إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل تراجعت تركيا عن مخططها فاستبدلت روسيا التنسيق مع أميركا بتنسيق معها؟

ميشيل حنا الحاج - البناء

نسخة للطباعة 2016-07-05

إقرأ ايضاً


كلّ شيء تبدّل فجأة في الموقف التركي. وكلّ شيء تبدّل أيضاً وبسرعة مستغربة في الموقف الروسي من تركيا. فبعد موقف روسي حازم متشدّد منها، ظهرت مرونة تكاد تبلغ حدّ الليونة الغريبة والمفاجئة. فما هو السرّ الكامن وراء هذا التطوّر السريع والمفاجئ في الموقف الروسي؟

ولا يقصد بالتبدّل في الموقف التركي، الصفقة التركية مع «إسرائيل». فتلك الصفقة كانت تجري المفاوضات حولها منذ زمن بعيد. ولكن اللافت فعلاً للنظر، كان ذاك التقارب المفاجئ مع روسيا في اليوم ذاته، او في اليوم التالي مباشرة لتلك الصفقة مع «إسرائيل». وكانت الأنباء الأولية تشير إلى أنّ تركيا قدّمت اعتذاراً إلى روسيا الاتحادية عن حادثة إسقاط الطائرة الروسية في نهايات العام الماضي، الا أنه سرعان ما جرى نفي تركي لصدور اعتذار، وبأنّ تركيا قد اكتفت بالتعبير على لسان أروغان، عن أسف تركيا لما حدث وأدّى إلى إسقاط الطائرة الروسية.

ورغم هذا التناقض في الموقف وعدم الوضوح في ما جرى فعلاً، فقد سارع الرئيس بوتين، وبسرعة فائقة بل فورية ومذهلة، الى إعلان رفع الحصار الاقتصادي المفروض على تركيا، رغم محاولات موسكو التخفيف من حدة الغموض في موقفها، بمسارعتها القول بأنّ مكالمة هاتفية قد جرت بين بوتين وأردوغان، وأنّ المفاوضات لاستكمال التطبيع بين البلدين تحتاج إلى مزيد من الوقت وقد تستغرق شهراً، وأنّ لقاء مباشراً بين بوتين وأردوغان، سوف يعقد في شهر أيلول سبتمبر المقبل، وذلك أثناء قمة العشرين التي ستعقد هذه المرة في روسيا.

قد يبدو لوهلة أنّ الهجوم الكبير الذي تعرّض له مطار أتاتورك في اسطنبول وأسفر عن مقتل أكثر من أربعين شخصاً وجرح أكثر من 120، كان وراء هذه السرعة المذهلة في ذاك التطوّر في الموقف التركي، وما أفرزه من تطوّر مقابل في الموقف الروسي. ولكن على أرض الواقع، كان إعلان حصول التفاهم بين الدولتين والسعي إلى إعادة تطبيع العلاقات بينهما، قد بدأ قبل يوم واحد على الأقلّ من وقوع ذاك الهجوم الدامي الذي نفذته «داعش» على مطار أتاتورك، وتبيّن لاحقاً بعد عدة أيام، أنّ منفذيه الثلاثة كانوا من روسيا، يرجّح أنهم من منطقة الشيشان، ومن أوزبكستان وقرقيزستان المحيطتان بروسيا الاتحادية. فهذه كلها أمور لم تتضح الا لاحقاً ليكون لها تأثير ما في الموقف الروسي السريع، والذي بدا لبعض المراقبين كعملية سلق البيض التي لا تستغرق وقتاً طويلاً.

وفسّر رئيس الوزراء التركي الجديد بن علي يلدرم، ما يجري في تركيا، بأنه مسعى لكسب الأصدقاء عوضاً عن الأعداء. وكانت تركيا قد دخلت فعلاً في حالة من العداء أو التوتر في العلاقات مع العديد من الدول، ولم تكن روسيا أولها. إذ كانت هناك حالة من التوتر الدائم والمتكرّر بين تركيا والولايات المتحدة، وكذلك بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ومن قبلهم عداء واضح بين تركيا ومصر، مع حالة من العداء الواضح والمتميّز في دمويته مع الجارة سورية.

