إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحزب القومي وكلّ مقاومة... وروسيا أيضاً أهداف استراتيجية لأميركا و«إسرائيل»

معن حمية - البناء

نسخة للطباعة 2017-12-27

إقرأ ايضاً


من الواضح أنّ الولايات المتحدة الأميركية تحمّل روسيا الاتحادية مسؤولية فشل مخططها لتفتيت المنطقة. وتعتبر أنّ وقوف روسيا إلى جانب الدولة السورية في الحرب ضدّ الإرهاب، شكّل عاملاً رئيساً في إجهاض مخطط تقسيم سورية الذي يؤدّي إلى تفتيت المنطقة. في حين كان المُراد أميركياً و«إسرائيلياً» حدوث هذا الأمر، لكي يكون العام 2017، بحسب الخطط الموضوعة، عام تصفية المسألة الفلسطينية، بعد مائة عام على «وعد بلفور».

وعليه، فإنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني، ليس وليد رئاسة ترامب، بل هو هدف أميركي ـ «إسرائيلي» استراتيجي مقرّر منذ بضعة عقود، وما سمّي بـ «ثورات الربيع العربي»، جاء في هذا السياق الأميركي ـ «الإسرائيلي» الذي يرى بأنّ الشرط الأساس لنجاح مخطط تهويد القدس وكلّ فلسطين، يقتضي تفتيت الكيانات السورية وإقامة دويلات طائفية ومذهبية واتنية على أنقاضها.

وهنا يجب التذكير بأنّ الاجتاح «الإسرائيلي» للبنان عام 1982، انطوى على عدة أهداف، أبرزها تقسيم لبنان، في إطار خطة تستهدف تقسيم كلّ دول المنطقة وبلقنتها، وهذه الخطة نشرت في صحف «إسرائيلية» قبل أشهر من اجتياح لبنان.

لكن، اجتياح لبنان لم يحقق لـ «إسرائيل» مبتغاها، فقد واجهت مقاومة شديدة، وعمليات نوعية واستشهادية، وتصدّر الحزب السوري القومي الاجتماعي مشهد المواجهة بمئات من عملياته النوعية والاستشهادية، وبنتيجة الفعل المقاوم بدأت «إسرائيل» بالتقهقر والاندحار.

في العام 1988، وفي أوج عمليات الحزب القومي، اعتبر معهد الدراسات الاستراتيجية الأميركية الذي يعمل تحت إشراف اللوبي الصهيوني، «انّ مشروع وحدة سورية الطبيعية الذي يعمل له الحزب القومي واهتمام دمشق به يشكل تحدّياً خطيراً وعقبة أمام فرض السلام الصهيوني في المنطقة»، ووضع المعهد المذكور خطة لمواجهة ما اعتبره «تحدّياً خطيراً»، ولاحقاً كشف أحد واضعي الخطة، الأميركي اليهودي دانيال بايبس في كتابه «سورية الكبرى… حلم وطموح» الصادر عام 1990، أنّ عقيدة الحزب القومي تشكل خطراً حقيقياً على المشروع الصهيوني… مشيراً إلى أمريْن اعتبرهما من المخاطر الجسيمة، الأول تحالف الحزب مع قيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد، والثاني تصدّر القوميين لطلائع الاستشهاديين في المقاومة. وأخطر ما أورده بايبس في كتابه، إشارته إلى «ثغرة أساسية شابت المخطط الإسرائيلي، بعد دخول بيروت، وهي اقتصار المجازر على مخيمي صبرا وشاتيلا، بينما كان المطلوب تنفيذ المجازر بحق القوميين الذين خرج من صفوفهم الاستشهاديون». والآن في ظلّ الدور الذي يؤدّيه الحزب القومي في مواجهة الإرهاب على أرض الشام، لا بدّ أنّ جماعة بايبس تردّد نظرياته.

هنا يتأكد أنّ كلّ مقاومة تنشأ في مواجهة «إسرائيل» وتتحالف مع الشام، تصبح في مرمى الاستهداف، وما انطوت عليه الخطة الأميركية الصهيونية لجهة استهداف الحزب القومي، تسري على حزب الله وكلّ مقاومة في هذه الأمة حاضنتها دمشق.

عود على بدء، فإنّ الولايات المتحدة وبتحريض من اللوبي الصهيوني تصبّ جامّ غضبها على روسيا لأنها تساند سورية التي تحتضن وتدعم المقاومة.

اللافت هو أنّ الغضب الأميركي لا يقتصر على الاستمرار في رعاية الإرهاب الذي شكّل العمود الفقري لما سمّي بثورات الربيع العربي، بل بدأ يترجم أيضاً بإجراءات وعقوبات تستهدف روسيا، وهذه سياسة أميركية غير محسوبة، لأنّ روسيا اليوم، لا تشبه في حالتها المستقرة والمتماسكة والقوية، الحالة التي عاشها الاتحاد السوفياتي عشية تفككه.

التصريحات والمواقف الصادرة عن المسوؤلين والباحثين والكتّاب الروس، تشي بأنّ الكيل الروسي قد طفح، فأحد كبار المصرفيين الروس حذّر من أنّ العقوبات الجديدة المحتملة بعيدة المدى للولايات المتحدة «يمكن أن تجعل الحرب الباردة تبدو وكأنها مسرحية للأطفال». وحين أدرجت وزارة التجارة الأميركية قبل ثلاثة أشهر شركتين روسيتين على «القائمة السوداء»، بحجة أنهما تنتجان صواريخ يتعارض مداها مع أحكام معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، ردّ رئيس لجنة الدفاع الروسي يوري شفيتكين، «موقفنا هو الردّ بالمثل، إذا لزم الأمر».

رسائل التحذير الروسية لأميركا لا تقتصر على التأكيد بأنّ روسيا ترصد محاولات تحويل حلف شمال الأطلسي إلى نظام قوة عالمي، بخلفية مواجهة تنامي دور روسيا، بل تشمل التحذير من تداعيات نشر منظومة صواريخ «ايجيس آشور» في اليابان، وتشمل حتى توريد الأسلحة لأوكرانيا مهما كان نوعها. وكلّ هذا يترافق مع تأكيد روسيا على استمرار وقوفها إلى جانب الدولة السورية، وبذلها الجهود من أجل نجاح مسار الحلّ السياسي، الذي قد يبدأ جدياً وحاسماً في «سوتشي» الروسية.

بناء على ما تقدّم، وبعد أن رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار ترامب بشأن القدس، وحيث انّ روسيا تمتلك كلّ عناصر الردّ، ماذا بوسع الولايات المتحدة ان تفعل غير دفع العالم نحو المجهول؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024