إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الغوطة ورياح التسويات

محمد حمية - البناء

نسخة للطباعة 2016-01-08

إقرأ ايضاً


يبدو أنّ المصالحات والتسويات على الساحة السورية آخذة بالتوسُّع والتعميم على أكثر من منطقة كانت حتى الأمس القريب تشكل جبهات اشتباك ساخنة بين الجيش السوري والفصائل والتنظيمات المسلحة المختلفة، وتمثل رهانات دول إقليمية وغربية للنفاذ عبرها لتحقيق مشاريعها الاستعمارية والتوسّعية وتضييق الخناق على النظام في سورية تمهيداً لإسقاطه، إلا أنّ الرياح لم تَسِر كما تشتهي سفن تلك الدول بل كانت رياح التسويات وصفقات التبادل هي الأقوى، وما يؤكد ذلك لجوء المجموعات المسلحة إلى عقد اتفاقات وتسويات عديدة مع الدولة السورية، لا سيما في العامين المنصرمين، كتسوية حمص القديمة وحي الوعر وصفقة تبادل العسكريين اللبنانيين مع «النصرة» وغيرها، فبعد تنفيذ المرحلة الثانية من تسوية الزبداني كفريا والفوعا منذ أسبوعين، يبدو أنّ الغوطة الشرقية في ريف دمشق ستشهد خلال وقتٍ قريب تسوية شاملة بين الجيش السوري و»جيش الإسلام» على أن يعلنها الجيش السوري منطقة آمنة.

وتحدثت مصادر عسكرية مطلعة لـ»البناء» «أنّ تسوية قريبة في الغوطة الشرقية يجري العمل عليها مع ما يسمّى «جيش الإسلام» والاتفاق يتضمّن تسعة بنود هي: الإفراج عن المخطوفين في دوما من عسكريين ونساء وأطفال، الإفراج عن 1500 من المسلحين في سجون الدولة السورية، إدخال مساعدات إنسانية إلى الغوطة، السماح لـ 1200 شخص من مدنيين مسنّين ومرضى الخروج من الغوطة، فتح طريقين آمنين للمسلحين باتجاهين، الأول باتجاه إدلب ومنه إلى تركيا والثاني باتجاه الأردن ومنه إلى السعودية».

وكشفت المصادر أنّ «عدد المسلحين في الغوطة يبلغ نحو 15000 على أن يخرج 1500 منهم إلى تركيا والسعودية والآخرين يطلبون تسوية أوضاعهم مع السلطات السورية»، وتوقعت المصادر أن «تعلن هذه التسوية في غضون الشهر الحالي».

وتتحدّث المصادر عن «طلب واحد يتمّ درسه ولم توافق عليه السلطات السورية بعد، وهو طلب من قيادة المسلحين إبقاء التنظيم الإداري للغوطة كما هو حالياً واندماجها مع الدولة من بلديات وغيرها، وخاصة المحكمة الشرعية التي أصرّ قادة المسلحين على اندماجها مع الدولة، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض المطلق من الدولة السورية، ويتمّ الآن درس صيغة لدمج الأمور الخدمية فقط».

ويبدو أنّ منطقة جوبر ستحذو حذو الغوطة الشرقية، لكن من دون تسوية، فتنقل المصادر معلومات عن فرار عددٍ كبير من المسلحين في جوبر بعد تفجير الجيش السوري سلسلة أنفاق لهم، وتؤكد أنّ المسلحين في جوبر يريدون تسليم أنفسهم للجيش السوري وتسوية أوضاعهم، لكن قادتهم الموجودين حالياً في دوما يرفضون ذلك ويسارعون إلى تصفية أيّ مسلح يحاول تسليم نفسه أو يحاول عقد صلحٍ مع الدولة.

وتكشف المصادر عن ضبط كميات كبيرة من الدولارات المزوّرة في جوبر في أحد المقار وتمّت طباعة تحذير عليها من قبل قيادات المسلحين تهدّدهم بالقتل وإعادة رميها على مراكزهم المسلحين الذين يعيشون حالة اقتتال بينهم حالياً.

ماذا عن تسوية اليرموك والحجر الأسود والقدم؟

وتعزو المصادر تعطل تسوية مخيم اليرموك والحجر الأسود والعسالي والقدم إلى رفض «جيش الإسلام» تأمين ممرّ آمن لمسلحي «داعش» في المناطق الخاضعة له بسبب مقتل مسؤول «جيش الإسلام» زهران علوش، ولأنّ «جيش الإسلام» لا يريد منطقة جنوب دمشق آمنة، وتتضمّن التسوية، بحسب المصادر نفسها، طلب «داعش» تأمين طريق آمن إلى الرقة عن طريق منطقة السبع بيار بالغوطة. لكن سيُصار إلى فتح طريق آخر لمسلحي «داعش» من طريق الضمير إلى تدمر ومنها إلى الرقة وإنجاز هذه التسوية في وقت قريب.

أما على جبهة إدلب، فتتحدّث المصادر أنّ الطوق اكتمل على المدينة بشكلٍ كامل وأن العقيد سهيل الحسن الملقب بـ»النمر» انتقل في الآونة الأخيرة إلى أطراف مدينة باب الهوى باتجاه الحدود التركية ـ السورية مع حالات فرار كبيرة للمسلحين باتجاه تركيا.

وتنقل المصادر أنّ «تركيا بدأت بتطبيق قانون الفيزا على السوريين بسبب جوازات السفر المزوّرة التي يحملها المسلحون الفارّون وخاصة الأجانب المنظمون من قبل السعودية وتركيا ويتجهون إلى أوروبا».

يبقى السؤال، هل إنجازات الجيش السوري وحلفائه الأخيرة والوقائع الميدانية والعسكرية الجديدة التي فرضها على التنظيمات المسلحة، لا سيما في إدلب، ستدفع المدينة إلى تسوية مع مسلحي «جيش الفتح» أيضاً؟ وبالتالي تكرّ السبحة لتصل رياح التسويات إلى جسر الشغور؟ وهل سقطت أوراق تركيا والسعودية في سورية مع اقتراب تحرير ريف حلب؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024