إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«الإنترنت» تفضح 14 آذار...

محمد حميّة - البناء

نسخة للطباعة 2016-03-18

إقرأ ايضاً


«لبنان بلد الفضايح»، هكذا تعلّق مصادر مراقبة للوضع السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان، فلا يمرّ يوم إلا وتضجّ الساحة بخبر مدوٍّ يطال أحد القطاعات الأساسية المرتبطة مباشرة بحياة وصحة ومعيشة المواطن وأمنه الداخلي والخارجي، إلا أن ما يثير المخاوف والريبة أكثر هو أنه رغم خطر الفضيحة سرعان ما يخفت وهجها وتلفلف على الطريقة اللبنانية وتتبخّر الوعود بالمحاسبة وكأن شيئاً لم يكن، وتبقى «الرؤوس المدبّرة» بعيدة عن الملاحقة القضائية لينام اللبنانيون ويستيقظون على فضيحة جديدة.

كما فضيحة ترحيل النفايات ورائحة الصفقات المشبوهة التي خرجت منها، وما يُقال اليوم عن صفقات جديدة تلوح في خيار المطامر، يعيش المواطن «أم الفضائح» في قطاع الاتصالات و«الإنترنت» مع اكتشاف شبكة «إنترنت» غير شرعية موازية لشبكة الدولة اللبنانية، يشغّلها أفراد وجهات، بعضهم لديه سوابق في شبكة تجسس الباروك لمصلحة العدو «الإسرائيلي».

أكثر من سؤال يُطرَح حول هذا الخرق: ما هو الرابط بين «إسرائيل» وهذه الشبكات؟ وما هي الدول ومَن هم الأفراد التي تقدّم لها هذه الخدمات؟ وما هو دور وزارة الاتصالات في الوقاية، وهل هناك تقصير من القوى الأمنية؟

ولأن لبنان بلد الأسئلة من دون أجوبة، ستبقى هذه الأسئلة بلا أجوبة كاملة في ظل غياب التحقيقات الشفافة وارتباط الشركات المستفيدة بجهات سياسية نافذة.

مصادر عسكرية وخبيرة في قطاع الاتصالات توضح لـ«البناء» أن «هذه الخروقات لقطاع الاتصالات والإنترنت تشكل خطراً على وجود لبنان، حيث تستفيد «إسرائيل» من الكم الهائل للمعلومات الهامة من خلال التجسس على هذه الشبكة، لا سيما في تأجيج النعرات الطائفية والمذهبية وجمع معلومات عن شخصيات سياسية وأمنية هامة بهدف اغتيالها وتنفيذ عمليات تفجير». وتضيف المصادر: «كل مادة تمر عبر شبكة الانترنت تصل إلى العدو ال»إسرائيل»ي من معلومات وبيانات ورسائل عادية ونصية وفيديو ومحادثات الواتسآب وغيرها».

وتشير إلى أن «هذا التجسّس يطال الإعلام الالكتروني أيضاً كمواقع التواصل الاجتماعي القابلة للاختراق والتعقب، ومن الصعوبة مواجهة هكذا نوع من الحرب الإلكترونية لتأخر الدول العربية عن اللحاق بركب التكنولوجيا الالكترونية».

وتشرح المصادر أن «الشبكات غير الشرعية عبارة عن أجهزة لاسلكية في مواقع معنية سهلة التركيب شبيهة بالشبكات الشرعية، بل ربما أكثر تطوراً وتقنية لا سيما في جبل الباروك وتربل وجرود الضنية وعيون السيمان ما يجعل الأراضي اللبنانية كافة مكشوفة أمام جهات عدة وعلى رأسها «إسرائيل» التي نقلت محطات الأجهزة الاستخبارية وكل العملاء إلى قبرص لتصبح أهم مركز تجسس «إسرائيلي» في المنطقة».

وتشير إلى أن «إسرائيل» لم تعد تعتمد في الحصول على المعلومات على العملاء بشكل رئيسي، لأن الجيش والأمن العام تمكنوا من إلقاء القبض على الكثير منهم، لذلك لجأت إلى هذه المحطات للتجسس المباشر».

