إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ترامــب ومباراة الروليت في هلسنكي .!.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2018-07-14

إقرأ ايضاً


الرئيس الأمريكي ليس مهزوزا وإن أوحت تصرفاته بذلك ، هو رجل الصفقات الناجح ، وهو يبحث عن المزيد من الثروات يجمعها لبلاده بعد أن أدرك بعين الخبير المستقبل الاقتصادي الدولي ومن المؤكد أن استشرافه دفع به للمطالبة بزيادة مساهمات الشركاء في الانفاق على العمليات العسكرية والانتشار على مساحة العالم للسيطرة وفرض وجهة النظر الغربية حيث تحتاج المصالح العليا لما يسمونه أمن قومي ، وإذ لا يستجيب الحلفاء بما يكفي يلجأ لطرق مستحدثة ، منها زيادة الضرائب والرسوم على صادراتها إلى الولايات الأمريكية ، على أن يشمل القرار المارد الصيني صاحب الحصة الأكبر من واردات أمريكا بشكل عام .

ترامب الذي ربما أذهله موقف بلاده في التجارة العالمية ، وانخفاض نسبة سيطرتها على الاجمالي العام ، من ستين بالمائة إلى خمسة عشر اندفع إلى اتخاذ الاجراءات الأخيرة ومنها التلويح بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية ، لكنه يفاجأ بأن أحدا من الشركاء أو المنافسين لا يستجيب للتهديد ولا الابتزاز ، بالعكس بادر الجميع إلى تطبيق اجراءات عقابية معادلة وبما يكفل استمرارية الميزان الحالي الذي سيؤدي استمراره إلى إعلان إفلاس أمريكا التي تتجاوز مديونيتها مجموع مديونية دول العالم مجتمعة ، وللعلم فإن الحصة الأكبر من هذه المديونية هي للعملاق الأصفر الذي يتوقع أن يسيطر على التجارة العالمية في مستقبل قريب .

ورد في التقارير الدولية أن كلفة طباعة الورقة من فئة مائة دولار هي ثلاث سنتات ، وبما أن الدولار ومنذ زمن طويل بلا تغطية ولا ضمانة سوى قوة أمريكا العسكرية فإنه من الجائز أن يتم طباعة كميات هائلة من هذه الأوراق وتقوم الادارة بتسديد مليارات ديونها بقيمة الطباعة فقط ، فهل تنتظر دول العالم الدائنة أن تقبض من أوراق البنكنوت ما لا قيمة له أكثر من قيمة طباعته ، فإذا ما انهار الدولار وحلت محله ثلة من العملات الأخرى يصبح أكداسا تصلح للتدفئة ، وربما لا تعود ورقة المائة دولار مساوية لليرة لبنانية . ( فانتازيا ) .

يدرك الرئيس الأمريكي بصفته رجل أعمال ناجح أن همه الأول الحفاظ – على الأقل – على الوضع الاقتصادي الحالي ومحاولة تحسينه قليلا ، لكن طموحاته تصطدم بواقع نجاحات الآخرين وخاصة الذين لا يساهمون في نفقات بلاده العسكرية ، كما يجب أن يأخذ بالحسبان التزامات ادارته تجاه عدد من الدول الاتكالية التي تنتظر المساعدة ، هو لم يتردد في القول أن المساعدات الأمريكية لن يستمر مزرابها مفتوحا حتى باتجاه المنظمات الدولية التي لا تخدم مصالح بلاده وإن كانت على خطأ .

العقوبات التي يفرضها ترامب على عديد من دول العالم ، ويحاول الإضافة عليها من باب الايحاء باستمرارية القدرة الأمريكية على الفعل بما في ذلك العقوبات على روسيا ، بدأت تتآكل داخليا وتفقد التضامن معها أو الالتزام بها من أقرب الحلفاء ، وإذا كان هذا الرئيس يرغب الخروج من المآزق العسكرية ليتفرغ لشؤون الاقتصاد واستعادة المكانة الدولية التي كانت تشغلها بلاده إلا أنه موثق تماما ومقيد الحركة فالعسكريتاريا والاقتصاد متلازمان بل أن القوة العسكرية الأمريكية تلعب دور الحارس الأعظم للرفاهية الأمريكية الناجمة عن نهب ثروات العالم ، من هنا لا بد من الامساك بقياد المسألتين والحوار مع أطراف أخرى لتحقيق رؤيته المتمثلة في تخفيض الديون ، وتسديد جزء من العجز عن طريق خفض الانفاق العسكري دون الغاء أي من القواعد والمعسكرات ، إنما بدفع الدول الأخرى لزيادة مساهمتها تحت مسمى الحماية وهو بنظر البعض نوع من البلطجة تمارسها قوة عظمى وهي في حالة تآكل داخلي ، إلى حد بات ملموسا ومنظورا .

