إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حزب الله وروسيا مرتاحان وأوروبا قلقة الذين يقاتلون داعش ارتاحوا من هجمات الانتقام

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2016-03-23

إقرأ ايضاً


يتحدث الرئيس الأميركي وهو يهم بالرحيل عن البيت الأبيض بعد شهور في «عقيدة أوباما» لمجلة اتلانتك الأميركية عما يعيشه من ندم حيال قرار اعتبر مقدمة لتدهور الأوضاع بعيد الربيع العربي وللفتك بالأمن الإقليمي والدولي، وهو قرار الدخول في عملية عسكرية في ليبيا مع قوات الناتو، فبدا في خانة الاعتراف بأن مراجعة القيادة الروسية لقرارها هو تماماً ما أصابه وأن رفض فكرة التدارك أوصل لتدهور أكبر باتت حصيلته اليوم سوريا ومعها دول العالم الغربي.

يلفت غالباً شروع الرؤساء الأميركيين قبيل نهاية عهدهم إلى شيء يشبه المطالعة الذاتية وحالة من الانكفاء على الذات من دون أن يجدوا في ذلك نوعاً من الانكسار بعكس ما يبدون عليه في أوائل عهدهم، حيث يجلس الرئيس الأميركي في أروقة البيت الأبيض وفي يده عصا التحكم في العالم ونيات الهجوم وافتتاح المشاريع تلاعب خياله المائل نحو التوسع جمهورياً كان أو ديمقراطياً.

يتحدث خبير بالشؤون الأميركية وأستاذ في جامعات واشنطن لـ«البناء» عن نزعة القوة التي يعيشها كل مواطن أميركي، ففي بلده يسمح له بحيازة السلاح في منزله بدون الحاجة للحصول على رخصة ومن دون قيود، والكل يعتبر أن هذا هو إحدى ضرورات الدفاع عن النفس والحرية الشخصية ولهذا السبب تكثر عمليات القتل مؤخراً والعنصرية وارتفاع نسب الجريمة، بعكس المجتمع العربي المضطر إلى الخضوع إلى ما أمكن من نسبة تطبيق القانون الخاص بالسلاح نتيجة تغلغل القوى الاستخبارية فيه وضرورات حتمت على الحكومات فرض نسبة من الحضور في هذا الملف، كمبدأ غير قابل للتفريط فيه.

يتحدث أوباما ومعه الغرب عن ضرورة سحب سلاح حزب الله الذي يعتبر اليوم سلاحاً منظماً بشكل كبير ومشروعاً بالنسبة للجزء الأكبر من اللبنانيين باعتبار أنه سلاح لقتال «إسرائيل» والدفاع عن النفس أيضاً من دون أن يلتفت لما يسمح به دستور بلاده من فلتان في مسألة السلاح التي بات يعيشها كل بيت أميركي.

يضرب الإرهاب اليوم بروكسيل وقبلها ضرب باريس بأشرس الطرق، فبعد ما استطاع الإرهاب استهداف مسرح مكتظ بالمواطنين الفرنسيين واستاد ملعب رياضي نجح اليوم في استهداف مترو للقطار في بروكسيل وتنفيذ هجوم محاذٍ للمطار وفي دائرته حقق عدداً كبيراً من الضحايا بين قتيل وجريح، فأعلن داعش مسؤوليته رابطاً استهداف بلجيكا بكونها واحدة من الدول التي تشارك في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سوريا والسؤال الأساسي اليوم «لماذا يحقق داعش في الدول الغربية نتيجة محققة وناجحة بمفهوم العمليات الأمنية ويتمكن من الوصول إلى أهداف كبرى ورئيسية في البلاد وهو غير قادر على حصد نسبة كبيرة من أهداف الشرق الأوسط؟

يبدو أن داعش يحقق أهدافاً أكبر في الدول الديمقراطية منه إلى الدول النامية، وهجمات أوروبا تتحدث عن الكثير من الثغرات الأمنية والاجتماعية. وهنا يؤكد خبير أمني أن الأمن الأوروبي «رخو» بالدرجة الأولى وغير مجهز لمثل هذه الظروف بعكس الدول العربية التي عززت قدراتها جراء موجات إرهاب كبرى اجتاحتها منذ أوائل التسعينيات فوقعت أوروبا في خطر التراخي الأمني.

اطمأنت أوروبا ومعها الولايات المتحدة التي عايشت أحداث 11 أيلول إلى أمرين يبدو أنهما السبب في القدرة على تحقيق أكبر قدر من المكاسب لدى التيارات الجهادية: الأول «الديمقراطية والتراخي تحت مسميات الحرية الشخصية»، والثاني الثقة بقدرة الأجهزة الأمنية على التحرك فوراً وتغطية أي خلل يقع، ففات الأوان على بعض الخلايا التي استغلت هذا التراخي وأسست مناطق وأحياء في أوروبا بات يصعب على القوى الأمنية الدخول إلى شوارعها التي تحوّل بعضها ساحات قتال حقيقية مثل بعض شوارع ضواحي باريس.

وسط كل هذا بقي لبنان يتمتع بأمان نسبي ولا بأس فيه في ظل دوامة الإرهاب الذي لم يكن بعيداً عنه في أوائل الأزمة السورية، لكن التصدي له وفق نظرية حزب الله باستباقه إلى سوريا والتي انقسم حولها كثر تأخذ طريقها للتثبت من صحتها. وهنا لا مانع من دعم بعض الأفكار الشاذة في الدول المؤسسية مثل إنشاء مربعات أمنية وغيرها في بلد جار لسوريا التي تضم اكبر معاقل الجهاديين في شمالها، خصوصاً الرقة وهذا ما اتبعه لبنان لأسباب عديدة منها بعض ضرورات الحرب الأهلية التي أنشأت زعامات غير واثقة من قدرات الدولة.

سبب آخر لهذا الهدوء النسبي في لبنان يصبّ في خانة عدم قدرة داعش على قتال من أعلن الحرب الجدية عليه، وهو سبب أساسي يشترك فيه لبنان، حزب الله وروسيا وإيران، حيث التعزيزات الأمنية على أشدها والجهوزية الكاملة لتوجيه ضربات قاصمة له أثبتت جدواها ميدانياً وبالتالي فإن لبنان لا يعيش نعمة قرار دولي او إقليمي في منع الإرهاب من اجتياحه كما تروّج وسائل إعلام تابعة للقرار الأميركي، بل يعيش حصيلة «الجدية» التي لا تتمتع بها القوى الأوروبية والغربية في قتال الإرهاب. وهذا التراخي جعل منها صيداً ثميناً وسهلاً في الوقت نفسه.

تثبت روسيا يوماً بعد الآخر صحة خياراتها وإبعاد شبح الإرهاب عنها بشكل كبير، رغم شنها الحرب عليه وتكسر حجة عدم دخول الدول في حرب جدية تقتص منه خشية ردات فعل ترجمتها بروكسل اليوم.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024