إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مـن يعبــث بأبواب الجحيــم ، ولماذا ..؟.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2019-10-07

إقرأ ايضاً


لم تكن الحروب في أي زمن حركة عابرة غزوة ، أو رحلة ونزهة ، الحروب تعني ، النار والدمار ، الموت والدماء والجروح والاعاقة ، الفقر والمجاعة والتشرد .. إنها من أبواب الجحيم مشرعة في كثير من بقاع الأرض في ليبيا ، اليمن ، العراق والشام . وهي أبدا لم تكن وليدة الصدفة أو ناتج محلي بل، بتخطيط وتحريض وضع أسسه المفسدون في الأرض وإن انتموا إلى كل ديانات الأرض .

هي البيئات التي لم تعرف يوما الطريق الأفضل للعيش والارتقاء وصعود سلم الحضارة البشرية ، وليست مفاجأة أن نجد بين شعوبنا شرائح اجتماعية تعيش عقلية مضى عليها أكثر من أربعة عشر قرنا ونيف ، وأنها لا تستطيع الفكاك من قيودها ولا الخلاص منها بفعل النقل وتجميد العقل والحراثة في ذات الحقل ، شرائح سريعة الاستجابة للتحريض والانفعال والعمل بالغريزة والتبعية للأدعياء على أنهم وسطاء أو وكلاء الإله وأنه لا بد من سماع كلمتهم والعمل بأوامرهم وإن كانت تقود إلى هلاك محتم .

لماذا يوصف الكردي بالعناد والمكابرة .؟. هل لأنه متمسك بفكرته لا يحيد عنها ولا يقبل النقاش فيها أم لأنه يفتقر إلى الحنكة السياسية وعدم المقدرة على استيعاب دروس التاريخ والاندماج في بيئته والإخلاص لوطنه ، ولماذا ينساق وينقاد إلى العمالة لقاء وعود يعرف الجميع أنها غير قابلة للتنفيذ وأنها مجرد استثمار آني لتحقيق مصالح أبعد ما تكون عن مصالح الشعب الكردي ولا تفيد إلا قلة ممن يتزعمون الحراك في كل مرة ، يملؤون جيوبهم وصناديقهم ويجدون لهم طريقا سهلا إلى الخارج للعيش برفاهية تاركين وراءهم الشقاء لمن بقي .

لا أعتقد أن وطنيا سوريا قصر أو أحجم عن تقديم النصح والنصيحة وتوجيه النداء للقيادات الكردية حتى لا تنام على بياض الوعود الأمريكية ، وقلنا أننا كلنا سوريون ، لا نتردد في الوقوف مع مطالبكم المحقة ، ولستم وحدكم من يعاني ، فكما بينكم كبار الملاك والقادة والتجار والعمال والفلاحين الفقراء ، كذلك هو الحال في الشرائح الأخرى ، وما المطالبة بحكم ذاتي أو استقلال إلا بدعة طرحها أصحاب النوايا السيئة من الأعداء الطامحين إلى مزيد من تفتيت الأمة ووضع اليد على أرضها وثرواتها ، كانت تركيا أحدهم في الماضي ، وها هي اليوم تعود من جديد سافرة عن الوجه العدو .

لم يسجل الأمريكي عبر تاريخه الطويل حالة إخلاص واحدة لمن تعاملوا معه أو خدموه ، لقد تاجر وباع الجميع حتى أقرب الحلفاء ، كان يتخلى عنهم ويقهقه ضاحكا بعد تحقيق مصالحه ، يقهقه لوصولهم إلى النهاية المحتومة وما كانوا يتوقعونها أبدا ، فلماذا لم يتعلم الكورد ومعهم الكثير من العرب والأعراب دروس التاريخ الأمريكي وطرائق التعامل معه .؟.

