إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تشومسكي... اضافة جديدة ؟

بسام الهلسه

نسخة للطباعة 2010-05-25

إقرأ ايضاً


رغم ان نقد البروفسور نوعام تشومسكي(NOAM CHOMSKYالاستاذ في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا" "لاسرائيل" يراوح في حدود ممارساتها العنصرية تجاه الفلسطينيين, وعدوانيتها العسكرية, وارتباطاتها بالولايات المتحدة الاميركية, ولا يذهب عميقاً ليطال وجودها وبنيتها, كما هو شأن انتقاده للولايات المتحدة, إلا ان هذا لا يقلل من اهميته ابدا. فهو صادر من عالم لغوي ذي قامة عالية, وناشط كبير في المجال العام العالمي, يعدُ احد اهم مفكري عصرنا الذين يبلغ تأثيرهم ونفوذهم العلمي والمعرفي قطاعات وفئات واسعة من الاكاديميين والمثقفين والقراء عموما, في مختلف انحاء وامم العالم التي تترجم مؤلفاته وآراءه الى لغاتها حال صدورها.

هذا العامل, اضافة الى كونه من اصول يهودية الديانة, هو السبب الكامن وراء ضيق حكومة "اسرائيل" به ومنعها له من دخول الضفة الغربية لتقديم محاضرة في جامعة "بير زيت" الفلسطينية, رغم معرفتها بما سيثيره هذا الاجراء بحق العالِم المرموق من ردود فعل مستنكرة, ليس على المستوى العربي الذي لا تأبه به, بل على المستوى الغربي, وعلى مستوى شخصيات وهيئات يهودية يحظى تشومسكي بتقديرها واحترامها.

فبعد توقيفه لساعاتٍ في نقطة الحدود القائمة على الجسر الواصل بين الضفة المحتلة والاردن والتحقيق معه, ابلغت "اسرائيل" تشومسكي رفضها منحه تصريحا بالعبور, لكنها لم تستطع منعه من التواصل مع جامعة بيرزيت وتقديم محاضرته من عمَان بواسطة "الفيديو كونفرنس". واقعة منع تشومسكي, لا تضيف جديدا للعرب الذين خبروا " اسرائيل" والعصابات الصهيونية منذ عقود طويلة, على جلودهم وعلى دماء واشلاء آلاف الآلاف من الضحايا. لكنها تضيف معرفة جديدة صادمة لقسم من اولئك السادة والسيدات في الغرب الذين صدقوا حكاية "اسرائيل": دولة الديمقراطية, والقوانين المتحضرة, وحقوق الانسان, وحرية التعبير..

فإذا كان هذا ما تفعله مع زائر عابر بمكانة تشومسكي, فما الذي تفعله مع اهل البلاد الاصليين, العرب الفلسطينيين, الذين تنكر وجودهم او تعتبره طارئا؟

واقعة المنع ايضا, اضافت جديدا لتشومسكي نفسه الذي عبر عن استغرابه فقال ان "اسرائيل قد فقدت عقلها!" كما نقلت عنه وكالات الانباء. ولو انه قال هذا الكلام لعربي عادي بسيط, ممن جربوا "حقوق الانسان الاسرائيلية", لما رأى فيه اية غرابة, ولقدم لتشومسكي سجلاً لا ينتهي من وقائع "اسرائيل" العاقلة!

جرأة "اسرائيل" على شخصية بحجم ومقام تشومسكي, تكشف عن مدى التوتر الذي يشعر به قادتها, وهو ما يدفعهم الى "التصرف بعصبية" كما لاحظ تشومسكي. وهو توتر ناجم, في العمق, عن مقاومة ضحاياهم العرب لهم, وعجزهم عن اخضاعهم واخماد اصواتهم, وبالتالي طمس قضيتهم. وليس ناجما عن "ازدياد توجه اسرائيل نحو اليمين والجماعات الدينية" كما استنتج تشومسكي. ف"اليسار الصهيوني" هو من قام بالاستيلاء على فلسطين وتهجير اهلها ورفض عودتهم. و"اليسار" هو من نفذ مجازر: الطنطورة وقبية وكفر قاسم وبحر البقر وقانا. و"اليسار" هو الذي قدم اقصى عرض لديه للتسوية في كامب ديفيد 2000, الذي قال تشومسكي ان الفلسطينيين لا يمكن ان يقبلوا به, وشبه ما يعرضه "الاسرائيليون" عليهم ب"الدجاج المقلي" كما عَنوَن احدى مقالاته!

صمود العرب ومقاومتهم بالدرجة الاولى, هما ما يجعل "اسرائيل" تفقد اعصابها, ثم يأتي تنامي انتقادها وتداعي سمعتها في العالم, وبخاصة في الغرب, ليضيف عاملاً آخر.

فلو انها نجحت في مهمتها في تطويع العرب, لما وجدت من ينتقدها, ولما اكترثت به إن وجد, ما دامت تنال رضى اميركا. ولاستمرت في اداء لعبتها القديمة في انتحال وتمثيل دور الضحية, وصورة واحة الحضارة وحارستها في الشرق الاوسط.

لدى الصهيونية و"اسرائيل" تهمة جاهزة لمن ينتقدهما من "الغوييم" ـ اي غير اليهود ـ وهي: معاداة السامية. اما معارضيهما من اليهود, فثمة نعتٌ خاص بهم:اليهودي الكاره لذاته! وهو ما حظي به نوعام تشومسكي.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024