إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بين القرار العربي والمفاوضات المهينة لا حيز للمصالحة !

د. عدنان بكرية

نسخة للطباعة 2010-03-09

إقرأ ايضاً


على الفصائل الفلسطينية أن تبحث عن المصالحة بعيدا عن سلطة أوسلو وان تضع في اهتماماتها "إسقاط سلطة أوسلو".

كنت أتمنى أن تنعقد لجنة المتابعة العربية لبحث ما يجري في القدس والخليل من انتهاكات ضد المقدسات الاسلامية والمسيحية، ومن محاولات اسرائيلية لضرب ما تبقى من سمات الوجود العربي هناك .. لكن هيهات.. فالمتابعة العربية وجدت أصلا لمتابعة تنفيذ وتطبيق المخططات والسياسات الأمريكية .. وجدت من اجل إعطاء الشرعية لممارسات إسرائيل والتغطية على انتهاكاتها.. لان هذه التغطية من شأنها ان تغطي عورة النظام الرسمي العربي الذي بات مكشوفا تماما وشريكا بالجريمة التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته ..

القبول باستئناف المفاوضات دون شروط مسبقة.. لا يعني إلا القبول بالاستيطان وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وضم المقدسات وفي النهاية القبول العلني بكل الجرائم التي يرتكبها حكام إسرائيل وإقرار رسمي بشرعية وجواز هذا الإجرام !وإلا كيف بإمكاننا تفسير قبول العودة الى طاولة المفاوضات دون شروط تذكر؟!

استقبال إسرائيلي لائق!

تماما كما توقعنا.. فاسرائيل استقبلت قرار الدول العربية ومعه ميتشيل بإقرار بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية وهي تريد إيصال رسالة للعرب بأنها لن ترضخ لأي شرط قد يضعه الطرف الفلسطيني مستقبلا وهي ستمضي قدما بالمزيد من الاستيطان والمصادرة والهدم ..وعليكم القبول بالأمر الواقع... في ظل هذه الإجراءات تواصل السلطة الفلسطينية الزحف على الركب باتجاه اسرائيل مؤمنة لها غطاءا فلسطينيا رسميا لارتكاب المزيد من الجرائم مغطية على ازماتها الدبلوماسية والسياسية.

بالله عليكم .. ماذا يعني القبول بالتفاوض في ظل ممارسات اسرائيلية تهدف الى تغيير الطابع الديموغرافي للقدس والأراضي المحتلة ؟ وماذا يعني القبول في ظل هجمة شرسة تتعرض لها الأماكن المقدسة.. وماذا يعني في ظل اغتيال احد قادة الشعب الفلسطيني ؟ ألا يعني هذا إعطاء غطاءا شرعيا لإسرائيل لارتكاب المزيد من الجرائم والاغتيالات ؟!

اسرائيل تسعى من وراء تحريك المفاوضات الفارغة المضمون حصد مكاسب إقليمية استراتيجية وفي مقدمتها التغطية على أية عدوان محتمل على ايران أو سوريا او حزب الله اوغزة وقد تستغل هذه الأشهر الأربعة للتجهيز لمثل هذا العدوان

القرار العربي مذلة ومهزلة

أصبنا بالقرف والاشمئزاز من هذا الاجتماع الذي توافدت إليه الدول العربية مجتمعة ودون غياب، ليس لنقاش ما يحصل بالقدس والأقصى ومحاولة إيجاد السبل لحمايتهما.. بل من اجل إعطاء فرصة للمقترحات الأمريكية.. وكأن المقترحات الامريكية تأتي بالجديد !

ستون عاما ونحن نعطي الفرصة تلو الأخرى لإسرائيل وأمريكا.. ستون عاما نجر ذيول الخيبة والهزيمة .. وتأبى الأنظمة اليوم إلا أن تجرجر ذيول التبعية والخيانة والغدر.. وتدجن نفسها من جديد في حظيرة أمريكا وإسطبلات إسرائيل.. تأبى الأنظمة العربية إلا أن تسجل حلقة سوداء جديدة في سجلها الأسود غير آبهة بتداعيات خطوتها هذه على هيبتها المفقودة وكرامتها الضائعة.

النظام الرسمي العربي ما زال يراهن على اسرائيل وجديتها وأبو مازن يهرع إلى حسني مبارك من اجل إقناعه بتمرير قرار استئناف المفاوضات! ويمرر القرار بفضل النذالة العربية التي تجاوزت كل الحدود وبفضل الإصرار "العباسي" على العودة إلى حضن نتنياهو وليبرمان غير آبه بإجماع الشعب الفلسطيني وموقف قواه المتعددة والرافضة للذل والخنوع والزحف على الركب تجاه عدو لا يعرف إلا لغة القوة والبطش والقمع.

