واخذت اتجاهاً تسلسلياً طبيعياً، صارت كلمة " غواتشو " مستهجنة، فحرّفت الى "غاوتشو" واصبحت هذه الكلمة تدل، فيما تدل، على جميع الصفات المذكورة، وصار يضرب به المثل فيقال: هذا رجل غاوتشو، اي كريم شجاع الخ. الخ.

وترد في الكتاب كلمة " هندي " ومنعاً للالتباس في احتمال ظنها نسبة للهند، نقول: ان اسطورة اكتشاف كريستوف كولمبوس لأميركا، تشير الى ان المذكور عندما اقلع من مرافئ اسبانيا راح يمخر البحر طالباً الهند، فضاع في البحار وذات يوم بلغ ارضاً شاهد فيها اناساً فظن انه بلغ الهند، وقال هؤلاء هم الهنود (اينيديوس)، ولم تكن الارض سوى اميركا، وما كان اولئك سوى سكانها القدماء، وكانوا شبه عراة، وبالرغم من اتضاح الامر لكولمبوس فيما بعد، من ان الارض التي وصلها لم تكن الهند، بل القارة الاميركية، ومع انهم انقرضوا تماماً، فقد ظلوا يُدعون بهذه الصفة كلما ورد ذكرهم.


الحيلة في الترجمة

لا بد لكل مترجم، من ان يحتال على تكييف العبارة في اللغة التي يترجم اليها، محاولاً قدر المستطاع المحافظة الممكنة على المعنى الوارد الاصل من اللغة التي ينقل عنها، وفي الغالب يوفق الى ذلك، ولكنه يفشل في بعض الاحيان، والفشل هنا، لا يعني اخفاقاً تاماً، لان المترجم، مهما اجهد الفكر، ومهما احتال في تقديم معنى على آخر، لا بد له ان يتعثر، وخاصة في ترجمات الشعر، والشعر اصعب ما يُترجم، فالشاعر عندما ينظم لا يفكر بقيام من يترجمه ولهذا كان من الطبيعي ان يسترسل في المعاني جرياً وراء خياله، اما المترجم فيضطر لخلق خيال جديد وللتحليق في اجواء جديدة للاتيان بألفاظ منسجمة مع خيال الشاعر وتكون اقرب ما يمكن معبّرة عن المعنى المقصود.

وتبلغ الصعوبة حدّها في ترجمة اللاتينية الى اللغة العربية، وخاصة ترجمة الشعر، ففي اللغة الاسبانية كما في الافرنسية والايطالية والبرتغالية، ينظم الشعر على عدة ابحر وقلما ينتهي المعنى في بيت واحد، بل يظل مرتبطاً بالالفاظ والتراكيب من البيت الاول الى الثاني فالثالث فالرابع وحتى السادس، كما هي الحال في " مرتين فيرّو " وقد يوفّق المترجم بنقل المعنى من ستة ابيات، الى بيت واحد او بيتين، باللغة العربية، ومع ذلك تظل الترجمة ناقصة، ففي الشعر تعابير رقيقة دقيقة جميلة رائعة، يجب المحافظة عليها، وهنا تلعب الحيلة دوراً هاماً، في محاولة رسم صورة صادقة ليس فقط عن المعنى، بل وعن الايقاع في الالفاظ والعروض ورنة القوافي.

ولا تتوقف الصعوبة عند هذا الحد، اذ كثيراً ما يرد على لسان الشاعر قول يعني به غير المعنى الظاهر، وجمّة هي المعاني المستترة في الشعر، فكثيراً ما يذكر الشاعر جملاً مثلاً وهو يعني جبلاً، وكثيراً ما يقول رغيف خبز وهو يعني حياة وعيشاً، وانه حجر ليعني قوة، وانه ارض ليعني تواضعاً، وانه سماء ليعني رفعة الخ. و" مرتين فيرّو " وهو يتكلم بلغة اهل الارياف وينطق بالامثال السائرة بينهم، مملوء بأمثال هذه الفوارق بين الالفاظ والمعاني المستترة، لهذا رأيت ان افضل طريقة لتأدية المعنى والمحافظة على روح القصة، ترجمة الديوان مقطعاً مقطعاً فيحتفظ كل مقطع بعدد ابياته الاصلية، وحاولت اقامة قافية شبيهة بالاصل محافظة على الايقاع الشعري، ومع ذلك لا بد لي من التصريح بأنني لم ابلغ الكمال في الترجمة، ولكنني لم اخفق وهذا الجهد أؤمّل ان تكون منه فائدة لأهل اللغة العربية!!

