إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سيرة ومسيرة الامين لبيب ناصيف -الحلقة الرابعة –

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2019-02-21

إقرأ ايضاً


- خليه يقعد عاقل !

كانت أخبار تحركاتي تصل إلى المكتب الثاني، ومنها إلى الوزير فؤاد بطرس، وكان بدوره يتصل بخالي أندره جحا ويطلب إليه أن يوصل إليّ تحذيره .

- هالمرة مش رح اتدخل .

عيون المكتب الثاني المنتشرة في كل مكان كانت أيضاً في الجامعات والثانويات والمقاهي وعند الأرصفة. كلها كانت معبأة لترصد تحركات القوميين الاجتماعيين، خاصة وان أجهزة الحكم تعرف أن الحزب أعاد تنظيمه الإداري في المنفذيات، وأن نشاطه جيد ومتنامٍ في الجامعات وفي مدارس العاصمة والمناطق، كما أن معنويات أعضائه في ارتفاع ملحوظ.

الأمين عبدالله محسن كان يدير، بكثير من الحنكة الاتصالات السياسية باتجاه الحصول على عفو عام عن الأسرى القوميين الاجتماعيين، كما كان يدير بمثاليته القومية الاجتماعية الحزب، ويعالج المسائل بمناقبية عُـرفت عنه.

الأمين محسن من قيادات الحزب التي بها نفخر، في إخلاصه وفي تفانيه، وفي صدق التزامه، ما يعطي قدوة لمن يعمل معه، ولمن يتصل به من مسؤولين ورفقاء.

عملتُ معه سنوات، كما مع الأمين كامل حسان بعد خروجه من الأسر في دمشق وانضمامه إلى اللجنة المركزية، ومع كل من الامناء: خليل دياب، مسعد حجل، والياس جرجي. حقك أن تختلف معهم، وان ترى هفوات هي من طبيعة البشر، إنما لا تستطيع إلا أن تقرّ لهم بميزة الإخلاص اللامحدود، ومن أنهم جُـبلوا من طينة النهضة، وشربوا من لبنها حتى الثمالة، فما عرفوا غيرها ولاءً أو التزاماً أو هدفاً في الحياة. هم، وغيرهم من الذين تتلمذوا جيداً على يد سعاده وآمنوا جيداً وناضلوا، مستمرون في ضمير حزبهم، في تاريخه، مع كل جيل يريد أن يعرف كيف كان، أولئك الرسل، حياة وسلوكاً وتضحيات .

الاتصالات السياسية التي امسك بدفتيها الأمين عبدالله محسن بجهد متواصل وبدقة متناهية كأنه يسير بين أكوام من بيض عصفور، مع قوى سياسية وعسكرية في الحكم، كما مع قادة الحزب السابقين في الأسر، تستحق كتاباً لم يكن يستطيع أن يصيغه سوى الأمين محسن الذي كان ممسكاً بكافة المساعي ومتابعاً لها وعارفاً بدقائقها. كذلك الأمر بالاتصالات والقرارات التي صدرت بتأييد هذا المرشح أو ذاك في انتخابات العام 1968 وكانت مرتبطة بالمساعي الحثيثة للحصول على العفو الشامل.

المؤسف انه لم يدوّن مذكراته، ومثله الامناء الراحلون الياس جرجي وكامل حسان وخليل دياب الذين رافقوا الاتصالات السياسية للامين محسن، ومع ان الامين غسان عزالدين كتب عن ذلك في أكثر من مكان في اجزاء مجلداته "حوار مع الذاكرة"، وكتب الامين مسعد حجل الذي كان مساهماً، ومتابعاً أكثر عندما دخل الامين عبد الله محسن السجن، ودخلنا معه، فتابع بالتنسيق مع القيادات في الاسر، الاتصالات المرهقة التي كان انضجها الامين محسن، وصولاً الى صدور قانون العفو العام عن المجلس النيابي (نقترح مراجعة مذكراته تحت عنوان "لم أبدّل ولن...".

نحن ندعو كلا من الامين غسان الاشقر، والرفيق صباح عبد الله قبرصي الى ان يدوّنا ما يعرفانه وهما كانا يواكبان تلك المرحلة من العمل السياسي.

*

التاسع عشر من نيسان 1967 كان يوم أربعاء. كنا حتى الأمس نتحرك كالعادة: الساعة.. اجتماع هنا. الساعة.. اجتماع هناك، الخامسة: حلقة إذاعية، السادسة والنصف: زيارة لـ...

كنتُ أخرج من بنكو دي روما، لا إلى البيت، إنما إلى أي مكان، وإلى أي لقاء أو اجتماع أو متابعة. كم وكم وكم عرفتنا الجامعات و"مكتبة برباري"، ومقهيا " نورا" و "لا دونا" وغيرهما عند الاقتضاء. وكم مرة ومرة زرنا المناطق وانتقلنا من بلدة إلى أخرى، ومن رفيق إلى رفيق، ومن مواطن مهيء للقسم إلى آخر. سيارة الأمين أنطون حتي لعلّها تحكي وتشرح، وقد انقلبت بنا ذات يوم فيما نحن عائدون من الهرمل إلى رأس بعلبك حيث كان بقي فيها الرفيق جوزف بابلو(1) لتغطية حلقة إذاعية وبقي معه الرفيق بهيج أبو غانم (الأمين، عضو المجلس الأعلى لاحقاً). سيارة الأمين عدنان طيارة أيضاً. وسيارة الرفيق الدكتور صلاح زهر. الكورة، جبيل، الهرمل، النبي عثمان، رأس بعلبك، عكار، مرجعيون... تحكي. كذلك الرفقاء الذين نشطوا في تلك الفترة.

لا أحد تقاضى مبلغاً ولا طلب ثمن تنكة من المحروقات. التنقل من مكان إلى آخر، والجلوس في المقاهي يكلّـف مالاً، فكيف إذا كانت الجلسات عديدة، يومية، ومثلها التنقلات.

*

فجر ذلك الأربعاء 19 نيسان اعتقل الرفقاء أنطون حتي، جان وكمال نادر، جميل عساف، نقولا نصر، سهيل عبد الملك، ومحمد السعدي.

فوجئنا. لم يكن متوقعاً اعتقال رفقاء جدد فيما المساعي ناشطة في سبيل العفو العام عن الرفقاء الأسرى الذين كانوا شاركوا في الثورة الانقلابية .

توجهتُ فوراً إلى منزل الأمين عبدالله محسن في جوار بلدة "حدت بيروت". أخبرته، وعرضتُ له رأيي.

- فلتأخذنا الدولة "مسبحة" واحدة، لا حبة حبة .

تابعت:

- لنجابه الدولة كلنا. لتعتقلنا كلنا، خلّيها تكبر .

وافق.

لم أتوجه إلى دارة الرفقاء برباري في بطلون – المنصورية كما في المرة السابقة. لم ألجأ إلى أي مكان. فوراً اتصلتُ بالرفقاء المسؤولين .

- استمروا بالعمل .

الرفيق سمير ضومط(2) الذي وقفتُ معه عند زاوية محطة المحروقات التي كان يملكها وشقيقه في منطقة انطلياس، تحمّس، لم يتراجع وقد عرف أن رفقاء اعتقلوا. القرار بالمجابهة أعطاه قوة نفسية ومعنويات، فليكن مثل رفقائه.

حنانيك يا رفيق يوسف سالم. يا بطلاً من أبطال النهضة خسرناك قبل أوان رحيلك بكثير. ما عرفته يوماً إلا مشعاً بالذكاء وبالمناقب وبالإيمان وبالحركة التي لا تعرف تباطؤًا، كم سار معي وكم اتصل مُـبلغاً أوامر الاستمرار بالعمل .

