إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المندائـيــة ، الصابئــة ، الإيزيديون ونكبة الأقليات ..!

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2014-08-21

إقرأ ايضاً


الإيزيديون بقايا السومريون السوريون ، وهم عشائر سورية أصيلة عرفت فيما بعد بالكورد ، تعود عقيدتهم الدينية إلى ماقبل الديانات المعروفة وتعزى إلى الدين التوحيدي السوري ومن الأرجح أنه حتى ما قبل ابراهيم الخليل الذي انحدر من سومر – أعالي الفرات ودجلة ، وفي العصر الحديث يكثر الخلط ما بينهم وبين الزيدية – مذهب إسلامي منسوب إلى زيد بن علي بن الحسين ، وأغلبهم في اليمن - أما الإيزيديون فمعتقدهم الديني معروف بالديانة المندائية ، والبعض يطلق عليهم الصابئة وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم " المؤمنون والمؤمنات ، الصابئون والصابئات ، القانتون لله والقانتات ...* والعقيدة المندائية لها طقوسها ومراسمها منذ عرفت حتى اليوم وتتسم بالإيمان العميق والسلام ولا تحمل عداء للآخر ، ومثلها كمثل كل العقائد الموصوفة بالأقليات ، نالها من التشويه والتشهير الكثير ، كما تعرض معتنقوها إلى حملات إبادة جماعية في أكثر من مرحلة عبر التاريخ وخصوصاً على أيدي الاحتلال العثماني .

لم يأت القرار الأممي 1270 الصادر عن مجلس أمن الأمم المتفرقة لحماية هؤلاء الذين يستهدفهم تنظيم داعش كما يستهدف غيرهم ، ولم تبادر أمريكا وحلفها لحمايتهم ، ولأنهم لا يمتلكون وسائل الدفاع عن النفس كما الآخرون ، وبحكم الصلة العرقية تبادر وحدات الحماية الشعبية الكردية لنجدتهم وإيوائهم كما استقبلت غيرهم من الآشور والكلدان والسريان العراقيين ، حقوق الإنسان المرفوعة رايتها عاليا في عالم الغرب المتوحش لا تظلل هؤلاء ، بل هي الظل الحامي لمصالح الغرب ، وقد تم مسخ هذه الحقوق فاقتصرت على المصالح وانحصرت مفاهيم الديمقراطية بحقوق الاقتراع كما تقول الصحافة الأمريكية حتى في الداخل الأمريكي ، ولأن حقوق الإنسان مهدورة بقوة الحذاء العسكري والأمني في أغلب دول العالم التابعة فإن السياسة الخارجية الأمريكية تفضل نسج علاقاتها مع الأقوياء متجاوزة حقوق المواطنين الفقراء في كل العالم حتى في الولايات المتحدة ذاتها ، القرار الأممي لم يصدر إلا بعد أن وصلت موسى داعش إلى لحية البنتاغون الأمريكي في غرفة عملياته الأكبر في المنطقة " أربيل " وبعد استغاثة الجنرال القائد ... برئيسه أوباما وتحذيره من كارثة 11 أيلول جديدة .

