إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

جبل العرب... عتبة سورية الممانعة

د. نسيب أبو ضرغم - البناء

نسخة للطباعة 2015-09-08

إقرأ ايضاً


لم يكن جبل العرب يوماً خارج استهداف المخطط الإجرامي الذي يستهدف المنطقة والشام بشكل خاص، فهو كذلك، لأنه جزء من الجغرافية السورية، الجغرافية المستهدفة بالتقسيم، وكذلك، لأنه يشكل جغرافية مميزة هي بالجيوبوليتيك مفتاح للوحدة كما قد تكون في حال سقوطها مفتاحاً للتقسيم. ماذا يريدون من ضرب الجبل؟

لديهم أهداف عدة مجتمعة ومتداخلة بحيث تمثل صورة عن طبيعة الحرب الكونية على بلادنا.

أما الأهداف فهي:

أولاً: فتح الطريق أمام الجيوش التي يحشدونها في الأردن باتجاه دمشق. فالجبل هو حصن دمشق الجنوبي.

ثانياً: يستهدفون بإسقاط الجبل، وصل درعا والمناطق الشرقية المحيطة بها وصولاً إلى العراق بالقنيطرة وجبل الشيخ، وهذا يعطي المشروع قوة اندفاع كبيرة باتجاه البحر غرباً عبر تلال كفرشوبا ومزارع شبعا والبقاع الغربي.

ثالثاً: فك جغرافيا الجبل عن جغرافية الجمهوية العربية السورية، فيتحصّل لديهم نجاح تفكيك سورية.

رابعاً: تكوين نواة الدولة الدرزية، وتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة دولة درزية تحيط بفلسطين المحتلة من الأزرق في الأردن حتى البحر.

خامساً: إسقاط دمشق وتفتيت سورية وإقامة حمام دم فيها يقضي على ما تبقى من حيوية وأمل وبقاء.

إذاً ما أقدمت عليه أجهزة الاستخبارات الغربية و»الإسرائيلية» عبر أدواتها ضدّ السويداء، هو عملية فكفكة وإعادة تركيب.

لكن…

يبقى أن يدرك المتآمرون على دمشق وكامل الوطن، أنّ للجغرافية عبقرية كثيراً ما تعطي الحكمة التاريخية التي تشكل البوصلة للقادة وأصحاب الرأي.

عام 1925، وكان المستعمر الفرنسي قد أنجز قيام ثلاث دول في سورية وجعل لها علم يحاكي وجودها، غربي الألوان، استعماري المغزى. في ذلك العام لم تكن صدفة على الإطلاق، أن يستفز الاستعمار الفرنسي سلطان الأطرش باعتقال نزيله أدهم خنجر في بيته.

كان هذا الاستفزاز وسيلة لإنهاء معارضة سلطان الأطرش لتقسيم سورية وقيام الدولة الدرزية.

يعرف الفرنسيون أنهم قادرون على تثبيت التقسيم الذي شرعوا به في سورية، إن هم قدروا على السيطرة على الجبل وإزالة سلطان الأطرش وما يمثل من الشعب في الجبل.

وكانت المواجهة… وأثبتت المواجهة فعلاً صواب رأي الفرنسيين، والذي هو رأي الجيوبولتيك، ولكن هذا الإثبات جاء سلبياً، بمعنى أنه كرس وحدة سورية وأسقط الدوليات الثلاث.

الأعداء، اليوم، يحاولون المحاولة ذاتها، بإسقاط الجبل، جرّبوا أولاً عبر الضغوط السياسية على قيادات الجبل، وفشلت تلك الضغوط، وعادوا فحاولوا عبر الغزو من الأردن عبر خمس عمليات غزو بري من جبهة درعا وسواها، وفشلوا، الآن، يعاودون الكرة من الداخل، لعلهم يثيرون أبناء الجبل على الدولة بعد اغتيال الشيخ وحيد بلعوس وصحبه، لكنهم فشلوا…

إنّ الموقف الذي وقفه سلطان باشا الأطرش عام 1925 وكان الصخرة التي بنيت عليها سورية، موقف مخضّب بالدم والشهادة، هو عينه الموقف الذي يقفه الجبل اليوم، وسيكون الصخرة التي ستبنى عليها وحدة سورية في الأرض والشعب والدولة، وهو أيضاً مخضّب بالدم والشهادة.

تقديرنا أنهم لن يتوقفوا عن تكرار محاولاتهم ممهّدين للجيوش المعدّة في الأردن لأن تتقدّم، فالعتبة السورية الجنوبية عتية عصية وكأداء.

إنها الجغرافيا، وفرسان الجغرافيا، والقضية الشريفة، وقد توحّدت جميعها… فهل سيصدر عنها غير التاريخ المشرف والانتصار العظيم؟

الولايات المتحدة و»إسرائيل» تحشدان في الأردن جيوش الأغيار، فهم يربحون إذا ربحوا هؤلاء، ولا يخسرون إذا انهزموا.

يبدو أنّ الولايات المتحدة و»إسرائيل» قررتا أن تلعبا اللعبة حتى آخرها وإنْ كانت ثمة غيوم حرب شاملة في الأفق.

قرر التحالف الصهيو – أميركي أن يلعبها حتى نهاية الشوط، لأنه يدرك تماماً ما معنى أن تنتصر دمشق.

أن تنتصر دمشق، يعني أنّ زمناً قومياً قد ولد، يعني أننا أصبحنا قادرين على الإمساك بمقود صيرورتنا، يعني أنّ العدّ العكسي لـ»إسرائيل» قد بدأ، يعني ولادة قوة جبارة أنتجتها التجارب على مدى سنوات الحرب، يعني انتصار دول «بريكس»، يعني فرض التعددية القطبية. يعني بداية تحرّر شعوب عديدة من ربقة التحالف الصهيو – أميركي. يعني أنّ الـ»نحن» التي كناها بالقوة صرناها بالفعل، ولأجل ذلك وسواه، لن يتورّع التحالف الصهيو – أميركي عن ركوب المغامرات. سواء من جنوب الشام أو من شمالها.

والمعركة مفتوحة…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024