إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لبنان مرتبط بالملف السوري وعودة الـ«س ـ س» ضربة لمشروع 14 آذار

محمد حمية - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-13

إقرأ ايضاً


لا شك أن وجود نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في طهران في الوقت نفسه لوصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم إليها، لهو دليل على محوريّة الدور الإيراني في جميع ملفات المنطقة. وبالتالي، تدرك السعودية أن لا يمكن تجاوز الدور الإيراني في إعادة ترتيب العلاقات على مستوى المنطقة في كل الملفات المشتعلة، لا سيما الملف السوري.

أما الثنائية الإيرانية الروسية، فتبدأ من ملفَّي اليمن وسورية. فروسيا منذ تمرير القرار 2216 في مجلس الأمن المتعلق بالوضع في اليمن وعدم استعمالها «الفيتو»، احتفظت لنفسها بهامش هام تعمل اليوم على تجييره في الملف السوري، وإذا قبض السعودي ثمناً في اليمن من خلال تسوية سياسية تلحظ مصالح الجميع. فمن الطبيعي ان يدفع هذا الثمن في سورية، خصوصاً أن رهانات السعودية على تغيير كبير في الميدان السوري قد سقطت.

علي المملوك، رجل النظام السوري القوي تطأ قدماه أرض السعودية. وبمعزلٍ عن مضمون الكلام الذي دار بين المملوك وبن سلمان، فإن الشكل يكفي لكي يقدم صورة جديدة للمشهد الاقليمي، لا سيما أنّ لقاءات تحصل خلف الاضواء على هامش زيارة المعلّم إلى مسقط، بين مسؤولين سوريين من جهة ومسؤولين سعوديين وأميركيين وبريطانيين من جهة ثانية.

لبنان يعيش حالة من الفراغ الشامل في مؤسساته الدستورية الرئيسية، ينظر إلى بصيص أمل الانفراجات الخارجية وانعكاسها على وضعه الداخلي، علها تنتج حلولاً لأزماته، لا سيما في ضوء الحديث الذي يدور في الكواليس الاقليمية عن دور روسي محوري لترتيب العلاقات السورية السعودية واحتمال عودة معادلة «س ـ س» لتظلل الوضع الداخلي. لكن لبنان، بحسب المعلومات، ليس أولوية الآن في ملفات المنطقة، ولا يمكن معالجة أزمة النظام السياسي في لبنان بمعزلٍ عن حلٍ سياسي في سورية يعزّز موقع الرئيس بشار الاسد.

لا شك أن فريق الثامن من آذار، لا سيما فريق المقاومة، سيكون الرابح الأول في ظل معادلة «س ـ س». فهذه المعادلة حكمت الوضع اللبناني منذ اتفاق الطائف حتى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج القوات السورية من لبنان في أيار عام 2005. أما فريق 14 آذار سيكون الخاسر الاكبر وفقاً لأيّ تركيبة جديدة عنوانها تفاهم تيار المستقبل ـ حزب الله، لأن أيّ تسوية ستنطلق من مسلّمة بقاء النظام السوري، خصوصاً ان كل مشروع 14 إذار قائم منذ أربع سنوات على سقوط هذا النظام.

من الواضح أن تيار المستقبل لم يعد يحتل المكانة ذاتها في المملكة بعد التغييرات التي حصلت في تركيبة الحكم الذي حظي بها في السابق، ما ينعكس بالتالي ضعفاً على أداء 14 إذار باعتبار ان تيار المستقبل هو العصب لهذا الفريق.

القضية تتعدى النائب سعد الحريري، فهل من مصلحة الحريري ان يعود ويتولى رئاسة الحكومة في أيّ معادلة كـ«س ـ س»، وحزب الله كما هو اليوم في ذروة قوته في لبنان والمنطقة؟

حزب «القوات اللبنانية» يعتريه ضعف كبير نتج من سببين، الاول موقفه المستهجن من الارهاب التكفيري في المنطقة ولبنان، والثاني نأيه بنفسه عن المواجهة التي يخوضها العماد ميشال عون لاستعادة حقوق المسيحيين.

كما لا يخفى القلق الذي يعتري الحريري من تطور العلاقة بين رئيس القوات سمير جعجع والمملكة، فوثائق «ويكيليكس» أظهرت في إحداها توسّل سمير جعجع حكّام الرياض مساعدات مالية مقابل الالتزام بما يُطلب منه، كما طلبه ان ترسل هذه المساعدات بشكل مباشر إليه لا عن طريق الحريري.

