إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سعاده الغائب الأكبر في حزبه (10)

طه غدار

نسخة للطباعة 2021-07-08

إقرأ ايضاً


الإدارةالحزبية تغرق الحزب في المستنقع السياسي الآسن..!

"ان نظامنا هو الوحيد الذي يؤمل ان يكفل لهذه الأمة مستقبلا غير الحالة الزرية التي تتعثر فيها" (المحاضرة الثانية).

سبق أن أوردنا في مقالات سابقة، أن مشروع الجمعية السياسية اجهض "الفكرة" و"الحركة" اللذين يتناولان" حياة امة بأسرها" وبالتالي سقطت "الخطة النظاميةالمعاكسة" لبناء" المجتمع السوري" والقضاء على" الدولةاليهودية".. لذلك ما زالت سورية في حالة تعثر في أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لبقاء أعضاءالحزب في حالة غيبوبة عن حزب ائتمنوا على صيانته، فتركوه لقمة سائغة تتناهشه فرديات وأنانيات الإدارات الحزبية المرتهنة للاقطاع الداخلي في كيانات الوطن السوري.

وكان من المنتظر ان يتنادى المثقفون القوميون لتشكيل تجمع لإعادة الحق الى ىنصابه! فنراهم كبقية الأعضاء

"المقهورين" يعمل كل واحد بمفرده، وعلى هواه. ولم ينجحوا بتشكيل نواة صلبة! فلا مكتب أبحاث ولا ندوة ثقافية وفق قانون الزعامة، ولا جامعة باسم سعاده، فقط نتسقط منهم اخبار صدور بعض كتب المذكرات، تشفي غليل أصحابها. وكتب اخرىتتناول أجزاء من فكر سعاده. اضافة لمؤسسة سعاده التي تستمر بتألقها بعد نجاحها بجمع أعمال سعاده الكاملة. وتتابع عملها بناء على هذا الإرث. ويتابع الأعضاءالمسؤولون عن المناطق عملهم في جمعية سياسية كغيرها من الجمعيات وفقا لتوجيهات الادارة الحزبية التي تهتم بزيادة عدد الاعضاء ليتسنى لأعضاء الادارة الترشح لكرسي نيابي او بلدي.. لذلك لا نسمع عن أي تغيير في البنية الاقتصادية الاجتماعية في المناطق التي يكثر فيها عدد أعضاء الحزب. فهو حزب كبقية الأحزاب يهتم بالحكم والعمل السياسي، دون أي إكتراث ببناء حياة جديدة للمجتمع السوري، و دون أي تخطيط لبناء نظام وضعه سعاده لانتظام حياة المجتمع. ممايترجم الإهمال الكلي لمصالح الشعب! وفي هذا المجال يكتب سعاده في مقالته"مصير سورية بعد الحرب" (.1.10.1940):".. القضية السورية القومية التي اوجدها الحزب القومي، وقام على تحقيقها، قضية مصالح الشعب السوري كله، أي مصالح الزراع والصناع والتجار وأهل الفنون السوريين، لا قضية فئة من الشعب قامت على أساس الأغراض السياسية التقليدية من نشوء الأحزاب. وهذه الحقيقة تعني ان الحزب السوري القومي لم ينشأ على القاعدة المعروفة في مبادئ العلم السياسي والعلم الاجتماعي التي تعرف الأحزاب بأنها تنظيم جماعات ذات مصالح معينة ضمن الدولة، وتكون هذه المصالح أحيانا مصالح الحكم. فهو حزب من حيث ودلالاته على تحزب معتنقي مبادئه وانتظامهم لتحقيق هذه المبادئ ولكنه في طبيعته حركة ترمي الى تناول الشعب السوري كله بالتنظيم الفكري والعملي لأن مبادئه هي مبادئ حياة الأمة السورية بأسرها"واضح, عدم العمل منذ غياب سعاده، بكلمة الزعيم، لذلك نجحت الجمعية السياسية القائمة على إدارة الحزب بإبقائه ضمن هذا الإطار، ولن يقوى الحزب ان يصبح "حركة الشعب العامة" أو "حركة شعبية واسعة النطاق" كما يقول سعاده في خطابه اول اذار عام 1938 على الإطلاق، فيبقى الحزب في حيز العمل الإنتخابي لمرشحيه غرضه إكثار عدد أعضائه لربح معركة انتخابية! متجاهلا كل كلام سعاده. ليبقى الحزب حزبا عاديا في سوق السياسة السورية. وفي هذا الشأن، كتب رئيس الحزب يوسف الأشقر في بيانه الداخلي في 12 أيلول 1971 ما يلي:" هذا مع العلم ان الانتخابات النيابية على الأبواب وهي تحمل معها شتى الإغراءات والنزوات الشخصية مقنعة بألف قناع واننا نعرف من تاريخ الحزب الطويل ان المواسم الانتخابية في لبنان أدخلت على الحزب أدبا خاصا ولغة خاصة وعقلية خاصة ربما أفاد منها الحزب موقتا على الصعيدالشعبي إلا إنها في الحصيلة الاخيرة مراحل تميع فيها نظامية الحزب ويتسيس الأعضاء ويتعصبون لأفراد، مما أسهم إلى حد ما فيخلق نوع من الإقطاعات السياسية داخل الحزب ومما أدخل بنية لبنان السياسية الى داخل الحزب بدلا من ان يعمق البنية الحزبية في صفوف الشعب.... إن مراكز القوى الفردية في الحزب هي إقطاعات سياسية بكل معنى الكلمة وهي التي تبدو مسعورة في المواسم السياسية في البلاد. إننا نلمس بوضوح إن المنفذيات التي لنا فيها تقليديا نفوذ سياسي انتخابي تفتقر اكثر من غيرها الي النظامية العقائدية والمناقبية والمسلكية. كما انها أدنى المنفذيات سوية عضوية، بدليل اننا نعجز في بعضها عن إيجاد مسؤولين اداريين لها. ... ان السياسة دخلت الى صفوف حزبنا نفسها، دخلت من النوافذ وباسلوب خبيث". ثم يضيف: " نحن حركة تدمير نهائي لمراكز القوى الفردية في شعبنا لنقيم مركز الحياة الواحدة للمجتمع بكامله. نحن حركة قضاء نهائي على القوى الفردية في شعبنا لنقيممركز الحياة الواحدة للمجتمع بكامله.