فما هو إذن السرّ الغامض وراء هذا التطور المفاجئ بل والسريع جداً أيضاً في الموقف الروسي؟ هل يكمن وراءه فتور في عملية التنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا، حول وجوب حلّ المسألة السورية حلاً سياسياً؟

ويعزز وجود استياء في الموقف الروسي، ما تشاهده روسيا من إنجازات بات التحالف الأميركي يحققها يوماً بعد آخر، ومنها تحرير الفلوجة، والتقدّم نحو الموصل، بينما تتقدّم «وحدات سورية الدمقراطية» في الشمال السوري وتحقق إنجازاً بعد الآخر وأبرزه محاصرة مدينة منبج الاستراتيجية… هذا في وقت بات فيه التحالف الروسي السوري الإيراني، يواجه جموداً في موقفه العسكري، حيث تعاني القوات المتحالفة معه قوة نارية كبيرة في حلب، بل ورافقها انتزاع المعارضة المسلحة بقيادة جبهة النصرة وجيش الفتح، بعض القرى والتلال الاستراتيجية المحيطة بالعاصمة الاقتصادية السورية أو هكذا كانت أيّ حلب، وسبقها تراجع القوات السورية عن المواقع التي سيطرت عليها داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة.

وتجد الطائرات الروسية نفسها في وضع يكاد يشكل حالة من الشلل النسبي، لعجزها عن تسديد ضربات كافية لخصومها وخصوم حلفائها، نتيجة اتهامها باستمرار بقصف مجموعات تنتمي لما يسمّى «المعارضة المعتدلة»، وهي المجموعات المنضوية تحت جناح جيش الفتح، وبالتالي تحت جناح جبهة النصرة المصنّفة دولياً بأنها تنظيم ارهابي. ومن بين هذه المجموعات، كتائب أحرار الشام والفيلق الشامي، وكتائب من «الجيش الحر»، اضافة الى كتائب الأقصى وغيرها من التنظيمات الاسلامية المنضوية تحت جناح الإخوان المسلمين.

وكثيراً ما طالبت روسيا تلك الفصائل بالابتعاد بتشكيلاتها عن المواقع التي يتواجد فيها مقاتلو جبهة النصرة، لكن دون جدوى. بل وطالبت الولايات المتحدة بأن تمارس ضغوطاً على هؤلاء باعتبارهم من حلفائها المنتمين إلى المعارضة المفروض فيها ان تكون معتدلة. لكن الولايات المتحدة لم تفعل الكثير في هذا الصدد، في وقت كانت فيه تركيا تنشط كثيراً في تقديم الدعم لجيش الفتح، سواء بتزويده بمزيد من الأسلحة، وبتسهيل مرور مزيد من المقاتلين لتعزيز موقفه. بل وبلغ الأمر في بعض الحالات حدّ مشاركة المدفعية التركية بالقصف عن بعد، لتعزيز موقف الكتائب المقاتلة في صفوف جيش الفتح.

ففي الوقت الذي اكتشفت فيه تركيا، بل أردوغان بالذات لكونه صاحب القرار، أنها قد اكتسبت ما يكفي من الأعداء وبات عليها أن تستعيد صداقة بعضهم، لاحظت روسيا أيضاً أنّ بعض مفاتيح الحلّ للمسألة السورية، في يد تركيا وليست في يد الولايات المتحدة كما يخيّل للبعض للوهلة الأولى. فتركيا هي المهيمن على الحدود مع سورية، والتي عبرها يتدفق السلاح والمال والمقاتلون، سواء لداعش أو لمن يسمّونهم «المعارضة المسلحة المعتدلة».