لم يخف رفيق، ما وجل أحد، الكل استمروا.

الطالبان سمير سامي صيقلي، ووليد شفيق صدقة عبد الخالق كانا في الصف التكميلي في مدرسة "التنشئة الوطنية" لصاحبها ومديرها الرفيق إياد موصلي.

الرفيق جميل عساف (الامين لاحقاً) الذي كان أحد الذين اعتُــُقـلوا، كان يتولى متابعتهما إذاعياً، كما العمل الحزبي في المدرسة، مع ذلك أصرّا. في الشقة التي كان يقيم فيها الرفيق عاطف ضو (الأمين الراحل، المشعّ بالالتزام القومي الاجتماعي) والرفيق السابق رؤوف أبو زكي في منطقة الأرلكان – القنطاري، رفعا الأيدي وأقسما. الأمين بهيج أبو غانم كان معي .

يوم الثلاثاء 25 نيسان، أي بعد مضي ستة أيام، جاء دور الدفعة الثانية. كنا: الامين عبد الله محسن والرفقاء: بهيج أبو غانم، غانم خنيصر، و لبيب ناصيف.

*

في ثكنة المير بشير، نُسأل ونجيب.

نعم، نعم، نعمل للحزب، للعفو.

من معك ؟

غسان الأشقر، غسان عز الدين، هنري حاماتي، و... و... خذونا كلنا إذا شئتم.

القاووش رقم 2 في البناية الثانية، دخلته هذه المرة كمن يدخل إلى بيته، إذ سبق وولجتُ بابه في العام 1965.

لم أقف مشدوهاً كما المرة الأولى، خاصة أني لم أكن وحدي، بل كان الرفيق جان نادر قد سبقني إليه.

في 29 نيسان أخلي سبيلنا مدنياً وأحلنا إلى النظارة العسكرية. بعد تحقيق، أصدر المحقق العسكري الأستاذ جورج غانم مذكرة توقيف في أول أيار وأحالني إلى سجن الرمل مجدداً، لأخرج منه بكفالة يوم السبت في 13 أيار .

المصرف كان ذكياً هذه المرة، فلم يتخذ قراراً بصرفي، إنما أوضح لي أنه سينتظر صدور الحكم.

وخرج الرفقاء إلى العمل الحزبي مجدداً. لم يتوبوا كما راهنت الأجهزة. لم تضغط عائلاتهم عليهم كي يوقفوا تحركهم. لم يتراجع أي رفيق، ولم يخفف أي منهم، من اندفاعه في العمل الحزبي.

ومثلهم كان الرفقاء والأصدقاء، فقد اندفعوا أكثر إلى العمل، وقد وجدوا رفقاءهم الذين كانوا اعتقلوا، أشد صلابة من ذي قبل وأكثر تحركاً. لم أعلم أن رفيقاً واحداً أو مواطناً صديقاً توقف عن العمل الحزبي، أو تراجع، أو تأثر سلباً واختار القعود، على العكس كنا نرى العشرات منهم يحضرون جلسات المحكمة العسكرية، كأني بهم يتدربون على ما قد يصلون إليه.

واستمرّينا: "نوراً"، "لا دونا"، مكتبة "برباري"، الجامعات، المقاهي، المناطق، كأن شيئاً لم يكن.

- خلّيه يقعد عاقل .

تأتي النصيحة من الوزير فؤاد بطرس. تتكرر. العيون تراقب، الأخبار تصل، التحذيرات.

البنك بدوره ينتظر. جلسات المحكمة تتأجل: 5 نيسان 1968، 10 تموز، 11 أيلول،

ندخل إلى القفص في قاعة المحكمة العسكرية، نتبلغ قرار التأجيل. نغادر، ويعود كل منا إلى عمله، أو إلى دراسته، ودائماً إلى نشاطه الحزبي.

إلا أن يوم 5 تشرين أول عام 1968 كان يوماً آخر: عبدالله محسن سنتان، لبيب ناصيف سنتان، أنطون حتي، جان نادر، نقولا نصر، سهيل عبد الملك، وبهيج أبو غانم سنة ونصف، غانم خنيصر، جميل عساف، محمد السعدي سنة واحدة، كمال نادر 4 أشهر.

التفتنا إلى الوراء حيث كانت اكتظت قاعة المحكمة العسكرية. رفعنا اليد للرفقاء وللأصدقاء، رفعوا اليد يبتسمون لنا ويلوّحون فيما نحن نتوجه إلى نظارة المحكمة العسكرية، بينما خرج الرفقاء الآخرون الذين كانوا اعتقلوا لأيام أو جلبوا إلى المحاكمة بعد أن وردت أسماؤهم في التحقيقات، من القفص مباشرة إلى منازلهم.

أحكام البراءة طالت الرفقاء غسان الأشقر، غسان عز الدين، هنري حاماتي، زكريا لبابيدي(3)، عبد اللطيف غلاييني(4)، سمير أبو نادر(5)، عبدالله الغريب(6)، عدنان طيارة(7) وجوزف خوري(8) وآخرين.

وأذكر من المحامين: الأستاذ بهيج تقي الدين عن الرفيق بهيج أبو غانم، الأستاذ عادل بطرس (عني)، الأساتذة بدوي أبو ديب، بطرس سكر، مخايل ضاهر، الرفيق جمال فاخوري(9) والرفيق رامز يعقوب(10)، عن الامين محسن والرفقاء الآخرين.

الصمت سيد المكان: كل ينظر إلى رفيقه. الرفيق جان نادر كان حجز بطاقات لحضور فيلم سينمائي مساء. يبتسم، الرفيق سهيل عبد الملك(11) خلع جاكيتته وتمدد فوق المرتفع الحجري (لا هو بسرير ولا بمقعد. فقط مرتفع من الباطون على امتداد ثلث مساحة النظارة يستعمل للتمدد، أو للنوم) .

الأمين عبدالله محسن يفكر، الرفيق محمد السعدي(12)، الأكثر تقدماً بالعمر بعد الأمين محسن، وكان بيته بيتاً للرفقاء وللعمل الإذاعي، ينظر شارداً وهو يفكر كيف ستتدبر عائلته قوتها في غيابه.

- شرّفوا .

خرجنا، اثنان اثنان، القيد إلى القيد، صعدنا إلى سيارة الشحن المقفلة، قبل ذلك نظرنا إلى فوق، البنايات والشرفات، إلى حيث الطريق والمارة، ودخلنا.

في سجن الرمل أخرجنا ما نحمل من مال، نزعنا الساعات والأحزمة وأشرطة الأحذية، سلمنا بطاقة الهوية، سجلوا، وقعنا.

ساروا بنا إلى الباحة الداخلية وسط بنايات السجناء.. رقيب، دركيان، سجين.

- حط رأسك .

وأشار إلى برميل، حاولنا، ممنوع، اسمع، اقشع، نظام، ممنوع.

عندما رأينا الأمين عبدالله محسن حليق الرأس، ابتسمنا، عندما رآني الرفقاء راحوا يضحكون. ومثلهم رحت أضحك كلما اقترب رفيق ليمد رأسه فوق البرميل.

اشلحوا، شلحنا، يومها عرفتُ فضيلة أرتداء السليب، فتشوا، البسوا، لبسنا.

- يلا .

وسرنا الى حيث اشاروا.

*

وقف الأمين عبدالله في حالة ذهول، مثله وقفت. القاووش في بناية المحكومين هو غيره في بناية الموقوفين، حيث يعامَـل السجين برأفة إذ قد يكون بريئاً، او مذنباً، أما هنا فالجميع مجرمون، مذنبون، مدانون.

