إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المشاكل الاقتصادية للبنوك الفرنسية...

وكالة فارس

نسخة للطباعة 2012-03-08

إقرأ ايضاً


يرى رئيس مؤسسة (فيمكو) الاستثمارية الضخمة ان البنوك الفرنسية هي الخطر الحقيقي الذي يثقل النظام المصرفي الأوروبي ، بسبب دخول البنوك الفرنسية في حالة من المركز الخطر نظرا لامتلاكها الكثير من سندات الخزينة في بلدان مديونة وعرضة للمصاعب الاقتصادية.دخلت البنوك الفرنسي نادي الأزمة الذي يمكن إطلاقه على مجموع المؤسسات المالية الأوروبية التي تعاني من أزمة مالية وأزمة ثقة في الرأي العام ، والمفارقة في هذه البنوك أنها كانت في العام 2009 الأفضل بين قريناتها في أوروبا، غير أن هذا النجاح سرعان ما تحول فشلا وقلقا لدى مدخر الأموال الفرنسي وهو يرى بنوكا كبيرة في بلاده مثل (سوسيتيه جنرال) و(باري با) و (كريديه أغريكول ) تدخل في أزمة مالية ، تتبخر فيها مليارات اليورو دفعة واحدة دون سابق إنذار خصوصا ان هذا المواطن نام مطمئنا الى الوضع المالي في بلاده ليستيقظ على واقع مغاير اكتشف فيه أن البنوك كذبت عليه وان الحكومات الفرنسية المتعاقبة كذبت وتأمرت مع البنوك على حساب مستواه المعيشي وجنى حياته في العمل والادخار.

في شهر أيلول عام 2011 انهارت البورصة الفرنسية أكثر من سبعة بالمائة بلحظات بعدما تكشفت حجم المخالفات والعجز المالي في بنكي (سوسيتيه جنرال) و بنك ( ب ان ب باري با) أكبر البنوك الفرنسية في حجم التعاملات وفي حجم التواجد المالي والاقتصادي حول العالم، وهذا اليوم الأسود كان كافيا لن ينقلب الحال بالبنوك الفرنسية من الدرجة الأولى بين البنوك الأوروبية إلى حالة المشكوك بها، فما هي الأسباب التي أدت الى فقدان الثقة هذا؟

الأزمة اليونانية وتواجد البنوك الفرنسية في عاصفتها.

اعتقد الجميع في فرنسا أن البنوك الفرنسية خرجت من أزمة الرهن العقاري في أمريكا محافظة على توازنها كون مشاركتها في هذه اللعبة الخطيرة التي بنيت على الاقتصاد الوهمي والمضاربات، كانت محدودة نسبيا مقارنة مع غيرها من البنوك الأوروبية والعالمية، وساد اعتقاد كبير في فرنسا أن أزمة العام 2009 أصبحت من الماضي. غير أن هذه الثقة الزائدة التي اعتمدت على الوقت لإخفاء النقص الحاد في السيولة في بنكي (كردي أغريكول) و ( سوسيتيه جنرال) لم تكن في محلها وكانت الاستفاقة المريرة عند وقوع الأزمة اليونانية أن هذه البنوك وجدت نفسها في أزمة نقدية غير مسبوقة، وبدون إنذار بدت البنوك الفرنسية في قلب الحدث، عبر الكشف أن بنك (ب ان ب ) الفرنسي يعتبر المستثمر العالمي الأول في سندات الخزينة اليونانية حيث يمتلك سندات خزينة بمبلغ مقداره خمسة مليارات يورو، يليه في المرتبة الثانية بنك (كريدي أغريكول) ومن ثم في الدرجة الثالثة بنك (سوسيتي جنرال).

الخوف من انتقال الأزمة إلى إيطاليا..

ليست البنوك الفرنسية خاسرة عادة في استثماراتها الخارجية وهي كانت في السنوات الماضية تكشف عن أرباح بالمليارات ، غير أن عجز الحكومة الفرنسية والحكومات الأوروبية عن طمأنة الناس بنهاية سريعة ومقنعة للأزمة النقدية والاقتصادية في اليونان ساهم في تدهور الوضع المالي وتراجع الثقة بالبنوك الفرنسية. غير أن المشكل المفصلي الذي قلب المعادلة بالنسبة للبنوك الفرنسية بدا عندما اتضحت معالم أزمة اقتصادية في إيطاليا وبدأت إرهاصاتها تتضح في الأفق القريب، خصوصا بعد أن قامات مؤسسات التقييم الاقتصادي العالمية بتخفيض مستوى ايطاليا، وهذه المرة في إيطاليا أصبحت الأمور أكثر جدية وخطورة حيث اللعبة بلغت من الحجم ما لا يقارب ( ثلاثين مليار يورو) حجم الاستثمارات التي تملكها البنوك الفرنسي في سندات الخزينة الإيطالية.