الوصفة الحالية للرئيس ترامب " كنصيحة " هي ممارسة رياضة الحوار مع الجهات التي يفرض عليها العقوبات ، ها قد التقى برئيس شمال كوريا ، ويبدو أنه ربح الجولة بحيث تستمر العقوبات على كوريا إلى أن يتم التحقق من نزع سلاحها النووي ، ويحقق ربحا ماديا أيضا بوقف المناورات العسكرية مع الجنوب ، ومع اليابان وقال أنها كانت ستكلف مئات ملايين الدولارات ، ونعلم أنه لا يمول وجود قواته في منطقتنا ، بل هم العربان من يدفع وربما ثمن طعام الكلاب التي يقتنيها عناصر المارينز وغيرهم ، رجالا كانوا أم نساء ، وفوق ذلك هو قبض ثمن حماية الماضي وأكثر إضافة إلى هدايا زوجته وابنته ، هذا الوجود يجب أن يزول على الأقل في الشام والعراق ، وهو أمر متوقع تطالب به القوى المحلية منذرة بإشعال المقاومة التي لم تزل كامنة ، لكن قبل انسحابه لا بد من ترتيبات لا يعتبرها صالحة دون ضمانة روسية ، وهكذا سيتم اللقاء في هلسنكي مع القيصر الذي بيده مفاتيح اللعبة بأكملها حتى ما يختص منها بعضو أو أكثر في الحلف الأطلسي - تركيا - وهذا ترامب يتهم ألمانيا بأنها أسيرة القوة الر وسية وما أدرانا من سيضاف إلى القائمة بعدها .!.

القضايا المعلقة بانتظار الحوار كثيرة ، النووي الايراني ، الوضع على الساحة السورية ، وهو سيدفع بالقضية الاوكرانية إلى الواجهة أيضا ، وقضية الأكراد والفيدرالية ، وصفقة الاس 400 لتركيا ، ولا شك بأن العقوبات على روسيا ستكون حاضرة ولو أنها لا تؤثر على الجانب الروسي كما تؤثر على الايراني الذي أمكنه - حتى اللحظة - الالتفاف عليها مداورة إذا ما ضمن استمرار الأربعة زائد واحد التقيد بها ، ولكن هل يستطيع هؤلاء التملص من العقوبات على شركاتهم وماذا عن الصين .؟.

لقاء ترامب مع الرئيس بوتين أشبه بلعبة روليت روسية معدلة ، يحمل ترامب مسدسه المذهب ذو البكرة وفيها طلقة واحدة ، يدير البكرة بسرعة آملا أن تتوقف جاهزة عند الطلقة يقابله بوتين الذي يتقن هذه اللعبة ، وعند الجاهزية يتباعد المتبارزين وكل منهما يعطي ظهره لخصمه إلى مدى ما ، ثم يلتفتا وتكون نهاية أحدهما ، فهل يعتمد كلاهما على الحظ أم أن الرئيس الأمريكي وحده من يعتمد على الحظ في حين يتقن القيصر لعبته .. قد تكون المفضلة .؟.

بحثت طويلا ، إن كان ترامب يؤمن بالتنجيم فما وجدت دليلا ، هل وحدهم بعض رؤساء أوروبا يؤمنون بضاربي المندل والودع ، استطرادا أتساءل : هل وصل إلى علم ترامب أن نبوءة تقول بنهاية الدولار قبل العام 2023 بعد انفراط عقد الولايات المتحدة ، وكذلك نهاية المشروع الصهيوني في المنطقة ، هي قراءات قال عنها كاتبها أنها ملعونة ، لكن بعضنا الكثير يراها البشارة التي لن يطول انتظارها ..... سنوات خمس ، بدأ العمل لإنجاز طريق الحرير ، خطة خمسية ويعلن بعدها اليوان سيادته على اقتصاد العالم .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024