حزب الكتائب لن يكون جزءاً من التسوية، لأن تحالفاته كما يعلن مع المستقبل و14 آذار «بنيت على عناوين وخيارات وطنية، ودفع الدم من أجلها، ولن يقبل أن يقرر احد الاطراف الابتعاد عن هذه الخيارات والانخراط بتسوية تهمش الآخرين»، لكن هل يبقى حزب الكتائب كما هو إذا انفرط عقد تحالفه مع المستقبل؟

التيار الوطني الحر سيقوى ويتحصن في حال عودة «س ـ س»، هكذا يقول مسؤولو التيار البرتقالي، لأن إيران وحزب الله لا يمكن ان يوافقا على تسوية لا يربحان فيها بعد كل الانجازات التي حققتها إيران وحزب الله على مستوى المنطقة، لكن هل يستطيع حزب الله الوقوف على مسافة واحدة بين المستقبل والتيار الوطني الحر في أي تركيبة جديدة؟

إلى أي مدى سيتطور التقارب السعودي ـ السوري وإلى أيّ مستوى؟ وهل ستعود معادلة «س ـ س» لتظلل الوضع اللبناني؟ وما مصير قوى 4 آذار حينذاك؟ وهل يمكن عودة هذه المعادلة بمعزل عن الدور الإيراني المستجد لا سيما بعد المكانة الإيرانية التي احتلها بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب؟

روسيا والدور المحوري

في 19 حزيران الماضي، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الدفاع، وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وتناول اللقاء ملفات عدة: اليمن والسلاح والمفاعلات النووية وأسعار النفط، والأهم سورية والارهاب.

في 29 من حزيران أي بعد 10 أيام، استقبل الرئيس بوتين وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ودعا بوتين إلى إقامة تحالف إقليمي موسع لمحاربة تنظيم «داعش» يضم سورية والسعودية والأردن وتركيا. وأشار إلى استعداد روسيا لمساندته. وردّ المعلم أنّ «التحالف مع السعودية وقطر وتركيا ضد الإرهاب يحتاج إلى معجزة كبيرة، لأن هذه الدول هي التي دعمت الإرهاب».

المعجزة تحققت

بعد وقتٍ قصير تحقّقت المعجزة، وبحسب ما أكدته مصادر عدة انه ونتيجة لجهود ووساطة روسية، توجه رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك على متن طائرة روسية خاصة، من مطار دمشق الدولي، إلى مكتب وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العاصمة السعودية، حيث عقد اللقاء في حضور رئيس الاستخبارات السعودية صالح الحميدان، وطرحت خلال اللقاء الخلافات على الطاولة.

سأل المسؤول السوري: «كيف تمشون وراء مشيخة كقطر؟»، فردّ وزير الدفاع السعودي: «أساس مشكلتنا معكم سببها تحالفكم مع إيران».

في الخامس من آب، وصل الوزير المعلم إلى طهران للقاء عدد من المسؤولين الإيرانيين، وجاءت الزيارة بالتزامن مع زيارة ميخائيل بوغدانوف مساعد وزير الخارجية الروسي الذي التقى نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.

الجمعة 7 آب وصل المعلم إلى العاصمة العمانية مسقط في زيارة هي الأولى لدولة خليجية منذ بدء الأزمة في سورية قبل أكثر من أربع سنوات، حيث التقى المعلم نظيره العماني يوسف بن علوي، وتركزت المباحاثات حول العلاقات الثنائية بين البلدين والأزمة السورية، إضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية.

بينما تحدثت الصحف العربية بعد الزيارة عن معلومات في شأن إمكانية عقد لقاء ثلاثي بين وزراء خارجية سورية والسعودية وإيران في مسقط.

الثلاثاء الماضي، زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير موسكو والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف.

الثنائية الإيرانية ـ الروسية

يعلّق مصدر مطّلع في قوى الثامن من آذار على هذه التطورات الاقليمية في حديث لـ«البناء» بالقول، إنه مهما حاول السعوديون ترتيب العلاقات مع سورية بمعزل عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحتى لو كانت روسيا هي التي ترعى هذا الحوار بين الدولتين، لكن وجود ميخائيل بوغدانوف المبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط، ونائب وزير الخارجية في طهران في الوقت نفسه لوصول المعلم اليها، دليل محورية الدور الإيراني في جميع ملفات المنطقة. وهذه مسألة جوهرية، وبالتالي تدرك السعودية انه لا يمكن تجاوز الدور الإيراني في اعادة ترتيب العلاقات على مستوى المنطقة في كل الملفات المشتعلة ـ الملف السوري والبحرين واليمن والعراق.

