إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الرفيق المحامي موريس الجميل

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2025-09-11

إقرأ ايضاً


من المعروف أن المحامي موريس الجميل، الذي أصبح نائباً ووزيراً، كان من المحامين الذين تولوا الدفاع عن سعاده عند اعتقاله إثر انكشاف أمر الحزب في 16/11/1935 إلا أن ما ليس معروفاً إلا لدى القلة الضئيلة من القوميين الاجتماعيين أن موريس الجميل انتمى إلى الحزب في أوائل سنوات التأسيس.

عنه يقول الرفيق إبراهيم يموت في كتابه "الحصاد المر": "... فقد أخبرني جبران جريج أن موريس الجميل، وهو ابن عم بيار الجميل، قد انتمى إلى الحزب، وقت كان الحزب سرياً، عن طريق رشدي معلوف.

يضيف: "يقول فريد صباغ وهو من الذين رافقوا الزعيم لفترة طويلة، أنه عند خروج سعاده من السجن عام 1936، كانت التهنئة بالإفراج عنه في مكتب موريس الجميل القريب من مكتب الحزب، وكان الجميل لا يزال سورياً قومياً، إلا أنه بعد ذلك بقليل طلب من الزعيم، مع تأكيده على أن يظل سورياً قومياً، إعفاءه من الممارسة بسبب الخلافات التي كانت تحصل بينه وبين أفراد عائلته، وخصوصاً مع ابن عمه بيار بعد إنشاء حزب الكتائب. بيار متزوج من شقيقة موريس ورغم إعفائه، يتابع فريد، كان الزعيم يطلب من السوريين القوميين تأييد موريس الجميل في معاركه الانتخابية ".

بدوره، يقول الأمين عبدالله قبرصي في الجزء الأول من "عبدالله قبرصي يتذكر" صفحة (186) في معرض شرحه عن المحامين الذين تولوا الدفاع عن سعاده ومعاونيه التالي:

"أول محامي جذبته مبادئ الحزب، وشخصية الزعيم، هو الشيخ موريس الجميل الذي كان أول من اتصل بالزعيم، في معتقله الاول في سجن الرمل، واضعا نفسه تحت تصرفه للدفاع عنه وعن الحزب، فقبل الزعيم.

ما لبث موريس الجميل، أن انتمى الى الحزب وقدّم خدمات جلّى عبر مكتبه للمحاماة، وبعدما أنشأ بيار الجميل حزب (الفلانج) استأذن موريس الزعيم للانضمام الى تشكيلة نسيبه، عارضاً الاسباب العائلية والمحلية. وبرحابة صدر، سمح له سعادة، مقدّرا له جهوده السابقة المشكورة.

كنت محامي الحزب، معي من المحامين يومذاك الاستاذ موريس الجميل.. الذي انتقل من صفوف الحزب، الى صفوف الكتائب.. وكان يساعدنا من وراء الستار الشاعر الشيخ ابراهيم المنذر(1)، النائب يومذاك، والذي لم يتعاط المحاماة جديا".

في مقالته الثالثة "قوميو بكفيا الاوائل" من كتابه "بكفيا الكبرى ونحن"، يورد الامين جهاد العقل في الصفحة 325:

"قال لي رشدي معلوف: "العالق في الاذهان عن المحكمة الاولى عند انكشاف أمر الحزب أن حميد فرنجية كان المحامي الاول أو الرئيسي في الدفاع عن الزعيم، إنما الواقع الذي اكشفه للمرة الاولى هو ان أول محام جذبته مبادئ الحزب وسريته وشخصية زعيمه كان المحامي موريس الجميل.

كان محاميا ناشئا. كان قد اتخذ له من العلم قاعدة ومن الوعي والادراك أساسا ومن الحجة العقلية مستندا لدعم الآراء والافكار.

ما اكتفى موريس الجميّل بالانجذاب الشعري بل كان أول من اتصل بالزعيم في أسره في سجن الرمل واضعا نفسه تحت تصرف قضيته للدفاع عنها وعنه بكل ما أوتي من قوة واندفاع فقبل الزعيم وبدأ موريس الجميّل عمله الشاق.

ما اكتفى موريس الجميّل بعمله القانوني هذا بل اغتنم هذه الفرصة وانضم الى قافلة المناضلين الاحرار وأصبح مكتبه مكتبا للمراجعات الحزبية يلتقي فيه المسؤولون السريون في الادارة المركزية وفي الفروع للتداول ولتلقي التعليمات، فما كاد ان يخلو من الاعضاء حتى يعجّ ويضجّ بهم من كل حدب وصوب.

انتهت المحاكمات وبدأت مرحلة جديدة في الجمهورية اللبنانية وذلك بتشكيل الفلانج والنجادة فجاء موريس الجميّل ذات يوم الى سعادة يستأذنه للانضمام إلى تشكيلة نسيبه عارضا الاسباب العائلية التي لم يستطع التخلص منها والتغلب عليها، والغريب في الامر أن الزعيم سمح له بذلك مقدرا له جهوده السابقة المشكورة".

