إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المشاريع القومية العربية الواقع والآمال

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-04-28

إقرأ ايضاً


ناقش المكتب التنفيذي لمجلس وزراء النقل العربي خلال دورته العادية الأربعين بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية يومي 29 و 30 إبريل 2008 ، بمشاركة وزراء النقل بالدول الأعضاء في المكتب هي "مصر ، والكويت ، والأردن ، وتونس ، والسعودية"، مشروع الربط البري بالسكك الحديدية بين الدول العربية . ولا شك أن أي خطوة تخطوها الحكومات العربية نحو التقارب العربي هي خطوة مرحّب بها من قِبل الشعوب العربية التي تتطلع ، من الخليج إلى المحيط ، إلى الالتقاء وإنشاء الدولة العربية الواحدة التي تمثل عزّ العرب وحضورهم على قدم المساواة مع الأمم الأخرى في الأرض . ويعتبر مشروع الربط البري عبر السكك الحديدية وسيلة مهمة لزيادة تدفّق الأشخاص والبضائع والخدمات بين الدول العربية ، خاصة أن التفكير في عملية الربط هذه تأتي متزامنة مع الاتفاقيات البينية العربية بخصوص تحرير التجارة ورفع القيود الجمركية عن الواردات القادمة من هذه الدولة العربية إلى تلك . لكن ما نسيه وزراء النقل العرب هو كيفية ربط دول آسيا العربية بدول أفريقيا العربية ، وحلقة الوصل بين الجانبين هي فلسطين الأسيرة حالياً في أيدي الصهاينة . فأيُّ خط حديدي سيتم إنشاؤه لربط مشرق الوطن العربي بمغربه لا بدّ له أن يمرَّ عبر الأرض الفلسطينية لأنها نقطة العبور الوحيدة . وهذا الواقع يفرض على الدول العربية إما أخذ إذن إسرائيل ، وبالتالي إشراكها في هذا المشروع ، أو المبادرة إلى بناء جسر فوق خليج العقبة لربط الأردن مع مصر عبر سيناء ، أو بناء جسر فوق مضايق تيران لربط السعودية مع مصر عبر سيناء أيضاً . وفي الحالتين لا بدّ من الحصول على موافقة إسرائيل أولاً ، فإن هي سمحت تم بناء الجسر ، وتحقق الربط بالسكك الحديدية بين طرفي الأمة العربية ، وإن هي عارضت ، فإن المشروع كله سينسف وينتهي . ولا شك أن إسرائيل لن تسمح للدول العربية ببناء جسر فوق خليج العقبة من مصدره حتى منتهاه لأنها تعتبر ذلك تهديداً لأمنها ، لاسيما أن هذا الخليج معبر أساسي للسفن الإسرائيلية من ميناء إيلات (أم الرشراش) نحو إفريقيا والشرق الأقصى ، وسبق لإسرائيل أن تعاملت بعدوانية مع مصر عندما أقدم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر على إغلاق مضايق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية في 23 مايو 1967 . وكان هذا الإغلاق سبباً أساسياً للعدوان الذي شنته إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة ضد مصر وسوريا والأردن ولبنان في 5 يونيو 1967 ، والذي أدى إلى حدوث نكبة ثانية للشعب الفلسطيني وللعرب أجمعين . وإزاء وجود هذه القوة الصهيونية المحتلة في فلسطين ، ما هو مصير مشروع الربط العربي بالسكك الحديدية ، وما مصير غيره من المشاريع الوحدوية العربية ؟. الواقع أن وجود إسرائيل يمثل عقبة كبرى أمام الوحدة العربية ، والعرب في تعاملهم مع هذه الدولة لديهم خياران : الأول ، هو أن يعترفوا بها كدولة شرق أوسطية مثلها مثل غيرها من الدول العربية الموجودة في المنطقة ، وبالتالي أن يقبلوا بإدخالها في جامعتهم ومن ثم في كل مشاريعهم الوحدوية . والثاني ، هو أن يسعوا بكل جدّ لاستعادة أرض فلسطين ، ومن ثم تنفيذ كل مشاريعهم. لكن الدول العربية المتحالفة في معظمها مع حلفاء إسرائيل الغربيين ، وخصوصاً الولايات المتحدة ، لن يكون بمقدورها إشهار السلاح في وجه إسرائيل ، كما لن يكون بمقدورها التسليم لها والاعتراف بها بدون أن تدفع هي ثمن السلام وهو الانسحاب من الأرض المحتلة عام 1967 والقبول بعودة اللاجئين الفلسطينيين . ومن هنا ، فإنه ليس أمام الدول العربية سوى الصبر والانتظار حتى تتغير هذه المعادلة الدولية . وإلى أن يأتي ذلك الوقت ، فإن كل المشاريع القومية العربية ستبقى غير قابلة للتنفيذ ، وسيبقى مشروع الربط عبر السكك الحديدية حلماً لن يعرف طريقه إلى حيز الواقع في يوم من الأيام .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024