ولم تستبعد المصادر زرع «إسرائيل» عملاء لها داخل شركات الاتصالات اللبنانية، مشيرة إلى «إلقاء القبض في السابق على أخطر العملاء في شركة ألفا ومنهم شربل قزي وطارق الربعي».

ووصفت مصادر عسكرية أخرى، هذا الخرق بأنه «عملية استخبارية «إسرائيلية» كبيرة على لبنان يعرض أمن البلد للخطر، على الصعد كافة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية»، كاشفة أن «بعض دوائر الدولة ومنها وزارة الدفاع نفسها تتعرّض للتجسس من هذه الشبكات»، وتضيف: «التجسس على لبنان أخذ أشكالاً متعددة، فعقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري أجازت المحكمة الدولية لنفسها الحصول على بيانات عن الشعب اللبناني مفصّلة من الدولة عن الجامعات والمعاهد ونقلت إلى إسرائيل».

وهنا تحذّر المصادر من استفادة التنظيمات الإرهابية من هذا التجسس، وتكشف أن «تركيا وضعت مؤخراً محطة اتصالات لاسلكية على أراضيها موجّهة باتجاه لبنان تستفيد منها هذه التنظيمات لا سيما داعش الذي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بحرفية عالية، حيث تحدثت تقارير غربية عن أنه تفوق على أميركا في استخدام التويتر».

وهنا يطرح السؤال التالي لماذا معظم الشبكات التي اكتشفت موجودة في مناطق خاضعة لفريق سياسي معين؟

ترفض المصادر الربط بين موقع وأماكن نصب هذه الشبكات وبين تبعية هذه المنطقة إلى جهة سياسية، بل تردّها إلى الموقع الاستراتيجي لتثبيت هذه الشبكات لا سيما المرتفعات لتسهل التجسس على شبكات الاتصالات الشرعية والبعيدة عن المراقبة، وتسأل: كيف ستقوم الأجهزة الأمنية بدورها في ملاحقة هذه الشبكات في ظل الفساد والتغطية السياسية؟

وتضع المصادر المسؤولية على الدولة بالدرجة الأولى والتي «أعطت التراخيص لدخول أجهزة الاتصالات وشبكات الإنترنت غير الشرعية عبر المرفأ».

مصدر وزاري أكد لـ«البناء» أن «هذا الملف لم يبحث في جلسة مجلس الوزراء أمس، كما لم يوضع أساساً على جدول الأعمال»، وتحذر من إهمال هذا الملف وإنهاء الأمر بإزالة الشبكات بل يجب إلقاء القبض على المسؤولين عن هذا الخرق الفاضح».

وتلفت المصادر إلى أن «شبكات المقاومة اللاسكية قابلة للخرق والتنصت أيضاً، لأن المقاومة وإن كانت لديها شبكة سلكية خاصة، لكنها تستخدم في كثير من الأحيان الشبكة اللاسلكية وشبكة الإنترنت ما يجعلها عرضة إلى التجسّس من قبل «إسرائيل» التي هي بأمسّ الحاجة إلى معلومات جديدة عن قادة وأسلحة وصواريخ المقاومة، خصوصاً أن بنك أهدافها قد نفد بعد حرب تموز العام 2006».

وهنا يطرح سؤال عن وضع المقاومة اليوم لو لم يكن لديها شبكة اتصالات خاصة منفصلة عن الشبكة الرسمية؟ هل كانت تحوز على هذا المستوى من الحماية الأمنية والسرية؟

فضيحة «الإنترنت» تفضح قوى 14 آذار التي صمّت آذانها وبلعت لسانها عن هذا التعدّي، كما فضحت تشكيك هذه القوى بمقولة أن عملية المقاومة في 7 أيار عام 2008 كانت بسبب اتخاذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة آنذاك القرارين الشهيرين المتعلقين بإقالة قائد جهاز أمن المطار وإزالة شبكة اتصالات المقاومة في 5 أيار.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024