إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المقاومة تردّ على رسالة «إسرائيل» ضدّ «الموقع 3» في شبعا

يوسف المصري - البناء

نسخة للطباعة 2014-10-08

إقرأ ايضاً


تأتي عملية المقاومة التي استهدفت الدورية «الإسرائيلية» قرب شبعا، ضمن سياق من الأحداث التي تسارعت خلال الآونة الأخيرة في تلك المنطقة، وجميعها أشرت إلى تصرفات «إسرائيلية» مستجدة تضمر نوايا عدوانية تجاه الوضع القائم على الحدود اللبنانية.

وكان لافتاً في هذه التصرفات «الإسرائيلية» بحسب مصادر متابعة أمنية وسياسية لبنانية، هو أنها تسعى لتوتير الأجواء في المنطقة اللبنانية المشتملة على بلدات شبعا والعرقوب وراشيا، وذلك بالتزامن مع قيام «إسرائيل» باحتضان مليشيات سورية مسلحة تنشط في المناطق السورية المقابلة للمنطقة اللبنانية الآنفة الذكر. والمقصود بهذه المنطقة السورية هي تلك الممتدة من ريف القنيطرة حتى بلدة بيت جن ومزارعها القريبة من بلدة شبعا اللبنانية.

وكشفت المصادر عينها لـ«البناء» نماذج عن هذه التصرفات «الإسرائيلية» المتسمة بنوايا التمهيد «لعدوان ما» والتي شهدتها منطقة شبعا بخاصة:

أولاً – خلال الشهر الماضي تفاجأت قيادة اليونيفيل في الناقورة بتحذير وصلها من قيادة الجيش «الإسرائيلي»، وذلك على نحو لا يوجد تبرير عملياتي له على أرض الواقع في منطقة القرار 1701 أو في مناطق تقع خارجها، على رغم أنها ملاصقه لها في البقاع الغربي.

وأفاد التحذير «الإسرائيلي» بأن «إسرائيل» في هذه المرحلة لن تقف مكتوفة اليدين في حال لاحظت أية حركة تثير ريبتها على الحدود مع لبنان. وأضاف التحذير إن «إسرائيل» سترد في حال اشتباهها بأي أمر، في شكل عملي.

ولم يكن لهذا التحذير من وجهة نظر المصادر التي علمت به سوى تفسير واحد وهو إن «إسرائيل» تحاول «افتعال حالة توتر في المنطقة تسمح لها بتنفيذ مخطط عدواني ضد لبنان والمقاومة ترتب له الأجواء وذلك على نحو يستثمر الأحداث السورية».

تحذيرات خارجية

والواقع أن هذا التحذير «الإسرائيلي» الذي جاء في ظرف لم تسبقه أية أحداث ميدانية تبرره، تزامن مع ورود معلومات مكثفة إعلامية من مصادر صحافية دولية رزينة وأيضاً استخباراتية غربية، تحدثت عن أن «إسرائيل» تريد استغلال ضربات التحالف الدولي في سورية لتقوم تحت غطائها وعبر استدراجها لمواكبة أجندتها، بتوجيه حرب «هي الأعنف» ضد حزب الله في لبنان، وذلك من خلال مدخل بلدة شبعا وارتباطها بالأحداث السورية الجارية بالقرب منها.

وكان الأبرز في هذه المعلومات ما ذكرته تقارير أمنية ألمانية سربتها محطة « أن دي آر» الألمانية، مفادها أن «إسرائيل» تسعى لتحضير جبهة القنيطرة لتكون بديلاً عن سقوط جبهة القلمون الاستراتيجية للحزب بحسب وصف المحطة ، وذلك كمقدمة لبدء حربها ضد حزب الله في جنوب لبنان. وضمن هذا التوجه تقوم «إسرائيل» بمساعدة المسلحين السوريين للسيطرة على المعبر الحدودي ومناطق أخرى في القنيطرة ودفعهم للتسلل باتجاه قرى في جنوب لبنان، حيث تحتضنها هناك خلايا تكفيرية زرعها الموساد في بلدات شبعا والعرقوب وراشيا، وكانت أدخلتها إليها من معبري بيت جن والغجر.

إلى ذلك كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أخيراً عن «وجود أدلة أمنية تؤكد عن اقتراب حرب «إسرائيلية» ضد حزب الله»، وصفتها بأنها ستكون «عنيفة جداً».

وبالتزامن كشف موقع «معاريف» «الإسرائيلي» نقلاً عن قائد كتيبة مشاة في الجيش «الإسرائيلي» أن «إسرائيل» باتت جاهزة، بعيداً عن الضوضاء الإعلامي، للحرب المتوقعة ضد حزب الله.

ثانياً – وبعد واقعة «التحذير» «الإسرائيلي» المفتعل للبنان عبر قيادة «يونيفيل» الشهر الماضي، والذي استغربته حتى قوات «يونيفيل»، وأيضاً بعد ورود كم المعلومات الاستخباراتية والإعلامية الصادرة عن مؤسسات مرموقة، حدثت مجموعة تصرفات للجيش «الإسرائيلي» تؤشر إلى وجود نوايا «إسرائيلية» لارتكاب حماقة عسكرية ضد لبنان وحزب الله. ولكن نقطة الذروة في هذه التصرفات حصلت خلال اليوم الثاني من عيد الأضحى، وذلك عندما قامت وحدة من الجيش «الإسرائيلي» بالتسلل إلى النقطة «رقم 3» للمراقبة الواقعة داخل الأراضي اللبنانية في منطقة السدانة على أطراف بلدة شبعا.

