إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

خربشات الناشف.. تجليات الهوية «الفراتية» بين التعبيري والواقعي

نظام مارديني - البناء

نسخة للطباعة 2018-10-24

إقرأ ايضاً


احتضنت دار الندوة في بيروت «خربشات» المعرض الشخصي الجديد للفنان التشكيلي والنحات السوري، جمعة الناشف، الملقب بالفراتي. وقد ضمّ هذا المعرض عدداً كبيراً من اللوحات الفنية التعبيرية المختلفة الأحجام والمشغولة بالأكريليك، ومثلها بالقلم الأسود والرصاص، إضافة إلى عدد من المنحوتات الواقعية التي توسطت صالة العرض بكثير الكثير من الإيحاء المتين، وقد جاءت فكرة الإيقاع البصري لعناصر العمل الفني، لكي تخلق توازناً مع إيقاعات الوجع الانساني.

عشرات من اللوحات الملونة، ومثلها بالأبيض والاسود، أراد من خلالها هذا الفراتي الذي استمد سمرته من تراب دير الزور المعجون بنهر الفرات، تكريس هويته، المركبة، ما بين بيئته الفراتية وهويته السورية الأشمل، وليس غريباً هنا ان تأتي لوحاته وكأنها تتراقص على أنغام فنانة المعبد في مدينة ماري، أورنينا.

في هذا المعرض هناك إحالات رئيسة، بالأسود والرصاص، إلى وجوه لشخوص عديدين، وقد نعت النقّاد غالباً جمعة الناشف بالفنّان التعبيري، وهذا التوصيف صحيح إلى حدود معينة، لكنه ليس دقيقاً تماماً، مع وجود المنحوتات التي تنحو باتجاه الواقعية، وقد طغت هوية الفنان الفراتي على الموضوع كنوع من الامانة في تصوير الواقع. رغم ان الواقعية كمذهب فنيّ ترى أن ذاتية الفنان يجب ألا تطغى على الموضوع.

بكلمات مقتضبة أقول إن مشاعر الفنان المتأججة، وعواطفه الجياشة، وأحاسيسه الداخلية، ومخيلته الملتهبة.. تلجُ طريقها إلى لوحة الفراتي التي تقرّبه من الرمزية، إضافة إلى تعبيريته وواقعيته. والسؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن المتلقي، هل انزاح هذا الفراتي من رمزيته ليجد ضالته وولاءه للمذهبين، التعبيري والواقعي؟

لقد برزت إيحاءات البيئة الفراتية في اللوحات الأكريليكية بوضوح بألوانها الطالعة من لون التراب، وقسوة خطوطها خصوصاً للمتابع أعمال الفنانين السوريين التشكيليين المعاصرين، وأعمال الناشف بشكل خاص، ويختفي الجزء الأكبر من هذه اللوحات بالاسود والرصاص الموحية التي تجمع الخطوط في كتلة واحدة متراصة لتتيح لمجموعة الوجوه الإشراق حولها.

لقد مزج «الفراتي» في رؤاه وألوانه مزجاً يهدف لتوصيل رسائل جمالية وذوقية للرائي فطبعت كل هذه الانفعالات لوحات هذا الفنان بطابعها، وقد أضافت لفنه فهماً عميقاً لوظيفة الفن التشكيلي فتآخى اللون مع النحت، للتعبير عن رؤيا جمالية شاملة وعميقة في المعرض، وعبر بوح وجداني الرؤى بمساراته الممازجة بين التعبيري والواقعي، ما يستدعي الوقوف على نسجه اللوني واستنطاق لوحاته والكشف عن جدلية الواقع بكل تجلياته التي تكشف عن قدرة الفنان على استحضار هويته الفراتية السورية المحققة للفعل الفني الذي شكل معمار اللوحة، مبنىً ومضموناً..

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024