إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الجيش يسحق أدواتكم وينتصر ، فاحملوا خيبتكم وانصرفوا ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2017-09-06

إقرأ ايضاً


عندما أدركت الاستخبارات المركزية الأمريكية قرب تحرير دير الزور وأنه لا قوة قادرة على وقف الجيش السوري قامت بعمليات انزال في ريف المنطقة مستهدفة إخلاء قادة العصابات من العناصر الأجنبية ، ولا يمكن استبعاد أن أغلبهم من الصهاينة كما تبين من كشف قادة داعش في ليبيا ، الادارة ذاتها والسلوك لا يتغير ، أخلوا أدواتهم وقاموا بتصفية الحاشية التي كانت تحيط بهم حتى لا تنفضح اللعبة ، مع ذلك لا يمكن اكتمال العملية إذ لا بد من ثغرات وهكذا يقع بعض هؤلاء بين أيدي الاستخبارات الوطنية والحليفة ليعترفوا بكل التفاصيل ، وإذ لا يمكن نشرها اليوم ، يكفي التلميح والنظر إلى الارتباك الأمريكي الرسمي مترافقا بقلق صهيوني يظهر جليا على شاشات ووسائل إعلام العدو ومحلليه العسكريين والسياسيين دون مواربة .

قبل ذلك سحبت الاستخبارات الأمريكية أدواتها من مناطق الحدود الأردنية بعد أن لمست التصميم السوري على طرد الدخلاء رغم التهديد ، ورغم العدوان ، أيضا لم يكن لدينا أي شك بوجود ضباط وخبراء صهاينة فهم موجودون في كل مكان يشتعل لكن وجودهم في الخطوط الخلفية وغرف العمليات للسلامة الشخصية والابتعاد عن الوقوع في الأسر ، وقد لا يكون وجودهم لقلة الثقة بحلفائهم في الغرب ومن العرب ، وإنما للتأكد أن الخطط تسير بما يخدم مصلحة الكيان الصهيوني التي كانت من أهم دوافع العدوان العالمي المموه بعباءة عربية اسلامية لخدمة المشروع الصهيوني ، وهكذا انسحبوا ووضع الجيش ومعه النسور يدهم على كل النقاط الحدودية .

الذيل الأمريكي الذي كان بتموضع في منطقة التنف ( وقصدت القوة البريطانية ) لم يجد قادتها مناصا من الانسحاب ولملمة ذيول خيبة لم تكن بالحسبان ، فقد كانت المهمة إقامة حاجز بين قوات البلدين الشقيقين ، العراق والشام وربما إلى الأبد عملا بوصية المقبور عبد العزيز بن سعود " لا تدعوا اليد العراقية تصل إلى اليد الشامية " .. ولكن ليس حبا ببني سعود وضمان مملكتهم ، بل لضمان استمرار المشروع الصهيوني وكيانه الغاصب على الأرض الفلسطينية – السورية .

بالأمس كسر الجيش السوري ومعه القوات الرديفة الحصار على مدينة الصمود ، دير الأبطال الميامين ، وبدأ السقوط الكبير للمشروع الأمريكي – الصهيوني ، مشروع تقسيم الجمهورية التي قامت على جزء من أرض سوريا الطبيعية على طريق اقامة المشروع الصهيوني على الجزء الآخر في فلسطين ، ويستمر الجيش بعملياته بالزخم غير المحدود حتى لا يلتقط العدو أنفاسه أو يتوقف عن الجري والهرب إلى المجهول ، وعندما أتحدث عن عمليات للاستخبارات المركزية فذلك للتأكيد على أن الادارة المدنية ليست هي صاحبة القرار وإلا لأعلنت ذلك على الجمهور الأمريكي الذي لا يدرك الدوافع والأسباب الكامنة وراء تدخل حكومته في سوريا ، بل إن الادارة تركت الخيارات لوكالة الاستخبارات المركزية وبعض الجهات العليا في البنتاغون ( وزارة الدفاع الأمريكية ) .