تفاصيل ما حدث

وكشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» تفاصيل هذه الواقعة – الاعتداء «الإسرائيلي»، حيث أفادت أن هذه النقطة المصطلح عليها عسكرياً بـ«الموقع رقم 3»، هي عبارة عن موقع مراقبة متقدم مشترك بين الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل». وساعة الاعتداء عليه من قبل وحدة «إسرائيلية» كان يوجد في الغرفة المخصصة له، جنديان اثنان من الجيش اللبناني بالإضافة إلى عنصرين هنديين من القوة الهندية المشاركة في «يونيفيل».

ولدى استشعار أحد الجنديين اللبنانيين بوجود حركة مشبوهة خارج غرفة موقع المراقبة، خرج منها ليستكشف الأمر، فتفاجأ بجندي «إسرائيلي» على بعد أمتار منه. وقام الأخير بمبادرة الجندي اللبناني بطلقات إصابته إحداها في كتفه، وللتو خرج الجندي اللبناني الثاني واشتبك مع جنود الوحدة «الإسرائيلية» الذين كانوا يؤمنون الحماية للجندي «الإسرائيلي» المتسلل، واستطاع سحب رفيقه المصاب من موقع الاشتباك.

وقامت الوحدة «الإسرائيلية» بعد ذلك بدخول غرفة الموقع ومكثت فيها لبعض الوقت، ولم تنسحب منها إلا بعد تدخلات من قوة «يونيفيل» واتصالات بلغت الأمم المتحدة في نيويورك.

وبحسب المصادر عينها فان هذا الاعتداء «الإسرائيلي» تم النظر إليه بأنه تطور غير مسبوق، نظراً لأنه حفل بالدلالات التالية:

أ – لكونه لم يستهدف فقط الجيش اللبناني بل «يونيفيل»، كون تل أبيب تعلم أنه موقع «المراقبة 3» مشترك بين الجيش اللبناني و«يونيفيل». والتفسير الوحيد لتصرف «إسرائيل» هي أنها تريد خلق واقع في منطقة شبعا مشابه للواقع الذي أوجدته على حدودها مع الجولان، وذلك لجهة إفراغ المنطقتين من أي وجود دولي ولو مراقب أو رمزي. ففي منطقة فض الاشتباك على الحدود السورية مع الجولان المحتل، مارست «إسرائيل» سياسة «حماية وغض الطرف» عن اعتداءات المسلحين السوريين على قوات «أندوف» مما اضطر الأخيرين للانتقال من الجانب السوري إلى الجانب «الإسرائيلي». والغاية «الإسرائيلية» من ذلك، هي جعل المنطقة السورية الحدودية خارج أي وضع قانوني دولي ليتسنى لها لاحقاً تنفيذ مشروعها الذي بات مكشوفاً وهو إقامة حزام أمني في الأراضي السورية المحاذية للجولان المحتل تتواجد فيه «المعارضة السورية». وتلفت هذه المصادر إلى أن الجماعات المسلحة الموجودة في تلك المنطقة كانت بداية ترفع أعلام «داعش» و«جبهة النصرة»، ثم طلبت «إسرائيل» منها أن تكتفي برفع أعلام «جبهة النصرة»، ومؤخراً طلبت منها أن تكتفي برفع علم الجيش السوري الحر. وتؤكد هذه المصادر أن نفس تطبيقات «إسرائيل» الأمنية الجارية في القنيطرة وريفها تتم أيضاً في منطقة بيت جن وريفها السورية القريبة من بلدة بيت جن.

ب – تميز الاعتداء «الإسرائيلي» على «الموقع 3» في السدانة بأنه جرى في منطقة يوجد في شأنها تحسب يستند إلى معلومات أمنية، يفيد بوجود اتجاه لدى «إسرائيل» لاستخدام هذه المنطقة المعروفة من الجهة «الإسرائيلية» ببركة النقار، كمنطقة لتجميع مجموعات التكفيريين فيها للانطلاق بهجوم كبير على بلدة شبعا. وبحسب مصادر أمنية فإن المسافة بين بيت جن وشبعا تستغرق سبع ساعات سيراً على الأقدام، وهي مرصودة من الجانب اللبناني، أما المسافة بين بركة النقار وشبعا فهي خمس دقائق فقط. ويتعاظم احتمال أن تقوم «إسرائيل» بتمرير المجموعات التكفيرية من داخل مناطق احتلالها، وإيصالهم لمنطقة السدانة – بركة النقار، ثم يندفعون باتجاه شبعا لتنفيذ مخطط السيطرة عليها وامتداداً السيطرة على العرقوب ووادي التيم كتعويض عن خسارة جبهة القلمون بحسب تفاصيل الخطة «الإسرائيلية» كما وردت في تقارير أمنية سربتها وسائل إعلامية غربية رزينة.

السؤال المطروح اليوم هو هل تشكل عملية المقاومة في مرتفعات شبعا أمس ضد الدورية «الإسرائيلية» رسالة كافية لتل أبيب بخصوص أن المقاومة لا تخاف المواجهة، وأنه إذا كان هناك تقدير «إسرائيلي» يفيد بأن الحزب منشغل بالحرب السورية، فإن الحقيقة هي عكس ذلك. فالمقاومة على سلاحها وكامل جاهزيتها على جبهتها الأساسية وهي الدفاع عن لبنان ضد الخطر «الإسرائيلي»، وأكثر من ذلك فإن المبادرة لا تزال في يدها.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024