وإذ أشار المصدر إلى ان العتب الحالي بين سورية والسعودية هو جزء من الماضي، لكن الاهم هو كيفية وضع خريطة طريق للمستقبل وعلى اساس ان روسيا وإيران شركاء في رسم معالم هذه المرحلة والولايات المتحدة ليست بعيدة عما يحصل، بل هي تنظر من موقع المراقب.

وأضاف: الثنائية الإيرانية ـ الروسية تبدأ من ملفّي اليمن والسوري. وفي الملفين هناك مجموعة من القواسم المشتركة: أولاً السعودية الآن تعاني في اليمن، فالملف اليمني وضع السعودية في موقع الذي سيدفع، لأن اليمن تمثل الحديقة الخلفية الاخطر للمملكة العربية السعودية وهذا ينطبق على البحرين ما يعكس الواقع المهتز داخل المملكة. ثانياً، بحسب المصدر، إن روسيا منذ تمرير القرار 2216 في مجلس الأمن المتعلق بالوضع في اليمن وعدم استعمالها الفيتو، احتفظت لنفسها بهامش هام تعمل اليوم على تجييره في الملف السوري، أما المعطى الثالث فهو التغيير الميداني الحاصل في عددٍ من المناطق اليمنية في لحج وعدن وآبين وتراجع الجيش اليمني وحركة أنصار الله، لكن قد لا تكون معايير الميدان هي الاساس وليست أهم من المعايير السياسية القادمة، المشترك الرابع: إذا قبض السعودي ثمناً في اليمن من خلال تسوية سياسية تلحظ مصالح الجميع، فمن الطبيعي ان يدفع السعودي هذا الثمن في سورية، خصوصاً أنّ رهانات السعودية على الميدان السوري، لا سيما في الاشهر الاخيرة، وما وعدت به في شهر رمضان على جبهات الشمال والجنوب السوريين، والآمال التي علّقت على الشراكة مع تركيا الذي شكل «جيش الفتح» عنوانها، أنتجت خمس هجمات خلال شهر رمضان على عدة محاور، لكن كل هذه الرهانات السعودية سقطت وصار من الصعب على السعوديين تحسين شروط التفاوض السياسي من خلال المعادلات الميدانية على الأرض.

وأوضح المصدر أن كل هذه العوامل ارتكز عليها بوتين. وكان الاستقبال المفصلي لمحمد بن سلمان بموجب المعادلات وتلاه وصول الوفد الثلاثي السوري الذي ترأسه الوزير المعلم إلى موسكو وتحدث حينها المعلم عن معجزة لتحقيق فكرة التحالف الرباعي الذي طرحها بوتين.

رجل النظام القويّ في السعودية

ويتابع المصدر قوله: يبدو مع زيارة المملوك إلى السعودية بدأت هذه المعجزة تتحقق، فهو رجل النظام السوري القويّ، تطأ قدميه ارض السعودية. وبمعزلٍ عن مضمون الكلام الذي دار بين المملوك وبن سلمان، فإن الشكل يكفي لكي يقدم صورة جديدة للمشهد الاقليمي.

وفي معلومات خاصة حصلت عليها «البناء»، فإن الحراك والتواصل مستمران بين المسؤولين السعوديين والسوريين في موسكو. وحصلت لقاءات مؤخراً بين قيادات متممة من الطرفين، أي على مستوى أقل من المملوك ـ بن سلمان، إضافة إلى أن زيارة المعلم إلى مسقط هي جزء من خلفية هذه الزيارة ولها علاقة مباشرة مع السعوديين.

وتضيف المعلومات لـ«البناء» أن لقاءات تحصل خلف الاضواء على هامش زيارة المعلم إلى مسقط بين مسؤولين سوريين من جهة ومسؤولين سعوديين واميركيين وبريطانيين من جهة ثانية.

ويضيف المصدر السابق ذكره: واضح ان المشهد الدولي والاقليمي يتحرك بسرعة اكثر من المتوقع وهذا يجري على هدي التفاهم النووي بين إيران والغرب.