الشاويش أفرد لنا مكاناً جيداً بعد ان قرأ اننا حُكمنا بسبب العمل لحزب ممنوع، إنما... لم أعرف النوم ليلتئذ، ولا أعتقد أن الأمين محسن نام بدوره .

في اليوم التالي جمعونا في قاووش واحد. تُـرى هل أفلحت وساطات الرفقاء في الخارج، وبهذه السرعة، أم أن الإدارة اختارت "الحجر الصحي" علينا، فتتقي شرّ نشرنا لتعاليم الحزب بين السجناء، أو تحريضهم عليها في أي مناسبة آتية .

القاووش رقم 4 في البناية الثانية للموقوفين كان ضيقاً علينا نحن الإحد عشر سجيناً، إنما وجدناه "قارة". فلقد بتنا سوياً.

- لازم تختاروا شاويش للغرفة.

واختارني الأمين عبدالله محسن، لأبدأ والرفقاء مرحلة جديدة من النضال أستطيع أن أقول عنها أنها كانت رائعة. فلا يوم حصلت مشكلة، ولا أحد زعل من أحد، وما اشتكى رفيق رفيقه. كنا شخصاً واحداً .

لكل رفيق دفتر مالي يتسلمه من إدارة السجن، التي تسجل المبلغ المالي الذي كان في حوزته عند دخوله السجن، ثم تباعاً كل مبلغ يرده من الخارج، أو يصرفه لحاجته، إذ بواسطة هذا الدفتر يسجّل السجين ما يرغب شراءه من مطعم السجن الذي يضمنه، عادة، شخص من خارجه، وهذا المطعم هو غير مطبخ السجن وما فيه من "قروانة"(13)، ومن طعام لا يؤكل .

وفي الغرفة "خزانة" هي رفوف من باطون، وكل مربع يخص عدداً من السجناء ليضع فيه أغراضه وما يصله من عائلته أو من أهله من طعام وفاكهة .

هذا النظام المتبع في السجن، لم ير النور في القاووش رقم 4 من البناية الثانية، فالدفاتر هي في حوزة الشاويش. له أن يسجل على هذا الدفتر مبلغ خمس ليرات (ليرات تلك الأيام) لقاء مشتريات من المطبخ وعلى ذاك الدفتر ليرة واحدة، فلا هذا الرفيق اعترض ولا ذاك. المقياس هو وضع الرفيق المالي، وقدرة عائلته على تزويده بما يحتاج إليه.

الصندوق واحد، القرار واحد، والرفقاء لا يسألون ولا يدققون ولا يعترضون، ولو سجلّ الشاويش على دفتر أحدهم أضعاف أضعاف ما قد يكون سجلّه على دفتر رفيق آخر .

الطعام الذي يصل من الأهل إلى الرفيق، ليس له ولا للقسم الخاص به في الخزانة، هو للجميع، القليل الآتي ينضم إلى الكثير. "الحرام" يمتد، فتنزل كل الأطباق، والجميع حول "الحرام – الشرشف"، وحول طعام واحد.

للشاويش ان يقدّر حاجة الغرفة: صابون، تايد، صحن حمص، ويسجل على أي من الدفاتر، دون أن يُطلع الرفيق صاحب الدفتر، الذي بدوره لا يسأل ولا يعترض.

لم أسمع طيلة الأشهر أي رفيق يسألني لماذا سحبتُ من دفتره مبلغ كذا، أو وشوش في أذني راغباً أن يستأثر باكلة طيبة أرسلتها له أمه.

كان الرفقاء "رفيقاً واحداً" على تنوع المشارب والاعمار والثقافة. فرئيس الحزب الأمين عبدالله محسن إلى جانب الرفيق غير المتعلم محمد السعدي، شبه الأمي، وهذا إلى جانب طالب الطب الرفيق أنطون حتي، والرفيق كمال نادر ابن السادسة عشرة إلى جانب الرفيق الأربعيني سهيل عبد الملك .

*

- بهيج أبو غانم إلى الإدارة .

وخرج الرفيق بهيج، ثم عاد ضاحكاً.

- خير إنشاء الله .

والد الرفيق عصام زهر الدين(14) طلب إليه أن يتسلّم إدارة مكتبة السجن، هو عيد للرفيق بهيج ولنا. لم أقرأ في حياتي كما قرأتُ في السجن. المكتبة كانت بتصرفنا، وأي كتاب هو لنا إذا رغبنا قراءته.

- الأستاذ عبدالله محسن إلى باب البناية .

خرج الأمين عبدالله ليعود إلينا مبتسماً .

وسألناه بلهفة .

أوضح: متعهد مطعم السجن، وفد ضمنه بعد فوزه بالمناقصة التي أجريت، كان رفيقاً وقد سمع أني في السجن، ويلّي بدك ياه يا حضرة الأمين .

رحنا نكثر من أكل "الفتة"، وأحياناً نوصي المطعم على طعام معيّن لا ينجزه عادة للسجناء، فيفعل.

الأكل الطيب من الأمينة هيام محسن كان يحوّل القاووش إلى غرفة طعام لا تتوقف، والدتي تسخو وهي مشهورة بأنها تُحسن طهو الطعام، وعائلات الرفقاء، كل بدورها تؤمن أفضل ما لديها.

*

أول آذار، احتفال وكلمة، وفي كل فترة، مناسبة وقصيدة. شاعر القاووش الرفيق بهيج أبو غانم، ومساعده "الشاويش"، أساهم بالفكرة وببعض الكلمات، أما الصياغة فللرفيق بهيج.

ذات يوم تسلمتُ مشاية، فإذا القصيدة عنها جاهزة. راح الرفيق بهيج يتلو القصيدة ونحن نضحك، وبعضنا يضيف.

القاووش ضيق، إلا أننا معاً. نتقبل كل شيء. الروائح المنبعثة من المرحاض الذي لا يفصله عنا سوى شرشف، ودائماً صوت الرفيق جميل ينبّه: كبّ مي. الجلوس والارتخاء المستمر، إلا عندما نخرج إلى "اليقلما" يومياً، الى المكان الذي يسمونه فرندا (أي الشرفة) وهذه فسحة في آخر البناية، حيث يمكن للسجين أن يسير أكثر، ومنها كنا ننظر إلى البنايات المطلّة على السجن. نرى الشمس وبعضاً من عصافير، ونلمح بشراً، فنتوق الى الحرية.

الرفيق أنطون حتي يعود من المقابلة فرحاً وفي قلبه غصّة. يهمس الرفيق جان نادر في أذني: اجت "زهية".

في تلك الفترة عرفنا أن طالب الطب على علاقة حب بالرفيقة زهية عبود(15). ورحنا مع الرفيق أنطون، ننتظر مثله المقابلة ونسأل.

شقيقتي هدى، رغم وضعها الصحي، تجلب الطعام وكل ما يلزم ولا تنسى يوماً ولا مناسبة. تنتظر كغيرها أمام السجن. يأتي الدور، غيرها يطحش ويخانق. هي لا تستطيع. الطقس أحياناً ممطر والبرد قارص. تجاهد كي تصل إلى باب الإدارة. توصل الأغراض، تنتظر الدور مجدداً وتقابلني لدقائق. هي تصيح كي أستطيع سماعها وسط الضجيج والصراخ المماثل. واصرخ بدوري.

- كيف الماما ؟

- حابسة حالها بالبيت، ما بتطلع من البيت ما دام انت بالسجن .

وهبطت مني دمعة. مرة واحدة خرجت والدتي من البيت عندما خرجنا من السجن للمثول امام المحكمة العسكرية. جاءت كي ترى ابنها، وضحكت عندما شاهدته "ابنين".

