إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سورية على أبواب العام الجديد...

جمال العفلق - البناء

نسخة للطباعة 2014-12-27

إقرأ ايضاً


كان من الممكن أن نتحدث اليوم عن سورية، غير تلك التي عرفها العالم عبر العصور. كان من الممكن أن نتحدث عن سورية الاسم فقط لا الجوهر، لو أنّ مشاريع الوهابية نجحت. ولكننا اليوم نتحدث عن سورية التي بات يعرفها العالم كله. سورية الصابرة، المقاومة، المجاهدة، والمتميزة بأنها تجمع كلّ ألوان الطيف من أبنائها الذين عاشوا قروناً على هذه الأرض.

سورية هي آخر معاقل التنوع الإنساني والفكري، وهي خط الدفاع الأول عن المقاومة والممانعة في وجه المشروع الصهيوني الذي قضم الأرض العربية وأخذ أكثر حكومات المنطقة تحت جناحيه لينفرد بالقرار ويتحكم بمصير الملايين.

في سورية المجروحة، يحتفل السوريون بذكرى ميلاد السيد المسيح، وفيها يحتفلون بذكرى مولد محمد خاتم الأنبياء. إنهم السوريون الذين تمكنوا بتآخيهم وعيشهم الواحد رغم الألم، ومن تحت أنقاض المدن المهدَّمة بفعل عدوان بربري شنَّته عصابات الصهيونية والوهابية، من إفشال كلّ المؤامرات ودحر جموع المرتزقة التي دخلت إلى الأراضي السورية، معتقدة أنها قادرة على تدمير تاريخ وحضارة بلد تجاوز عمره الخمسة آلاف سنة، وبثّ الفرقة بين أبنائه.

في إطار اللعبة الدولية، قد لا نستطيع تحديد المستقبل وما ينتظر السوريين في العام الجديد، لكن يمكننا أن نقرأ ما يريده السوريون، فعودة الحياة إلى المدن الكبرى والتطور الميداني على أرض المعركة في المواجهة التي يخوضها الجيش السوري ضدّ الإرهاب يحدّدان ما ينتظر سورية على أبواب العام الجديد.

إنّ التقارب السوري المصري غير المعلن وانزعاج أنقرة وتصريحات المسؤولين الأتراك حول إعادة النظر في العلاقات التركية المصرية، لا سيّما بعد سقوط مرشح «الإخوان» في تونس المنصف المرزوقي وإخراجهم من الحكم في مصر، واعتبارهم الإخوان منظمة إرهابية وموافقة السعودية على دخول حليفها في لبنان تيار المستقبل في حوار مع حزب الله المقاوم، يعيد خيوط اللعبة إلى دمشق التي سترسم الغد كما يريده الشعب السوري.

بعد أن استطاعت موسكو جمع ما أمكن من المعارضة السلمية، ومن دون وضع شروط مسبقة للحوار، فإنّ العام المقبل سيكون عام انفتاح على طاولة حوار خالية من الذين ساهموا في قتل الشعب السوري، وقد أرسلت المعارضة التي زارت القاهرة منذ أيام، إشارات بأنّ الرياض تريد إعطاء الملف للقاهرة مع الاحتفاظ ببعض الامتيازات من خلال الفصائل التي تدعمها وتساهم في إمدادها بالسلاح والمال. كما أنّ تراجع الخبر السوري عن الصفحات الأولى للصحف العربية والعالمية، دليل على أنّ العالم فهم أخيراً أنّ قرار سورية لا يمكن أن يكون مخالفاً لمصالح شعبها وأنها لن تقبل بأن تكون واحدة من مزارع أميركا في المنطقة، تخضع لإرادتها بما يخدم الكيان الصهيوني الذي يقوم بدعم المجموعات الإرهابية وتقديم خدمات عسكرية وطبية لها مدفوعة الأجر من السعودية وقطر، بهدف إضعاف الجيش السوري، تمهيداً للقضاء عليه، وتفتيت سورية بما يتناسب مع طموحات طبقة سياسية تسعى وراء مصالحها الشخصية وتريد بناء مجد لها على حساب دماء الشعب الذي صمد أربع سنوات متحملاً كلّ صنوف الحصار والقتل، رافضاً كلّ أشكال التعبئة الطائفية التي مارسها الإعلام المعادي وصانعو الأخبار الكاذبة في استديوات قنوات سفك الدم العربي.

في العام المقبل، سنشهد متغيرات جديدة ورياحاً تُسقط الأوارق الأخيرة من مؤامرة دفعت فيها بعض الأنظمة العربية، من المحيط إلى الخليج، مليارات الدولارات من خزائن شعوبها، من أجل تدمير سورية وتحويل شعبها إلى لاجئ في الشتات ينتظر إذن الدخول.

في العام المقبل، سيُعاد ترتيب الأوراق وسيصبح داعمو المشروع الصهيوني خارج اللعبة وتعود دمشق لتستقبل من جديد ضيوفها على درج الياسمين. ويبقى على السوريين ترتيب بيتهم الداخلي، وفق بيان الانتصار الذي كتبه أطفال وشباب ورجال ونساء سورية، لكي يبقى علم سورية مرفوعاً فوق أراضيها.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024