الملف اللبناني ليس من أولويات الخارج

ويتحدث المصدر عن انعكاس اي تقارب سوري ـ سعودي على الوضع الداخلي في لبنان. فيجزم أن لا انعكاسات مرتقبة ويبرر بالاسباب التالية، أولاً: لبنان لا يمثل موقعاً متقدماً حتى الآن في ملفات المنطقة، وليس الاولوية على طاولة المفاوضات. ثانياً: الملف اللبناني مرتبط بشكلٍ محكم بالملف السوري، وواهم من يعتبر ان هناك امكانية لمعالجة ازمة النظام السياسي في لبنان بمعزلٍ عن الوضع السوري من خلال حلّ سياسي في سورية، يعزّز موقع الرئيس بشار الاسد على رأس سورية المستقبل. ثالثاً: بعض الغرب المتحمس للوضع اللبناني والذي يعبر عنه الفاتيكان وفرنسا أيقن، خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى طهران، أن موقع لبنان مرتبط بإحكام بالملف السوري وأن تفاهمات إيرانية ـ سعودية تبدو بعيدة الافق. رابعاً: قرارات الحكومة الاخيرة التي أدّت إلى التمديد لبعض القيادات الامنية والعسكرية والمعالجة اليومية لأزمات البلد حالياً تشي بأن القرارات تلحظ تأخر ملف لبنان عن المعالجة حالياً، وملء الوقت الضائع وتلبية لحظة الفراغ الذي يعيشه لبنان التي ستطول، ليس قبل نهاية هذه السنة.

الثناية الإيرانية ـ السورية

ويعرب المصدر عن اعتقاده بأن السوريين يعلمون أنه لا يمكن ترتيب العلاقة مع السعودية بمعزلٍ عن إيران، انطلاقاً من موقف تاريخي للرئيس الاسد الذي يعبّر عن العلاقة المتجذرة بين سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. فلطالما تلقى الاسد عروضاً ومغريات ليخرج من التحالف والثنائية مع إيران، وكان صلباً ووفياً وثابتاً في العلاقة معها.

المستقبل والـ«س ـ س»

يدّعي منسق تيار المستقبل في الشمال الدكتور مصطفى علوش في حديث لـ«البناء» أن معادلة «س ـ س» سورية ـ السعودية «كانت مبنية على معادلة واضحة عام 2009 غير معلنة وهي تقويض النفوذ الإيراني في سورية، وطلب الرئيس بشار الأسد حينها مساعدة من الغرب لتخفيف النفوذ الإيراني داخل سورية. والجهد الحقيقي حينذاك لتحقيق هذا الغرض، كان للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي كان من أنصار خيار المواجهة مع إيران وتحييد سورية. وكان العنوان حينذاك لمعادلة س ـ س، هو دعم سورية وتقليص النفوذ الإيراني فيها».

ويضيف علوش: «الرئيس الاسد لم يتمكن من تحقيق ذلك، لأنّ الدور الإيراني في سورية أقوى بكثير، خصوصاً بعد خروج النظام في سورية من لبنان، ثم حصل انقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري، ما شكل مؤشراً على أن الاسد لا يريد، او ربما غير قادر على الالتزام بما اتفق عليه مع السعودية وهنا انتهت الـ س ـ س».

وأشار إلى أنه «إذا عادت معادلة س ـ س ستكون على هذا الاساس وعلى المعطيات السابقة ذاتها، اي خروج النفوذ الإيراني وحلفاء إيرن مثل حزب الله والميلشيات الشيعية العراقية والافغانية والباكستانية وغيرها من سورية».

وأكد علوش ان «اللقاء بين المملوك وبن سلمان حصل على أساس أنه إذا كانت سورية تريد من السعودية وقف دعم المعارضة، لا داعش والنصرة، فعلى إيران ان تسحب كل القوات المرتبطة بها وترك السوريين وحدهم للوصول إما إلى تسوية، أو استمرار الحرب إلى ان ينتصر أحد من طرفَي الصراع، فردّ المملوك بالقول: الموضوع يحتاج إلى تفكير ودرس».

وقال: «الامر الاساسي في الموضوع هو الخلاف السعودي ـ الاميركي المستجد، خصوصاً على خلفية توقيع الاتفاق النووي. فكان توجّه السعودية منذ شهرين إلى روسيا والموضوع الذي يهم الروس هو الملف الاقتصادي، فحصل اتفاق بين الطرفين يشمل ان تبني روسيا مفاعلات نووية للسعودية على مدى عشر سنوات مقابل 35 مليار دولار، بالمقابل روسيا طرحت على السعودية أن الملف السوري أفلت من عقاله، خصوصاً ان الإرهاب انتشر ووصل إلى السعودية، فلماذا لا تتفاهمون مع الاسد، فرد السعودييون أنهم موافقون على أساس جنيف 1، فردّ الروس ان المعطيات تغيرت الآن في الميدان ويجب تقديم طرح جديد».