نحن حركة قضاء نهائي على النزعة الفردية في شعبنالنثبت ارقى فلسفة إجتماعية في مجتمعنا العظيم الخالد: هي فلسفة الإنسان- المجتمع، لنا ولعالمنا العربي ولأمم العالم... نحن شفرة قاسية لا ترحم النبت الرديء في حقلنا."

كانت عملية التسلق الى إدارات الحزب واسطة المرور للانتخابات النيابية. وهذه اللوثة كانت منذ الأربعينات. فبعد حصول الانتخابات في أيار 1947 يكتب سعاده الى رفيقه رفيق الحلبي22 حزيران 1947"واني أحمد الله على حصول التزوير وسقوط مرشحي الحزب في محافظة جبل لبنان والجنوب فلو نجحوا لكان بعضهم خلق لنا مشاكل جديدة نحن في غنى عنها". وما زالت هذه اللوثة في تضخم مستمر، أدى إلى إنشاء عمدة للشؤون الانتخابية والبلدية!؟ خلافا لكل الأعراف النظامية لنشوء العمدات (المصالح العامة الرئيسية)! في اهمال كلي لكلام سعاده اننا حزب الشعب ويجب ان نهتم بتأمين حقوقه ومصالحه. فالحزب نشأ من أجل الشعب، وللشعب. وليس "ركوب" الشعب الى مصالح انتخابية فردية لذلك صاغ سعاده مواصفات المرشح القومي الاجتماعي في مقالته" قواعد الترشيح للنيابة في الحزب القومي الاجتماعي