*

هوامش:

(1) وُلد خوسه ارناندس في العاشر من شهر تشرين الثاني سنة 1834 في منطقة سان مرتين القريبة من مدينة بيونس ايرس (العاصمة) من والديه رفايل ارناندس (من اصل اسباني) وايزابيل بويرّيدون، (من عائلات الارجنتين العريقة) ونشأ خوسه في كنف خالته فكتوريا بويرّيدون، اولاً لاضطرار والدته على مرافقة والده في رحلاته الطويلة في البوادي طلباً للمعيشة، ومن ثم: لأن والديه توفيا وهو لا يزال حدثاً. ومنذ الصغر بدت عليه دلائل الذكاء والفطنة، ووصل صحبة خالته الى مناطق نائية حيث عاشر سكان الارياف وربي بينهم واطلع على احوال معيشتهم، وخاصة اولئك المدعوين (غاوتشوس) – جمع غاوتشو- المولعين بقول الاشعار الزجلية والمطارحات الشعرية والمغامرات ومع ذلك كانوا يعيشون حياة ذل وهوان بسبب تفشي الاقطاعية واستعبادهم في الاعمال التي تقتضي جهداً وتضحيات، وكانت الحكومة عهد ذاك توكل اليهم الحفاظ على الحدود فكانوا يعيشون في هاتيك المجاهل عيشة لا تقلّ تعاسة عن الخضوع والاستسلام، وعندما اصبح خوسه ارناندس شاباً انخرط وشقيقه رفايل في سلك الجندية (سرية خفر الحدود) ومن ثم انتقل الى ولاية انتري ريوس فتجنّد في معسكر المحرر الجنرال اوركيسا، واشترك في معارك عديدة في ذلك العهد الذي سبقه استقرار البلاد، فقد كانت دائماً عرضة للثورات وكانت بعض الدول المجاورة تغير عليها بتحريض من انكلترا يومذاك، بالاضافة الى المطامع الاشعبية التي عرفت بها جماعة الاقطاعيين في هاتيك المراحل.

على ان نجم خوسه ارناندس اخذ يشع في ميدان الادب والصحافة، فأصدر جريدة كان يحمل بها بعنف على الحكام عندما يرى منهم مغايرة للقانون والحق، وكثيراً ما انتقد حتى الجنرال اوركيسا حاكم منطقة انتري ريوس مع انه كان من اعوانه، وعرف ببعد النظر وتقدير العواقب بالاستنتاج من الماضي والحاضر ودرس الاوضاع والاحوال، وقلّما كانت تخطئ نظراته، وهذا ما جعله مسموع الكلمة محترم الرأي. مع هذا كله لم يسلم من نقمة الحكام الجشعين الذين يبطشون بكل من يحاول ايقاظ ضمير الامة انتهاء مظالمهم وجشعهم وانانيتهم واستغلالهم المقيت. فنُفي ارناندس الى جمهورية اوروغواي بعيداً عن عائلته وهناك وضع اولى صفحات مؤلفه هذا، وعاد من ثم الى بيونس ايرس حيث افتتح مكتبة وانهى ديوانه، كما اصدر غيره من المؤلفات التي - على قيمتها – لم تبلغ القمة والشهرة التي بلغها كتابه (مرتين فيرّو). توفي ارناندس في 21 تشرين الاول عام 1886 في مدينة بيونس ايرس.

(2) الدكتور اوسفالدو متشادو: هو العلامة الارجنتيني المشهور، دكتور فلسفة وادب، درس اللغة العربية حتى اتقنها كأحد ابنائها نطقاً وكأحد ادبائها لغة وفهماً، ولم يقف عند هذا الحدّ، بل تعمّق في درس فلسفة اللغة العربية ومشتقاتها ومفرداتها ومآخذها والّف في هذه الدراسة كتاباً دلّ على فكر نيّر ونبوغ فذّ.

وقد رغبت اليه كتابة مقدمة لترجمة ديوان " مرتين فيرّو " فلبّى مسروراً، وكتب المقدمة التالية بعد ان اطلع على القسم الاكبر من الترجمة، وما رأيه هذا الا رأي العارف الخبير في ما يعانيه المترجم ناقلاً هذا الديوان المشهور الى اللغة العربية، وفيما يلي كلمة الدكتور متشادو التي جاءت على قصرها دليلاً على تقديره اهمية نقل هذا الديوان الى لغتنا العربية.

جواد نادر



 
جميع الحقوق محفوظة © 2024