ويوضح علوش أن «الهمّ الاساسي لقوى 14 آذار في أي تقارب سعودي ـ سوري هو انتخاب رئيس للجمهورية وضمان الاستقرار في لبنان، ورفض ربط حزب الله خيارات لبنان بالخيارات الإيرانية وهذا يؤدي إلى دمار لبنان».

وشدّد على أن «لا مشكلة لـ 14 آذار في اي تقارب سوري ـ سعودي أو عودة الـ س ـ س كمعادلة تظلل الوضع اللبناني»، الا انه استبعد أن تحل هذه المعادلة في وقتٍ قريب كل الملفات والازمات العالقة في لبنان، فحزب الله لن يوافق على اي تسوية لا تراعي المصالح الإيرانية في لبنان حتى لو وافق السوري والسعودي عليها..

وأعرب علوش عن اعتقاده بأن القضية تتعدى سعد الحريري، فليس من مصلحة الحريري ان يعود ويتولى رئاسة الحكومة في أي معادلة كـ«س ـ س» وحزب الله كما هو اليوم في لبنان والمنطقة، مسلح وخارج قدرات الدولة والمؤسسات وسيادتها.

«س ـ س» تنتج مشهداً لبنانياً مختلفاً

يشرح الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حبيب فياض الواقع اللبناني في حال عادت معادلة «س ـ س» ويقول: «تبقى إمكانية حصول هذه التسوية السورية ـ السعودية فرضية، لأن المؤشرات لا تفيد بإمكان حصول مثل هذه التسوية ولو في المدى القريب على الاقل. أما في حال حصلت التسوية المعجزة، فيمكننا أن نقول اننا سنكون امام مشهد لبناني مختلف، ابرز معالمه سقوط مدوّ وكامل لمشروع 14 آذار، لأن اي تسوية ستنطلق من مسلّمة بقاء النظام السوري، خصوصاً ان كل مشروع 14 آذار يقوم حالياً على إسقاط النظام في سورية. وعلى ما يبدو ان الخريطة الفعلية لقوى 14 آذار بلا تسوية بين سورية والسعودية هي خريطة باهتة ممزقة، وكل طرف بدأ يعمل لتحقيق مصالحه الحزبية الضيقة بعيداً عن الانتظام والانضواء العريض الذي يجمع مكونات 14 آذار. فكيف إذا كنا نتكلم عن هذا الفريق في ظل تسوية سورية سعودية؟

ويضيف فياض: «مع العلم أن بقاء النظام السوري هو انتصار لسورية وحلفائها مقابل أن سقوط النظام هو انتصار للمعسكر الآخر، فبقاء النظام في سورية هو ضربة لمشروع 14 آذار على الساحة اللبنانية، يعني حكماً دخول هذه القوى بمرحلة انعدام الوزن والتشتت».

ويلقي فياض الضوء على التحولات الاخيرة في السعودية ويقول: «إزاء بعض التغيير الذي حصل في المملكة العربية السعودية على مستوى السلطة وتركيبة الحكم، لم يعد تيار المستقبل نتيجة الضعف الذي يعتريه يستطيع ان يعبّر عن سياسات وتطلعات المملكة في لبنان وعلى الارجح ستعمل السعودية في المرحلة المقبلة على تشكيل تكتل سني يكون المستقبل واحد منه. وهذا بطيبعة الحال سينعكس ضعفاً على أداء 14 آذار باعتبار ان تيار المستقبل هو العمود الفقري والعصب لهذا الفريق. ومن جهة أخرى، إن فريق القوات اللبنانية يعتريه ضعف كبير نتج عن سببين، الاول محاولة القوات تشكيل دور للتعمية على وجود الإرهاب التكفيري في المنطقة ولبنان، والثاني ان القوات تنأى بنفسها عن المواجهة التي يخوضها العماد ميشال عون باستعادة حقوق المسيحيين».

وأوضح أن منطق التسوية بسورية سيكشف عورات فريق 14 آذار لأنه يتمسك بورقة المحكمة الدولية كورقة لم تعد مهمة. والمسألة السورية سواء الحل كان سياسياً أم بقي الوضع على ما هو عليه في الحالتين، 14 آذار في حالة من الضعف والوهن.

