إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سعاده ومفكرو النهضة.. تجربة معلوف وشرابي*

جان دايه

نسخة للطباعة 2004-11-23

إقرأ ايضاً


لم أكتفِ في مئوية سعاده بقراءة ما قيل وكتب، وبعضه مثير وعميق، بل أصرّيت على أن أنشد موالاً من نظمي وتلحيني، عبر كتاب أصدره حول صاحب الذكرى، أتناول فيه ناحية جديدة وهامة، وهي إهتمامه بالمفكرين والأدباء والفنانين. 


ولما كان العدد كبيراً والحقول متنوعة، فقد آثرت البدء بالمفكرين، وانتقيت نموذجين أو مثالين هما: فخري المعروف وهشام شرابي، اللذين إهتم بهما سعاده أكثر من الآخرين، ووعد نفسه وحركته بدور مميّز لهما، خصوصاً على المستوى الفكري الفلسفي. 


ولكن ما جدوى الإضاءة على معروف وشرابي، فيما الأول ترك الحزب والعقيدة منذ أواسط الأربعينات من القرن الماضي، والثاني فعل الشيء نفسه في أواسط الخمسينات من القرن نفسه؟ وكان الجواب على هذا السؤال الذي طرحته على نفسي وطرحه عليّ بعض الذين قرأوا كتاب " سعاده وهشام شرابي" أن نتاج معلوف وشرابي رفيع المستوى ونهضوي بشهادة سعاده نفسه، ولا يجوز أن يُلغى من أرشيف الحركة بسبب أن صاحبيه تركا الحزب والعقيدة. وبالعكس، فإن الإضاءة على إهتمام سعاده بالثقافة وفرسانها، ربما يحرّض على إيلاء الفكر والأدب والفن إهتماماً أكثر في الحركة القومية الإجتماعية.. فيما الإضاءة على نتاج المفكّرين والأدباء والفنانين الرواد الكبير والمتراكم وبعضه يتميز باللمعات الإبداعية، يبرز غنى هذه الحركة بناحية أساسيّة في النهضات والحضارات، ويحرّض بدوره على مواصلة الإهتمام بالواعدين من أهل الفكر والأدب والفن داخل الحركة وخارجها. 


ولما كان ما عثرت عليه من نتاج شرابي ومعلوف خلال حياتهما الحزبية، مجهولاً، فقد رأيت ضرورة إعادة نشره في الكتاب، خصوصاً وأن الدوريات التي تحتضنه غير متوفرة بالنسبة لمعظم القراء. وبإعتبار أن الدراسة والوثائق تستغرق ستماية صفحة من كتاب بالحجم الوسط، ناهيك بأني لست من أنصار الكتب التي تتعدى صفحاتها الرقم 300، فإن الكتاب الواحد أصبح كتابين، وبإسمين متقاربين:" سعاده ومفكرو النهضة ـ تجربة فخري المعلوف" ..

و"سعاده ومفكرو النهضة ـ تجربة هشام شرابي". وبناء على رغبة الدكتور شرابي، فقد أجريت تعديلاً في اللحظات الأخيرة على إسم الكتاب المتمحور على تجربته، فأصبح: " سعاده وهشام شرابي" من غير أن أعدِّل من النهج الذي يتداخل فيه التأريخ بالتحليل، مع ترجيح كفّة الأول على الثاني. 


وبمناسبة الكلام على النهج، فإني آثرت تخصيص فصل كامل عن سعاده في كل من الكتابين، حيث تناولت فيه سيرته خصوصاً الحزبية منها. وبسبب ذلك، تلقيت من أحد القراء القوميين تساؤلاً لا يخلو من النقد حول جدوى هذا الفصل. بل أن أحد النقّاد وهو " مواطن صالح" حسب المصطلحات الحزبية، "عاقبني" على ذلك، فأحجم عن عرض الكتاب ونقده. وللناقد الصديق والقارىء القومي أجيب أن الكتاب لم يرتكز على محور واحد أي شرابي، بل على محور آخر وهو سعاده، وهذا بُيّن من إسمه ومقدمته. وكذلك هو الحال بالنسبة للكتاب الثاني الخاص بتجربة معلوف. لذلك كان لا بد من فصل يتناول سعاده. ومما يضاعف من ضرورة الإضاءة على سعاده، أن قرّاء كتاب " سعاده وهشام شرابي" من غير القوميّين، ومن خارج لبنان وبلاد الشام، يعرفون شرابي جيداً وبالكاد سمعوا بإسم سعاده. ويجهل هؤلاء، بإستثناء قلّة منهم، سعاده ومعلوف، معاً. 


