إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قضية اللاجئين السوريين... تغيير ديمغرافي مدروس؟!

غسان يوسف - البناء

نسخة للطباعة 2015-09-19

إقرأ ايضاً


من يسمع التصريحات العالمية بشأن اللاجئين السوريين الذين يتوافدون إلى أوروبا مروراً بتركيا تصيبه الصدمة، ولا بدّ له أن يحسّ بالقهر والذلّ، فأسواق النخاسة فُتحت للسوريّين في أوروبا والمزاد بدأ من دون توقف… ألمانيا النازية سابقاً تفرش البساط الأحمر للمهاجرين السوريين! وتتحوّل بين ليلة وضحاها إلى دولة في قمة الوداعة والإنسانية… تلغي فجأة العمل باتفاقية دبلن التي تنص على ضرورة أن يسجل اللاجئون أنفسهم ويقدّموا طلب اللجوء في الدول التي يدخلون منها إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.

ولعلّ الجواب الأوضح على الإجراءات الألمانية جاء من مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية التي اتهمت ألمانيا بأنها تطمع من خلال فتح حدودها أمام آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء إلى اتخاذهم «عبيداً» وتشغيلهم بأجور متدنية بعدما شارف سكانها على الهلاك.

وهو ما يؤكده الكاتب الفرنسي تيري ميسان من أنّ أرباب العمل في ألمانيا، قرّروا في شهر كانون الأول من العام الماضي 2014، إدخال 800 ألف من اليد العاملة المهاجرة لاستغلالهم في صناعاتهم!

ولعلّ البروباغندا التي أثيرت حول صورة الطفل إيلان كانت متعمّدة من هذه المافيات، فصورة إيلان نسخت آنياً، وتمّ نشرها خلال يومين على صدر الصفحات الأولى لجميع صحف منطقة حلف شمال الأطلسي تقريباً!

ما يؤلمك حقاً أنّ دولاً استعمارية لم تقدّم في حياتها للشعب السوري سوى القتل والدمار، هي اليوم تسارع لاستغلال أزمة اللاجئين وتتكرّم علينا بقبولها عشرين ألفاً، أو أربعة وعشرين، كما تفعل كلّ من بريطانيا وفرنسا ولكن بشروطهما!

المخزي أكثر في هذه التراجيديا أنّ دولاً فقيرة تعيش على المساعدات الأوروبية مثل رومانيا الدولة الأوروبية الفقيرة تعلن على لسان رئيسها كلاوس إيوهانيس أنها يمكن أن تستقبل 1785 مهاجراً كحدّ أقصى!!

المزاد وصل إلى الدانمارك وفنزويلا وأستراليا والبرازيل ودول لم نسمع بها يوماً ولا تُرى حتى على الخريطة! ووصل الأمر ببعض اللاجئين لعبور القطب الشمالي وصولاً إلى الدول الاسكندنافية.

رئيس الحكومة التشيكية روبرت فيتسو أكد أنّ سبب أزمة تدفق اللاجئين الحالية إلى دول الاتحاد الأوروبي هو حالة الفوضى وتعكير الاستقرار التي أوجدها الغرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال تدمير ليبيا وإرسال الأسلحة إلى الإرهابيين في سورية، فهل من يعتبر؟!

ولعلّ الكلمات الأصدق جاءت على لساني ثلاثة، الأول: طفل بريء كان بين المهاجرين سأله صحافي عن سبب هجرته؟ فقال بكلّ براءة: «عندما يوقفون الحرب على سورية لن نهاجر»!

والثاني: هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال إنّ السوريين يهربون من داعش، لكنه لم يكمل ومن المجموعات الإرهابية المدعومة من الغرب وتركيا وبعض العرب، ربما لأسباب ديبلوماسية.

الثالث كان رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان الذي يتهمه البعض بالعنصرية… أوربان هذا وجه عبر صحيفة «دي بريسه» النمساوية انتقادات إلى الدور الأوروبي في الأزمة في سورية، قائلاً: إنّ الاتحاد الأوروبي قدم دعماً إلى «معارضة» سورية غير موجودة كما قام بمعاداة القيادة السورية.

وتساءل اوربان: لقد دمّرنا العراق وماذا فعلنا الآن في سورية؟ لافتاً إلى أنه على أوروبا أن لا تكون جزءاً من أسباب تدمير تلك الدول والمجتمعات.

الوقائع تقول إنّ المناطق التي استولت عليها الجماعات المتطرفة جرى تغييرها ديمغرافيا حتى أصبح في الرقة أحياء للشيشان والايغور والطاجيك إلخ… حتى أن قرى في جسر الشغور ومنها قرية الزنبقي التي جرى تهجير أهلها يسكن فيها الآن حوالي 3500 صيني ايغوري نصفهم مقاتلون يتلقون الدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعتبر أصوله تعود إلى تلك البلاد أي شرق الصين. وتقول المعلومات إنّ تركيا تدرّب جيشاً كاملاً من الايغور يتجاوز الثلاثين ألف مقاتل سيجري إشراكهم في القتال في سورية ومن ثم توطينهم مع عائلاتهم في المناطق المحاذية لتركيا في أرياف حلب وإدلب!

ما يحدث اليوم يذكرّنا بالسفن التي رست في لبنان أوائل سبعينات القرن الماضي إبان الحرب الأهلية اللبنانية والتي جاءت لإخلاء المسيحيين إلى كندا والولايات المتحدة، أو بطلب السفير اريك شوفالييه الفرنسي السابق في سورية في بداية الأزمة من المسيحيين مغادرة سورية إلى فرنسا والدول الأوربية الأخرى.

والسؤال، لماذا يترك الأوروبيون الشعب السوري يتعرّض لكل هذه البهدلة إذا كانوا هم من يشاركون في التغيير الديمغرافي السوري، وهم من يحتاجون إلى السوري وخبرته وطاقته؟!

لكن قبل الختام من واجبي ككاتب أن أحكي لكم قصة الطبيب السوري والدكتور الجامعي صالح مونّس الذي درس الطب في جامعة مرسيليا الفرنسية على مدى سبع سنوات، بعدما تخرّج من كلية الطب في جامعة تشرين السورية، وحاز الدكتوراه الفرنسية في علم الوراثة، وسجّل براءة اختراع في علم الجينات، ليصل مجموع ما قضاه في فرنسا عشرات سنوات من العلم والتحصيل الطبي، لكن القارة العجوز لم تغره بالبقاء في مشافيها وتكوين ثروة طائلة بل عاد إلى وطنه والتحق بمشفى حرستا يداوي الجرحى ويسهر على راحة المرضى إلى أن استشهد في هجوم ما يُسمّى جيش الإسلام الأخير على ضاحية الأسد ومشفى حرستا!

رحم الله الدكتور صالح مونّس، ولكم فيه عبرة أيها السوريون.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024