إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

صمود سورية في وجه المخطط التآمري مؤشر واضح على مستقبل المنطقة دور مرتقب لطهران في «عدم الانحياز»..

نور الدين الجمال - البناء

نسخة للطباعة 2012-09-04

إقرأ ايضاً


اعتبرت مصادر دبلوماسية عربية وأجنبية أن انعقاد مؤتمر دول حركة عدم الانحياز في طهران الأسبوع الماضي بحضور حوالى 120 دولة شكّل صفعة سياسية كبيرة للإدارة الأميركية في الدرجة الأولى، ومن ثم إلى الدول الأوروبية و«إسرائيل» وبعض العرب في الدرجة الثانية، على الرغم من حضور بعضهم هذه القمة، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت جاهدة إفشاله من خلال محاولاتها الحثيثة منع بعض الدول من المشاركة فيه.

وترى المصادر الدبلوماسية، في انعقاد هكذا مؤتمر وعلى هذا المستوى من الحضور الرسمي الدولي، كسراً لمقولة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية معزولة دولياً. وأثبتت القيادة الإيرانية أنها تملك علاقات دولية فاعلة ومؤثرة بدليل صدور البيان الختامي الذي أدان فرض العقوبات الأحادية عليها، وهذا يعني إدانة للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين وعملائها في العالم العربي. كما دعا البيان إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي كانت تدعو إليه بعض الدول في العالم ومنها إيران منذ فترة طويلة، بعدما تبين أن الولايات المتحدة تهيمن على القرارات الدولية والمؤسسات الدولية كقطب أحادي يتحكم بمصير الدول والشعوب، بالإضافة إلى الإشارة الواضحة بشأن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وهذا ما سلَّط مرشد الثورة السيد علي خامنئي الضوء عليه خلال افتتاح أعمال المؤتمر.

وكشفت المصادر الدبلوماسية عن طبيعة اللقاءات التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة مع السيد خامنئي والرئيس أحمدي نجاد خصوصاً أن أهمية هذه اللقاءات في كونها جرت بحضور جيفري فيلتمان، حيث فهم أن القيادة الإيرانية وجهت انتقادات لاذعة إلى السياسة الأميركية في العالم بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، لخوضها الحروب في كل من العراق وأفغانستان بهدف تحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية بذريعة محاربة الإرهاب. ولكن تبين أن السياسة الأميركية هذه منيت بالفشل الذريع، فقواتها انسحبت من العراق تحت ضربات المقاومة العراقية، وهي تحضّر لانسحابها من أفغانستان بحلول العام 2014. ولأنها عجزت عن تحقيق مصالحها في تلك الدول من خلال حروبها العبثية، فها هي اليوم تخوض حروبها بالواسطة، كما حصل في بعض الدول العربية وآخرها ما تشهده الساحة السورية من دعم أميركي واضح للمجموعات الإرهابية المسلحة، وتحريضها على عدم رمي السلاح ومنع قوى «المعارضات» من الجلوس إلى طاولة الحوار توصلاً إلى حل سياسي للأزمة في سورية، ودفع بعض عملائها في المنطقة وفي مقدمتها تركيا إلى تبني المجموعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية، وإرسالها عبر تركيا إلى سورية لارتكاب الجرائم بكل أشكالها ضد الجيش السوري وضد المواطنين السوريين الأبرياء.

وتقول المصادر الدبلوماسية إن ما يحصل في سورية حالياً هو حرب عالمية ثالثة على الأرض السورية. من هنا تأتي أهمية مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران في هذه المرحلة تحديداً، كونه يهدف إلى إعادة ترتيب أوضاع المنطقة كلها لا حل الأزمة السورية فقط، لأن ما يحصل في سورية والصمود الرائع في وجه المخطط التآمري الهادف إلى إلغاء دورها القومي في المنطقة هما مؤشر واضح على مستقبل ومصير العالم، بالإضافة إلى أن حضور سورية مؤتمر دول عدم الانحياز هو بمثابة انجاز انتصار سياسي كبير لها، لأن بعض الدول المتورطة في التآمر عليها أجبرت على حضور المؤتمر، مع ترجيح المصادر الدبلوماسية عدم وجود حلول سياسية في هذه المرحلة بانتظار بلورة السياسة الأميركية فيها، خصوصاً أن التحرك الروسي والإيراني لم تكن له فائدة لو لم يكن الوضع الميداني يصب في مصلحة الدولة السورية.

وتتساءل المصادر الدبلوماسية عما إذا كانت حركة دول عدم الانحياز ستعيد ترميم دورها ووهجها وفعاليتها في العالم كما كانت في عهد عبد الناصر وتيتو ونهرو مع ترؤس إيران لهذه الحركة على مدى السنوات الثلاث القادمة وبعدها تتولى الرئاسة فنزويلا.

يجيب خبراء ومحللون أنه بوجود ونشوء دول جديدة في العالم تبقى الآمال معلقة على نجاح حركة عدم الانحياز، باستثناء تقلص فعالية دور مصر في هذه الحركة بعد الذي سمعناه من رئيسها الجديد محمد مرسي في مؤتمر طهران، لأن موقف الرئيس المصري مما يحدث على الأرض السورية يجعل مصر على هامش التاريخ لا في قلب صناعة التاريخ.

ويضيف الخبراء: ان مدى نجاح حركة عدم الانحياز في رسم خارطة جديدة لعالم متعدد الأقطاب يتوقف إلى حد كبير على انتصار سورية في معركتها الحاسمة ضد الإرهاب بجميع أشكاله ومصادره والذي تقوده الولايات المتحدة وعملاؤها في المنطقة والعالم، لسبب جوهري وواضح وهو حماية مصالحها في الشرق الأوسط، ومصالح «إسرائيل» الأمنية والاقتصادية والسياسية ومحاولة إبقائها الدولة الأقوى في المنطقة في ظل ما تشهده من متغيرات عنوانها الرئيسي إشغال الدول العربية بمشاكلها الداخلية أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وطائفياً، كما هو حاصل في ليبيا واليمن ومصر وتونس، ومحاولة نقله إلى سورية بهدف ضرب وحدتها وشل دورها القومي والعروبي في تصديها للمشاريع الأميركية والصهيونية في العالم العربي.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024