إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

النازحون مع باسيل إلى فيينا...

محمد حمية - البناء

نسخة للطباعة 2015-10-30

إقرأ ايضاً


يشهد لبنان حركة موفدين أوروبيين غير مسبوقة، أبرزها كانت زيارة موفدين فرنسيين الأسبوع الماضي، وهما رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه على رأس وفد، تلتها بعد أيام زيارة لوزير الداخلية الفرنسي برنار كازونوف، ثم وزير الخارجية المجري بيتر سزيجارتو الذي غادر بيروت أمس.

هذه الحركة الديبلوماسية ترافقت مع دعوة تلقاها لبنان من الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في مؤتمر دولي – إقليمي في فيينا، يناقش الأزمة السورية.

فما هي أسباب هذا الحراك الأوروبي؟ وهل تحمل زيارات الموفدين حلاً لقضية اللاجئين السوريين، أم أنّ الأمر يتعلق بالأمن الأوروبي فقط للحؤول دون تدفق نازحي لبنان والمنطقة الى أوروبا؟

يؤكد وزير الخارجية الأسبق عدنان منصور لـ«البناء» أنّ زيارات الموفدين الأوروبيين لم تقتصر على لبنان فحسب، بل الى الدول المحيطة بسورية أيضاً، لا سيما الأردن، غير أنّ لبنان لديه خصوصية معينة لأنه يستوعب الكثير من النازحين الذين وصل عددهم الى أكثر من مليون و200 الف نازح، ومن الطبيعي أن يقف المجتمع الدولي على رأي الدول المعنية بهذه الأزمة، وأن يطلع على أحوال النازحين فيها إذا كان يريد حلّ هذه الأزمة.

وأوضح منصور أنّ دول الغرب وأوروبا تحديداً، لم ترتق بداية الأزمة الى مستوى التعامل الجدّي مع تدفق النازحين الى دول المنطقة ومنها لبنان، حتى انّ نسبة المساعدات الأوروبية لم تتعدّ 30 في المئة مما تحتاجه هذه الدول لإيواء النازحين، ويضيف منصور: لكن مع تردّي الوضع الأمني في سورية وتدفق عشرات آلاف النازحين الى أوروبا ومن بينهم إرهابيون، تحسّس الغرب أمنه وبدأ يركز على المسألة الأمنية أكثر من المسائل الإنسانية، وبدأ يفكر جدياً باتخاذ إجراءات لتقليص تداعيات الأزمة عليه، أولها التعاون مع دول المنطقة لوقف تدفق النازحين من لبنان والأردن والعراق الى أوروبا ريثما يتمّ إيجاد حلّ سياسي للازمة السورية.

واستبعد منصور حلاً قريباً لأزمة النازحين في لبنان والدول المجاورة، بسبب استمرار العمليات العسكرية في سورية، لا سيما بعد التدخل العسكري الروسي، ويضيف: لأنّ أيّ حلّ يفرض عودة النازحين الى بلدهم وهذا يفرض إيجاد حلّ سياسي للازمة السورية، وهذا الحلّ يتطلب مواجهة الارهاب بالدرجة الاولى لفرض الأمن والإستقرار، وهذا يحتاج الى وقت».

وزير الخارجية المجري وخلال ندوة بمشاركة نظيره اللبناني الوزير جبران باسيل حول «أزمة اللاجئين السوريين في لبنان وأوروبا»، أشار الى أن «المجر استطاعت التغلب على أزمة المهاجرين، لأنها تطبق إجراءات صارمة، لذلك لم يعد يدخل البلاد أي شخص بطريقة غير شرعية، على كلّ المهاجرين احترام قوانين البلاد التي يأتون اليها، الا أنهم يرفضون كلّ ذلك ويريدون عبور الحدود وتكسير الحواجز وهذا مرفوض، المسألة ليست احترام حقوق الإنسان والإنسانية، إنها الأصول التي يجب أن تتبع».