أهمية استغلال الموقع الجغرافي

ولقد أدرك الرئيس أردوغان منذ زمن بعيد، أهمية موقعه الجغرافي، وقرّر استغلاله استغلالاً جيداً كخطوة نحو تحقيق طموحه بطرح تركيا كدولة قائدة للعالمين العربي والاسلامي، خصوصاً انه كان ينضوي تحت جناح اسلامي إخواني الاتجاه. فالصراع المحتدم على قيادة منطقة الشرق الأوسط بين السعودية وإيران بغياب مصر في الوقت الحالي عن الصراع نظراً لانشغالها بقضايا داخلية ، بات يمكن استغلاله لمصلحة تركيا، وذلك بتغذيته وإشعال النيران فيه كلما كادت أن تهدأ. ومن هنا أشعل فتيل مخاطر «الهلال الشيعي» الذي أوهم الجميع بأنه بات خطراً ملحاً، وأنّ ايران سرعان ما ستنشر كامل هيمنتها على منطقة تمتدّ من حدودها مروراً بالعراق وسورية، وصولا الى لبنان وشواطئ البحر الأبيض المتوسط. وكان التوجه التركي من وراء إذكاء الصراع بين دول الخليج، وبالذات المملكة السعودية… أكبر وأقوى تلك الدول من ناحية، وايران من ناحية أخرى، هو إضعاف كافة الأطراف، لتصبح تركيا بعد ذلك، هي الدولة الأقوى في المنطقة، وبالتالي الأجدر بقيادتها.

ولكن إذكاء الخلافات السياسية والطائفية وحدها، لم تكن كافية، سواء لإذكاء الصراع، أو لإضعاف الدول المنخرطة فيه. فالصراع السياسي كان لا بدّ أن يتحوّل لصراع عسكري، تتقاتل في ساحته كلّ تلك الأطراف في حرب استنزافية طويلة المدى، على أن تبقى فيه تركيا خارج الصراع العسكري الظاهر ولو نسبياً، مع الاحتفاظ بقدرتها على تحريك الصراع وتغذيته كلما كاد يهدأ أو تخفت نيرانه. وكانت الحدود التركية المفتوحة، هي السلاح الأمثل لاستخدامه لتغذية هذا الصراع، فبدون هذه الحدود المفتوحة لمرور السلاح والمال والمقاتلين، كانت حرارة هذه الحرب مرشحة لأن تخبو سريعاً.

والواقع، وكما توحي عشرات الدلائل الملموسة عبر السنوات الخمس الماضية، أثبت سلاح فتح الحدود التركية، بأنه فعلاً كان الوسيلة الحقيقية الفاعلة، لإبقاء الصراع المسلح قائماً لسنوات طويلة. فدول الخليج وفي مقدّمتها السعودية وقطر، كانت مستعدّة لتمويل الحرب بدفع رواتب المقاتلين وشراء الأسلحة لهم بالكميات التي يريدونها، مع سيطرة أميركية ملموسة تحدّ من نوعية الأسلحة المشتراة لكن دون حدّ من كمياتها. غير أنّ هذه الأسلحة، وهذه الأموال، وهؤلاء المقاتلين وخصوصاً المرتزقة منهم، ما كانوا قادرين على الوصول الى ساحات القتال في سورية لو كانت الحدود التركية مغلقة في وجوههم.

وهذا يعني أنّ الحدود التركية قد استخدمت كسلاح حقيقي، لا يقلّ أهمية عن سلاح الرشاشات والمدافع والقذائف. وبسبب إبقاء هذه الحدود مفتوحة لمرور هؤلاء المرتزقة بحرية، استمرّت الحرب لخمس سنوات، وهي الآن في عامها السادس، وبلغ عدد ضحاياها أكثر من ثلاثمائة ألف قتيل سقطوا على الأرض السورية وتقول صفوف المعارضة إنّ عددهم قد بلغ نحو نصف مليون من الجانبين ومن المدنيين . كما سقط 8500 ضحية من اللاجئين الذين طلبوا اللجوء هرباً من الحرب… فقضوا غرقاً في البحر خلال مساعيهم للوصول الى دول أوروبية… طلباً للأمان. وبذا يكون عدد ضحايا الحرب الدائرة في سورية، دون استخدام سلاح نووي أفرزته مواد كاليورانيوم والبلوتونيوم وغيرها من المواد الذرية المتفجرة القاتلة، قد بلغ ثلاثة أضعاف من قضوا نحبهم في هيروشيما وناكازاكي نتيجة القنبلتين الأميركيتين النوويتين اللتين ألقيتا على هاتين المدينتين عام 1945، حيث بلغ عدد ضحاياهما 129 ألفا نتيجة قنبلتين نوويتين حقيقيتين.