( كانون الثاني 1949) التي لم تطبق من تاريخ وضعها كما لم يطبق لتاريخه أيضا نظام المديرية والمنفذية ومجلس المديرين ولجان المديريات ومجالس المنفذيات ،ليصبح الحزب حركة الشعب العامة فعلا لا قولا. لذلك بقي الحزب مجرد جمعية سياسية لغايات انتخابية وسياسية محلية. وبقي الشعب على حاله اذا لم اقل أسوأ مما كان زمن سعاده :طوائف ومذاهب وعشائر، حيث تزدهر في هذه الأجواء الأقطاعيات السياسية المستمرة منذ عقود من السنين. لم يحدث وجود الحزب تغييرا في حياة السوريين بشكل عام ومما لا شك فيه ان بعض الاعضاء المؤمنين بفكر سعاده قد نجحوا في إجراء تعديل في حياتهم الاجتماعية لكن القومية الاجتماعية هي مذهب للمجتمع لا للأفراد وإحداث عملية التغيير الحقيقية يجب ان تتم في المتحدات عبر المديريات والمنفذيات.. وفق برامج ومشاريع محددة، لذلك يجب ان يكون مسؤولو والمديريات والمنفذيات مختصين بالشؤون الاجتماعية أو نالوا قسطا من التدريب في هذا الشأن ليتمكنوا من النجاح في مسؤولياتهم. و ليصنعوا النموذج المرتجى، في المتحدات، وهو ما توخاه سعاده للمناطق من إنشاء حياة جديدة وإلغاء كل المؤسسات القديمة، وبناء مؤسسات جديدة يحتاجها سكان المناطق لإحداث تغيير في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو ما يساعد على ترقية حياة المتحدات وازدهار الوضع المعيشي فيها وبالتالي رفع مستواها الاجتماعي والثقافي وهذا ما وجه العناية له سعاده في محاضرته في مؤتمر المدرسين عام 1948، إذ اعتبر مشكلة المؤسسات "المشكله الاولى العنيدة المعقدة التي رأت الحركة السورية القومية الاجتماعية انها تصد اولى خطواتها وتعرقل بادئ أعمالها" ويتابع ان" المؤسسات التي لم يكن غيرهاقبل نشوء المنظمة القومية الاجتماعية ومؤسساتها هي مؤسسات لا تصلح بالمرة، و لا يصح اعتماد أية مؤسسة منها نقطة ارتكاز او انطلاق في عمل البناء القومي الاجتماعي.. ولا شيء من هذه المؤسسات الاولية يصلح لشيء من مبادئ الحياة الجديدة، الحياة القومية الاجتماعية" وبناء المؤسسات الجديدة يقع أساسا على عاتق المنفذيات والمديريات. وكل ذلك غائب غيابا تاما عن اذهان الجمعية السياسية الغارقة في مشاريعها الخصوصية. و كثيرا ما نسمع اعضاء الحزب يرددون" نحن ابناء الحياة"، دون ان يفعلوا شيئا في مناطقهم التي مازالت مرتعا خصبا للاحزاب الطائفية والعشائرية والأثنية. مما يسمح بالقول، إن خطة سعاده لم تستعمل بعد. وبالتالي يظهر" الحزب" كغيره من الاحزاب العاجزه، سقط في حيز الجمعيةالسياسية المحلية. ولا قيامة له سوى بالعودة الى خطة سعاده الواردة في دستوره الأساسي. وفي هذا المجال يكتب سعاده في مقالته"" لا مفر من النجاح" (17/4/1949) ان الحركة القومية الاجتماعية هي حركة إنشاء وبناء، وقضيتها هي قضية حياة المتحد الاجتماعي، حياة الأمة كلها ومصيرها.. هي حركة الشعب لأنها حركة العمال والفلاحين الكادحين.. انها حركة الشعب لأنها حركة أصحاب المهن الحرة.. إنها الحركة التي تمكن الأمة من الوقوف في وجه البلوتقراطية، الرأسمال الأجنبي الذي لا يستعبد فئة واحدة من فئات الشعب بل يستعبد الامة كلها.. اننا حركة الشعب ومصالحه، إننا نثق بالشعب الذي احتقره السياسيون وتلاعب بمقدراته الإقطاعيون وخانه المثقفون في ثقافة الاستعمار والرجعة فنحن من الشعب ونعمل في الشعب لاجل الشعب". وهكذا تكون الجمعية السياسية التي تهتم بمصالحها الانانية وتتنكر لحياة الشعب وتساهم بالتلاعب بمقدراته ،هي خائنة الشعب لأنها لا تعمل اطلاقا بموجب المؤسسات الاجتماعية الواردة في دستور سعاده. خلاص شعبنا عبر بناء حياة جديدة لهم صاغة كلها في المؤسسات الاجتماعية القومية الاجتماعية، ويتم ذلك بإلغاء كل التعديلات على دستور سعاده والعودة للعمل بكل المؤسسات الاجتماعية والسياسية لبناء حياة جديدة في نظام تنتظم فيه حياة المجتمع والدولة القومية المستقلة التي أعلنها سعاده في خطابه المنهاجي عام 1935.. وذلك يمكن أن يتم - في ظل الوضع الحالي الشاذ على كل الصعد-عبر انتقاء إدارة موقتة من اصحاب الاختصاص والنضال ويتمتعون بمواصفات أخلاقية ومناقبه عالية لفترة موقتة لصياغة حياة حزبية جديدة صافية ينتج عنها حياة شعبية جديدة في مناطق الوطن السوري جريا على خطى سعاده في مؤسساته الاجتماعية والسياسية. كل ما دون ذلك يبقي الشعب في واقعه الراهن طوائف وعشائر و إثنيات، وإبقاء"الحزب" أيضا في المستنقع السياسي الآسن في بلادنا...!

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024