الرفيقات والرفقاء الطلبة لم ينقطعوا عنها ولم يتوقفوا عن التردد إلى المنزل. الرفيقة دوسي منيّر، وقد ساهمتُ في موضوع انتمائها إلى الحزب، كانت تلازمها كثيراً وتخفف ما استطاعت، الرفيقة دوسي كانت تقيم في جوار منزلنا، نعرفها، أباً وأماً وشقيقة وشقيقين، ولهم نحفظ مودة مستمرة.

"بنكو دي روما" الذي كان خسر جولة العام 1965 ربحها هذه المرة. فالحكم واضح وقد نشرته الصحف. ما عادت تنفع الوساطات، ولا الصداقات، ولا كفاءتي كموظف.

بتاريخ 13/11/1968 وجّه لي محامي البنك، الأستاذ خليل شبلي، رسالة بالبريد المضمون تسلّمتها في السجن، قضت بصرفي من العمل ابتداءً من تاريخ صدور الحكم علي، أي في 5/10/1968.

رسالة مثل أي رسالة أخرى. وقعتُ، تسلمت رسالة صرفي من البنك. عدت إلى القاووش كأن شيئاً لم يكن.

المكتسبات التي كنت احصل عليها في "بنكو دي روما" كانت مميّزة، ولم تكن متوفرة في كثير من المصارف الاخرى.

فالسنة 15 شهراً. وكل ساعة عمل بعد الظهر تُـحتسب ساعة ونصف، الاستشفاء، الطبابة، والدواء، مجاناً. الاتفاق معقود مع شبكة من مستشفيات، اطباء من كل الاختصاصات، صيدليات، مختبرات الخ.. يديرها مستشفى خليفة Centre Khalifé.

الدخول إلى مسبح "لونغ بيتش" مجاناً، وللموظفين أربع كابينات، ولكل منهم مفتاح يبقى معه. ثلاثون في المئة من أقساط أبناء الموظفين في المدارس، على عاتق المصرف. لكل ابن موظف قسيمة لشراء ثياب أو ألعاب من أحسن المحلات في نهاية كل عام، بمبلغ أربعين ليرة (في الستينات، الأربعون ليرة مبلغ كبير) ولكل موظف في آخر العام مكافأة مالية تتناسب مع جهده ونشاطه .

هل أنا نادم ؟ القومي الاجتماعي يندم على شيء واحد: إن حزبه لم يتقدم أكثر، ولم ينتصر بعد.

*

في الخارج تصلّب الرفقاء أكثر وضاعفوا من نشاطهم. القدوة في سجن القلعة تحمل إليهم الكثير من مناقب العز. "سجن الرمل" وفيه رفقاء، مثلهم طلبة، يعطي أيضاً رسالة صمود وصلابة موقف. فلا هؤلاء جبنوا أو لعنوا مصيرهم أو ندبوا دراستهم، ولا هم تأثروا سلباً وخافوا على مستقبلهم وشعر أي منهم أن عليه أن يختبئ أو أن يطوي راية رُفعت.

*

- الله معك، شد حيلك .

وخرج الطالب في الجامعة اللبنانية، الرفيق بهيج أبو غانم من القاووش إلى البناية الثانية، ومنها إلى مكتب إدارة السجن، ومن الإدارة اقتيد مكبل اليدين إلى كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية. سار بين مرافقيه الدركيين ثابت الخطوات، رافع الرأس، يبتسم لزملائه الطلبة وقد هرعوا للسلام عليه.

لقد سمحت له إدارة السجن بأن يغادر لساعات، يقدم امتحانه ويعود.

وعاد ليحكي لنا عن الرفقاء، وعن الأصدقاء. كيف رحبوا به، وكيف هم أقوى وأشد نشاطاً وأكثر حماساً. الذين راهنوا على أن الحزب سينتهي وقد أمعنوا به بعد الانقلاب بطشاً وقتلاً وتشويهاً للحقائق، خاب فألهم. والذين تراءى لهم أنهم، بإصدار الأحكام بالسجن على عدد من الرفقاء الطلبة الناشطين، سيجعل رفقاءهم يتراجعون، وجدوا عكس ذلك، فالرفقاء الطلبة استمرّوا في عملهم، ورفقاء آخرون تولوا مسؤولية مكتب الطلبة، فالراية إن وقعت من يد رفيق أمسك بها رفيق آخر واستمر.

الراهب الكاثوليكي الأب مالك (شقيق شارل مالك، وشبيهه) يزور السجناء ويعظ ويرشد. كان يتردد كثيراً إلى سجن القلعة ويلتقي الرفقاء .

- خلص، وعد يا أبونا.

ابتسم وقد اطمأن أن الرفقاء عند وعدهم له. فقد حلّوا الحزب وارتاحوا وريّحوا.

ذات يوم، هرع إلى سجن القلعة وقد كان قرأ عن الاعتقالات التي طالت الرفقاء الطلبة، وقام بزيارتنا الى "سجن الرمل" .

- نبتوا، نبتوا .

نعم لقد كانوا ينبتون يا أبونا في كل مكان، فلا الاعتقالات، ولا البطش، ولا أنباء القتل، ولا كل أفعال المكتب الثاني، لتستطيع أن تؤثر على نفسية الرفقاء وعلى قرارهم وقد التقطوا الحقيقة ووعوا إيمانهم. لذلك كان اقبال الطلبة على الحزب كبيراً، والانتماءات بعشرات العشرات.

ونجح الرفيق بهيج أبو غانم، وكان بعمله هذا يعطي درساً أن العمل الحزبي ليس هو السبب في رسوب رفيق إن لم يدرس ويعطي واجب الدراسة ما يستحقه من وقت واهتمام. بل على العكس، فالقومي الاجتماعي كلما التزم وتفانى في عمله الحزبي، كلما وجب عليه ان يحقق نجاحاً في دراسته وفي نجاحه في الحياة، فالنهضة تريد رجالاً ناجحين في كل حقل، لا خاملين. وأمتنا تحتاج إلى من ينهض بها نحو مراقي العز لا إلى من يشد بها إلى حيث الجهل والخمول والتقهقر.

في هذا الوقت كانت المساعي التي كان أطلقها الأمين عبدالله محسن بشأن العفو العام عن القوميين الاجتماعيين الأسرى مستمرة بفضل ما كان يقوم به الامين مسعد حجل ورفقاء، من بينهم غسان الاشقر، غسان عزالدين، تيودور رعد، وقد راحت تشمل الرفقاء في سجن الرمل على أن يصدر ملحق بشأنهم.

المجلس النيابي بأكثره بات موافقاً، فؤاد شهاب أعطى الضوء الأخضر، الرئيس شارل حلو ليس القرار ولا العقبة، فصدر العفو العام في 13 شباط 1969، ومعه ملحق عن الرفقاء الذين أسروا في سجن الرمل .

*

بتاريخ 19 شباط 1969 خرجنا من سجن الرمل فيما كان الرفقاء الأسرى يغادرون سجن القلعة، وسط فرحة عامة واستقبالات حاشدة عبّر بها المواطنون في كل المناطق عن انحيازهم إلى الحزب.

عشرات الألوف تقاطرت إلى منازل الأمناء والرفقاء، وشهدت أميون، ديك المحدي، عين زحلتا، بيت شباب، بيروت، عكار ومختلف المناطق اللبنانية مهرجانات الفرح عبّر بها ابناء شعبنا عن ادانتهم لكل ما حاولت الأجهزة إلصاقه بالحزب من تهم وأكاذيب. وقد ظهر هذا واضحاً عندما تجمّع عشرات الألوف من الرفقاء والمواطنين، من كل مناطق لبنان في شمسطار لتسير في مأتم الرفيق الملازم علي الحاج حسن الذي توفي شهيداً في لندن جرّاء ما تلقاه من تعذيب في السجن كان له الأثر السلبي على كليتيه، ومع ذلك فلم يلق من الأجهزة الحاقدة العناية الطبية التي هي من حق كل سجين. لا انسى ذلك البحر من الناس، ولا خطاب رئيس الحزب آنذاك الأمين الدكتور عبدالله سعاده .

