إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

التضليل جائحة العصر لغسل أدمغة الشعوب ..!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2018-11-29

إقرأ ايضاً


جائحة ترافق الحروب ، تكبر باتساعها وتتعاظم بأدواتها ، ويبدو أننا كشعوب متخلفة ما زلنا الجانب الخاسر فيها ، وإذ أعود إلى التاريخ القريب أذكر أن ألمانيا كانت رائدة في هذا الجانب من الحروب الذي يعتبر الأهم في أية معركة ولا يمكن نسيان الاسم الكبير في هذا المجال – الجنرال غوبلز وأجهزته وأدواته .

يصادف تاريخ اليوم ذكرى استلاب لواء الاسكندرون السوري ، بعد عملية تضليل وتزوير واسعة استمرت على مدى سنوات ، فبين تصريح وزير الخارجية التركي القائل بعدم وجود أطماع لحكومته في السيطرة على اللواء عام 1936 ، وبين عملية الضم أواخر 1939 سنوات ثلاث فقط ، وبقي أمر اللواء معلقا في أدراج عصبة الأمم ، وساعد صمت الغرب الأوروبي تركيا على التملص من الرد على مطالبة السوريين في اللواء وخارجه بالعودة إلى الوطن الأم ، وربما قيل ونشر عن موافقة سرية من حكومة ذلك الزمن تحت الاحتلال على التخلص من تبعية اللواء لأسبابها الخاصة .

بالأمس نشرت جريدة اماراتية خبرا عن تحذير أمريكي لروسيا من مغبة التلاعب بالأدلة التي تتعلق بالهجوم الكيميائي على حلب ، الصحيفة تردد ببغائيا وتنشر ما هو مطلوب دون الدخول في تفاصيل لعبة التضليل الهادفة لزرع الشكوك في اجراءات الفحوص الروسية لمخلفات القذائف – الشظايا وأماكن سقوطها وما خلفته ، الخوف ليس من تزوير النتائج بل الكشف عن نوع ومصدر التركيب الكيميائي الذي قد يكون أمريكيا ، فالمستهدف هنا في حلب – المناطق حيث الحماية الحكومية والشعب المؤيد لها ، ومصدر القذائف هي العصابات متعددة الولاءات ، عربيا وغربيا وأمريكيا ، وتعدد مصادر تسليحها ومنها الكيان الصهيوني ، ويعلم الجميع أن المنفذ الوحيد لتزويد هذه العصابات بما تحتاج هو الحدود التركية فأين العجب أن يكون المصدر صهيوني أو أمريكي وهما من منبع واحد .!.

هل يمكن للروسي أن يضيف مخلفات من الصناعة الغربية لا تكون متفاعلة مع الانفجار ؟ ، الغرب يرفض السماح لخبراء المنظمة المختصة بإجراء تحقيقاتها ، وإذا فعلت فهو لا يعترف على النتائج ، وبما أنه من غير المعقول اتهام الجيش السوري بتنفيذ الهجوم من بين صفوف عصابات النصرة ، ولا الجانب الروسي ، فيكون مقبولا توجيه أصابع الاتهام للنصرة ومن معها ، وربما إلى الجانب التركي الذي من مصلحته تخريب الاتفاقات والخروج على تعهداته بأية وسيلة أو ذريعة ، وقد تكون الدعوة إلى آستانا من جديد لتأكيد الاتفاقات السابقة وقطع الطريق على تخريبها أو الخروج منها بما يتم تأكيده والاصرار عليه وإضافة شروط تقيد السلوك التركي وتحدد وجهته .

بعد الهجوم ورغم وضوح مصدر القذائف ، والطرف المتضرر خرج علينا الرئيس الفرنسي بتصريح يستنكر فيه استخدام السلاح الكيميائي من أي طرف كان ، وتابع أن بلاده لم تتوفر لديها معلومات لمعرفة الفاعل ، بينما في الحالات السابقة ولأنها كانت ملتبسة أو لوقوعها في مناطق سيطرة المسلحين كان الغرب كله ونصف العالم وفور اعلان النبأ يشير بأصابع الاتهام والتأكيد بأنه الجيش السوري رغم معرفة الجميع أنه لم يعد يملك هذا السلاح وتبقى الرغبة في الاستثمار هي الدافع والمبرر لهجوم اعلامي واسع يغطي عمليات العدوان التي قامت بها أمريكا وحلفها المزعوم على مراكز البحوث أو مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والادعاء بأنها مستودعات أو مواقع لتطوير الأسلحة الكيميائية أو الصواريخ ، والحقيقة أن الاستهداف كان دائما لمراكز الصناعة العسكرية التي تؤمن حاجة الوحدات العسكرية بعيدا عن الكيميائي ، بل ، الهدف الأساس هو ضرب مراكز الامداد اللوجستي للجيش خدمة للعصابات العميلة ، والكيان الصهيوني .

