" هنالك تواريخ لا تبرح ذاكرتي. تذهب معي"> SSNP.INFO: كيف نبشتُ رفات سعاده من تحت الرمال
 
 إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

كيف نبشتُ رفات سعاده من تحت الرمال

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-03-30

إقرأ ايضاً


تحت هذا العنوان أورد الأمين عبد الله قبرصي في الصفحة 98 من الجزء الرابع من "عبدالله قبرصي يتذكر" التالي:

" هنالك تواريخ لا تبرح ذاكرتي. تذهب معي إلى القبر لأنها هامة. من هذه التواريخ المحفورة في أعماق صدري وذاكرتي، تاريخ نبش رفات سعاده العظيم من قبره في رمال مقابر مار الياس بطينا في بيروت الغربية. كان ذلك في 11 كانون الثاني سنة 1950. لم أقم بهذا العمل اعتباطاً وتفرداً. كُلّفت من قِبل الأمينة الأولى والرئيس عبد المسيح مباشرة(1). فاستدعيت لهذه الغاية كشهود كلاً من الأمينة حالياً هيام نصر الله قبل زواجها ورئيسنا الأمين عبدالله محسن، وأخيها الرفيق رجا(2) والرفيقين يوسف شخطورة(3) الذي ورد اسمه سابقاً والرفيق ادمون توتنجي(4). في العاشرة صباحاً من ذلك اليوم، كان علينا أن نقوم بهذه المهمة.

لم ننبش الرفات عبثاً. كنا بنينا قبراً مؤقتاً في نفس المحلة – مقابر مار الياس بطينا – واستحضرنا تابوتاً مرصصاً لكي لا تتسرب إليه الرطوبة.

كانت الساعة رهيبة. أبونا الروحي وزعيمنا البطل الشهيد تحت الرمال.. هل يقوم من قبره كما قام المسيح ليلقي علينا تحيته وابتسامته؟.

الله، كيف يتساوى العظماء مع كل بني البشر. نبشنا.. فإذا الزعيم عظام ورميم!.

أنا لم أبكِ – صدقني يا قارئي – منذ 16 أيلول 1930 – يوم وفاة جدي يعقوب عبود الزاخم، والد أمي، لم تنزل لي دمعة على أبي الروحي أنطون سعاده والخالين ابراهيم وفهيم الخوري، وجدتي نسطة الشيخاني.. وأخيراً زوجتي وشريكة حياتي.. لقد نشفت دموعي في 16 أيلول سنة 1930 ولا تزال...

ما إن بلغنا الرفات، حتى كانت الأمينة هيام والباقون يذرفون الدموع الغزيرة مختنقين. أنا وحدي وقفت كالجلمود.

كدت أن أختنق ولكنني لم أبكِ. بكى عني الحاضرون بكاءً مرّاً.

بيدين مرتجفتين انتزعت سن الزعيم الذهبية، قصصت كمشة من شعره لا أزال أحتفظ ببعضها إلى الآن، أخذت الحبلة التي كانت بيده، وقطعة من جاكاتته، وخشبة من أخشاب تابوته.. أخذتها كلها ووضعتها في صندوقة صغيرة مع شهادة هذا نصها كما أتذكرها:

" أنا الموقّع، الأمين عبد الله قبرصي، من أمناء الحزب السوري القومي الاجتماعي حالياً، عميداً للإذاعة سنة 1934

– 1935، زعيماً للحزب بالوكالة سنة 1935، رئيساً لمجلس العمد سنة 1936، ناموساً لمجلس العمد سنة 1937، رئيساً لمجلس وكلاء العمد سنة 1938 – 1939، عضو في المجلس الأعلى حتى تاريخ نيسان 1947، أشهد أني في الساعة العاشرة من صباح 11 – 01 – 1950، نبشت بحضور الرفيقة هيام نصر الله والرفقاء يوسف شخطورة ورجا نصرالله وادمون توتنجي، قبر الزعيم في رمال مقابر مار الياس بطينا – بيروت / انتزعت ضرسه الذهبي وخصلة من شعره وقطعة من ثوبه، والقيد الذي كان مقيداً به عند إعدامه، كما انتزعت خشباً من تابوته، وإنني أودع هذه الصندوقة كل هذه الآثار من رفاته لأرسلها إلى زوجته الأمينة الأولى جوليات المير سعاده المقيمة في دمشق حالياً.

إثباتاً لكل ذلك وقعت هذه الشهادة.

11 /01/1950

الأمين عبد الله قبرصي

ثمّ أودعنا الرفات في التابوت الجديد ووضعناه في القبر الذي بنيناه بانتظار أن ننقله إلى قبر يليق به في ضهور الشوير عندما تصبح ظروف لبنان السياسية ملائمة.

قيل لي وأنا في دمشق، أن الرفيق ميشال الديك عندما عُرضت عليه هذه الرفات في دار الأمينة الأولى، ركع وأقسم بشرفه وحقيقته ومعتقده أنه سيقف ما تبقى من عمره للإنتقام لدم سعاده. وقد فعل " .

*

هوامش

(1) كان الأمناء، بعد استشهاد سعاده، اجتمعوا في دمشق وانتخبوا مجلساً أعلى، الذي بدوره انتخب الأمين (حينذاك) جورج عبد المسيح رئيساً للحزب.

(2) هو الرفيق رجا نصر الله. غادر إلى البرازيل وفيها وافته المنية.

(3) من "بيت مري" وكان رفيقاً نشيطاً.

(4) تولى مسؤولية مدير مديرية الجميزة باسم مديرية التضامن.

للإطلاع على النبذة المعممة عن تلك المديرية الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة

المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024