إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الصهيونية زرعت الحنظل والعرب أكلوه...

جمال العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2015-12-23

إقرأ ايضاً


نشرت مجلة «كيفونيم»، وهي مجلة تصدرها الصهيونية العالمية، في عددها بتاريخ 14 شباط 1982 مشروع تمزيق العالم العربي وتفتيته على أساس عرقي وديني، ولم تُستثنِ أيّ من الدول العربية والأراضي العربية من هذا المشروع القديم ـ الحديث الذي يتميّز بأنه وضع كلّ الدول حتى التي تهادن «إسرائيل» او في حالة سلام معها كما مصر التي وقعت اتفاق سلام قبل أعوام من نشر الوثيقة، وبالتأكيد فإنّ هذه الوثيقة لم تنشر عن عبث، ولكن على ما يبدو أنّ أكثر الدول العربية لم تأخذ بها ولم تعمل على إيجاد ردّ مناسب، وربما إنّ الجامعة العربية لم تعلم بهذه الوثيقة، فدائماً يأتي الردّ متأخراً من الجامعة العربية، وسابقاً لم نكن نعرف السبب الحقيقي وراء هذا الترهّل في الأداء، ولكن اليوم وبعد إشعال المنطقة العربية من تونس الى العراق بمشروع الربيع العربي والقرارات التي اتخذتها الجامعة العربية اتجاه كلّ من ليبيا والعراق وسورية واليمن، أصبح من البديهي أن نفهم من هم أدوات المشروع الصهيوني وداعموه، وهذا بالنتيجة يضعنا أمام طرح آخر عن فعالية المنظمات العربية والإسلامية في الحياة السياسية للمنطقة، وهذا ليس إطار بحثنا الآن على الأقلّ.

فـ»الثورات العربية» التي انطلقت من تونس وانتقلت الى باقي البلدان العربية بطريقة منظمة وفيها من الحرفية ما يستحق التصفيق بالفعل. حيث استطاع الإعلام الصهيوني والناطق بالعربية تضليل العقل العربي وتصوير الأحداث بإطلاق اسم «ربيع عربي» عليها، لو وقفنا عند كلّ دولة مرّ فيها هذا الشرّ سنجد أنّ كلّ ما قالوه عنه لم يخرج عن إطار الخطاب الإعلامي، ولم يتجاوز غرف التحليل الإخباري التي كانت تزيّن هذا الدمار وتستحضر أبيات الشعر التي قيلت في زمن الاستعمار لتزيّن فيها هذا الخراب.

فأنتج «الربيع العربي» صراعاً سنياً شيعياً لم يكن موجوداً على الأرض بالفعل، ولكن هناك من استطاع إقناع الفرقاء بحق البقاء على حساب زوال الطرف الآخر، فاشتعلت المواقع الالكترونية بحرب من نوع آخر قسّمت المدن والدول، وأخرجت الكتب القديمة من المخازن لتنشر الكراهية بين الناس. وتربّع على عرش هذا الحقد ما يسمّى بالحركات الأصولية أو السلفية التي ادّعت زوراً انها تريد تقويم الإسلام والمسلمين مستمدّة الدعم من أموال العرب أنفسهم ومن خلال إعلام تحريضي عمل على نشر الفرقة والكراهية.

وتطوّر المشروع أكثر فأصبحنا نسمع عن تهجير المسيحين من أرضهم وهم بالأصل أهل هذه الأرض وليس المسيحيون فقط بل أي مخالف «للدين الجديد» حيث أنّ هذا الأمر لم يحدث في زمن الفتوحات الإسلامية ولم يذكر التاريخ أن الفاتحين دمروا أو هدموا أو هجروا أحداً ولكن في زمن «الربيع العربي» حصل هذا، والمجازر التي نفذت في المنطقة لا يشبهها إلا مجازر الدولة العثمانية بحق الأرمن من حيث الشكل والهدف، والتي ما زال العالم ينتظر اعتذاراً عنها من العثمانيين الجدد. كما استطاع أصحاب هذا الشر المطلق جعل الكثير من الناس ينسون مجازر الصهوينة في فلسطين المحتلة، ودفع هذا المشروع الكثير من الناس الى اللجوء فأضاف «الربيع العربي» ملف لجوء آخر بعد الملف الفلسطيني والعراقي ليكون السوري لاجئاً آخر يتم بحث قضيته لدى ما يسمى منظمات إنسانية! هذا في الأقطار التي ما زالت الحرب دائرة فيها مثل ليبيا وسورية والعراق واليمن، حيث يستمر أصحاب المشروع بوقد نار الفتنة ورفض أي حل سياسي يضمن الاستقرار أو وقف القتال.

أما في الدول التي عبر منها هذا الربيع المزعوم، فاليوم وبعد خمس سنوات تقريباً لا أعتقد أن المواطن الذي كان وقود لهذا الحراك أو الثورة أو الربيع أياً كان الاسم قد شعر بالتغيير أو التحسن. الديون زادت على الاقتصاد وفرص العمل أصبحت أقل وبدأ يكتشف المواطن البسيط أن النظام الذي ثار ضده بدأ رجاله يعودون اليوم الى مراكزهم والمحاكمات التي انشغل فيها الإعلام أصبحت من الماضي.

وحصدت أميركا والغرب عموماً الكثير من المال حيث لم يمر شهر أو اثنان حتى نسمع بصفقة بمليارات الدولارات، ولا ننسى الأموال التي اختفت من مصارف الغرب، ولا أحد يعرف الى أين ذهبت تلك الأموال كما حدث بثروة ليبيا والعراق من قبله.

فهل بعد هذا الجزء اليسير من واقع الحال في المنطقة العربية مر من هنا «الربيع العربي» وهل يجوز أخلاقياً أن نقول ثورات «الربيع العربي»؟

لقد كانت لهذا الخراب أهداف حققها أهل المنطقة أنفسهم فلم تغزونا جيوش الاستعمار ولكن اتباعه غرزوا خناجرهم في خاصرتنا.

وإن كنا اليوم نقترب أكثر من كسر شوكة هذا المشروع إلا أن جراحنا عميقة وسنحتاج إلى الكثير من أجل ترميم نفوس الباقين على قيد الحياة، والأهم أن نعيد توجية البوصله الى الاتجاه الصحيح، فصانعوا المروع لن يسلموا ببساطة وما زالت محاولاتهم مستمرة، ويبقى سؤال الأكبر لأصحاب هذا الخراب هل الداعمين لكم يعيشون الديمقراطية والحرية التي ينظرون عليها فيها؟ أم أنهم أدوات ينفذون مشروع مكتوب لهم وسوف تصلهم نار هذه الحرب عاجلاً أم آجلاً؟

سنبقى نقاوم وكأس الحنظل هذا سنعيده الى زارعه وناقله.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024