إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بيان الحقد والتنعت

نور الدين الجمال - البناء

نسخة للطباعة 2012-01-24

إقرأ ايضاً


يوماً بعد يوم ينكشف مدى تورط بعض الأنظمة العربية في الدخول المباشر على خط المؤامرة على سورية. وهذا التورط تمثّل في موقف بعض دول الخليج، وخصوصاً قطر والمملكة العربية السعودية من مضمون التقرير الذي رفعه رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق محمد الدابي إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، والذي بدوره وزعه على وزراء الخارجية العرب، إذ كان التقرير في معظمه يصب في مصلحة الحكومة السورية لناحية تجاوبها وتعاونها وتسهيل مهمة المراقبين العرب، والتأكيد الجازم بوجود عصابات مسلحة تابعة لقوى المعارضة تستهدف القوى الأمنية السورية والمواطنين السوريين والمؤسسات العامة والخاصة وخطوط نقل البترول والغاز وغيرها من المصالح العامة.

وفي قراءة أولية للتقرير الذي رفعه الدابي إلى الأمين العام للجامعة، لا بد من التوقف عند ردة فعل وزير الخارجية السعودية الذي لم يعجبه مضمون التقرير المذكور، فأعلن عن نية بلاده سحب المراقبين السعوديين من البعثة العربية تحت ذريعة أنّ الحكومة السورية لم تلتزم تنفيذ بنود اتفاق البروتوكول. هذا مع العلم أن التقرير يناقض تماماً كلام الوزير السعودي بتأكيده على تعاون الحكومة السورية الكامل مع بعثة المراقبين العرب. والموقف الذي صدر عن وزير الخارجية السعودي يعكس موقفاً سلبياً سعودياً يؤكد استمرار التآمر على سورية، ويذهب في عدائيته أبعد من الموقف الأميركي والأوروبي والتركي. ولو كانت النوايا صادقة في مساعدة الشعب السوري على الخروج من الأزمة الراهنة، كان الأولى بالوزير السعودي أن يلتزم بما ورد في تقرير رئيس بعثة المراقبين، لأن موقفه هذا يعتبر إهانة للمراقبين ولدورهم في تغطية التطورات على الأرض ونقل صورة موضوعية وحقيقية عما تشهده سورية من أعمال إرهابية وتخريبية على أيدي عصابات إجرامية مدعومة في الأساس مالياً وعسكرياً ولوجستياً من قبل الجهات التي شكّكت بدور المراقبين العرب حتى قبل صدور التقرير.

وبعد الموقف السعودي يأتي موقف قطر على لسان وزير خارجيتها الذي أصرّ على أنّ العنف يصدر من جانب الدولة السورية فقط. ولكنّ تقرير المراقبين دحض الموقف القطري إذ أشار بوضوح إلى وجود عصابات مسلحة في بعض المناطق الخارجة عن سلطة الدولة بأن العنف لم يأتِ من طرف واحد بدليل عملية القتل التي تعرض لها الصحافي الفرنسي في حمص مع ثمانية مواطنين سوريين خلال تظاهرة شعبية دعماً للإصلاح وللرئيس بشار الأسد. فالصحافي المذكور، وفق التقرير، قتل بقذائف هاون أطلقها المسلحون التابعون للمعارضة. وكانت صحيفة "الفيغارو" الفرنسية ذكرت نقلاً عن مصادر فرنسية مسؤولة أن المعارضة المسلحة هي التي ارتكبت جريمة القتل. هذه المعطيات تكفي للقول إن هناك مؤامرة كبيرة تتعرض لها سورية على أيدي "أشقائها"، تنفيذاً لأجندات خارجية أصبحت مكشوفة. لذلك بادر عرب أميركا إلى التشكيك بدور بعثة المراقبين العرب ظنّاً منهم أنّ مجال تدويل الأزمة السورية من خلال إفشال مهمة البعثة يبقى متاحاً، متناسين الموقف الروسي المتصاعد في رفض أيّ تدخل خارجي في سورية حتى لو كان تحت عنوان عربي.

وترى مصادر سياسية أن سورية ربحت معركة الجامعة العربية من خلال التقرير الذي رفعه الفريق الدابي. كما حققت ربحاً آخر بتمديد عمل بعثة المراقبين شهراً آخر. فسورية يهمها أن تنقل البعثة، ومعها وسائل الإعلام العالمية التي تعمل بحرية في سورية، الحوادث والوقائع الأمنية على حقيقتها.

إن عرب أميركا، ومعهم المعارضة السورية المسلحة، لايزالون يراهنون على إسقاط السلطة في سورية من خلال تدخل خارجي كما حصل في ليبيا. ولكن هذا الأمر مستحيل في ظل وجود نظام في سورية قوي ومتماسك بشعبه ومؤسسته العسكرية والأمنية والدستورية.

وفي محاولة لتغطية الصفعة السياسية التي تلقتّها دولتا قطر والسعودية وبعض العربان الآخرين بفضل تقرير بعثة المراقبين العرب، جاء البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب معبراً عن مدى الإحباط الذي أصابهم. والبيان المذكور الذي تلاه وزير الخارجية القطري جاء بمثابة محاولة أخيرة للضغط على الحكومة السورية من أجل تقديم المزيد من التنازلات. مع العلم أن التباين داخل الاجتماع بين وزراء الخارجية العرب كان واضحاً. فالدول العربية الداعمة لسياسة الحكومة السورية بقيت على موقفها، في حين أن الدول التي تسير في الفلك الأميركي، وتحديداً دول ما يسمى "بالاعتدال" العربي، استمرت في مواقفها التآمرية ضد سورية. فجاء البيان الوزاري العربي، رغم حقده وتعنّته، من باب الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024