العمليات التي تقوم بها القوات المشتركة تحت اسم قسد والمؤلفة من قوات كردية وعربية من العشائر وغيرهم بقيادة أمريكية أيضا ، تحت شعار محاربة داعش وتحرير الرقة ، أيضا لا يمكن استبعاد وجود ضباط وخبراء صهاينة بين هذه القوات ، ويمكن ملاحظة تقلص وجودهم بالتدريج حتى لا يبقى منهم أحد ، ومعهم بضعة مئات من المارينز الملحقين بالاستخبارات المركزية ، قسد وبعد سقوط داعش لن تكون موجودة ، بل ستتحلل وتعود إلى أصولها فالبعض منها لا يقبل ولا يخطط لمجابهة الجيش الوطني الذي يعمل على تحرير واستعادة كل حبة من التراب السوري ، والطرف الوحيد الذي يواجه الحرج والضياع هو المكون الكردي الذي لم يستوعب اللعبة حتى اللحظة رغم اكتشاف العقلاء من القيادات الكردية أن اللعبة الصهيو – أمريكية تهدف لخدمة مصلحة صهيونية ، أي قيام نموذج مماثل للكيان الصهيوني باعتباره قدوة صالحة لإقامة كيانات هزيلة متناحرة على ساحة الوطن ذاته يأخذها الصراع فيما بينها بحيث ينتفي تفكير الجميع بالتحرير ، بل دفع أغلب هذه الكيانات للاحتماء بالصهيوني ومعه الأمريكي للحفاظ على مكاسب فردية وربما عائلية وتبعية بلا حدود ، والنموذج الاردني ومعه جانب من اللبناني هما واقع يرغبون رؤية أكثر منه ولكن على قواعد جديدة (الكيان العرقي – الكردي ) ، يشجعون عليه رغم المعرفة باستحالة استمراريته على قيد البقاء ولو لمدة قصيرة ، مع ذلك فإن كل جزئية من الفوضى في المنطقة يمكن الرهان عليها واستثمارها طالما يستمر الهذيان والهرطقة الطائفية – المذهبية – الاثنية تتحكم بالسلوك القطيعي على الساحة دون المقدرة على أخذ العبرة من سلوك العدو الذي يشجع على فعل النقيض .. العدو يتلاحم ، والقطيع يتفسخ ، العدو يعمل لتطبيق النظام ، والقطيع يغرق في الفوضى ، العدو يمارس البحث العلمي ليتقدم ، والقطيع يحافظ على تابو الجاهلية المتخلف.

القول بأن المشروع المعادي سقط ، قول صحيح نسبيا ، لكنه حقق الكثير من أهدافه ، وأهمها انهاك القوى العسكرية وتدمير الثروات والبنى التحتية القادرة على توفير مناخ استكمال أدوات التحرير عن طريق بناء مقاومة متكاملة ، وهذه أمكن تمزيقها واختراقها بالطرح المذهبي الذي أدى إلى نتائج مرعبة على ساحة البنية المجتمعية ، وليست المشاركة في الصراع فقط ، بل حتى داخل القوى المتفرجة على الضفتين ، وهذا شكل جرحا غائرا من الصعب أن يلتئم في القريب خصوصا بوجود سيل من الانفاق المالي والضخ الاعلامي وعشرات الأقنية الفضائية التي تخدمه وتؤجج عواطف القطيع في كل الساحات .

لا يستطيع الغوغاء التمييز بين الأقوال العربية والغربية بشكل عام ، وبين سلوك ونتائج ممارسة تلك القوى على أرض الواقع ، وبقي انعدام هذه القدرة عامل استثمار مربح ، المساعدة على تحرير الأوطان ..ممن .؟. ومحاربة الديكتاتورية ..؟. وهنا من الصعب جدا شرح الحقائق بمواجهة غوغاء لا ترغب بالقراءة أو الاطلاع ولا المقارنة ، يمكن حفظ الصورة البهيمية على ما هي ظاهرة ولا يمكن النظر إلى خلفيتها ، لقد تم تحرير الوطن من ثروته ، من بنيته التحتية ، من أمنه وأمانه ، من مقومات حياته ، وأما الحكم الذي يتعامل بديمقراطية مع الانتخابات والحقوق ، فهو ديكتاتوري طالما وصفوه للقطيع على أنه كذلك ، وأما جهنم الديكتاتورية حيث لا يمكن للمرء أن يجتمع مع ظله أو يرفع صوته فتلك جنة الديمقراطية .. لقد قبض قادة القطيع ثمن هذا الايمان وكفى .

مع ذلك ، وبعد طول معاناة وفداحة الخسائر ونهر الدماء أمكن للبعض أن يصحو ، ويعلم أن أغلب من هاجروا أو هجروا هم من أبناء الوطن الذين طالهم ظلم العصابات ، ونجد ان أغلب أهلهم وعائلاتهم لجأت إلى أماكن وجود واستمرارية الدولة حيث الأمن والأمان ، حتى من خرجوا بعيدا عن الوطن بدأوا يدركون اللعبة وأنهم تعرضوا للتضليل أو الإغراء أو الخيار بين الموت أو اللجوء إلى المخيمات حيث تم سوقهم جماعيا ، وهؤلاء قريبا يعودون بعد انتهاء سوق المتاجرة بهم من قبل من ادعى حمايتهم ورعايتهم ، قبض عنهم العشرة فأكل تسعة وأعطاهم بعض الرمق بمنتهى الوضاعة والمنة .

خلال الأسبوع الأخير وخاصة في فترة ما قبل العيد وخلاله ، سجل الجيش انتصارات على كل الجبهات ساحقا فلول الارهاب دون رحمة ، وهذه الانتصارات دفعت الكثير في المحيط القريب من سوريا وبعيدا عنها إلى التعبير عن خيبة مريرة ، وبعضهم من المتواجدين على الساحة بدأ يلملم ذيول خيبته ، ولسان حال الشعب السوري يخاطبهم ، الجيش يسحق أدواتكم وقريبا جدا يصل إليكم ، .... الأفضل أن تحملوا خيبتكم وتنصرفوا .... انصرفوا .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024