وعلى ذكر النقّاد، فقد إكتفى معظمهم بكتابة خبر عن كتاب " سعاده وهشام شرابي" بإستثناء الناقدَين الأكاديمي الدكتور جان نعوم طنوس، والصحافي القومي زيد قطريب. نشر الأول نقداً مستفيضاً في جريدة " البلد" بتاريخ 31 أيار 2004، أكّد في سياقه بأني بالغت حين إعتبرت أن كتابات شرابي " أثر فلسفي" بدليل " أن الفلسفة هي الغائبة فيه" على حد تعبيره. وإذ أشكر سميّي على تكبّده عناء قراءة الكتاب وكتابة نصف صفحة عنه في جريدة من الحجم الكبير، أؤكد له بأن مناهضته لسعاده وحزبه وعقيدته، لا يجوز أن تدفعه إلى مناهضة الموضوعية. فإذا كان بعض نتاج شرابي المنشور في الكتاب لا ينتمي إلى عائلة الفلسفة، فهل يجوز التعميم للقول بأن الفلسفة غائبة عن المحاضرة المُعَنونة" في الفلسفة القومية الإجتماعية" والتي تحتل 21 صفحة بدءاً من الصفحة 236؟ وإذا لم يوجد فلسفة في سلسلتَي " العقل والإرادة في المدرسة المدرحيّة" و"قواعد الإنطلاق في المدرسة المدرحيّة" فهل تغدو حلقاتها مجموعة قصائد أو قصص قصيرة؟ 



أما الزميل الرفيق زيد قطريب، فقد نشر صفحة كاملة في مجلة رؤى ثقافية ذات الحجم الكبير والتي يرأس تحريرها الرفيق محمد سعيد حماده. وإذا كان المقال يُقرأ من عنوانه، فيمكن للقارىء معرفة ما تضمنه نقده من خلال العنوان التالي الذي تُوّج به:" جان دايه في كتابه سعاده وهشام شرابي.. عناوين كبيرة ومضامين خاوية". ويعج النقد بعبارات من عيار أن غايتي من نشر الكتاب " الربح التجاري الصرف" وقد مارست فيه " التضليل المتعمد" و"الحشو المتعمد". وفي حين إعتبرني من " المفكرين القوميين الإجتماعيّين الموهوبين" لم ينسَ أن يضع أهلّة على كلمتَي ( المفكّرين) و(الموهوبين) إمعاناً في التهكّم. 


وإذ أشكر الرفيق الزميل على لفت نظري للربح التجاري الذي أقرّ به مدير دار نلسن الزميل سليمان بختي ودفع لي مليون دولار أميركي على الحساب... ألفت نظره إلى ما سبق وكتبه رئيس تحرير رؤى ثقافية في 30 آب 2003 عن كتاب صدر في مصر حول هشام شرابي وكنت في عداد محرّريه. قال محمد سعيد حماده في ختام نقده:" أخيراً لا بد من التنويه أن أكثر المقالات إحكاماً ومنهجية مقالة جان دايه التي تناولت، ولأول مرة، بهذا الشكل التفصيلي، علاقة شرابي بالحزب القومي تنظيمياً وفكرياً وسياسياً". والجدير أن الدراسة المنوّه عنها، قد نشرتها كاملة في كتاب " سعاده وهشام شرابي". 


كدت أختم هذه الكلمة بما قاله سعيد تقي الدين منذ أكثر من نصف قرن وهو أن النقد في بلادنا " فن زائف ومهنة طفيلية" لولا باقة من الفرسان الذين يقرأون الكتاب قبل نقده، ولا يكتفون بقراءة ما نشر على غلافه الأخير، ناهيك بأنهم لا يقطعون رأس الكاتب كما يفعل أبو مصعب الزرقاوي، لمجرد أنه درس شخصية لا تعجبهم أو إعتمد عنواناً لا يروق لهم.. وقد إستمعنا إلى بعضهم في هذه الأمسية.




 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024