السياسة الخارجية الأمريكية تجتر نفسها عبر التاريخ ، من زمن غير بعيد كانت القاعدة موصوفة في الخارجية الأمريكية بالمجاهدين ، فقد كانوا يقاتلون الروس ، وكانت تدعمهم عسكريا – تدريبا وتسليحاً ، وبعد الحادي عشر من أيلول ، وهي بطبيعة الحال مؤامرة صهيونية لخلق عدو جديد ، بديل للعدو الشيوعي الذي سقط – أصبحت القاعدة وما ترمز إليه من إسلام سياسي هي العدو الجديد مع استمرار الروابط بينها وبين مستويات من الاستخبارات والمنظمات الرديفة لها في أنحاء العالم ، وما داعش إلا جناح من هذه القاعدة ترعرع ونشاً بالرعاية والتمويل ذاته ولم تكن خافية روابطه المتينة مع نظام آل سعود ، أما أن تتبدل المواقف من هذا التنظيم فيصبح عدو للجميع فهذا لأن العفريت خرج من القمقم والقاعدة تقول : أنه عندما يتضخم ويخرج عن السيطرة يأكل صاحبه ، التزام النظام السعودي تمليه المواقف الأمريكية ولا خيار في القرار الصادر عن الباب العالي الذي تمركز في المحفل الأعظم ، وقد نجاري بعضهم الادعاء أن داعش صناعة مشتركة ( أمريكية – سعودية – سورية ) أوليس من حق سوريا أن تبدع تنظيماً مشابهاً رداً على التدخل السعودي السافر ، أم أن السعودية فقط هي صاحبة هذا الحق بالأمر الأمريكي ..؟. سوريا لم تدخر جهداً في التنبيه إلى النتائج المنتظرة من دعم الغرب وتمويل العرب للتنظيمات التخريبية ، ولأنها كانت تعمل على تخريب سوريا ، وفي هذا مصلحة للغرب ومشروعه الصهيوني في المنطقة فقد جرى غض البصر ، بل والدفع بأكثر من نظام في المنطقة للمساهمة ، تمويلاً ، وتدريباً ، وتسهيلاً لمرور المرتزقة الوافدين من كل الأصقاع دون الأخذ بالحسبان أن هؤلاء قد تجمعهم عقيدة واحدة – سواء كانت مزيفة أم حقيقية على أمر واحد هو النيل من الجميع وها قد انتشرت النار لتدخل من الأبواب الخلفية ولتطال الجميع دون استثناء ، اليوم فقط يصحو المجتمع الدولي على الكابوس ، ليس حباً بالضحايا ، لا إسلاماً ولا مسيحيين ، لا عربا ولا كورداً ، ولا حتى مندائيين – أهل ديانة تراثية حضارية نشأت في ظل دولة كانت تشع نوراً على عالم يغرق في ظلمات الجاهلية – المندائية – دين محبة وسلام ، ونظافة وطهارة ، حافظت على خصائصها ، أما السياسة الخارجية الأمريكية فهي الأكثر بعداً عن هذه الأقانيم ، لا تعرف عنها ، وليست مهتمة بها ، وكم من أقليات انقرضت ، ومنها باليد الأمريكية الملوثة ، الما زالت تقطر دماً حتى اللحظة .

القرار 1270 ، حبر على ورق ، وسيظل كذلك ، لن يدخل حيز التنفيذ أبداً كما كثير من قرارات المجلس السابقة التي لا تخدم المصالح الأمريكية ، وحده الصراع في المنطقة واستمرار الفوضى والحرائق ضمن مناطق بعينها ، يخدم هذه المصالح ، وتستمر الرعاية والنفخ في نارها ، ويستمر الإعلان عن مواقف دعائية ، ضربات جوية ، عقوبات مالية ، على جماعات ، على أفراد ، ولكن يبقى التحالف غير المقدس مع الجذور راسخاً رسوخ المصالح إياها ، وتتخبط السياسة مكررة أخطاء الماضي ، تصدر قوائم وتلغي قوائم ، تضيف أسماء ، وتشطب أسماء ، كونترا ، قاعدة ، جيش أحمر ، باسك ، خمير حمر ، دول مارقة ، منظمات إرهابية " فلسطينية " – لبنانية - عمال كردستاني – حزب الله – داعش ، والنصرة ، وتوابعهما ... من سيبقى على القوائم ، ومن يتم شطبه أو استبداله ، الغرابة في وجود أسماء تنظيمات على اللوائح الأمريكية تقاتل نفس العدو اليوم ، داعش ويتساءل المحللون الأمريكان كيف ، ولماذا وإلى متى ..؟. - العمال الكردستاني يطالب برفع اسم تنظيمه عن القائمة الإرهابية فهو يقاتل إلى جانب البشمركة المدعومة أمريكياً ...

هناك دول ومنظمات مقاومة على ساحة العالم ، ليست مهتمة ولا معنية بالقوائم الأمريكية التي أهدافها المساومة والدفع بالخصم إلى الرضوخ والركوع ، من هنا نثق بأن هؤلاء لن يطالبوا أمريكا إعادة النظر في قوائمها ، ولا عقوباتها ، ولتشرب البحر .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024