وفي الأسبوع الذي شهد رحيل الرفيق الملازم علي الحاج حسن، كانت بلدة القصيبة تسير في وداع الرفيق المناضل جوزف رزق الله، الذي قضى بنوبة قلبية وهو في السجن.

الرفيق جوزف رزق الله من القيادات الحزبية التي يعتّز بها حزبنا، فقد تميّز بوعي متقدم للعقيدة مع إيمان مطلق بها وبالحزب الذي يحمل لواءها. كان في عائلته، في محيطه، وفي كل الفروع الحزبية التي انتظم فيها أو تولى إدارتها، المسؤول القدوة الذي يحرص دائماً على أن يوجه رفقاءه، بأعماله، وبتصرفاته، كما بأقواله وشروحه المستمدة دائماً من العقيدة، من تاريخها، ومن سيرة سعاده.

لقد أثبت الحزب، عبر تجربة الثورة الانقلابية، كما عبر تجارب أخرى سابقة، أنه أقوى من الموت، وهو أبداً يحيا بالعراك والمجابهة، وتورق فروعه انتماءات وتضحيات ومواقف عز كلما واجهته التحديات وعصفت في وجهه الرياح السامة.

*

وخرجتُ من السجن أكثر من "لبيب" واحد. الأهل، الرفقاء، الأصدقاء، الجيران رأوا "لبيباً" آخراً يأتي إليهم حاملاً كيلوغراماته المئة.

لم أسمع أمي تشكو او تلوم او تؤنب ولا هي تعتبر أن دخول ابنها السجن مراراً، هو عار تلبسه في الحي، وإزاء عائلاته. بل لم أسمعها يوماً إلا تبارك وتطلب إليّ التوفيق وتستقبل الرفقاء بالبشاشة والابتسامة والترحيب الصادق.

عرفتْ القلة هي الميسورة، أباً وزوجاً. واضطرت إلى الكثير من ضبط النفقات بعد أن كان المرض اقعد الوالد سنوات عديدة إلى أن وافاه الأجل عام 1956 وقد نضب المال الكثير، وباعت أكثر من قطعة أرض، وصرفت كل ما تسلمته من حصة تعود لها من أمها، في "الرملة البيضاء".

"المعلم اسبر" يعرفه أهل الحي، ويعرفه الكثيرون من أبناء بيروت، كما يعرفون شقيقه نجيب. معمل البلاط الذي أسساه في منطقة الجميزة في أوائل القرن الماضي، قد يكون الأول في بيروت. قصور آل سرسق والأعمال الصعبة التي تقتضيها مهارة متقدمة كانت تعرف "المعلم اسبر"، المنصرف إلى الإشراف على أعمال الورش، كانصراف شقيقه نجيب إلى الاتصالات والعلاقات .

شقيقهما الثالث، فرج الله أنشأ بدوره معملاً للبلاط في منطقة برج أبو حيدر بعد أن عاد من هافانا – كوبا.

البيت القرميدي في المصيطبة كان يحكي عن الارتياح المالي للشقيقين اسبر وفرج الله، وقد أكملا بناء البيت الذي كان بدأ طابقاً أرضياً، من والدهما الياس. والبنايتان في المصيطبة العليا اللتان شيدهما الشقيقان نجيب واسبر كانتا تحكيان بدورهما أكثر.

والدها، جدي، جورج جحا، كان تاجراً معروفاً في سوق الطويلة ويملك محلاً مقصوداً. الا انها، وقد تغيّرت الاحوال بات عليها أن تسهر الليل عند سرير والدي، وفي النهار، لأشغال البيت، ولمتابعة المعاملات الخاصة بالمعمل والعقارات وكل الشؤون. وجاء مرض شقيقتي هدى وما تطلبه وضعها من عمليات جراحية ومبالغ لا تحصى، لتزيد من عنائها وأعبائها وإرهاقها. مع ذلك لم نشاهدها يوماً إلا باشّة، ولم يعرفها الرفقاء المترددون إلى البيت إلا والابتسامة ترافق الترحيب. لم نكن نعلم كم هو وضعها المالي حرجاً، ولم تكن تطلعنا أو تشعرنا بما تعانيه.

كانت تعتبر أن حصولي على وظيفة في بنك محترم هو فرصة العمر، مع ذلك لم تجعلني أشعر، وقد خسرت الوظيفة، أنها متبّرمة أو منزعجة.

شقيقي الأصغر جورج، طالب ينمو في المدرسة. شقيقتي هدى في وضع صحي يتطلب الكثير. شقيقي الأكبر نجيب بات المعيل الوحيد للبيت، وقد اضطرّته ظروف العائلة إلى أن يتوقف عن متابعة دراسته الثانوية في الكلية العلمانية للصبيان (الليسيه – الناصرة) والعمل باكراً متنقلاً في أكثر من محل في سوق الطويلة... إلى أن أمكنه الاستقلال بمحل خاص به، بعد سنوات من الجهد.

هموم العائلة كبيرة ، إنما لم نشعر بها، وقد حرصت الوالدة على مدى تلك السنوات الصعبة أن تبقي البيت في جو مريح، نفسياً ومادياً، وأن يستمر المنزل مفتوحاً للأصدقاء وللرفقاء. كثيرون منهم ما زالوا قيد الحياة، ويعرفون ذلك.

*

- أنت مصادر

حاولتُ، أطلعتُ رئيس الحزب آنذاك الأمين عبدالله سعاده على العقد الذي كنت وقعّته. الأمين كامل حسان، وكان يتولى رئاسة مجلس العمد وعمدة الداخلية انضم إليه, قلت لهما أن وضعي الشخصي لم يعد يسمح لي بالانصراف إلى العمل الحزبي كما كنت أفعل منذ أوائل العام 1962، دون أي انقطاع، قلت لهما أن معظم الرفقاء، ان لم يكن جميعهم، عملوا لفترة ثم توقفوا. وحدي عملتُ دون توقف: مع الرفيق جوزف رزق الله، مع الرفيق هنري حاماتي (الامين لاحقاً) ثم مع الأمين عبدالله محسن، إلى أن دخلنا معاً إلى السجن. لقد بات عليّ أن أرتاح لوقت، أن أرمم وضعي لأتمكن من معاودة العمل كما كنت افعل، وأكثر.

لا مجال، فالحزب يحتاج إلى كوادر من الرفقاء، وعليّ أن أتولى رئاسة مكتب عبر الحدود. رحتُ أشرح. العقد الذي كنتُ وقعتُ مع رئيس مجلس إدارة مصرف الأمة في ليبيا، كان بتوصية من إدارة بنكو دي روما. صحيح أنها صرفتني من العمل بعد صدور الحكم علي، إنما هي سارعت إلى التوصية بي عندما أتى رئيس مجلس إدارة "مصرف الأمة" الى بيروت كي يختار موظفين بعد أن كان نظام الثورة الليبية قد أمم فروع بنكو دي روما في ليبيا، التي تحوّلت إلى "مصرف الأمة" .

العرض كان مغرياً، 1500 ليرة، أتقاضى ثلثاه في بيروت، 18 يوماً إجازة سنوية، بطاقة السفر ذهاباً ثم إياباً، عند انتهاء العمل، يؤمنها المصرف مجاناً، كذلك الإقامة في ليبيا، وخمسون بالمئة بالنسبة لبطاقات السفر في الإجازة السنوية.

