إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عميق (البقاع الغربي) موقع ... ومواقف في تاريخ الحزب

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2017-01-04

إقرأ ايضاً


بعد ان كنا تسلمنا من حضرة العميد الامين نزيه روحانا النبذة المفيدة عن موقع المعلم، تسلمنا منه منذ ايام قليلة نبذة اخرى عن موقع "عميق"، البلدة التي شهدت حضوراً قومياً اجتماعياً لافتاً في البقاع الغربي الى جانب بلدات مشغرة، صغبين، خربة قنفار، جب جنين، القرعون، سحمر، يحمر، مجدل بلهيص، كفرمشكي، وغيرها... وفيها كلها نشأت فروع للحزب، سقط شهداء، وتميّز عدد كبير من الرفقاء بنضالهم وتفانيهم، وقد سطروا في تاريخ الحزب وقفات مشعّة .

عن العديد منهم كتبنا(1) ونأمل ان نكتب عن امناء ورفقاء آخرين، داعين رفقاءنا في البقاع الغربي ــــ وفي كل مكان في الوطن وعبر الحدود ــــ الى ان يهتموا بتدوين تاريخ نشوء ونمو العمل الحزبي في متحداتهم، الى سير ومسيرة الرفقاء الشهداء والمناضلين فيكون لهم حضورهم في ذاكرة الحزب وفي تاريخه.

ل. ن.

*

كثيرون منا يعرفون بلدة "عميق" اليوم من خلال شهرتها بالمحمية الطبيعية القائمة على اراضيها الشاسعة، والتي يعود الفضل في انشائها الى اصحاب الأرض، آل سكاف، والأهالي معاً.

وآخرون يعرفونها من خلال أشرطة "الفيديو كليب" التي صوّرت فيها، سواء على طرقاتها المرصعة بالأشجار، او في جبالها الغضة بأشجار السنديان والملول والصنوبر... أو على ضفاف المستنقع الذي يشكل جزءاً من المحمية الطبيعية وملجأ للطيور وللحيوانات البرية والأسماك النهرية ولائحة لا تنتهي من النباتات والأزهار الفريدة من نوعها.

أما نحن، معشر القوميين، فبالإضافة الى هذه المعرفة الآخاذة بسحر الطبيعة، فلنا في هذه القرية معرفة اقدم زمناً، وأغلى قيمة، وأشد رسوخاً في العقل والوجدان، وهي علاقة القرية مع الحزب السوري القومي الاجتماعي.

*

ففي اواسط الخمسينات من القرن الماضي، تأسست مديرية للحزب في عميق، ضمّت نخبة من شبابها تعدى عددهم العشرين رفيقاً من كافة العائلات الذين انصهروا في حياة حرة موحدة، لا يفرّق بينهم أحد، بل تجمعهم وحدة الهدف والمبادئ والمناقب القومية الاجتماعية، ونستطيع القول ان الرفيق المرحوم بولس مارون هو مؤسس العمل الحزبي في البلدة، وكان يتمتع بشخصية قوية وارادة وحنكة مميزَين..

ضمّت المديرية شباباً من عائلات: مارون، جبور، روحانا، زيدان، لحود، غاريوس، ابو ملهب، تركماني وغيرهم .

وقد لعبت المديرية دوراً في حماية البلدة والمنطقة ابان الحوادث عام 1958، ومن الرفقاء البارزين آنذاك الرفيق المرحوم فؤاد تركماني الذي كان ينقل البريد الحزبي من والى دمشق عبر سلسلة جبال لبنان الشرقية سيراً على الاقدام وذلك في زمن العمل السرّي.

