إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأهداف الحقيقية من وراء الهجمة الإسرائيلية على السويد !

صبري حجير

نسخة للطباعة 2009-08-25

إقرأ ايضاً


تتواصل الأزمة وتتصاعد ، هذه الأيام ، بين الحكومتين الإسرائيلية والسويدية ، على خلفية تقرير إعلامي نشره الصحفي دونالد بوستروم في صحيفة أفتون بلادت السويدية ، بتاريخ 17 – 8 – 2009 بشأن فضيحة الإتجار بالأعضاء البشرية للأسرى والشهداء الفلسطينيين .

بدأ الهجوم الإسرائيلي على الصحيفة السويدية ، وكاتب المقال ، من قبل نائب وزير الخارجية الإسرائيلية " داني آيلون" الذي طلب من الصحيفة السويدية الإعتذار للحكومة الإسرائيلية ، ومعاقبة كاتب المقال ! حيثُ قال الناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية ، يغئال بلمور، إن " مجرد النشر هو وصمة عار للصحافة السويدية ، وأنه لا مكان في دولة ديمقراطية لفرية دموية ظلامية ، قرون وسطوية ، من هذا النوع ، وأن التقرير مسيء للديمقراطية السويدية والصحافة السويدية كلها "، أسفرت الحركة الهجومية الإسرائيلية على دفع السفيرة السويدية ، في تل أبيب ، لاستنكار التحقيق الصحفي الذي أوردته الصحيفة السويدية المذكوره ، وطالبت من الصحيفة الإعتذار أيضاً ! " والسفبرة السويدية في تل أبيب هي " أليزبت بونييّر " تنحدر من عائلة يهودية سويدية ، والجدير ذكره أن عائلة بونيير في السويد ، كانت تحتكر الإصدارات المطبوعة للكتب المدرسية التي تنغرس في أذهان الأجيال ، وتشكل لهم القاعدة الثقافية والمعرفية ! "

في المقابل رفضت الصحيفة السويدية تقديم الإعتذار ، واعتبرت الطلب الإسرائيلي تعدياً على القيم الأخلاقية ، وقيم الحرية التي يقوم عليها المجتمع السويدي ، وخاصة حرية الرأي والتعبير ! , تلقت السفيرة السويدية صفعات من عدد من قيادات الأحزاب السويدية الذين طالبوها بالعودة الى بيتها في السويد ، كي تعيد صياغة تربيتها على القيم السويدية الأصيلة ، قبل أن تمثل السويد في المحافل العالمية ، من جانب آخر رفضت وزارة الخارجية السويدية ما جاء على لسان السفيرة السويدية في تل أبيب ، واعتبرته رأي فردي لا يمثلُ بالضرورة موقف وزارة الخارجية السويدية !

استعرت الحملة الإعلامية الإسرائلية على الصحيفة والحكومة السويدية معاً ، وتواصلت عبر تصريحات لوزيري الدفاع والخارجية الإسرائيليين ، لتصل الى حدّ الأزمة في العلاقات بين الحكومتين .

يبدو أن العقلية النرجسية الصهيونية مازالت تسيطر على القادة الإسرائليين ، وهي القائمة على الإعتقاد المطلق ؛ بأن كلّ ما تقوم به الدولة الصهيونية يجد له تبريراً ، أو تمريراً لدى القوى الحيّة الأوروبية ، ولم يدرك الصهاينة بعد ، أن الظروف قد تغيرت ، والأحوال قد تبدلت في العالم ، حيثُ أنّ الجرائم التي ارتكبتها الدولة الصهيونية بحق الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين في الضفة ، وفي قطاع غزّة أخيرأً ، وعلى مدى سنوات الإحتلال ، قد أثرت في السيكيولوجية الشعبية ، وأصابت الضمائر الحيّة للشعوب الأوروبية . أن مسؤولية الصمت والإنصياع للسياسات الإسرائيلية ، لما جرى ، ويجري في المناطق المحتلة قد أثقلت كاهل الشعوب الأوروبية بالعبيء الأخلاقي والمادي ! لأنّ التدمير المادي الذي ألحقته الوسائل العسكرية الصهيونية ، في الضفة وقطاع غزّة ، بالبنيةالتحتية للمدنية الفلسطينية ، بل للمكونات الأساسية للحياة الإنسانية للفلسطينيين ، تحملَ مسؤوليته الضمير الأخلاقي الأوروبي أولاً ، ودافع الضرائب في الإتحاد الأوروبي ثانياً ، الأمر الذي أفضى الى توجهات مختلفة في الرأي العام الأوروبي ، وأسهم بالتالي في صياغة مواقف تقيمية معادية للدولة الصهيونية .

يبدوأن القيادات الإسرائيلية لم تستوعب بعد المتغيرات التي تكونت في ذهنية الشعوب الأوروبية ، وخاصةً لدى القوى الحيّة فيه ، و لم تدرِ أن في السويد فقط عشرات المقالات السياسية التي تنتقد بل وتهاجم السياسة الإستعمارية الصهيونية يومياً ! وهذا بحدّ ذاته يشكل عاملاً مهماً من عوامل تكوين الرأي العام المعادي للدولة الصهيونية وممارساتها الهمجية والإجرامية ، وكذلك لم تستوعب بعد أن التلويح بمعادات السامية بات ضرباً من الماضي ، ولم يعد يجدي نفعاً !

في حقيقة الأمر ، الأزمة التي اشعلتها الحكومة الإسرائيلية مع الصحيفة السويدية بنت على أطرافها مداميك هجومية أشرس عدوانية على الحكومة السويدية ، لتصل الى أهدافٍ ومرامي أبعد عمّا يظهر على السطح ، أبعاد تتجاوز التحقيق الصحفي الذي يدين اسرائيل ، الى أهداف خبيثة تتمثل في إرباك رئلسة الإتحاد الأوروبي ، والتأثيرعلى موقف الحكومة السويدية من مسألة تجميد الاستيطان التي أكدت عليها السويد في بداية تسلمها لرئاسة الإتحاد الأوروبي ، وإضعافه ثمّ تبديده ، ففي بيان غلبت عليه الشدّة ، دعت الرئاسة السويدية للإتحاد الأوروبي اسرائيل الى وقف الإستيطان ، وعدم القيام بأي عملٍ استفزازي في القدس الشرقية بما في ذلك عمليات التدمير والإبعاد التي تطال البيوت والمواطنين الفلسطينيين في المدينة المقدسة ، مؤكدةً أن عملاً من هذا النوع يعتبر غير قانوني ولا يخدم مساعي السلام . إضافة الى أنّ الهجمة الإعلامية الإسرائيلية تأتي عشية جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الى عدد من الدول الأوروبية ، حيثُ سيكون ملف الإستيطان حاضراً في أجندته . الدول الأوروبية اتخذت موقفا شبيها من موقف الإدارة الأمريكية التي تطالب بتجميد تام للاستيطان لتحريك المفاوضات مع الفلسطينيين ، وبحسب مسؤولين إسرائيليين ، وفي سياق التضليل الإسرائيلي ، اقترح نتانياهو تعليق منح العروض لبناء مساكن في الضفة الغربية حتى مطلع 2010 . وقد اعتبر ذلك الرئيس الأمريكي باراك اوباما ذلك بادرة حسنة رحبَ بها ، رغم أن الأنباء تفيد بأنَ عملية البناء تتواصل على أشدّها في مستوطنات الضفة والقدس ! .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024