لا تقول الحركة القومية بحرية المرأة في بند خاص في مبادئها لأنّ الحرية قيمة عامة لا تخضع للتذكير والتأنيث. جميع القيم في مبادئ الحركة القومية لا تخضع للتذكير والتأنيث. ولا تقول الحركة القومية بتحرير المرأة لأنّ الحركة تقول ببناء أمة أحرار، سوريون أحرار وسوريات حرائر أمة أحرار، لا سادة فيها ولا عبيد.
ولا تقول الحركة القومية بالمساواة أو بأيّ مطلب نقابي الصبغة بالنسبة للمرأة لأنّ الحركة في مبادئها شرّعت لجميع السوريين والسوريات. وفصل الدين عن الدولة يحرّر الشرع القومي من أيّ أثر للترسّبات الدينية التقليدية والعادات الجامدة البليدة. فإذا تحرّر الشرع من هذه الترسّبات فأي حاجة تبقى لوازع من منع المساواة بين جميع السوريين والسوريات أمام القانون؟ فإذا سلمنا أنّ هذه الحركة تقول بتحقيق جميع الحقوق الشخصية والمدنية والسياسية على أرفع ما يمكن أن يتصوّره عقل فلسفي قيمي، أيبقى شك بأن تحرم فئة من الناس مما يُصاغ لخير كلّ الناس؟!
لقد فتحت الحركة القومية باب الصراع لأجل سورية، لكلّ السوريين والسوريات، فليس للانتماء للحركة أي شرط ذكوري أو أنثوي، وليس للمراتب في الحركة أي شرط ذكوري أو أنثوي، وليس للمسؤوليات في الحركة أي شرط ذكوري أو أنثوي. وكانت حياة جولييت المير، الأمينة الأولى في عرفنا، مثالاً يُحتذى للرفقاء كما للرفيقات.
وقد فتحت الحركة القومية باب الاستشهاد في سبيل سورية للسوريين والسوريات. وإذا تساوت سناء في الشهادة مع وجدي أيبقى مجال لأي تمايز أو تقنين؟ عندما يتساوى السوريون والسوريات في حق الصراع وحق الاستشهاد، أنحتاج أن نتوقف أو نحجم أو نحتار حول حق الإرث، وحق التملك، وحق الجنسية، وحق العلم، وحق العمل؟ المساواة في الحق الأكبر تلغي أية لا مساواة في جميع الحقوق الرديفة والمصاحبة والناتجة والمنبثقة!
إنّ حركات نصرة المرأة السورية قد حققت مكاسب نقابية الطابع بسبب الحواجز التي وضعها نظام الدولة المرتبطة بشؤون الدين. أما متى تمّ فصل الدين عن الدولة فإنّ القفزة النوعية التي تقدمها الحركة القومية كفيلة بإيجاد العدل الحقوقي والعدل الاجتماعي اللذين يستحقهما كلّ السوريين.
نسوق هذا الكلام لأنّ ظلامية قروسطية تجتاح الوطن السوري تتمظهر في نقيضيْن: المرأة سلعة خاصة وملك لرجل فرد يأمر وينهي كما يريد. وفي النقيض المرأة سلعة عامة للإثارة والتحريض. وهذه القروسطية دليل انحطاط في القيَم عند الذكور أولا لقبولهم، لو سلمنا أنّ لهم القول، بعبودية أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم إما للامتلاك الفردي المتسلط أو للتسرق الجماعي المعيب.
نحن لا ندعو الذكور إلى حماية المرأة من عيوبهم لأننا لا نقبل بمنطق الوصاية والحماية.
نحن نقول ببناء مجتمع أحرار وحرائر، وكلّ انتقاص في حرية سوري واحد أو سورية واحدة انتقاص في حرية جميع السوريين.
نحن نقول ببناء مجتمع قيم لا نخاسة فيه ولا نخاسين. مجتمع حق وخير وجمال، تحميه قوة الحق، ويقيه واجب الخير، وترفعه حرية الجمال في نظام جديد يتعالى.
|