تتوارد الأنباء عن خروج أمريكي .. * توقعناه ، وبدء عمل تركي مخطط له * فضحناه ونشرنا عنه ، وكأن أحدا لم يقرأ أو لا يريد أن يقرأ ويصدق ، أمريكا لا ولن تقاتل الحليف التركي ، قد لا تساعده ، لكنها بالتأكيد لن تساعد الكرد ، وما أمدتهم به من سلاح أو ذخائر هو أقل قيمة بكثير مما قدم الكرد لقواتها ممثلين بقسد ومن معهم ، وما نهبته أيضا من ثروات فطنوا لها أو لم يفطنوا ، وما أدرانا ما أخذه الأمريكي في غفلة من الزمن اضافة إلى النفط والحبوب والأقطان ، وكل ما تم بيعه أصبح في البنوك الأمريكية ونهايته معروفة .!.

يقال في الأمثال : " العليق للفرس عند الغارة لا ينفع " . ! . كيف تطالبون بحمايتكم من الدولة السورية والجيش السوري وأنتم من هدم مراكزه وطارد أفراده ورفضتم الحفاظ على مؤسسات الدولة الشرعية التي لو بقيت لكانت مظلتكم .؟. وهل تعتقدون أن حركة الجيش واعادة تموضعه وإقامة التحصينات اللازمة بهذه السهولة مقابل جيش أمضى أشهرا في التحضير والحشد والعمل اللوجستي والاستطلاع ولا تعلمون أن البداية ستكون قتالا بينكم وبين أدوات سورية سخرها وجندها وعمل على تزويدها بما يلزم لتحقيق الاختراق والتقدم ، في هذه الحالة قد يخسر ماديا فقط وليس الدماء ليضع يده على أرض ليست له من جديد وقد فعلها قبل زمن ليس ببعيد .

لا نقول أن الشعب التركي راغب أو راض عن قيام حرب ، وأيضا ليس كل أبناء المنطقة يقبل الخضوع لنتائجها ، لكن شعبنا في الجزيرة مفكك الروابط ، بعضه ناقم على ممارساتكم أنتم والأمريكي الذي لم يخرج قبل أن يزرع بغضكم في قلوب العامة حتى الكرد ، وأسس لصراع يقوم على رد الفعل وعقلية الثأر التي تجتاح المشرق وهي علة ما يحصل ، ما يدركه الأعداء ولا يطبقونه فيما بينهم ، أردوغان رأس الحكم التركي مأزوم في الداخل ، ونهايته قريبة تشبه نهاية قادتكم ومن دفع بكم إلى هذه النهاية ، وتركيا كدولة مستهدفة سيتم تفتيتها وقسمتها ويعلم الله والمخططون أين هو موقعكم وأهلكم في مناطق الشمال السوري المحتلة ، فهل نسيتم أنها أراض سورية من زمن سومر حتى اليوم .؟.

أردوغان أشبه بنتن ياهو مع فارق الخبث والتخطيط في القيادة ، الأول أهوج تقوده نزوة لا يستطيع كتمانها ويعبر عنها في مجالسه معتبرا أنه الطريق إلى السلطنة ، والثاني يعمل بخبث ودهاء لنسج علاقات تمد في عمر كيانه الذي لا يثق بأنه باق لأكثر من سنوات ، هي حتمية التاريخ ومنطق الجغرافيا ، أردوغان يعبث بأبواب الجحيم يحاول فتحها على مصراعيها ليدخل فيها المنطقة ، يبدو أنه نسي معاناة أجداده من المجاعة والفقر والموت في البراري وذهاب أغلبهم طعاما للوحوش والكواسر .

لم يعد بعيدا اليوم الذي يشهد العالم نهاية ممالك وامارات وزوال امبراطوريات وقوى عظمى ، وكيانات تم اصطناعها بتوافق دول الانتصار وانبعاث دول تم حذفها عن الخريطة ، وهذه ستستعيد المبادرة لتلملم أجزاءها وتعود إلى الواجهة ، تابعوا وانتظروا التطورات في فلسطين ، في نجد والحجاز ، في الأناضول ، وعلى أرض المشرق السوري من المتوسط حتى حدود ايران ، دون قيام دولة كردية أبدا ، وتابعوا أمريكا .. لا تنسوا ، ومن يعش ير .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024