إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حرب الخداع الأميركية

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2013-09-02

إقرأ ايضاً


الحرب الاميركية أُعلنت على سورية سواء كانت بكافة انواع الاسلحة المتاحة أو حصلت بضربة جوية وصاروخية محدودة أو شاملة كانت أو لم تحصل بتاتا. فمجرّد وضع جهوزية الاعتداء هو إعلان حرب وهي قد قامت فعلا ولو لم تبدأ كوقائع عسكرية . بل تقوم الولايات المتحدة الاميركية بالتمهيد السياسي والدبلوماسي اللازمين لتحقيق تحالف او تحالفات بغية اكتساب شرعية ما يعطيها المسوّغ القانوني من ناحية القانون الدولي . ان التفتيش عن ذرائع بعد حصول النيّة الجرمية كمن يضع العربة امام الحصان وهو ما يفسر الارتباك الحاصل على مستوى المجتمع الدولي وينسحب على الحلفاء التقليديين لأميركا ممثلا بالحراك الشعبي ومستويات أخذ القرار الرافضة للحرب .

فالولايات المتحدة السّاعية لضرب سورية مستندة الى القوانين والاتفاقات الدولية المحرّمة استخدام اسلحة الدمار الشامل هي نفسها غير ملتزمة بهذه القوانين لا على المستوى العملي بحيازتها لكل انواع الاسلحة المذكورة ولا من الناحية الشكلية باعتبارها غير موقّعة على هذه الاتفاقات بالاضافة الى كونها الدولة الوحيدة التي اعترفت باستخدامها في الحروب السابقة. فهيروشيما وناكازاكي ُضربت بالقنابل النووية وفيتنام بالاسلحة الكيماوية ولم يحاسب احد الولايات المتحدة على تجاوزها الخطوط الحمراء .

مشكلة الولايات المتحدة مع سورية تقع في مكان آخر تقع في كون سورية مؤهلة أن تلعب دوراً مميزاً في خلخلة النظام العالمي الحالي المسيطر عليه حصرياً من قبل أميركا . والحرب على سورية لم تعلن بالأمس إلا ظاهريّاً أمّا فعليا فإنها بدأت مع قانون محاسبة سورية في الكونغرس الاميركي وفي القرار 1559 .وُترجمت عمليا في استخدام ما يطلق عليه «المعارضة السورية « كأداة تأديب لسورية وجيشها وشعبها ومحاولات تطويعها للانخراط في صفوف الدول التابعة .

يعد سقوط نظرية «الربيع العربي» واندحار الادوات الاميركية في اكثر من موقع ومكان اطلت الولايات المتحدة صاحبة المشروع الاصيل على الساحة لتلقي بثقلها لإزاحة العائق السوري من امامها في محاولة مباشرة لإعادة تثبيت مركزها القيادي في العالم مستفيدة من القانون الدولي كغطاء لتقييد عملية الردّ السورية المشروعة .لكن الدول المساندة لسورية أجهضت المحاولات التسويغية الأميركية في المحافل الدولية وخصوصاً في مجلس الامن والامم المتحدة فأضحت اميركا امام خيار وحيد هوالقيام بضربة عسكرية تعيد لأدواتها في الداخل السوري المبادرة .

الضربة العسكرية محضّرة في الاركان العسكرية المشتركة قبل ذريعة الكيماوي بزمن طويل .وهي احدى الاحتمالات المطروحة امام هذه القيادة كخيار بديل عند تراجع عمل العصابات المسلحة على الارض . وانما ما يحصل الآن من ارباك ناتج عن تسرّع «سعودي» في استخدام الكيماوي أدى الى خطأ في توقيتات السيناريو الموضوع لهذه الغاية .

الضربة الاميركية خطيرة ليست على سورية فقط وانما هي على الولايات المتحدة نفسها في حال فشلها . انها لعبة « بوكر بأموال سعودية وادارة فرنسية سيّئة . فالسعودية عاجزة عسكرياً وهي مكلّفة بادارة الهجوم البري من الاردن وفرنسا لم تربح اي حرب في تاريخها العسكري الطويل .فالستريت فلوش الاميركي سيصطدم بردّ سوري اكبر قد يعيده الى خلف منطقة الاطلسي .

وعليه إن التطمينات الاميركية بمحدودية الضربة هي خدعة على طاولة قمار غير مكتملة الاوصاف .فمن طبيعة هذه الضربات الجوية انها تستهدف اول ما تستهدف مقرات القيادة السياسية والعسكرية ومراكز السيطرة قبل الشروع بضرب القوى الدفاعية الحسّاسة ووسائط عملها ثم تكرّ السبحة .

لم تكن « جمرايا « وغيرها الا محاولة لجسّ نبض القيادة وقدرتها على التماسك وارتقاب ردّات الفعل وكيفية التصرف على الارض . وبالتالي مراقبة حثيثة لكشف نوعية واماكن الاسلحة التي لم تستخدم في الصراع بعد بغية عدم تحقيق مفاجآت تكتية وعملانية تغّير موازين القوى .

ثقوا حسناً فعلت القيادة السورية في السابق وحسناً ستفعل في المستقبل . قد يغيّر هذا الصراع مجرى التاريخ الحديث .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024