يوم بعد القرار العربي تقتحم القوات الإسرائيلية باحات الأقصى وتجرح العشرات من المصلين هناك .. كل هذا بفضل الإجماع العربي على إعطاء إسرائيل الفرصة حتى لو هتكت أعراضنا وقتلت شبابنا وصادرت أقصانا.. أعطوها الفرصة ! لقد كان الرد الإسرائيلي العنجهي واضحا تماما ..ففي نفس اللحظات التي يتم فيها اقتحام المسجد الأقصى وجرح العشرات من المصلين .. في نفس الوقت الذي تستباح فيه حرمات شعبنا ..يخرج قرار الذل عن القادة العرب .. وكأن شيئا لم يحصل !

على السلطة ان ترحل

بات واضحا تماما مدى تواطؤ السلطة الفلسطينية.. والتي اختارت ان تكون خاتما مطاطيا بيد امريكا ..وبات واضحا أكثر، أن هذه سلطة لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني وتوجهاته وخياراته وهي تمضي الى المفاوضات بخلاف وجهة نظر الفصائل الفلسطينية الأخرى وحتى بخلاف وجهة نظر الشعب الفلسطيني الذي يرفض المفاوضات بأي ثمن وبهذه الطريقة المهينة البعيدة عن تقاليده النضالية .

في الوقت الذي يتوجب عليها العمل على إنجاح عوامل المصالحة والحوار نراها تنسف كل إمكانيات المصالحة والوحدة بضربها عرض الحائط رؤية وتوجه الفصائل الأخرى..فممارسات السلطة وسلوكها وضع المصالحة في موضع ابعد مما كانت عليه سابقا.. ووضع سلطة اوسلو في موضع بعيد جدا عن رؤية الشارع وتوجهه ..لا بل ان هذا التوجه يثير التساؤلات حول جدوى بقاء السلطة الفلسطينية وقيادتها للشعب الفلسطيني كما تدعي ! وجدوى المصالحة الفلسطينية !

ابحثوا عن المصالحة بعيدا عن السلطة

نحن نتوق الى الوحدة والمصالحة لكن هذه المصالحة يجب أن تستند إلى قاعدة الثوابت الوطنية والاهم الكرامة الوطنية .. لكن سلطة أوسلو ابعد ما يكون عن اعتماد الثوابت والمحافظة عليها.. ومن هنا على الفصائل الفلسطينية أن تعيد النظر بالمصالحة والوحدة..وان لا تفصل هذه المصالحة على مقاس اسرائيل وسلطة اوسلو .. ايهود باراك أعلن بالأمس انه يؤيد المصالحة التي تقوي السلطة الفلسطينية !بكلمات أخرى يريد تفصيل المصالحة على مقاسه ومقاس سلطة أوسلو طبعا تحت ثوابت المنهج الإسرائيلي ومصالحها التوسعية والاحتلالية .

لا أرى بالمصالحة الفلسطينية في هذه الظروف جدوى ووسيلة لإخراج الشعب الفلسطيني من أزماته إذا لم تعتمد على أسس واضحة وشفافة وسليمة واهم ركائزها الثوابت الوطنية وعدم التفريط بها والتنازل عنها .

المصالحة في ظل هذا السلوك السلطوي من شأنها أن تزيد السلطة غطرسة وتماديا وليس بإمكانها تغيير نهج أصبح نمطا حياتيا لسلطة أوسلو ..وعلى الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حماس أن تبحث عن المصالحة بعيدا عن سلطة عباس.. عيها ان تغير شعارها من "الوحدة واجب وطني" الى إسقاط السلطة واجب أخلاقي وأنساني ووطني .

اليسار الفلسطيني !

يؤسفنا جدا موقف اليسار الفلسطيني الجديد والذي لم يعد يسارا حقيقيا ... الموقف الرافض لبعض القوى المحسوبة على اليسار لا تكفي بل يتوجب ترجمة هذه المواقف الى أفعال وتجميد عضويته في اللجنة التنفيذية كورقة ضاغطة على السلطة .. فمجرد البقاء في إطار "سلطة الزحف" يعني المشاركة الفعلية بكل ما تمارسه.

مؤلم جدا ما وصل اليه الواقع الفلسطيني.. والمؤلم أكثر صمت الشارع الفلسطيني وقول اليسار الجديد والتي من واجبها تحريك الشارع الفلسطيني احتجاجا على نهج السلطة وعلى ممارسات إسرائيل في نفس الوقت.. وعدم الاكتفاء بالبيانات التوضيحية والتحفظات التي لا تسمن ولا تغني .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024