التحوّل السعودي ورقة قوة لدمشق

وقال فياض: «هناك محاولات جدّية لإنهاء الازمة السورية بطريقة سلمية. ولكن التعقيدات الموجودة في الاقليم حول الملف من قبل الاطراف الاقليمية سيجعل الموضوع صعباً على المدى القريب. لكن الامر وارد على المديين المتوسط والبعيد. ومبدأ التحول السعودي تجاه سورية هو ورقة قوة بحد ذاتها للنظام في سورية».

العلاقات الإيرانية ـ السعودية والتسوية

ويختم فياض: «في هذا الخضم، لا شك أن لطهران دوراً هاماً وأساسياً في العمل على سكة التسوية، والتي لن تنطلق قبل ان يترتب ملف العلاقات بين طهران والرياض. وهذا ما يجري العمل عليه جدّياً على المستوى ومرشح لنتائج ايجابية على رغم العنتريات والمكابرة والعنجهية السعودية».

«س ـ س» تقوّي التيار وتحصّنه

مسؤول العلاقات مع الأحزاب اللبنانية في التيار الوطني الحر الدكتور بسام الهاشم يرى في حديث لـ«البناء» أنه لو عادت معادلة «س ـ س» أو غيرها، لن تستطيع تغيير موقف حزب الله. كما لا احد يستطيع ان يلغي دور الآخر، بل يجب التناغم والتفاهم بين السنّة والشيعة والمسيحيين للحفاظ على لبنان، لأن إيران وحزب الله لا يمكن أن يوافقا على تسوية لا يربحان فيها بعد كل الانجازات التي حققاها على مستوى المنطقة.

وأضاف الهاشم: «إما أن تبقى الرئاسات الثلاث القوية في طوائفهم ضمن النظام الطائفي الحالي لكي تسير معادلة س ـ س، إما الضعفاء في طوائفهم».

وأشار إلى أن التيار الوطني الحر سيزداد قوة في حال عادت «س ـ س» ويتحصن، لأن لديه الثقة الكاملة بحليفه حزب الله وسيد المقاومة السيد حسن نصر الله، وثقة بأهمية العلاقة الاستراتيجية لمصلحة التيار والحزب. كما لديه ثقة تامة بإيران بأنها لن تبيع وتشتري على حساب مصالح لبنان والمسيحيين، وثقة تامة بالقراءة الشاملة للوضع في المنطقة.

وأوضح الهاشم أن مصلحة اللبنانيين وفقاً لأيّ معادلة هي تثبيت الاستقرار، خصوصاً أن حزب الله لم يكن مشروعه منذ تسع سنوات الهيمنة على البلد، إنما احتضان الجميع.

لن نكون جزءاً من التسوية

عضو كتلة حزب الكتائب النائب سامر سعادة يرى في حديث لـ«البناء» أن «موقف الكتائب واضح في الاساس في التمسك بمشروعه الذي يعتمد على المصلحة الوطنية وتحصين الوضع الداخلي». وأكد أن ما يحصل من متغيرات إقليمية يؤثر على الوضع اللبناني، لكن المصلحة الوطنية تقتضي ألّا يستقوي فريق على آخر بالخارج.

وأضاف: «كان موقفنا منذ البداية تحييد لبنان الايجابي وتجنيبه الخطر، وألّا يكون لبنان مكسر عصا عندما تختلف دولتان. ثم يصبح تحالفهما على حساب لبنان».

وقال سعادة: «معيار قوة الكتائب يقاس بمدى تأييد الشعب اللبناني لخيارنا السياسي. تحالفاتنا السياسية مبنيّة على أهداف وعناوين وطنية نضالية تاريخية مع تيار المستقبل وفريق 14 آذار، وطالما الرؤية مشتركة للبنان المستقبل نحن ملتزمون بهذا التحالف. أما إذا حصلت تسوية وقرّر أحد الاطراف الابتعاد عن هذه الخيارات والانخراط بتسوية تهمّش الآخرين، فإننا لن نكون بالتأكيد جزءاً من هذه التسوية».

وتابع سعادة: «نحن كحزب كتائب دفعنا دماً في سبيل هذا المشروع، خصوصاً في انتفاضة 14 آذار عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واستشهد النائبان بيار الجميل وأنطوان غانم في سبيل هذا المشروع، لا للوصول إلى كرسيّ أو منصب».

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024