شروق الحيـاة نـور وغـروبها ظـلام . ونهـاية المـوت حيـاة وبدايته هلاك . أما اذا صارت الحياة ظـلمة والموت نورا ً ، فان أشر الشرور هو العيش في الظلام ، وأخير الخيرات هو المـوت الـذي يُطـلق النـور، فـيصيـرالمـوت بداية حياة تـنمـو بالبطـولة ،وتـرتـقى بالهـُدى وتـصيـرأكثر تألقا،وأبهى سناء .
فالى المـولود الشهـيـد الـذي شـع بحياة الهـُدى وافـتـتح عهد البطـولة الـواعية المـؤمنة وبـدأ مسيـرة العـز لـنهضة الأمـة وقضية العروبة الواقعية الحضارية في تنمية ذاتها ومواجـهة طغاة الأمم ، والى شعـوبنا العربية العـظيمة التي بدأت تحطـّم قماقـم عهود الظلام والذل العـفـنة وخاصة الى الشعب الليبي الذي يتعرض الآن لحرب إبادة ، أهـدي هذه الخواطـر :
قـلْ للـذي حَسِـبَ الـولادة َ فــرحـة ً
والمـوتَ حـزنا ً فاحـتـفى ، وتـَجـهـَّـما
إنَّ الـولادة َ كالمـمات ِ لمَـنْ وعى
سَـيـرَ الحـيـاة ِ وســرَّها وتـفـهـَّمـا
لـمْ يَـخـلق الله ُ الحياة َ ولا المماتَ
لـنـزوة ٍ ، بـل شــــاءَ ســـرا ًِ فـيـهـما
فهما الى درك الحـضيـض ِ وسـيلة ٌ
وهـما أرادَ الى الأعـالي سُــلـَّـمـا
فـكلاهـُما دربُ السـفـول ِ لمنْ غــوى
وكـلاهـُما دربُ السُـمـوِّ لمنْ سَــما
إن الـولادة َ في المـمات ِ تـجـسـدتْ
وكـذا المـماتُ خـُطى الـولادة ِ جَسَّما
من تـاهَ في وادي الضلال ِ هـو الذي
عـرفَ البـدايـة َ والنهـايـة َ عـلـقـما
أما الـذي اخـتـارَ الجــلاءَ مـدارَهُ
فـلهُ انحـنى مجـدُ البسيطة ِ مُـرغـما
ومضى يُحـلـّقُ في الأعالي خافـقا ً
وعلى جبـيـن ِ الشمس ِيطبعُ مبسما
إنـســانـُنا أعـطى البـدايـة َ قــيـمـة ً
وبـه ِ اسـتحالَ المـوتُ شيـئا ً أقـيَما
صـارتْ بـدايـتـُنـا نهـايـة َ ظـلمـة ٍ
وكـذا نهايـتـُـنا اسـتحـالـتْ أنـجـما
مـيـلادُنـا يعـني بــدايـة َ نـهـضـة ٍ
وُلـدتْ وصارتْ للـتـجــدد ِ مَـعـلـما
هيَ صيحة ُ الحـق ِ الـذي لنْ يرتـضي
إلا َّ العــدالـة َ والقـضـاءَ الأحـكـما
هيَ صـرخـة ُ العـز ِ الـذي لنْ يكتـفي
إلا َّ بتـعــزيـز ِ الـوجــود ِ لـيسـلـما
هيَ نهـضـة ُ الإنـســان ِ يـكـتـشــفُ
المجاهيلَ الـتي بـقـيـتْ وجـودا ًمُـبهـما
هيَ ثـورة ُ الـشـعـب ِ العـزيـز ِ مُجـددا ً
روحَ الحـضـارات ِ ابـتـكـارا ً مُـلهـما
مـيـلادُنـا الـبـركـانُ ثـــارَ مـزلـزلا ً
أسـسَ الطـغـاة ِ ولنْ يُـوَفـِّـرَ مُـجـرما
مـيـلادُنـا خـَلـْـقٌ جــديـدٌ دكَّ أبـراج َ
الـتـخـاذل ِ والـتـجـابـن ِ والـعــمى
مـيلادُنا فـجـرُ الحـياة ِ المستـضيء
تــفــجـُّـرا ً وتــلألؤا ً وتـَـقَـَــدُّمـا
مـيلادُنا المـوتُ الـذي أرضى الـذي
خـَلـَقَ الوجـودَ وكـلَّ شيءٍ نـَظــَّما
مـيلادُنا مـوتُ الفـناء ِ وبـدءُ تاريخ ِ
الـبـقـــاء ِ المسـتــديـم ِ على الـنـمـا
فـتـمـجـَّـدَ المـوتُ المُـجـددُ مـولـدا ً
