إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العقَم القومي الباهر - جزء 2

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1937-12-10

إقرأ ايضاً


إذا كان الأستاذ فرنجية يقصد من عبارته الكبيرة الضجاجة جر حملة جديدة على الحزب القومي، كما هو الأرجح، فيكون كلامه من نوع تلك الوشايات أو السعايات المستورة بستار براق من الغيرة على الكيان اللبناني غير المهدد.

إن عبارته تحمل على الاعتقاد أنها موجهة إلى "إرادات" الجانب الفرنسي في الدرجة الأولى لتمهد لقتل النهضة القومية بإثارة غضب رجال المفوضية على الحزب القومي، الذي نضطر إلى القول وجبيننا يندي من الخجل: أن الفرنسيين الأجانب كانوا أسرع إلى فهم حركة الحزب القومي وأكثر تحفظاً في معالجة قضيته وأضن بنهضته من أن يحملوها ما لا يقبله وجدان الأحرار وأبعد نظراً في أصولها من "الوطنيين"، الذين لجأ فريق كبير منهم إلى تصوير الأمور بغير حقيقتها وإيغار صدور الفرنسيين على النهضة القومية لسبب واحد هزيل حقير هو خدمة مآربهم وإرضاء رغباتهم.

إن السيد فرنجية لم يكن يرى أي اثر "للإرادات" الأجنبية حين كان يحقق في قضية الحزب السوري القومي، متبرعاً للدفاع عن الحقيقة، لا محامياً بأجرة ولكنه الآن أصبح يراها من وراء سجوف الدعاوات الرجعية والاكليركية ومن وراء الأهداف المتعلقة بسياسة لا تعلو عن مرتبة "سياسة الضيعة" التي تحدثنا عنها في سابقة.

والظاهر أن "لبنانية" السيد فرنجية الضيقة الصرف هي التي حالت دون اتصاله بالحكمة السورية الواردة على لسان الشاعر الخالد المعري.

فكيف ترى المنهاج والليل مقمر *** ولم تره واليوم أزهر شامس؟

إذ كان السيد فرنجية يعد عبارته في المجلس من باب الدبلوماسية فبئس ما هي هذه الدبلوماسية الخرقاء!

إنها دبلوماسية الزمن العتيق البائد. إنها هذه الدبلوماسية العفنة الفاسدة القائلة بمحاربة بعضنا البعض الآخر في سبيل غاياتنا الشخصية بتحريض "الإرادات الأجنبية" بعضنا على البعض الآخر.

أهذه هي الغيرة على "كيان لبنان" وعلى "استقلال لبنان"؟

أهذه هي النيابة عن الشعب؟

أهذه هي القومية الصحيحة؟

أهذا هو الإنتاج القومي المجدي؟

السيد حميد فرنجية يرى أنه لا يحسن بنا الاستنجاد بالجيش الفرنسي في حالة قمع مظاهرات أشارت الحكومة بإيقافها وهي مظاهرات أحزاب كانت الحكومة كل شيء فيها ولكنه يرى أنه يحسن بنا إثارة "الإرادات الأجنبية" على النهضة القومية الأصلية التي يريد رفع الأمة على مستوى "الإرادات الأجنبية".

إذا أردت، يا عزيزي المطالع، أن ترى صورة لما هو العقم القومي فهذا هو العقم القومي الباهر!


تمت


العدد 49 في 10 ديسمبر 1937


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024