- أنت مصادر

ومثلي الرفيق كمال نادر، منفذاً عاماً للكورة. والرفيق ميشال الأشقر (الامين لاحقاً) لزحلة، ربما رفقاء آخرون.

في هذا الوقت كانت والدتي، وقد باعت قطعة أرض في المصيطبة، شاركت زوج خالتي وداد، رفول عرمان، في تأسيس مكتبة في منطقة زقاق البلاط على مقربة من السراي الحكومي، فرحتُ أتردد وأساهم في إدارتها واستقبل رفقاء. كم أمضى الأمين جبران جريج ساعاته في المكتبة، وكم مرّ الأمين فؤاد عوض واختار كتباً وقرأ. تلك المرحلة يعرفها جيداً الأمين الراحل محمود عبد الخالق، والعديد من الرفقاء منهم: ريمون الجمل، بسام مخول، سيمون الديري(16)، وسبع شعيب، ويعرفها ايضاً الرفيقان عبدالله بديوي(17)، وعادل ايوب(18)، وكانا زميلا صف، وقارئان جيّدان، والرفيق إيليا نقولا قبل أن يستشهد في أيلول 1971 بعد أن كان تخرج من الجامعة، ولنخسره باكراً جداً.

الوالدة لم تضغط وقد اطلعت على العقد مع "مصرف الأمة"، ولم تطلب إلي أن أنصرف إلى ترتيب وضعي.

في 2 نيسان 1970 أصدر رئيس الحزب الأمين الدكتور عبدالله سعاده المرسوم رقم 15/38 بقبول استقالة الأمين عادل يعقوب عجيمي(19)، من مسؤولية رئيس مكتب عبر الحدود وتعيين الرفيق لبيب ناصيف رئيساً له. لم يكن الأمين عادل قد أمضى، وناموسه الرفيق خالد زهر(20) سوى فترة قصيرة، لذا لم يكن ممكناً لهما أن يحققا الكثير: بضعة عناوين، وريقات ورسائل قليلة.

العديد من الرفقاء الطلبة كانوا غادروا لمتابعة دراستهم في الخارج وكنتُ عرفتهم في سنوات عملي رئيساً لمكتب الطلبة، فشكلوا لي في بدء ممارستي لعملي معبراً جيداً للاتصال بالرفقاء عبر الحدود. رحنا ننظم الفروع، نتصل، نكتب، نبحث عن الرفقاء هنا، هناك، في أي مكان .

بعد فترة انضم الرفيق طه غدار إلى المكتب وكان عاد من فرنسا حيث كان يتابع دراسته الجامعية مع الرفيقين محمد سليم (الامين – العميد - الشهيد) وإبراهيم غدار، تعين ناموساً للمكتب وراح يقوم بعمله بنشاط ملحوظ وبدقة متناهية وبكثير من حسّ المسؤولية. ما زلت اذكر اننا، لكثرة ما عملنا على طباعة العناوين على المغلفات، بتنا نحفظها غيباً، فنطبع العنوان دون العودة الى اللائحة لدينا.

قبل ذلك كان الحزب قد اختار مركزاً له في شقة في بناية حديثة في الزلقا، بعد أن كانت المراجعات تتم في بيت رئيس الحزب الأمين الدكتور عبدالله سعاده في شارع سامي الصلح.

فريق العمل المنصرف للعمل الحزبي كلياً آنذاك تكوّن من رئيس مجلس العمد - عميد الداخلية الأمين كامل حسان، عميد الدفاع الرفيق خليل دياب (الامين لاحقاً) ومعه ناموس مكلف، الرفيق نبيل رياشي، رئيس مكتب عبر الحدود الرفيق لبيب ناصيف، ومسؤول الطباعة المركزية الرفيق موسى مطلق إبراهيم (الامين لاحقاً). والدة الرفيق صلاح قهوجي، الذي كان شارك في الثورة الانقلابية وحُـكم عليه وخرج مع العفو العام، كانت مدبرة المركز.

العمل ينمو. انتقل المركز إلى سد البوشرية، يومئذ تعرفتُ على الرفيق سليمان العنداري الذي كان يشغل وشقيقه محلاً في البناية حبث المركز الجديد. الشقة الواحدة في البدء توسعت إلى شقتين وتمّ هدم الجدار الفاصل.

رفقاء آخرون يتولون المسؤوليات المركزية، منهم نصري خوري، نصري الصايغ، أنطون أبو سليمان، سمير حداد، جوزف لحود، جميل مكارم، غطاس الغريب.

عرف مكتب عبر الحدود نشاطاً شهد عليه جميع الرفقاء المطلعين، في المركز كما في فروع عبر الحدود، وفي موازاته توليتُ مسؤولية ناموس، فرئيس مكتب الشؤون الطالبية.

في تلك المرحلة من أوائل السبعينات أصدرتُ كتيب "أنا عائد"(21) للأطفال عبر الحدود. لم أقدّر، وقد كتبته ذات يوم "أحد" بعد الظهر ووزعت نسخاً منه إلى بعض الرفقاء الأدباء، والمدرّسين، أنه سيلقى استحساناً لديهم مما شجعني على عرضه على عمدة الثقافة، فطباعته وإرساله إلى الفروع، ووزّع أيضاً في الوطن إلى الأشبال والزهرات، إنما بكمية أقل.

فرعان عبر الحدود عمدا فوراً إلى ترجمة الكتيب وطباعته: في الأرجنتين حقق الترجمة إلى اللغة الإسبانية، الأمين خليل الشيخ وطبعته المنفذية باسم Ya volvere، وكان منفذها العام الأمين رشيد سابا، وفي غويانيا – الوسط البرازيلي، ترجمه الرفيق ناصر إبراهيم حنا الخوري إلى اللغة البورتغالية واهتمت المديرية بطباعته تحت عنوان Eu Estou de Volta .

أما في لندن فقد ترجم الرفيق الدكتور تيسير كوا الكتيب إلى اللغة الإنكليزية، إنما لم يطبع.

وحاولنا أيضاً إنجاز "شريط العودة" للرفقاء عبر الحدود. أذكر أني كتبت كلماته، وتمّ اختيار الرفيقة راغدة خليل كعدي(22) والرفيق وسيم سري الدين، المميّز ايماناً والتزاماً قومياً اجتماعياً، لتسجيل الكلمات، وكلاهما يتمتعان بصوت رائع وإلقاء أروع. في منزل الرفيق أنطون حتي (الامين، العميد، النائب لاحقاً) في عين الرمانة بدأنا التحضير لإنجاز الشريط، الظروف المالية، كما في أحيان كثيرة، حالت دون إتمام العمل .

من المؤسف أن الحزب لم يعط جهده لإصدار كتيبات للأشبال، هؤلاء الذين يحتاجون إلى كتب تبسط لهم العقيدة القومية الاجتماعية وتشرح لهم تاريخ الحزب وتحدثهم عن منارات في أمتهم، وحزبهم.

المحاولة الجيدة التي كانت تأسست في الحزب عبر صدور مجلة "الربيع"(23) للأطفال، وكان عمل فيها بتميز الأمينان نصري صايغ وربيع الدبس، والرفيق الراحل نبيل حبيقة، النبيل بأخلاقه ومناقبه وصفاء إيمانه القومي الاجتماعي، والذي خسرناه باكراً، لم تستمر ولم يرافقها صدور كتيبات متخصصة وقصص مفيدة.