المسؤولية التركية عن الحرب

وهكذا تتجلى مدى المسؤولية التركية عن تلك الحرب التي كان بوسعها أن تظلّ قائمة الى ما لا نهاية… أو بنهاية واضحة، هي إضعاف كلّ دول المنطقة بما فيها سورية والعراق والسعودية وايران، لتبقى تركيا هي القوة الوحيدة القائمة والقادرة والمهيمنة بعد وقت قريب.

لكن الرياح لا تأتي دائماً بما تشتهي السفن. فالسفينة التركية قد بدأت مؤخراً تواجه رياحاً عاتية تؤذيها وتهدّدها. اذ أنه نتيجة لتلك الحرب، وجدت تركيا نفسها تعاني من عدة سلبيات:

1 حالة عداء مع سورية، وعلاقة متوترة مع مصر، وكذلك مع أميركا، وروسيا، والاتحاد الأوروبي.

2 انشغال تركيا بهذه المعضلات السياسية السابقة، فتح المجال أمام عودة التمرّد الكردي الى الانبعاث مجدّداً، متسبّباً بالعديد من الخسائر البشرية، إضافة الى حالة من عدم الاستقرار الداخلي.

3 تواجد المقاتلين المعارضين على الأرض السورية، وما رافقه من ورود الآلاف من المرتزقة والمقاتلين من دول لا تمتّ الى شعوب المنطقة، ادّى الى ارتكاب عشرات الأعمال غير الإنسانية وغير الحضارية. والأهمّ من ذلك، تحوّل تواجدهم الى ماكينة لتفريغ الإرهابيين الذين ارتكبوا مزيداً من الأعمال الوحشية المنافية لحقوق الإنسان، مما أحرج الدولة التركية.

4 انحرف الكثير من المقاتلين والتنظيمات عما كان يتوقع منهم. وتدريجياً ظهرت «داعش» التي سرعان ما بسطت نفوذها، ووسعت رقعة الأراضي التي تسيطر عليها، لتشكل ثلث الأراضي السورية تقريباً. بل ووسعت نفوذها لتبسط سيطرتها على أجزاء كبيرة من الأراضي العراقية أيضاً، مما أدّى الى اتساع رقعة الحرب التي سرعان ما امتدّت أيضاً الى اليمن. ووجدت تركيا في البداية، في ظهور داعش، عاملاً مساعداً للمشروع الأردوغاني لإضعاف ومشاغلة كافة الأطراف تمهيداً للهيمنة التركية لاحقاً على مقادير الأمور في المنطقة. وتحقيقاً لذلك، دعمت تركيا داعش بالمال والسلاح وتسهيل مرور عناصرها عبر حدودها. كما اشترت منها النفط السوري والعراقي بأثمان بخسة. لكن السحر سرعان ما انقلب على الساحر، اذ أنّ داعش، كانت لديها تطلعاتها الخاصة التي تقتضي قيامها هي ببسط نفوذها وإملاء قيادتها على كلّ دول المنطقة، مما حوّل تركيا من صديق الى منافس. فبدأت بتنفيذ تفجيرات داخل الأراضي التركية، وكان آخرها التفجير في المطار الدولي في اسطنبول.

5 ظهور «جيش سورية الدمقراطي» المكون في غالبيته من الأكراد، شكل تهديداً آخر لتركيا، وخصوصاً وقد بات هناك احتمال إزاء انتشاره السريع في الشمال السوري بمحاذاة الحدود التركية، بمؤازرة ومباركة أميركية… شكل احتمالاً بأن يتحوّل الى خطر آخر على تركيا ذاتها، خصوصاً بعد ظهور التوجه الكردي لإعلان إقليم كردي في شمال سورية، سيشكل عاجلاً أو آجلاً نقطة انطلاق آمنة لأكراد تركيا في حربها ضدّ القوات التركية.

