إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العراق: تساؤلات ونتائج

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2014-06-16

إقرأ ايضاً


ترافق الأحداث العراقية موجة صاخبة من التحليلات والتوقعات والمواقف. ويرتفع منسوب الخطاب الطائفي والإتني إلى درجةٍ تهدد الكيان بحرب أهلية وشيكة الوقوع. وتشتبك الأيادي الداخلية مع الأيادي الممتدة من الخارج، إقليمية كانت أم دولية، من أجل وحدة العراق ظاهرياً، وواقعياً لا يتعدى هذا التشابك استمرار التلاقي بين مصالح فئوية داخلية ومصالح قوى خارجية تثبت مواقعها في منطقة فقدت مشروعها الذاتي الوطني والقومي منذ أمد ليس بقليل.

في هذه اللحظة التاريخية، التي تبدو حتى الآن وكأنها استكمال لمعاهدة سايكس- بيكو بمسميّات أخرى، تعتمد الأدوات ذاتها في التفريق والتشتيت والشرذمة، في العمل الباطني والوعود المعسولة، في تزييف القيم واستخدام قيم بديلة تراعي مشاريعها ومصالحها بعيدة كل البعد عن آمال الشعب وأمانيه.

يتبادر إلى ذهن المراقب العادي مجموعة من الأسئلة قد لا يصل الى أجوبة يقينية حولها في الوقت الراهن ومنها على سبيل المثال:

أولاً: كيف لقوة ضعيفة نسبياً كداعش تستطيع أن تحتل ثلاث محافظات كبيرة في الوقت نفسه مع وجود الجيش العراقي وبسرعة قياسية، لم تقدر على مثلها الجيوش الأميركية والغربية على رغم تباين التكنولوجيا والمعدات والعديد. ألا يجب أن تذكرنا هذه الواقعة بعملية احتلال الكويت، وانهيار الجيش الكويتي بالسرعة نفسها؟ مع فوارق البيئة الحاضنة لأسباب عدة ومتراكمة؟

ثانياً: لماذا جاءت هذه العملية بعد زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تركيا مباشرة. وبعد إعلان مبدئي للقاء على مستوى وزراء الخارجية بين السعودية وإيران؟

ثالثاً: لماذا جاءت هذه العملية بعد الانتخابات النيابية العراقية وتعثر تشكيل حكومة ائتلاف وطني؟ ولماذا فشل البرلمان العراقي من الاجتماع لدرس الأزمة على رغم فداحة النتائج المترتبة على هذا الوضع المصيري؟

رابعاً: لماذا جاءت هذه العملية بعد دفعة تصدير النفط من المنطقة الكردية في العراق عبر الأراضي التركية؟

خامساً: لماذا تتعمّد الإدارة الأميركية تأخير توريد صفقات الأسلحة المبرم عقدها مع الجيش العراقي منذ خمسة أعوام حتى الآن؟ ولماذا لا تتجه الإدارة السياسية والعسكرية في العراق إلى إيجاد مصادر بديلة تلبي طلبات وطموحات الجيش العراقي؟

سادساً: لماذا فشلت الاستخبارات العراقية في تقدير الوضع؟ والسؤال الأكثر حرجاً كيف استطاعت داعش وحلفاؤها تلقي عشرات بل مئات الآليات العادية والمدرعة والأسلحة الثقيلة من الدخول عبر الحدود السعودية العراقية، وإتمام تموضعها في المنطقة المستهدفة من دون أن تعرف أو تحرك ساكناً؟

سابعاً: لماذا أعطى محافظ نينوى أمراً بإخلاء مراكز الشرطة وعدم التعرض للمسلحين وهو العارف بنواياهم وأهدافهم؟ ولماذا أصر البعض على طلب مؤازرة البشمركة للدفاع عمّا تبقّى من مناطق؟

هذه أسئلة على رغم بساطتها قد تعطي إذا ما دقق في أسبابها أجوبة ربما تكون كافية لإعادة تقويم المرحلة السابقة. هذه المرحلة التي ترتبت عليها نتائج فورية ونتائج بعيدة المدى ربما تؤثر في وحدة كيان العراق، وفي دور العراق ومنها:

الذهاب باتجاه تجذير الحالة الطائفية والإتنية، وبالتالي خلق صراعات على مستوى المناطق تصل إلى حدود الحرب الأهلية.

وضع حدود نفسية للتقسيم كمقدمة لحدود جغرافية.

وضع اليد نهائياً على كركوك النفطية من قبل الأكراد ما يعزز استقلالهم المادي والجغرافي والإداري.

وصول أسلحة حديثة أميركية إلى داعش عبر وضع يدها على مخلفات الجيش العراقي ليصار في ما بعد إلى نقلها إلى سورية، من دون أن تتحمّل الولايات المتحدة المسؤولية في تسليح المنظمات التي تعتبرها إرهابية.

انفلات الحدود العراقية -السورية أمام حركة المنظمات التكفيرية المدعومة من الأتراك والسعودية، وبالتالي محاولة إطالة أمد الحرب الدائرة في سورية.

ثبوت عدم جدوى التدريب الأميركي للجيش العراقي. لأن الجيش الذي لا يحمل عقيدة لا يمتلك إرادة القتال بغض النظر عن التجهيزات والتنظيم. وهو ما تعمّدت ممارسته الولايات المتحدة في تدريب جيوش دول الخليج على رغم الأموال الطائلة المدفوعة في هذا السياق.

في الختام! العراق على المحك، وفي العراق موت وجوع.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024