إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قراءة في جيوبولتيك الأحزاب وأحزاب جيوبولتيك الآخر

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2013-11-18

إقرأ ايضاً


تختلف ظاهرة الأحزاب في منطقتنا وخصوصاً في الكيان اللبناني عن غيرها من الاحزاب في العالم لجهة الدور والوظيفة. وقد يكون جزء منها خارج التصنيفات العلمية لجهة المعايير المعتمدة للتوصيف. بل قد يكون بعضها لا يمتّ الى الحزب كمفهوم بصلة إلا من حيث التسمية.

تصنّف الاحزاب عادة استناداً لدوافع الانشاء وتالياً المبادىء والاهداف الأساسية التي تستدعي إنشاءها كما تصنف أيضا من حيث الشكل استنادا لتنظيمها وانبثاق السلطة فيها أو الى تركيبتها البنيوية والبيئة الشعبية الحاضنة لها وربما بعضها يصنف انطلاقاً من القيم الانسانية والوطنية واستطراداً الاخلاق المجتمعية التي تحملها وتتحلى بها.

تتطلب الإطلالة على التصنيف الذي نقترحه توصيف الحالة الجيو سياسية العامة قبل الشروع في عرض المكوّنات الحزبية الموجودة. وعليه يتوجب سوق الملاحظات التالية:

أولا: لم يزل عالمنا العربي في مرحلة التحرر الوطني والقومي فكثير من كياناته إذا لم نقل كلها رازحة تحت الهيمنة الاقتصادية والسيطرة العسكرية للاستدمار الغربي مفهوم بديل عن الاستعمار لدرجة ان بعض حكومات هذه الكيانات وحكامها ينفذ إملاءات وسياسات هذا المستدمر دون الالتفات بالحد الادنى الى المصالح الوطنية. وهذا ما أنتج شعوراً دونياً على المستويين المادي والنفسي أدى الى بروز نزعة جامحة للتخلص من هذا الجور المتراكم أفضى الى قيام أحزاب وطنية وقومية وظيفتها الاساس الانعتاق من الهيمنة والسيطرة باتجاه استقلال حقيقي وعدالة حقيقية وحرية حقيقية بعدما سقطت المنظمات الدولية الضامنة لهذه الحقوق. بل ان هذه المنظمات عصبة الأمم الامم المتحدة كانت الغطاء الشرعي للدول المنتصرة في الحربين العالميتين في استمرار نهبها لثرواتنا والإعتداء على حريتنا وقيمنا. وليس ادل من معاهدة «سايكس بيكو» على هذا التواطؤ وما يدور الآن في أروقة الامم المتحدة من مشاريع تقسيم للمنطقة يندرج ايضا في السياق نفسه.

ثانيا: إن معظم الاحزاب مسلّحة او تلجأ إلى السلاح فيما تسمّيه ضرورات الحفاظ على اهدافها ومكتسباتها.

والواقع أن السلاح والعسكرة موروث تاريخي واجتماعي متعلق بالبنى الاقطاعية التي كانت سائدة في الماضي منذ عهد المماليك واستمرت فيما بعد حين نسخ العثماني الطوراني التقسيمات عن سلفه واعتمدها في الولايات والأيالات التابعة له. في هذه التقسيمات يجهز كلّ إقطاعي جيشه الصغير من «المرابعين» شركاء الرّبع في ريع الأرض والاهالي التابعين لإقطاعته ليعود وينضم الى الجيش العام عند إطلاق نفير الحرب.

إن الذاكرة الاجتماعية في وعينا أو لا وعينا تبرز بشكل دائم عندما تستدعيها الظروف في الازمات والمحن لتشكيل اداة تعبئة معنوية في الصراعات الدائمة فيما بيننا وما بيننا وبين الخارج.

ونستطيع الاضافة أن بعض أحزابنا لم يخرج من ذهنية الاقطاع القديم فيستنفر ظاهرة السلاح كجزء من غريزة البقاء للمحافظة على اقطاعته برغم تطور مفهوم الاقطاعة من الارض الى اقطاعات اقتصادية ومالية وسياسية. وبذلك يصبح الحزب شكلاً من اشكال التجميع العصبوي يخدم بصورة مباشرة تأبيد الزعامة المحلية الضيقة التي لا يتورع صاحبها من البيع والشراء سياسياً وعسكرياً وعلى حساب أتباعه انفسهم ومن ثم على حساب القيم والاخلاق المجتمعية العامة مستفيدا من خدمات الدولة التي يصبح جزءاً من إنتاج سلطتها.

طبعاً لن نكتفي بهاتين الملاحظتين في محاولتنا لتوصيف واقع بلادنا قبل الغوص في جيوبولتيك الاحزاب.

إنما للكلام تتمة في آخر الكلام.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024