إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

وليد جنبلاط في السعودية.. قصّة التوبة

يوسف المصري - البناء

نسخة للطباعة 2015-10-16

إقرأ ايضاً


مرّت الترتيبات التي أفضت إلى زيارة وليد جنبلاط مع نجله تيمور والوزير وائل أبو فاعور إلى السعودية بالكثير من التعقيدات الروتينية وحتى السياسية.

ومن المهمّ في مجال استعراض وقائع هذه التعقيدات، التوقف خلالها عند حقيقة أنّ ترتيب زيارة جنبلاط الى المملكة جاء ثانياً بعد زيارة سمير جعجع المحظيّ خليجياً.

حاول جنبلاط ان يسبق جعجع الى الرياض، علماً انّ الرجلين قدّما طلب الزيارة بتوقيت واحد. ولكن جعجع حصل على الموافقة ومن ضمنها موعد مضروب مسبقاً مع الملك سلمان بن عبد العزيز، قبل جنبلاط بنحو شهرين.

أضف أنّ قبول طلب الزيارة لجنبلاط ونجله جاء خالياً من أية تأكيدات بأنه سيلتقي الملك سلمان. وعلى هذا، فإنّ زعيم المختارة ذهب الى السعودية ويده على قلبه، رغم تشجيع رجل أعمال لبناني والتأكيد له بأنه سيلتقي سلمان حتماً.

كما انّ زيارة جنبلاط للسعودية مرّت في بعض قنواتها من خلال الرئيس سعد الحريري، في حين أنّ زيارة جعجع للمملكة مرّت في الكثير من قنواتها من خلال الاستخبارات السعودية.

وتجدر الإشارة الى انّ هناك الآن طلبات لزيارة السعودية من قبل شخصيات لبنانية أخرى لا تزال تنتظر الإجابة عنها من الرياض. بعضهم سياسيون مسيحيون يريدون الإثبات لأنفسهم بأنّ جعجع لم يأخذ مكان المسيحيين كلّهم في البلاط السعودي. وبعضهم سياسيون مسلمون يريدون معرفة ماذا يحدث مع الرئيس الحريري هناك!

وفي كلّ الأحوال فإنّ زيارة جنبلاط للسعودية تؤشر إلى أمرين اثنين أساسيين:

أولهما انّ عهد قطيعة الرياض على مستوى الملك مع جنبلاط انتهت. وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد انقلاب جنبلاط على الحريري لمصلحة الإتيان بميقاتي مكانه رئيساً للحكومة، هو من أقام الحدّ على جنبلاط وقرّر إنهاء أيّ علاقة معه الى الأبد. ولكنه لاحقاً، وبعد تدخلات مختلفة، قبل الملك عبد الله أن يزور جنبلاط السعودية، ولكن بشرط ألا تشمل لقاءاته الملك أو مسؤولين من محيطه. وظلّ هذه التعميم سارياً بحق جنبلاط حتى وفاة الملك عبد الله.

اما اليوم، ومع السماح لجنبلاط بلقاء الملك سلمان يكون هذا الحدّ الملكي عليه قد أزيل. واللافت في هذا المجال أنّ جنبلاط لم يكن الشخصية الوحيدة التي فرض عليها الملك عبد الله الحدّ الملكي، بل كان فرضه أيضاً على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل عقاباً له، لأنه انقلب على اتفاق مكة الفلسطيني الذي كان رعاه عبد الله شخصياً.

وحتى مشعل تحرّر أيضاً من هذا الحدّ وأصبح بإمكانه زيارة المملكة والاجتماع بمسؤوليه وصولاً إلى الملك.

تعلق شخصية مطلعة على هذا النوع من علاقات السعودية مع شخصيات عربية، بالقول إنّ ما يحدث اليوم هو نوع من «الأوكازيون السعودي» الذي يمنحه الملك سلمان للحلفاء الذين مارسوا في بعض المراحل تجاه سياسات المملكة عقوقاً كبيراً.

ويُقال إنّ الملك سلمان ومن ورائه نجله ولي ولي العهد الأمير محمد، هو صاحب سياسة فتح صفحة جديدة مع الحلفاء العاقين من فلسطين إلى لبنان فالعراق حتى اليمن. ومن هنا يتمّ الهمس حالياً عن أنّ الرياض قد تكون مستعدة للحديث مع الرئيس علي ناصر محمد أو مع أقطاب من حاشيته، وايضاً مع شخصيات عراقية غير أياد علاوي وفي لبنان مع جنبلاط ومن هم على وزنه أو لهم ملامحه نفسها داخل الطوائف كافة… وحده الجنرال ميشال عون لا يزال الفيتو عليه قائماً.

الأمر الثاني الذي تؤشر إليه زيارة جنبلاط للسعودية هو انّ الرياض بدأت تتثاءب لتستعيد حراكها في لبنان، وذلك بعد أن أدارت ظهرها لبلد الأرز منذ فترة غير قصيرة نتيجة انشغالها باليمن.

في كواليس 14 آذار يقولون إنّ استقبال الملك سلمان لجنبلاط هو دليل على أنّ السعودية قرّرت العودة لممارسة نفوذ يومي ومباشر في لبنان.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024