اذكر من الرفقاء الذين نشطوا في حقل الأشبال في أوائل السبعينات: نبيل كيروز، صفية ناصيف، (الامينان لاحقاً)، جوزف مشهور، شارل عيسى، صفية حجار، ابتسام نويهض(24)، وقد عملت الشعبة التابعة لمكتب الشؤون الطلابية على إنجاز نشيد للأشبال كان وضع كلماته الأمين غسان مطر ولحنه الرفيق زكي ناصيف. في تلك الغرفة من بيت الطلبة في ساحة الدباس، راح الرفيق زكي يلتقي مجموعة من الرفقاء والرفيقات يدرّبهم على ألحان النشيد، كما على النشيدين اللذين كان لحنّهما سابقاً: نشيد الحزب الرسمي، ونشيد "موطني يا توأم التاريخ". دور الامينة صفية ناصيف أيوب لا يُـنسى في مجال الأشبال، كذلك دور الرفيق سمير أبو ناصيف لاحقاً، فالرفيقة اليسار زين والرفيق الشهيد عباس أمهز، ولاحقاً الامين محمد صادق خير الدين(25)، والرفيق مفيد خطار عبد الخالق(26).

وأذكر أن الرفقاء استمعوا لأول مرة إلى نشيد الأشبال في المهرجان الكبير الذي أقامه الحزب في ضهور الشوير في 9 تموز 1972(27). من على شرفة دار الزعامة، حيث جلس رئيس مجلس العمد الأمين مسعد حجل والعديد من أعضاء المجلس الأعلى والعمد والمسؤولين المركزيين، تقدمت الرفيقة ابتسام نويهض على رأس مجموعة من أشبال وزهرات من مديرية "القعقور"، التي كان أشرف على تدريبهم الرفيقان سامي وهدى أبو أنطون، وأنشدت المجموعة نشيد الأشبال وسط فرح الآلاف من القوميين الاجتماعيين الذين انتشروا على مدى الساحة أمام دار الزعامة وفي الأحراج المحيطة.

مشهد رئيس مجلس العمد الأمين مسعد حجل يخترق صفوف الرفقاء متوجهاً إلى دار الزعامة، أمامه الرفيق جوزف جزراوي، وراءه الرفقاء مزيد نهار، فكتور معلوف وبول خولي(28)، ويحيط به الرفيقان، في حينه، الامينان لاحقاً خالد أبو حسن(29) وداود باز(30)، ما زال مرسوماً في ذاكرتي كأنه اللحظة.

ما زلت أذكر أيضاً كيف قصدتُ "ضهور الشوير" مع الرفيق فواز خوري وكان يتولى مسؤولية مفتش في عمدة الداخلية، وكنت وكيلاً لعميد الداخلية الأمين مسعد حجل وكان ايضاً رئيساً لمجلس العمد قائماً بأعمال الرئاسة، فاطلعنا على مكان المهرجان وعلى مداخل ضهور الشوير وساحاتها. ثم وضعنا خريطة تبيّن لكل منفذية طريق وصولها إلى الضهور ومكان وقوف الباصات والسيارات، وبالتالي طريق خروجها. ووُزعت الخرائط إلى المنفذيات مع الشرح. لذا لم يحصل يومذاك، والمهرجان حضره ألوف القوميين الاجتماعين من مختلف المناطق، زحمة خانقة، أو فوضى تطيح بالفرح الذي عمّ القوميين والمواطنين.

*

أشرنا إلى بيت الطلبة، ولهذا قصة. في أواخر العام 1970 على ما أذكر راح منفذ عام الطلبة الجامعيين الرفيق حبيب كيروز (الامين، العميد، الشهيد) كما منفذ عام الطلبة الثانويين الرفيق داود باز يتحدثان عن ضرورة استئجار بيت للطلبة، كنت رئيساً لمكتب الشؤون الطلابية، رحت والرفيق كيروز نبحث عن المكان المناسب، أذكر أننا وقفنا أمام خيارين اثنين:

- الطابق الأرضي من بناية قرب فندق بريستول .

- الطابق الثاني من بناية في ساحة الدباس .

أقرّ الرأي على أن نعتمد الخيار الثاني، فهو وسط بيروت حيث يصل إليه الرفقاء والمواطنون الطلبة من مختلف المناطق ومن معظم أحياء العاصمة، ومنه يتوزعون إلى الجامعات والثانويات والمعاهد.

أشرفتُ على تأثيث البيت، من المسمار في الحائط إلى الطاولات والكراسي وكل شيء، وتسجّـل الإيجار باسمي واسم الرفيق حبيب كيروز.

شكّـل البيت الوسيع بداره، وصالونه وغرفه العديدة، مقراً وممراً لعدد كبير من الرفقاء والمواطنين الطلبة. الغرفة الصغيرة إلى جانب الدار التي خصصناها لبيع الكتب، وجريدة "البناء" الأسبوعية، كانت إلى جانب ريع فنجان القهوة، تغطي الإيجار السنوي للبيت، ومقداره في ذلك الحين 4200 ل.ل. بحيث أننا لم نتصل يوماً بعمدة المالية من أجل المساهمة بتأمين أي مبلغ للإيجار.

في تلك الفترة كنت قد أجريت عملية في الشرايين (Varis) مما اضطرّني إلى جعل قدميّ في وضع مرتفع على مدى 24 ساعة، وإلى التردد إلى البحر حتى في فصل الشتاء، من أجل المزيد من حركة القدمين في الماء. لذا كان بيت الطلبة المكان الأمثل لمزاولة مسؤوليتيّ فيه كرئيس لمكتبّي عبر الحدود والشؤون الطالبية، فاتخذت من الغرفة الاولى الى اليسار مكاناً لي، فيما تقاسم منفذ عام بيروت الأمين جبران جريج الذي انتقل بدوره إلى "بيت الطلبة" مع منفذيتي الطلبة الجامعيين والثانويين، الغرفة الوسيعة الثانية إلى اليسار، فيما خُـصصت غرفتان في الجهة المقابلة، للاجتماعات الإدارية والإذاعية، فحلّ اسمه مكاني على سند الإيجار .

المئات المئات من الرفقاء والمواطنين يذكرون بيت الطلبة بحنين كبير، وبغصة أكبر. لقد جعلتهم الحرب القذرة يغادرون البيت وسط منطقة معادية. صمدوا كثيراً، وقاتلوا أكثر من مرة ورفضوا أن يطووا علم الزوبعة المرفرف على الشرفة حيث كان عشرات الآلاف من المواطنين الذين يمرون في ساحة الدباس، وفي شارع بشارة الخوري، كما في الشارع العريض – الرينغ كما كانوا يسمونه – يرونه مرتفعاً على الشرفة في الطابق الثاني من البناية المواجهة لساحة الدباس.

واليوم إذ أمر في تلك المنطقة وأنظر إلى الباحة الخالية حيث كانت البناية، أشارك رفقائي حنينهم، واستعيد أياماً ولا أحلى، وسنوات هي من أطايب العمر، ولا شك أن المئات غيري من الرفقاء والأصدقاء يشعرون بما أشعر به كلما مرّوا أمام تلك البناية – الباحة، واستعاد كل منهم ذكرياته.

وإذا كان بيت الطلبة يحتل في ذاكرتي مساحة واسعة من الحنين فإن الرفقاء الذين كانوا يترددون إليه يحتلّون بدورهم مساحة أكثر اتساعاً. لعل ابرزهم الامين علي عسيران وقد كان يضطر احياناً كثيرة للمكوث في البيت متابعاً دراسته في بيروت، ومثله الرفيق حسان وهبة (عمر) الذي كان يتابع دراسته المسائية في مدرسة "المخلص". اليهما شدّتني مشاعر الود والثقة استمرت مع الرفيق المناضل حسان (عمر) الى ان قضى في حادث مأساوي مع بدء الاحداث في الشام، وما زالت مستمرة مع الامين علي عسيران الذي اشهد، وقد رافقته في الوطن وفي مسؤوليته في احد البلدان العربية، على التزام واع وصادق بالحزب وتجسيد متقدم لفضائله ونهجه النهضوي .