الاعلام العربي ، وأغلبه يشكل جوقة تعمل بالتناغم والتوجيه الغربي أورد أخبار قصف مدينة حلب بالمواد الكيميائية قائلا أن مصادر القصف مجهولة تماما كما أورد الاعلام في الغرب ، مع أن بعض الغربي تجرأ فأشار إلى أنها جبهة النصرة ، بعض الإعلام الغربي المتحرر من السيطرة الصهيونية يحاول التزام الشفافية لكنه يقابل بالمضايقة وكيل الاتهامات له بمعاداة السامية ، أما أغلب الاعلام العربي بما في ذلك المصري واللبناني فقد كان رماديا ينتظر ما يصدر من توجيهات وتعليمات وأخبار مفبركة للنشر والأرجح مدفوعة الأجر .

جريدة الشرق الأوسط السعودية أوردت قبل أسبوعين خبرا مفاده أن أمريكا تدرب ثلاثين ألفا من المقاتلين شرق سورية لاحتواء " ايران " ..!!. والخبر يبعث على الضحك والسخرية ، كم هو حجم ايران بنظر هؤلاء ليكون بإمكان ثلاثين ألف مقاتل احتواء القوة الايرانية والتي من المؤكد أن كل جيوش منطقة الخليج ومعهم القواعد الأمريكية تعجز عن هذا الفعل وتخشى التورط فيه ، بل حتى الحديث عنه . ثلاثون ألف مقاتل هل هم قادرون على احتواء الكويت أو قطر .؟. إنه التضليل الإعلامي وعملية غسل أدمغة واسعة تستهدف أهل الخليج وأغلب الشعوب العربية ، أما حقيقة الغاية من تدريب هذه المجموعات فهي لحماية التواجد الأمريكي والفرنسي ومن معهم وتوفير بيئة قابلة بهذا الوجود عن طريق الرشى والوعود غير القابلة للتنفيذ بالنسبة للأكراد ، ونعلم أن الحرب الغربية الحديثة على العالم تتبع استراتيجية جديدة يسمونها التآكل الداخلي أو إشعال حرب شبه أهلية معتمدين عاملين أساسيين الأول هو الإثارة الدينية أو العرقية بعد دراسة البيئة المستهدفة والثاني هو الحاجة والإغراء المالي في الأوساط غير الملتزمة والمرتبطة بالوطن ، وقد حققت حتى الآن نجاحات في أغلب مناطق العالم وأولها العالم العربي .

التقيت قبل فترة بعدد من العائدين إلى مناطقهم ، سواء من خارج البلاد أو من المناطق التي ما زالت تحت سيطرة العصابات ، وكانت عودتهم مغامرة كبيرة اعتمادا على المعلومات التي يتم نشرها في أوساطهم والتي تدعي وجود مجموعات من الشيعة الأفغان والعراقيين والايرانيين تقوم بقتل السوريين العائدين وأخذ نساءهم وأطفالهم ، أو أن من يصل إلى مناطق الجيش تأخذه الاستخبارات وقد تركت لهم الوقت ليتجولوا ويشاهدوا ويقرروا نسبة الصحة في كل ما سمعوه ، الآن هم يتواصلون مع أصدقائهم وأقربائهم حيث كانوا مطالبيهم بالعودة بعد أن عاد كل موظف من العائدين إلى عمله أو وضع نفسه تحت تصرف الادارة التابع لها ، ولم يتم استدعاء أي منهم إلى أي تحقيق أو سؤال ، وتأكد لهم أن اصرار الدول المجاورة والجماعات المسلحة على منع عودتهم والحيلولة دون ذلك بما يضخون من معلومات مضلله إنما هو لخدمة أغراضهم والتستر خلفهم كدروع بشرية أو استمرار التسول وجمع الأموال والمتاجرة بهم .

الهجوم الدولي على سورية كسب العديد من الجولات إعلاميا ، وهذا أدى إلى خسارة جولات عسكرية في البداية ريثما انجلى غبار التضليل وبدأ ظهور الحقائق ولكن ليس على المستوى الشعبي بشكل كامل ، وما زلنا بحاجة الى امتلاك الاختصاصات ووسائل النشر الفاعلة على المستويين المحلي والعالمي وهنا نستذكر منع محطاتنا التلفزيونية من استمرار البث على الأقمار الصنعية وهي التي كانت تنقل صورة الحقيقة فقط .... الحقيقة المرفوضة التي تفضح التضليل .

لا بد من تحذير شعبنا في الشمال والشرق من عمليات التضليل التي تمارسها كل من الولايات المتحدة وتحالفها وأيضا النظام التركي ولا يمكن تجاوز أو نسيان تصريحات المسؤولين الأتراك سواء في القرن الماضي قبل سلب اللواء أو قبل سنوات وحاليا وقولهم أن لا أطماع لهم في الأرض السورية وإذا كانوا كذلك فلماذا عمليات التتريك وفرض المناهج التعليمية التركية وتحية العلم التركي وتعيين ولاة ومسؤولين أتراك في مناطقنا شمال وغرب حلب وادلب ومحيطها .؟.

فليعلم الأتراك وعلى رأسهم ايردوغان أننا ما نسينا الاسكندرون، وأنه سيعود .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024