بـالعــز ِ كــانَ ، وبالبـطــولة ِ تــُـمِـِّـما
فالحـق ُ يجـمـُلُ بالـولادة ِ عـنـدمـا
ينسابُ مـنـها النـورُ فِـكـرا ً مُـحـْـكـَما
والـعـَـدلُ يـزهـو حـينـما بالمـوت ِ
تـنـتـصرُ الحـياة ُ تساميا ً وتـعاظـما
هـذا هـو المعـنى العـميـقُ لنـهـضة ٍ
بالـروح ِ والعـقـل ِاستـقامـتْ والـدِمـا
فـلقـد قـضى شرعُ الذئاب ِبأن تصيـرَ
بـلادُنـا ســوقَ الـنخـاسـة ِ والـدُمى
وتـصـيـر في الـدنـيـا فــلســـطـيـنُ
الـذبيحة ُ للـيتـامى والأرامــل ِ مـأتــما
ويصيـر لـبـنانُ المخـضـَّبُ مـوطـئـا ً
للمـجـرميـنَ وللأعـــادي مَـغــنـمـا
وعــراقـُـنـا يـغـدو فـريـسـة َ عـالـم ٍ
مـيـت ِ الضـميـر ِ وبالتـوحـّـُش عـُقـِّـمـاِ
ضاقـتْ بـنـا الـدنـيـا ، فـليـس يُفـيـدنا
إلا َّ الفـداءُ ، وبالفــدى لنْ نـُهـزَما
إنَّ الـفــداءَ إلى الخـلاص ِ طـريـقـُـنـا
وبـلا الـفــداء ٍ فـلـنْ نـفــوزَ ونـنـعــمـا
ان الجـهادَ هـو الـوسـيـلـة ُ وحـدهـا
وبـلا جـهــاد ٍ شـعـبـنـا لـنْ يَسـلـما
لا شيء يـخـتـصـرُ الحـيـاة َ ســوى
الكرامة ِ والكـرامـة ُ للأعـزاء ِ الحِـمى
ولـقـد قـضى شـرعُ الإبـاء ِ بأن نكونَ
حـُمـاة َ أمـتــنا ونـبـقى الأعـزمـا
يا أيـهـا الأحــرار أنـتـمْ وحـدكـم ْ
إن هِـنـتــُمُ انـتـصرَ الهـوانُ وخـيـَّما
طوبى لأطفال ِالحجارة ِ قـد غـدوا
شـُعـُلا ً بـها انهـزمَ الظلامُ وأ ُعـدمـا
طوبى لأحرار ِ العـراق ِ فـعـزمُهُـمْ
قـد فـاقَ كـل تـصوّر ٍ وتـَـقـَدّمـا ِ
طوبى للبنان الذي إخـتـرقَ المحال َ
ودك عـرشَ المجـرميـنَ وحـَطـَّـما
طـوبى لتـونسَ قـد أضاءتْ شمعة ً
فـتبسمَ الـزمنُ الجـديـدُ ونـَغــَّما
طـوبى لمصرَ فإنهـا قـد أنـعـشتْ
هـِممَ النفـوس ِ ونهجُها قـد عـُمـِّما
طـوبى لسوريّـِـا الـتي لشمـوخِـهـا
مـجـدُ التـحـرر ِ والسمـوِّ قـد انتمى
طـوبى لثــوّار ٍ تـفــوحُ دمـاؤهُــمْ
في ليْـبـِـيـَا وتـفـورُ سيـلا ً عارما
طـوبى لأحـرار ِ العـروبـة ِ دائـمـا ً
فـهـُمُ الـزوابـعُ نـخـوة ً ومَـكـارمـا
يا أيهـا الأحـرار غـيـرُ جـهادكـمْ
لا لـنْ يـكـونَ حسامَـنا والمِعـصما
مـنْ غـيـركمْ تـدعــوهُ أمـتـُـنا الى
شرف ِالجـهاد ِومن يكـونُ البلسما ؟!
مـنْ غيـركم بـغـدادَ يحـفـظُ ُ طـهـرَها
ويكونُ رُمـحَ عـفافـِها المُتــَقـدما ؟!
مـنْ غـيـركـمْ لبـنــانَ يـرفــعُ أرزه
حتى يطالَ الأرزُ أبـعــادَ السـما ؟!
منْ غـيـركـمْ للقـدس ِ يُـرجـعُ بسمة ً
ولغـزة َ الأمـلَ الـذي قـد هـُـدّ مـا ؟!
منْ غـيـركـمْ يجـتـثُ أشرارَ الـوجـود ِ
ولا يـهادنُ في العـدالـة ِ مـجـرما ؟!
منْ غـيـركـمْ يَـبقى المـحـررَ للبـلاد ِ
ويـسـتـمـرُ المُسـتـجـارَ الأحـكـما ؟!
مـنْ غـيـركـمْ يـَطـوي الـزمانَ بـقـوة ٍ
ويـكـونُ للأجـيـال ِ نــورا ً مُـلـهـما ؟!