ولم يكفي تخفيض مستوى إيطاليا من قبل مؤسسات التقييم حتى أتى تخفيض مستوى فرنسا أيضا ليزيد الأزمة تدهورا، وانطلاقا من هذه النقطة بدأت انهيارات البورصة تتوالى، ديون بالمليارات، عدم قدرة على التسديد، عدم قدرة على تأمين الأخطار كل هذا ساهم في كشف المخفي في البنوك الفرنسية وزاد الأزمة أزمة زيادة عن المال تراجع الثقة الشعبية بالنظام المصرف الفرنسي وبرجالاته ورجالات السياسة الفرنسية.

انسحاب رأس المال الأمريكي..

يشكل رأس المال الأمريكي مصدرا كبيرا للسيولة النقدية في البنوك الفرنسية، وقد انسحب هذا المال الأمريكي مع بدء أزمة اليونان ولم تعد تحويلات المستثمرين الأمريكيين تأتي بالسهولة والكثافة التي كانت تأتي فيها من قبل، وهذا أضر بجميع البنوك الأوروبية، غير أن البنوك الفرنسية كانت الأكثر تأثرا بهذا الأمر على الإطلاق، وأيضا كبرى البنوك الفرنسية نفسها في لائحة العاجزين (سوسيتيه جنرال و ب ان ب ) من كبار المستثمرين في الولايات المتحدة من دون أية أرباح تذكر. وتذكر شبكة (بلومبرغ ) أن الاستثمارات الأمريكية خفت في البنوك الفرنسية بنسبة 68 بالمائة خلال شهر تشرين الثاني الماضي، وقد وصلت الى أقل من ستة مليارات دولار, بينما انخفض احتياط البنوك الفرنسية من السيولة خلال الصيف الماضي بشكل كبير .

و تبدو المشكلة اكبر في البنوك الفرنسية أنه عملت على الاستثمارات القصيرة الأجل ، وتعتبر الديون القصيرة الأجل للبنوك الفرنسية الأكثر ارتفاعا بين نظيراتها في أوروبا حسب دراسة لبنك (باركليز) البريطاني. هذا الوضع جعل البنوك الفرنسية في موضع الأضعف بالنسبة للمتعاملين في سوق المشتركة للبنوك الأوروبية وأثر على صورتها وسمعتها وعلى ثقة المتعاملين معها دون إغفال ان بنكا مثل (سوسيتيه جنرال) ما زال يملك الكثير من طرق التحرك والمناورة .

اتجاه انحداري ...

رغم الضخ في السيولة الذي مارسته الحكومة الفرنسية والبنك المركزي الأوروبي فإن الاتجاه الانحداري للأزمة يتضح يوما بعد يوم، وأكبر دليل على هذا المنحدر هو انخفاض عدد القروض العقارية من البنوك في بداية العام الحالي مقارنة مع نفس الفترة في العام الماضي، وقد بلغت نسبة التراجع 25 بالمائة وتأتي حتى تزيد قلق المستثمرين الذي فقدوا أصلا الثقة، بينما يقول كل المهتمون بهذا القطاع أنه لا توجد بوارد على أن القطاع سوف يتحسن في الأشهر المقبلة، طالما أن المناخ العام الاقتصادي في فرنسا سلبي فضلا عن أن نسبة النمو التي أعلنتها الحكومة لن تساهم أبدا في الخروج من هذا المناخ القليل الثقة .

بعض الخبراء يقولون أن ما حصل من انهيار في سوق القروض العقارية المحرك الأول للنمو كان منتظرا بسبب إلغاء القرض بفائدة صفر بالمائة الذي كان السبب الأول في الحفاظ على مستوى السوق العقارية رغم مشاكل القطاع المصرفي الفرنسي منذ أزمة عام 2008. زيادة على ذلك أتت عملية رفع الفائدة على القروض بشكل عام نهاية عام 2011 ما لا يعطي أملا أن تكون هذه سنة مزهرة في قطاع العقارات والقروض العقارية ما يمس ملايين فرص العمل المباشرة والغير مباشرة.

في النهاية تبقى البنوك الحصان الأساس للمعركة بالنسبة للحزب الاشتراكي ولمرشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة، ما يطرح عدة تساؤلات , من بينها أن تلاعب شركات البورصة ورجال المال سبب غضب الكثيرين في فرنسا وهذا ما يجعل المرشح الاشتراكي يعمل على تجميع المتضررين من النظام المصرفي وتلاعبه فهل يعطيه هذا فرصة الفوز الانتخابية، بينما يبدو الرئيس الحالي نيكولاي ساركوزي أكثر تفهما للمصارف وللوبي المالي والبنكي في فرنسا.

غير أن الواقع يقول أي يكن الرئيس القادم وأي يكن برنامجه مع حكومته ورئيس حكومته ، فهو بحاجة إلى النظام المصرفي لتمويل العجز في الموازنة، كما أن المصارف بحاجة للعمل مع رجال السياسة في الغرب، والخلاصة هي أن الحرب المقدسة ضد المصارف والبنوك التي يحمل شعارها البعض هنا لن تقع لأن هكذا حرب سوف تطيح بكل النظام السياسي والاقتصادي من أساسه وهذا ما لا يبدو توفر فرص تحقيقه في الأفق على أقله في المرحلة الحالية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024