وهنا يطرح السؤال التالي، لماذا لم يتخذ لبنان هذه الإجراءات منذ بداية الأزمة لتنظيم عملية النزوح السوري؟

مصادر في التيار الوطني الحرّ حمّلت في حديث لـ«البناء»، الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي مسؤولية ما آلت اليه أزمة النازحين اليوم، بسبب سياسة النأي بالنفس التي اعتمدت في حكومة ميقاتي التي سمحت لعددٍ كبير من النازحين بعبور الحدود بطريقة عشوائية الى حدّ لا يستطيع لبنان تحمّله، عدا عن تشجيع جهات داخلية النازحين على المجيء الى لبنان لاستثمارهم مالياً من خلال الاستفادة من المساعدات الدولية وسياسياً وأمنياً ضدّ المقاومة والدولة السورية.

وكشفت المصادر أنّ وزير الخارجية المجري أبدى خلال لقائه باسيل مخاوف جدية من تدفق النازحين الى بلاده التي ترى في لبنان مصدر انطلاق لأعداد كبيرة من المهاجرين ما يفرض على المجر وغيرها التعاون مع دول المنطقة لاستباق ذلك بإجراءات.

ولفتت المصادر الى أنّ الوزير باسيل يبذل جهوداً كبيرة في جميع لقاءاته من خلال الضغط على الدول الأوروبية ومطالبتها بمساعدة لبنان على تحمّل عبء النزوح، وتكثيف جهودها لايجاد حلّ سياسي للأزمة السورية، موضحة أنّ لبنان يلعب دوراً محورياً في الضغط لإيجاد معالجة لهذه المشكلة الانسانية التي تقف خلفها أسباب سياسية وحروب في المنطقة.

اليوم من المتوقع أن يحضر لبنان في مؤتمر فيينا لبحث الأزمة السورية، فما الملفات التي يجب أن يطرحها الوفد اللبناني؟

ترى المصادر أنّ لبنان في طليعة الدول التي تعاني من مشكلة اللاجئين والتي لا يمكن أن يتحمّلها وحده، فهي ليست كارثة طبيعية، بل صراع دولي وإقليمي، فهناك دول تدفع الأموال وترسل السلاح والمقاتلين الى سورية وبالتالي الى لبنان، لذلك أزمة اللجوء هي إفرازات هذه الحرب والمؤامرة التي دمّرت سورية والمنطقة. وتعتبر المصادر أنّ على لبنان مطالبة الدول في لقاء فيينا بتحمّل مسؤولياتها بوقف تدفق النازحين وإيجاد حلّ سياسي يعيدهم الى بلادهم ما يفترض القضاء على كلّ التنظيمات الإرهابية وليس التمييز بين معتدلة ومتطرفة.

ويرى منصور أنّ مشاركة لبنان في اللقاء إيجابية، لأنه يقع على محاذاة الحدود السورية وما يجري في سورية من أعمال عنف وإرهاب تشكل تداعيات خطيرة على الساحة اللبنانية، لا سيما احتلال عدد كبير من المسلحين لجزء من أراضيه في شمال شرق لبنان، وتغلغل بعض الخلايا الإرهابية في الداخل ووجود كثيف للاجئين ما يشكل أعباءً كبيرة عليه، لذلك أنّ مشاركته ضرورية لتظهير حجم الأعباء التي يتحمّلها.

ودعا منصور الديبلوماسية اللبنانية إلى أن توضح في المؤتمر أنّ الصراع الأول هو مع الإرهاب، وأن تبرز ضرورة وقف تدفق الارهابيين والدعم المالي وإرسال السلاح والمقاتلين الى سورية قبل البحث بمطالب اخرى، ثم ايجاد الحلّ السياسي للازمة السورية ما ينعكس ايجاباً على الأمن والاستقرار في المنطقة وبالتالي في لبنان.

من الواضح أنّ الموفدين الغربيين لا يأتون الى لبنان لمساعدته على تحمّل أزمة النزوح ولا دعمه لتحرير أراضيه من الارهابيّين، بل يأتون للبحث عن مصالح بلادهم ليأخذوا ضمانة المسؤولين اللبنانيين لاتخاذ إجراءات لمنع تدفق النازحين في لبنان الى دولهم، لكن لماذا لا يتعامل لبنان مع هذه الدول بمنطق المصالح، ويطرح مقايضتها على هذه الضمانة مقابل أخذ ضمانة هذه الدول بالضغط الجدي على الدول الداعمة والمموّلة للإرهاب كالسعودية وقطر وتركيا لوقف هذا الدعم والتمويل، ما يساعد في القضاء على الإرهاب وبالتالي إنهاء أزمة النزوح؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024