وفي كتابه "حقائق ومواقف" يورد الأمين السابق الرفيق أديب قدورة ما يلي:

"تعرفت على النائب موريس الجميل في مجلس النواب، حيث عقدت جلسات اللجنة الصحية، وكان موضوع الجلسة وضع تشريع جديد لجعل المختبرات الطبية من صلاحيات الأطباء المختصين فقط ، ومنع الصيادلة المختصين بهذا الفرع من مزاولة ذلك، رغم أن الأطباء والصيادلة متساوون بالاختصاص والدراسات ذاتها.

"معظم أعضاء اللجنة الصحية في البرلمان كانوا من النواب الأطباء مع نقيب الأطباء، صديقي الدكتور أنطون حنين. البحث اتجه إلى إقرار حصر هذا الاختصاص بالأطباء، لكونهم أكثرية في اللجنة.

" كنقيب للصيادلة، عارضت وقدمت الحجج القاطعة والقوانين الدولية، مركزاً على التساوي الكامل بين الأطباء والصيادلة، وبعد أن نجحت بإيقاف التعديل، تقدم مني الشيخ موريس مهنئاً إياي على ما أبديت من أسباب موجبة لإيقاف تعديل القانون في ظروف كهذه.

في صباح اليوم التالي، اتصل بي الشيخ موريس طالباً الاجتماع بي إذا كان ذلك ممكناً. في اليوم التالي تمّ الاجتماع ، فطلب مني التعاون معه لإقامة أول مؤتمر للبيئة يعقد في لبنان، ويشترك فيه أكبر العلماء في هذا الحقل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، فاعتذرت لسببين أولهما أنني لست صاحب خبرة في هذا الحقل والثاني لأن لدي مؤتمراً في الوقت نفسه في القدس، وهو أول مؤتمر لاتحاد الصيادلة العرب الذي كان لي شرف بعثه وإنجاحه بعد المؤتمر التمهيدي الذي عقد قبل سنتين في بيروت.

لم يقبل الشيخ موريس اعتذاري مؤكداً على أهمية وجودي في لجنة تحضير المؤتمر وسيكون هو شخصياً على تعاون كلي معي، وسيكلف من ينبغي لمعاونتي وتحمل معظم أعباء الأعمال.

" تعاونت مع الشيخ موريس وأعوانه الذين بذلوا جهوداً وأبدوا تعاوناً لإنجاح المؤتمر، وسادنا تفاهم وإيجابية وتكللت أعمالنا بنجاح باهر للمؤتمر. ولم يمنعني ذلك من بذل كل جهد في الأوقات الباقية لأجل مؤتمر القدس والتحضير له .

" ذهبت إلى مؤتمر القدس لاتحاد الصيادلة العرب، وكان مؤتمراً ناجحاً جداً، ورجعت بعد اختتامه إلى بيروت لأحضر الحفلة الختامية لمؤتمر البيئة .

" اجتماعاتي المتكررة بموريس جعلتني أقدر في هذا الشخص مزايا التفكير الرصين وحب العمل للخدمة العامة.

" كان البعض يقدر مزايا موريس الجميل، وآخرون، مثل فؤاد شهاب كانوا يتهمونه بالخيال الواسع وبوضع النظريات الصعبة التحقيق، أما أنا كنت أقدر فيه تلك المزايا التي طالما ثابر وناضل في سبيل تحقيقها.

" بعد فترة وجيزة تولى الشيخ موريس وزارة التصميم، وكان خير من مثلها، فبحثت معه إبان زياراتي واجتماعاتي به الخطوط العريضة لمشروع كبير وعظيم لو تحقق لأدى فائدة عظيمة للبنان. هذا المشروع كان يرمي لإنشاء سد بين جبلين في المتن وجسر فوقه".

" حين تسلم الشيخ موريس وزارة التصميم كان لا شك خير وزير لتلك الوزارة، ولكن عقلية النظام ومشورة الخبراء عطلت مشروع السد ومشاريع أخرى لم يجد فيها بعض المتنفذين مجالاً للاستفادة الشخصية ".

وفي مذكراته الصادرة تحت عنوان "لم ابدل... ولن" للامين مسعد حجل أورد تحت عنوان "موريس الجميل يفي دينه للحزب": "

كان رفيقنا نديم الخوري(2) يعمل في مهنة رش المبيدات لامراض تصيب الأشجار المثمرة، لا سيما الحوامض منها، واستدعاه الراهب رئيس دير مار روكز في محلة الدكوانة لهذا الغرض.