بـكـمُ الـرجاءُ ولنْ يـكـونَ بـدونـكمْ
لـولاكـمُ انـقـطـعَ الـرجـاءُ وأ ُعــدمـا
تستـصـرخ ُ الأجـيالُ نــارَ هـبـوبـِكـمْ
نــارَ التـحـرر ِ غـيـركـمْ لن يـَضـرما
لا تـهـنأ ُ الأجـيـالُ إن لـمْ تـَجـعـلـوا
الـدنـيا لأعـداء ِ الشـعــوب ِ جـَهـَـنـَّما
فالعـمـرُ كـانَ ولا يـزالُ هُــنـيـهـَة ً
إنْ لـمْ نـعــيـهـا لا ولـنْ نـتـعــلـما
والعــيـشُ بالـذل ِ انـتـحـارٌ مُـرعــبٌ
مـنْ عـاشَ بالـذل ِ انـتهى مُـتسمـما
والمـوتُ بالعــز ِ انـتــصــارٌ حـاسـمٌ
منْ مـاتَ بالعـز ِارتـقى واسـتـعـظـما
سـيـان عـشـنا أو قـضيـنا ، هـمـّـُـنـا
أن يستـمـرَ العــزُ حُـكـما ً مُـبـرمـا
هــذي ولادتـُـنـا ولادة ُ نـهـضــة ٍ
من ْ ضـلَّ عـنـها قـد تـخـبطَ َ بالعـمى
هــذي ولادتـُـنـا ولادة ُ يـقــظــــة ٍ
كيْ تـجـعـلَ الإنسانَ يَـفـهـمُ بالـوَما
هــذي ولادتـُـنــا بـدايـــة ُ ثــورة ٍ
جـعـلـتْ محالَ المستحـيـل ِ مُـؤَقـلـَما
قـلْ للألى تاهـوا : ضـيـاءُ مـنارنـا
قـهـرَ الظـلامَ وعـَـمَّ آفــاقَ الســما
قــلْ للألى تـَعــِبـوا : بـيـارقُ عِـزنـا
صـارتْ لـطـلاب ِ الحـيــاة ِ الأنـجُـما
قـلْ للألى سَـئـِمـوا : تـفـاؤلـنا هـوَ
أبــدا ً يَـظــلُ مُـقـاومـا ً ومُـهاجـما
قــلْ للألى رحَـلـوا : عُـطـورُ دمائـِكمْ
فــوّاحـة ٌ وبـهـا الأثـيـرُ تـبـلسَـــمـا
قـلْ للألى إضـطــُهـِدوا : دَويّ ُ أنـيـنكمْ
سَـيـَظـلُ للألــم ِ الكـبـيـر ِ الـمَـرهـما
قــلْ للـذين تـشـردوا والى المجاهـل ِ
هـُجـّروا : بـكـمُ الشـمـوخ ُ تـجـسَّـما
قــلْ لـلـذيـنَ سـَــيـولـدونَ : بـأنـكـمْ
إنْ ثـُرتـُـمُ الظـلمُ انـتهى وتـَحـَطـَّـما
قــد بـانَ أنَّ هـلاكـَـنـا بـخـمـولـِنـا
ونـجـاحَـنا بـجـهـادنـا قــد حـُـتـِّـمـا
معـنى الـولادة ِ والنـهايـة ِ عـنـدنـا
وعيّ ٌ تـزوبـعَ بالـبـطـولة ِ واحـتـمى
واخـتـارَ آمــادَ الـخـلـود ِ مُـصـَوِّبـا ً
إلا َّ الحـقــيـقـة َما استطابَ ومـا رمى
فـبـمـولـد ِ النـور ِ الحـيـاة ُ كـريـمة ٌ
وبـوقـفـة ِ العـز ِ الـوجـودُ تـَـكــرَّمـا
من ضـلَّ عن نـور ِ الحياة ِ وعـزها
هيهات ِ يُـدركُ ما الحضيضُ وما السما
هيَ عـبـرة ُ الأجـيـال ِ عـَمَّ شـعـاعـُها :
بـالـنـور ِ والـنـار ِ الـتـقـَدمُ قـد نـمـا
منْ لا يجـيـدُ قـراءة َ التاريخ ِ ميـتٌ
لـنْ يـقــومَ ولـو أ ُقـيـمَ ورُمـِّـمـا
روحُ الحـيـاة ِ ولادة ٌ مُـثـلى ، بـهـا
انـطـلقَ الوجـودُ تـألـقـا ً وتـعـولـمـا
ســــرّ ُ الحـيـــاة ِ تـألــقٌ ، وتـفـــوُّقٌ
وتـزوبــعٌ ، وتـعـبـقـرٌ ، قــد أ ُبـرمـا
هيَ آيـة ُ الـميـلاد أحـكـمُ حـكـمة ٍ
أن نـرتـقي أبـدا ً ، وأن نـتـعـلـَمـا :
انَّ الـمُهِـمَّ هـوَ الخـروج ُ منَ الـدُجى
ومَـدى الأهـم ِ بأن نـُسابـقَ مـا سـمـا
مـا ضـلَّ عن سـر ِالحياة ِ سوى الأ ُلى
عـبـدوا الجـهـالة َ والخـرافـة َوالعَـمى
|