إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل يُستدرج عون إلى سيناريو 1989... سياسياً؟

د. نسيب حطيط - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-10

إقرأ ايضاً


يوحي النزاع الساخن بين العماد ميشال عون وبقية الأطراف السياسية وفي مقدّمتها تيار المستقبل أنّ الأمور مفتوحة على كلّ الاحتمالات، ويحاول العماد عون الردّ على مصدر إطلاق النار من أكثر من محور سياسي، مع حليف واحد هو حزب الله، والمساكنة الحذرة مع «القوات»، وتأييد مشروط من المرده.

في العام 1989 واجه العماد عون كلّ الأطراف المسيحية والإسلامية على الجبهتين الأساسية والعسكرية وتشكلت حكومتان، واحدة برئاسة عون نفسه وثانية برئاسة الرئيس سليم الحص، ولم تحسم الأمور وتتوحّد المؤسسات إلا بعد مساندة الجيش السوري للجيش اللبناني وطرد عون من بعبدا وهجرته إلى باريس!

دخل العماد عون النادي السياسي اللبناني وهو غريب عن كلّ مواصفات رواد هذا النادي، فهو ليس وليد الإقطاع السياسي أو نادي رجال الأعمال وليس ممثلاً لحزب سياسي، بل ضابط طموح يحاول تأسيس حالة سياسية عاطفية تتعلق بشخصه وتحويلها إلى حزب سياسي من دون ذراع عسكرية حتى الآن ومتمرّد على ما يُسمى ولاية الكنيسة السياسية التي يتبعها السياسيون، أي ولاية البطريرك السياسية، مما جعله بين منهجين هل يعسكر السياسة أم يسيّس العسكرة في بلد اسمه لبنان الذي تعرف فيه السياسة بالمخادعة وعدم الثبات في المواقف أي العمل بالمياومة السياسية فلكلّ يوم موقفه السياسي ولكلّ مرحلة مبايعة المتواجد في لبنان… فعندما احتلت «إسرائيل» بيروت كان عدد من السياسيين اللبنانيين مبايعين للاحتلال فكان اتفاق 17 أيار، وعندما كان الإخوة السوريون في لبنان كانت عنجر قبلتهم ومقولة «وحدة المسار والمصير» البسملة السياسية التي يفتتحون خطاباتهم بها، وعندما انسحبت سورية تنافخ الزائرون لعنجر والمبايعين لأبي عبدو وأبو يعرب شرفاً وعزة وانقلبوا على سورية التي صنعتهم سياسياً ومالياً. فأكثر السياسيين في لبنان كزهرة دوار الشمس يدورون باتجاه من يحكم ومن بيده الأمر وفق ما يفترضون، ولذلك فهم موزعون على السفارات وأجهزة الاستخبارات العالمية.

ميشال عون يحاول العمل سياسياً، كضابط مدفعية يتعاطى مع وعود السياسيين كإحداثيات صحيحة ويعتمد عليها في حساباته السياسية ويركز مدافعه الحكومية والنيابية ويقصف ويكاد يعلن بلاغاته السياسية بتحقيق الأهداف بدقة ولكنه يصدم بأنّ كلّ ما حصل عليه كذب وخداع وإحداثيات مضللة لتمرير قوافل التعيينات والصفقات وإبقاء التحكم السياسي. فالجنرال يعمل سياسياً وفق منظومة القصف المدفعي التي توقظ الجميع وخسائرها محدودة ويردّ عليه الآخرون بالكمائن السياسية المميتة.

العماد عون سيكون هدفاً لرماية كلّ الأطراف كلّ وفق مصلحته ولن يسمح لتجربة عون السياسية الهابط بالمظلة في ساحة السياسيين حاملاً مسدس الإصلاح والتغيير وهذا مصطلح يثير الريبة والقلق عند الجميع حتى ولو كان «فرد مي» وهمي.

الإعدام السياسي والإداري لتيار عون يسير ببطء ولكنه يحقق أرباحاً مبهرة لخصوم عون…

- إبعاد عون عن رئاسة الجمهورية وحرمان المسيحيين موقعهم في السلطة وتوزيعه على كلّ الطوائف كإرث سياسي.

- إبعاد عون عن قيادة الجيش.

- حصار عون ودفعه للتراجع ومصالحة جعجع وفق «مكره أخاك… لا بطل».

- إجبار عون على العودة إلى الخطاب الطائفي والمطالبة بحقوق المسيحيين وخسارته للخطاب الوطني وسقوطه في فخ الأحزاب الطائفية.

- اتهامه بالتوريث السياسي لصهريه روكز وباسيل مع انّ كلّ السياسيين يمارسون التوريث السياسي حتى وهم أحياء… ثم وبكل وقاحة يدينون التوريث!

- إجباره على اقتراح خاطئ وهو الاستفتاء المسيحي لإظهار التفوّق الشعبي وتثبيت حقه في الرئاسة… ومن قال انّ الحقيقة ملزمة في مناخ الكذب والخداع؟ ومن قال انّ الأكثرية تحكم في لبنان؟

- لقد تمّ تعطيل القوة النيابية والحكومية لعون منذ فوزه في الانتخابات، وعاش على «البانادول السياسي» الوعود – ومضت السنوات ولم يعيّن الا بعض المراكز المتواضعة غير الأساسية.

العماد عون وتياره أمام منعطف حساس وخطير، فإما ان يربحوا فيه او يكرّرون تجربة العام 1989 والتي خسروا فيها كلّ شيء وربحوا التظاهر والاعتقال والهجرة، والظاهر انهم على مشارف تكرارها مجددا… في لبنان هناك منظومة سياسية ترتكز على أنصاف الحلول وتدوير الزوايا ولا غالب ولا مغلوب وديمقراطية التوافق وتوافق العيش المشترك وحفظ الزعامات إكراماً للذين ماتوا من الآباء او الزعماء…

خلطة لبنانية عجيبة لا يوجد مثلها في العالم وقد عاش عليها لبنان منذ استقلاله المفترض والرمزي، فإعدام المجرمين والقتلة على قاعدة 6 و 6 مكرّر، كما تعيين الوظائف، والعملاء يتمتعون بالحماية طائفياً كما التكفيريون… فمن يتقبّل هذه المنظومة يستطيع البقاء أو تلفظه خارجاً أو يستشهد دفاعاً عن معتقداته وأفكاره، والإمام الصدر أحد ضحايا الدفاع عن منظومة القيم والوطنية والإصلاح، وكذلك البطريرك خريش، والرئيس رشيد كرامي، وغيرهم من الوطنيين اللبنانيين الشهداء… ضحايا التكفير السياسي والديني.

الجنرال عون وتياره أمام خيارات صعبة… فما هو الخيار الذي سيُعتمد؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024