الى ذلك لا يمكنني ان انسى:

- تردد العدد الكبير من الطلبة، رفقاء واصدقاء، الى بيت الطلبة، للاجتماعات الاذاعية، والدورية، او لملاقاة بعضهم البعض، وقد ساعد صالون البيت وغرفه الواسعة في تأمين ذلك.

- قيام رفيقات بتأمين نظافة البيت اسبوعياً، وما زالت صورة الرفيقة زينب عبد الساتر(31) مستقرة في ذاكرتي وهي منكبّة، مع رفيقات، على شطف الدار والصالون بالصابون والماء الوفير.

- الصوت المرتفع لقدم الرفيقة امال ابو حيدر(32) تخبط ارض الدار، وهي تدخل "بيت الطلبة" منتصبة القامة مؤدية التحية، ليرتج ارض الدار فيعرف كل من في ارجاء البيت ان الرفيقة امال ابو حيدر وصلت. وكثيراً ما تترافق مع الرفيقة دنيا ابو انطون(33).

- الحراسات التي كان يقوم بها الرفقاء مع بدايات الحرب اللبنانية، والاستنفارات الكثيرة، بمواجهة حزب الكتائب.

*

نأمل من الرفقاء الذين عرفوا جيداً تلك المرحلة ان يكتبوا إلينا، لفائدة المزيد من الاضاءة على "بيت الطلبة" والكثير من الاحداث التي جرت في حينه.

هوامش:

(1) جوزف بابلو: اشرت إليه في عديد من النبذات. كان ضليعاً جداً باللغة الفرنسية. مذيعاً ناجحاً ومثقفاً. نشر عدة دراسات في مجلة "فكر" باسم "احمد صالح" عندما كان اصدرها الامين هنري حاماتي في الستينات من القرن الماضي. غادر الى مدينة "ليون" في فرنسا. تأثر بالفكر الاشتراكي في فترة تولي الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران، فابتعد عن الحزب ولم اعد اعرف عنه شيئاً.

(2) سمير ضومط: اشرت إليه في اكثر من نبذة، وفي أكثر من مكان في "السيرة والمسيرة" كما نشرت عنه كلمة بعد ان كنت علمت برحيله. مراجعة قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(3) زكريا لبابيدي: للاطلاع على النبذة المنشورة عنه، مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(4) عبد اللطيف غلايني: كما آنفاً.

(5) سمير ابو نادر: كما آنفاً.

(6) عبدالله الغريب: عرفته ناشطاً ومتولياً المسؤوليات في ستينات القرن الماضي. ثم علمت انه انتقل الى مدينة "جونية"، وتولى مسؤولية مدير مديرية الحزب فيها. يهمني ان اعرف اي جديد عنه، فقد عرفته رفيقاً جيداً، يحيا فضائل الحزب.

(7) عدنان طيارة: اقرأ عنه على الموقع المذكور آنفاً.

(8) جوزف خوري: عرفته في "رأس بيروت" ناشطاً في الستينات، وما بعدها. كان موظفاً في "مصلحة الليطاني". اعرف ان النائب والرفيق السابق ميشال معلولي متأهل من شقيقته الرفيقة نوال.

(9) جمال فاخوري: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(10) رامز يعقوب: التقيت به كثيراً في الستينات، خاصة عندما كان محامياً للدفاع. هو من منطقة "عكار". (ارجّح من بلدة بزبينا) لم اعد التقيت به الا نادراً. اعرف انه محام ناجح، ومثقف قومياً اجتماعياً.

(11) سهيل عبد الملك: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(12) محمد السعدي: من بلدة "كفرنبرخ" . وافته المنيّة منذ سنوات.

(13) قروانة: الطعام المعد لغذاء السجناء، يؤتى ضمن برميل، وهيهات ان يؤكد.

(14) عصام زهرالدين: محام. منح رتبة الامانة. تولى في الحزب مسؤوليات محلية في الشوف، وفي المركز منها في عمدة الداخلية. والده كان من الرتباء (على ما ارّجح) في ادارة سجن الرمل وقد قدم لنا الكثير من الخدمات.

(15) زهية عبود: رفيقة جيدة. شقيقة رفقاء ابرزهم الرفيق ايلي، مقيمون في مدينة "كليفلند". عقيلة الامين د. انطون حتي، ومعه بنت عائلة ناجحة.

(16) سيمون الديري: نشط جيداً في الستينات. غادر الى اسبانيا لمتابعة دراسته. اصدر كتاباً عن الاديب فؤاد سليمان. مجاز في الادب العربي.

(17) عبدالله بديوي: من ابناء "راشيا الفخار"، كان طالباً تكميلياً عندما كان يتردد الى المكتبة مع زميله ورفيقة عادل ايوب. غادر الى احدى البلاد العربية ثم عاد مستقراً في بلدته. شقيقه الرفيق انطون بديوي.

(18) عادل عبدالله ايوب: من كفرمشكي، يعرَف عنه رفقاؤه انه "عادل الصغير" لان هناك رفيقاً آخر باسم عادل ايوب، هو عادل نقولا ايوب، الذي كان غادر الى اوتاوا. منح رتبة الامانة من جانب التنظيم المستقل في السبعينات وتولى مسؤوليات محلّية. كان الرفيق عادل "الصغير" يلفتني بذكائه وبشدة نهمه للمطالعة، عرفت انه تولى مسؤولية مدير في كفرمشكي، وهو يعتني بمزروعاته في البلدة.

(19) عادل يعقوب عجيمي: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(20) خالد زهر: كما آنفاً.

(21) انا عائد: كما آنفاً.

(22) راغدة كعدي: مراجعة النبذة المنشورة عن والدها الرفيق المناضل الراحل خليل كعدي، على الموقع المذكور آنفاً.

(23) مجلة "الربيع": مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(24) مراجعة ما نشرته عن عمل الاشبال في ستينات القرن الماضي على الموقع المذكور آنفاً.

(25) محمد صادق خير الدين: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(26) مفيد عبد الخالق: من "مجدلبعنا". تميّز في تفانيه في مخيمات الاشبال وفي العمل معهم. غادر الى استراليا متابعاً نشاطه الحزبي.

(27) لمراجعة ما نشرناه عن المهرجان، الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

(28) بول خولي: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(29) خالد ابو حسن: تولى مسؤوليات في الشويفات، منفذية الغرب وفي مركز الحزب، فكان عميداً اكثر من مرة. كان تربوياً معروفاً، مؤسساً ومشاركاً في اكثر من مدرسة. آمل ان اتمكن من الكتابة عنه.

(30) داود باز: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(31) زينب عبد الساتر: عرفتها منذ انتمائها مع شقيقها الرفيق حمزة، ثم عرفتها اكثر عندما تولّت مسؤولية ناموس رئيس الحزب الامين عبدالله سعاده وكنت مديراً لمكتبه. ما زالت تحتل لدي الكثير من المحبة لما تتمتع به من المزايا القومية الاجتماعية.

(32) امال ابو حيدر: كانت رفيقة نشيطة، ومتفانية، اقترنت من الرفيق انطون خوري الذي كان منفذاً، ناموساً للرئاسة وعميداً، وقد ذكرته في اكثر من مناسبة.

(33) دنيا ابو انطون: مماثلة للرفيقة آمال نشاطاً والتزاماً، كانت صديقة لها . اقترنت من الرفيق جوزف فرنساوي الذي كان تحرك جيداً في الستينات، وتابع التزامه في منفذية المتن الشمالي، متولياً مسؤوليات محلية فيها.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024