إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الى متى التعطيل ولمصلحة من؟

زاهر العريضي

نسخة للطباعة 2008-01-03

إقرأ ايضاً


سنة وعدة أشهر مرت على دخول الأزمة السياسية والدستورية نفقا من التصاعد تخللته مبادرات عديدة قدمتها المعارضة اللبنانية للحوار وللتوافق ولا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري وجميعها قوبلت بالرفض من قبل الطرف المستأثر بالسلطة ففي كل مرة كان يتبلور مشروع تفاهم محتمل بين الموالاة والمعارضة يأتي التعطيل امّا بأمر أميركي مباشر وامّا بواسطة القوى العربية الحاضنة للموالاة أو بإيحاء منها ما أدخل لبنان في نفق مظلم بعد ان وصلت الأمور مع مطلع العام الحالي الى ذروتها في التعقيد.وبحسب مصدر قيادي في المعارضة فان الحل ممنوع في لبنان بقرار أميركي وهو يعتبر أن تعطيل المساعي الفرنسية جاء ليقدم دليلا دامغا على أن إدارة الرئيس بوش لا تريد أن تسمح للموالاة وللأطراف العربية الداعمة لها بالسير في تسوية لبنانية شاملة.

ويشرح القيادي المذكور موقف المعارضة على النحو التالي:

أولا: إن موضوع رئاسة الجمهورية لم يكن مطروحا عندما اندلعت الأزمة الوزارية في حكومة الرئيس السنيورة فالرئيس اميل لحود هو في مقدمة المعبرين عن خيار المقاومة والعروبة في لبنان وهو كان إلى جانب مبدأ الشراكة الوطنية، والمعارضة فقدت في حكومة السنيورة إمكانية العمل بقاعدة الشراكة والثلث الضامن عندما نجح الأميركيون وبتوجيهاتهم الموالاة في استمالة وزراء أتى بهم الرئيس لحود إلى الحكومة وكانوا في عداد فريقه السياسي وانقلبوا عليه في مناخ الترهيب والترغيب الأميركي وتبين بالوقائع العملية أن الوزير يعقوب الصراف كان الوحيد من بين وزراء الرئيس السابق اميل لحود الذي ظل في موقعه السياسي إلى جانب الرئيس في حين كان الوزراء الثلاثة الآخرون ولدوافع مختلفة ينتقلون إلى الملقب الآخر كالوزير الياس المر والوزير شارل رزق والوزير طارق متري الذي قال الرئيس السنيورة لرئيس سابق للحكومة أنه هو من أوفده عشية تشكيل الحكومة إلى المطران الياس عودة والوزير المر لتجري تسميته من قبل رئيس الجمهورية كاشفا ا أن متري صديقه الشخصي الذي يشاركه جميع مواقفه وخياراته، وبالتالي فان حيلة الحلف الرباعي لأخذ الأكثرية في الانتخابات النيابية عام 2005 استكملت عند تشكيل الحكومة بحيل أخرى.

ثانيا: الموضوع الجوهري في الأزمة هو موضوع الثلث الضامن الذي يحقق الشراكة الفعلية في مجلس الوزراء ولذلك وبعد احتراق جميع المناورات التي صاحبت الاستحقاق الرئاسي بما فيها تقلب وليد جنبلاط تحت تأثير شعوره بمعالم الفشل الأميركي في المنطقة وانعكاساته على لبنان، فقد استقرت الأمور عند موضوع الثلث الضامن الذي كان عنوان انقلاب النائب سعد الحريري على اتفاق التسوية مع الرئيس نبيه بري بحضور وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.

من هذا المنطلق يتضح أن رفض الثلث الضامن له صلة مباشرة بعناوين محصورة في أداء الدولة والسلطة الإجرائية وفقا لأحكام الدستور الذي يحدد الحالات المطلوب فيها اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء بغالبية الثلثين وفي هذا السياق فإن العناوين المصيرية التي تخضع بالضرورة لهذه المعادلة باتت معروفة في مناخ الضغط الأميركي على المنطقة وعلى الموالاة التي يجاهر أركانها بانتمائهم إلى المشروع الأميركي.