فاذا كانت التطورات المتسارعة بدأت تستدرج تركيا لإعادة النظر في مواقفها المتزمتة، إدراكا منها بأنّ حلمها بالهيمنة المطلقة على المنطقة، كما أرادته، قد لا يتحقق، خصوصاً بعد التدخل الروسي، وبعد ما بات يلوح معه في الأفق، بأنّ الدمار سيلحق أيضاً بالدولة التركية ذاتها سواء عن طريق الأعمال الحربية لأكراد تركية، أو نتيجة الأعمال الإرهابية الصادرة عن داعش… وجد أردوغان من الضروري أن يغلق واحدة من الجبهات العديدة التي أشعلها وآثار عداءها له، وأهمّها العداء لروسيا. فبادر بناء على ذلك، للإعراب عن أسفه لروسيا التي فاجأته بتقبّل ذاك الأسف المتواضع، بل ايضاً بسرعة خطواتها لتطبيع العلاقات مع تركيا، إدراكاً منها، بأنّ تركيا قد تكون حليفاً أقوى وأقدر من الولايات المتحدة، على إيجاد وتنفيذ الحلّ السلمي للمسألة السورية التي تتوق روسيا الاتحادية الى التوصل اليه، بعد أن ضاق صدرها بالتباطؤ الأميركي في فرض حلولها على المعارضة المسلحة، بدءاً خصوصاً بفرض فك ارتباط العديد من التنظيمات المندمجة في أو مع جبهة النصرة التي تقود جيش الفتح، والذي نتيجته بات حلفاؤها السوريون والإيرانيون، يعانون منه الأمرّين.

نقطة التقاء في المصالح الروسية التركية

فتركيا قادرة على إغلاق حدودها ولو لفترة زمنية ما، وبفعالية أكبر من قدرات «جيش سورية الدمقراطي» على إغلاقها، حتى ولو تمكن من السيطرة على مدينة منبج القريبة من مدينة أعزاز الحدودية. وهي… أي تركيا، قادرة، والأرجح راغبة الآن في فعل ذلك، مقابل وعد روسي بعدم تقديم الدعم السياسي لـ«جيش سورية الديمقراطي» المتوجه نحو إعلان منطقة حكم ذاتي في الشمال السوري.

فإحباط المشروع الكردي الأميركي لإعلان منطقة الحكم الكردي الذاتي، بات أهمّ كثيراً لتركيا من السعي لإسقاط النظام السوري القائم الذي لم تعد لإسقاطه تلك الأولوية لدى الأتراك، خصوصاً إذا كان السكوت عنه، سيضمن لتركيا إفشال مشروع منطقة الحكم الذاتي الكردي الذي بات لإسقاطه، الأولوية المطلقة لدى تركيا، حتى ولو أدّى التخلي عن مشروع إسقاط النظام في سورية، الى خلافات مع حلفاء تركيا من دول الخليج التي خاضت الحرب في سورية ابتداء، سعياً لإسقاط نظام الحكم الممانع والموصوف بأنه «نظام علوي» متحالف مع ايران، كما طالما قيل وردّد.

وهنا تتجلى نقطة الالتقاء في المصالح الروسية التركية. وقد تكون نقطة التقاء أكثر نفعاً وإيجابية من نقطة الالتقاء الروسي مع الولايات المتحدة العاجزة عن فرض إرادتها، سواء على بعض دول الخليج المعارضة والمتشبّثة بضرورة إسقاط نظام الرئيس الأسد قبل التوصل إلى حلّ ما، او بفرض رغبتها في وجوب فكّ بعض التنظيمات الموصوفة بالمعتدلة، ارتباطها بحلفائها في جيش الفتح وجبهة النصرة.

فالحلّ اذن كما باتت روسيا تدركه وتقدّره، لن يكون بوساطة أميركية، أو في مؤتمرات جنيف المقبلة، سواء جنيف الثالثة، أو الرابعة أو حتى الخامسة، بل هو بيد أردوغان القادر فعلاً على فرض الحلّ المبتغى، بمجرّد إغلاق حدوده في وجه الجميع، سواء كانوا ينتمون للمعارضة المعتدلة، أو لجيش الفتح ولجبهة النصرة، وبكلّ تأكيد في وجه داعش التي كشفت أخيراً عن وجهها الحقيقي كعدو لتركيا، قدر عدائها لسورية وللعراق ولدول أوروبا، بل وللعالم كله.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024