وفي سياق عمله دعاه الراهب الرئيس الى احتساء القهوة معه، ثم سأله ان كان يعرف الأستاذ مسعد حجل من جل الديب، فكان الجواب نعم. قال: بلغ الأستاذ حجل رغبتي بلقائه والتعرّف عليه

في الموعد المحدد زرت دير مار روكز للمرّة الأولى في حياتي، وتعرّفت على الاب الرئيس. خلال الحديث اعلمني عن مهمّة كلفه بها الشيخ موريس الجميل وهي تدبير موعد للقاء مشترك في الدير، وهو يتمنى عدم الرفض لأسباب هامة.

وافقت على الفكرة واصطحبت معي الرفيق سيمون طعمة(3) للإجتماع بالسيد موريس الجميل.

لم اجتمع بالاستاذ من قبل، لكنه بادرني بأن عليه ديناً للزعيم ويود تسديده لحزبه.

تعجبت للأمر وسألت: ما هو هذا الدين الذي تتحدث عنه ؟

قال: انتميت الى الحزب السوري القومي الاجتماعي خلال سنواته السرية الأولى على يد الزعيم، ومارست حقوقي العضوية وكنت ناشطاً في الجامعة مع عديدين من الرفقاء.

ولما انكشف امر الحزب سنة 1935 كما هو معروف، وعندما تسارعت المفوضية السامية الفرنسية الى تأليف الأحزاب، كيفما اتفق، لمنع الشباب من الانخراط في صفوف الحزب القومي الذي ارعبها ما لمسته خلال المحاكمات العلنية في المحكمة المختلطة مما سجّل قفزة نوعية ممتازة للحركة القومية التي استقطبت العديد العديد من المثقفين والادباء والوطنيين متخطية حدود الطوائف والمذاهب والأديان وكل المعوقات، وهذا ما اقلق السلطات الفرنسية فأوعزت الى جماعاتها لتأليف أحزاب طائفية، فكان حزب الكتائب للموارنة برئاسة الشيخ بيار الجميل، وحزب النجادة للطائفة السنية برئاسة عدنان الحكيم، وحزب الشيعة برئاسة احمد الاسعد وحزب الغساسنة للروم...

اصطدمت مع ابن عمي الشيخ بيار ووصل الخبر الى مقام الزعيم فاستدعاني وصارحني له لا يقبلل بإيجاد خلاف في العائلة وهو يقدّر الظروف الصعبة التي أمر بها واعاني منها، ولهذا السبب فهو يحلّني من قسمي حفاظاً على وحدة العائلة.

استهجنت ما سمعت وقلت: حضرة الزعيم انا قومي اجتماعي وانتميت طوعاً بكامل وعيي وايماني بصحة العقيدة والمبادئ ولست مستعداً للتنازل عن ولائي القومي مهما كانت الضغوط ومهما عظمت المخاطر فإنها لا تزيح بي عن الطريق الذي ارتضيته لنفسي بكل حرية وعزيمة صادقة وإرادة قوية.

ابتسم الزعيم ابتسامته الساحرة وشكرني على حماسي وولائي، ثم قال: بالرغم مما جاء، يا رفيقي، فإني احترم موقفك إلا انني أرى الا تتعرض لمشاكل عائلية انت ونحن بغنى عنها، فلتبقَ قومياً اجتماعياً، بالفكر والايمان والقناعة، دون التزام بالتنظيم والنظام الحزبيين.

ومضت الأيام، اكمل الشيخ، واستشهد الزعيم، وبقي ثمة دين عليّ تجاهه، وقد علمت انك تترأس لجنة مركزية لادارة المعركة الانتخابية، كما اني علمتُ عن التواقيع التي جمعتوها من قبل مرشحين غير حزبيين، وعرفت الغاية من نشاطاتكم المتعلقة بهذا الغرض، واجتماعي اليوم معكم هو لابلاغكم انني، في حال فزت في المقعد النيابي، سأطلب العفو عن القوميين المحكومين، لا بل عن المحاولة الانقلابية برمتها، وانا اعلم انكم لن تؤيدوني، لظروف موضعية معروفة، لكنني اعدكم بالمساعدة لنجاح مهمتكم، وأكون بذلك ارحت ضميري ووجداني وسددت ديوني للزعيم بخدمة حزبه.

اثناء الحديث، مررنا سريعاً على توقه واجتهاده لتأسيس "بنك للعلوم" يجمع كافة الإمكانيات الفكرية والعلمية، للخروج بدراسات موضوعية يستفيد منها لبنان وعالمه العربي.

شكرنا الشيخ موريس على موقفه الشريف وغادرنا الدير بقلوب مفعمة بالامل وقناعة مبرمة بنجاح خطتنا.

هوامش:

(1) إبراهيم المنذر: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاحتماعية ssnp.info

(2) نديم خوري: رفيق مناضل. تولى مسؤوليات محلية عديدة في المتن الشمالي. يصح ان يُكتب عنه.

(3) سيمون طعمة: كما آنفاً.



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2025