وبعد الثورة الانقلابية في مطلع عام 1962، تعرّض هؤلاء الرفقاء، اسوة بباقي القوميين في لبنان، للاعتقال التعسفي والضرب والتحقيق، ومنهم من قضى في السجن ثلاثة اشهر او أكثر، مما سبب تراجعاً في أداء العمل الحزبي الذي تحوّل الى السرّية واستمر على هذا النحو حتى ما بعد العفو عام 1969. مع بدايات العام 1975، حين بدأت الأحداث، بدأت معها مرحلة جديدة من مراحل الحضور الحزبي في البلدة، فأعيد تأسيس المديرية من جديد، واستطاعت استقطاب عدد كبير من شباب البلدة، ليكونوا انصاراً للحزب فانضووا تحت لوائه في أعمال الحراسة الليلية، وكان للمديرية دوراً كبيراً في حماية السلم في البلدة، ومع البلدات المجاورة في كل من البقاع الغربي والبقاع الأوسط.


ألتصدي للاجتياح الاسرائيلي عام 1982

وأما في زمان الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، فلقد تصدى اعضاء مديرية عميق لجحافل العدو التي كانت قد وصلت الى مشارف البلدة، يعاونهم عدد من الرفقاء من مديرية قب الياس وفروع اخرى من منفذية زحلة، حيث تمترس المقاتلون القوميون الاجتماعيون في اطلال عميق العتيقة، وخلف الهضاب وفي الأودية، حيث استحدثوا مواقع للدفاع، ولقد تصدوا بكل قوة على رغم قلّة عددهم أمام عشرات الدبابات الاسرائيلية وتحت وابل من القصف الجوي والأرضي المعادي المتواصل، واجبروا العدو على التوقف عن الزحف، وبقيت حيث هي على بعد كيلومترات من البلدة، من الساعة الثانية بعد الظهر حتى صباح اليوم التالي، عندما استطاعت قوات الحزب الانسحاب التكتيكي الى مواقع دفاعية خلفية باتجاه مزرعة "حوش قيصر" على طريق "قب الياس". وبعد عدة ايام من دخول العدو الاسرائيلي الى البلدة، قام العدو باعتقال عدد كبير من الرفقاء واقتادهم الى المعتقلات وبقوا اشهراً حتى افرج عنهم، كما اقدمت عناصر مسلحة من زمر مخابرات العدو باعتقال الرفيق جورج حسون وقتلته عمداً، مما ترك استياءً لدى جميع ابناء البلدة المسالمين وخلّفت جرحاً عميقاً في قلوب كل المواطنين. والشهيد جورج كان من خيرة شباب البلدة وكان يتمتع بأخلاق عالية وبشجاعة نادرة. هذا الحدث حتّم على معظم القوميين مغادرة البلدة الى القرى غير الخاضعة للاحتلال الاسرائيلي، مثل شتورا وجديتا وقب الياس.

وفي ربيع العام 1985 وبفضل ضربات المقاومة الوطنية، اضطر العدو الاسرائيلي للانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية، وعاد الحزب الى عميق وفعّل حضوره اكثر فأكثر. فتأسست في البلدة، الى جانب المديرية، قاعدة للمقاومة الوطنية، للانطلاق منها الى تنفيذ العمليات العسكرية. منها انطلق الرفقاء الاستشهاديون : عمار الأعسر، محمد قناعة والرفيقة زهرا بو عساف، وهؤلاء حملوا أجسادهم وفجرّوها بوجه العدو الاسرائيلي وزرعوا الرعب في نفوس جنوده، وغيّروا باستشهادهم، وأمثالهم من الشهداء ، مسار التاريخ وأجبروا العدو على التراجع والانسحاب والتقهقر.

وكان رد العدو بقصف المدنيين بواسطة طائراته الحربية ، واحدى هذه الغارات استهدفت قصر آل سكاف في ضاحية البلدة الغربية، حيث جرح حوالي 15 مواطناً كانوا في محيط القصر ممن يعملون فيه، ونجوا من الموت بأعجوبة، حيث دمّر القصر المؤلف من عدة مبان دماراً شاملاً. ولكن سلمت البلدة وسلم الحزب وبقيا معاً وسيبقيان معاً في مسيرة مستمرة.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024