العناوين تشمل في السياسة العليا مصير المقاومة وسلاحها و عقيدة الجيش القتالية و ملف التوطين أي البنود المتعلقة بالسياسة الأميركية الداعمة لإسرائيل و بضمان واشنطن المعلن لمتطلبات هيمنة إسرائيل على المنطقة، وهي سياسة تشمل إقليميا استعمال لبنان كقاعدة معادية لسوريا يمكن إدخالها في جعبة المساومات مع دمشق التي كسرت الجدران الوهمية للعزل والحصار واستعادت الاعتراف الدولي والإقليمي بحيوية دورها في المنطقة، ويعمل الأميركيون للاحتفاظ بهذه الورقة في حركتهم اللبنانية حتى توفير متطلبات حساباتهم المحكومة بالأولوية العراقية، فواشنطن تعلم جيدا أن أي حكومة للوحدة الوطنية فيها الثلث الضامن ستطبق سياسة حوار مع سوريا وستتجه إلى وقف جميع الخطوات والإجراءات التي ميزت سلوك حكومة السنيورة العدائي في التعامل مع الموضوع السوري حيث سيكون الموقف الذي يعبر عنه العماد عون هو المعدل الوسطي الحاكم لأي مجلس وزراء يتشكل من الموالاة والمعارضة، حيث لا يستطيع أي لبناني تصنيف زعيم التيار الوطني الحر في خانة حلفاء سوريا القوميين في لبنان وهو السيادي المعروف بموقفه طيلة الأعوام الماضية والملتزم بإقامة علاقة تعاون وأخوة على قاعدة الاحترام المتبادل بين البلدين وهذا الموقف بالتحديد لا يناسب السياسة الأميركية في التوقيت الحالي.

أما داخليا فإن الثلث الضامن سيمنع التصرف بآخر ما تبقى من ممتلكات الدولة تحت عنوان الخصخصة وأجندة البنك الدولي وشركات سمسرة الديون في العالم المفتوحة شهيتها على المزيد من إغراق لبنان بالدين وفوائده في لعبة تبدو وجيهة الشكوك بارتباطها بفرض التوطين على اللبنانيين، فالسياسات العامة الاقتصادية والإدارية التي ستفرضها حكومة الوحدة في ظل الثلث الضامن لن تناسب تلك التوجهات المعروفة في نهج وبرنامج الموالاة.

ثالثا: المعارضة الوطنية اللبنانية نجحت خلال سنة وبضعة أشهر في تقديم نموذج فريد بالتحرك الشعبي السلمي للتغيير وأظهرت قدرة سياسية استثنائية في حماية السلم الأهلي ومنع الحرب الأهلية على الرغم من كل ما قامت به الموالاة وميليشياتها وبعض الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية والعربية الحليفة لها العاملة في لبنان منذ مواجهة الميليشيات الموالية للمعتصمين بكمائن الاغتيال ومهاجمتها للمضربين يوم 23 كانون الثاني الماضي وظلت المعارضة في سلسلة الاستفزازات اللاحقة تبذل جهودها السياسية والإعلامية المركزة لتعميم ثقافة الوحدة والشراكة وتعطيل محاولات الفتنة بل إنها قدمت في الميدان الرسائل المطلوبة لردع مخططات الفتنة عبر تظهير كلفتها لقيادات الموالاة وللأميركيين من وراءهم وهي في نموذج هذا التحرك السلمي التغييري الصبور تؤسس لسابقة جديدة في الفضاء العربي يبدو أنها بذاتها تجعل من قبول التسوية اللبنانية مصدر استشعار بالخطر عند بعض الأنظمة خشية أن تكون المعارضة اللبنانية قد جمعت بين خطر عدوى المقاومة الذي تخافه أنظمة التطبيع والاتفاقات المنفردة والتبعية للسياسة الأميركية وبين خطر عدوى التحرك الشعبي السلمي المديد القادر على تحقيق الانجازات والتغييرات في الحياة الوطنية وهذه العدوى بالتحديد تجعل من تحرك المعارضة اللبنانية ظاهرة جديدة في العالم وليس في المنطقة فقط تشبه إلى حد بعيد حركة غاندي في الهند مع كل ما تحمله من خصائص لبنانية.

رابعا: إن الانقسام السياسي الحاصل جعل موضوع الرئاسة بندا من سلة شاملة لحل الأزمة وهو بالتحديد ما يضع لبنان أمام مفترق لا يمكن تجاوزه إلا بواحد من خيارين فإما أن يكون التوافق هو القاعدة وينتخب بالتالي الرئيس التوافقي وتقوم حكومة الوحدة الوطنية بالثلث الضامن المحقق للشراكة وإما أن يجري الاحتكام ديمقراطيا إلى الشعب أسوة بجميع الدول المتحضرة عبر إجراء انتخابات نيابية مبكرة وإمكان انتخاب الرئيس الماروني من الشعب مباشرة، ومن يرجع إلى يوميات النقاش السياسي اللبناني يكتشف بكل أمانة ووضوح أن الجهة التي عرضت خياري التوافق والانتخاب هي المعارضة وأن الجهة التي رفضت وعطلت خياري التوافق والانتخاب هي الموالاة ومعها الأميركيون.

يختم القيادي المعارض بالقول إنها معركة استقلال وسيادة لتحرير لبنان من الوصاية الأميركية المانعة للتسوية الداخلية بقدر ما هي معركة استقلال وسيادة حفاظا على قوة لبنان ومناعته في وجه العدوانية الإسرائيلية بكل ما تمثله من أخطار على الوطن والشعب.











 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024